بيانات الاخوان المسلمين - من الثورة الي التنحي

بيان من الإخوان المسلمين حول أحداث يوم 25 يناير 2011م وتداعياتها (26/1/2011م)

    تعيش مصر الآن وسط العالم العربي والإسلامي أحداثًا كبيرةً ومهمةً؛ حيث تحرك الشعب المصري في القاهرة وفي مدن أخرى كثيرة للإعلان عن استنكاره وغضبه من ممارسات وتجاوزات النظام القائم، وقد كانت الحركة سلميةً وجادَّةً وفعالةً، وكان الشباب يتصدَّرون المشهد، وأعلن الجميع- وبكل وضوح وبإرادة حاسمة- ما يجب أن يكون في المرحلة المقبلة؛ من إصلاح واستقرار، وحرية وديمقراطية، لا تستقر بدونها الأوضاع في مصر.
  والإخوان المسلمون- وهم يعيشون مع كل أبناء مصر هذه الأجواء ويشاركون في هذه الأحداث ويؤكدون مطالب الأمة- يتوجَّهون بالتحية والتقدير للشعب المصري على هذه الحركة الإيجابية السلمية المباركة، ويتقدمون بخالص العزاء لأسر الشهداء من المواطنين ورجال الشرطة الذين سقطوا في هذه الأحداث، ويدعون الله لهم بالقبول والمغفرة، ويدعون الله للمصابين بالشفاء العاجل.
  ويؤكدون ما يلي: 1- أن حركة الشعب المصري التي بدأت يوم 25 يناير وكانت سلميةً وناضجةً ومتحضِّرةً؛ يجب أن تستمر هكذا ضد الفساد والقهر والظلم؛ حتى تتحقَّق مطالبه الإصلاحية المشروعة، وعلى رأسها حل مجلس الشعب المزور، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتحت إشراف قضائي كامل.
  2- يجب على النظام في مصر أن ينزل على إرادة الناس ويسارع بإجراء الإصلاحات المطلوبة، وأن يتخلَّى عن سياسة العناد والتصدي لمطالب الشعب المشروعة، وأن يتخذ إجراءاتٍ فوريةً وجادَّةً وفاعلةً لتحقيق الإصلاح المنشود في كل المجالات، وألا يتعرض للمتظاهرين بسوء وأن يفرج فورًا عن كل المعتقلين في هذه الأحداث وما قبلها.
  3- أن الإخوان المسلمين هيئة إسلامية جامعة، وأن أبناءها جميعًا من نسيج المجتمع المصري يشاركونه دائمًا أفراحه وأتراحه ويعيشون همومه، ويدعون أنفسهم وأبناءهم وإخوانهم في الوطن من المسلمين وغير المسلمين إلى التعاون على البر والتقوى، وإلى العمل على تحقيق العدل، وإلى إرساء قواعد الحق وتقديم مصلحة الأمة على كل المصالح الفردية والفئوية، ويهيبون في هذه الظروف بالجميع أن يكونوا على قلب رجل واحد، ضد الظلم والجور والفساد والتزوير، وبسلمية وجدية وواقعية، دون إضرار بالمؤسسات أو الممتلكات العامة والخاصة، ويصبرون على ذلك حتى تتحقَّق مطالب الشعب المشروعة.
  ضرورة أن تتعاون جميع القوى السياسية والحزبية وتتوافق دائمًا على موقف وطني موحَّد في حركتها وريادتها وإدارتها للحركة الشعبية القائمة الآن؛ حتى يكونوا دائمًا عند ظن جماهير الشعب بهم ويتم تحقيق المطالب الشعبية جميعها.
الإخوان المسلمون القاهرة في: 22 من صفر 1432هـ= 26 من يناير 2011م 

بيان من الإخوان المسلمين بشأن الانتفاضة المباركة للشعب المصري "29 يناير 2011م"

إن الإخوان المسلمين "وهم جزء أصيل من الشعب المصري الكريم" يتقدمون بخالص التحية والتقدير لشباب مصر وشعبها الحر في طول البلاد وعرضها على انتفاضهتم السلمية المباركة، وعلى الدور الوطني والأداء المشرف في حماية المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة.
  ويؤكد الإخوان المسلمون الدعوةَ إلى الاستمرار في ذلك، ويتقدمون مع جموع الشعب بالتحية إلى جيش مصر صاحب التاريخ الوطني المُشرِّف الذي يمتلك بالتأكيد رؤيةً إستراتيجيةً للحفاظ على أمن مصر وحماية مكتسبات الشعب وتحقيق مطالبه العادلة.
  ويؤكد الإخوان المسلمون أن ما حدث هو ثورة تلقائية سلمية وطنية ترفض الظلم وتطالب بالحرية والإصلاح الشامل، وأن الذين يقومون بتخريب المحال والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة هم شركاء الجهاز الأمني من البلطجية الذين سبق أن استعان بهم الأمن في قمع الشعب وتزوير إردته في الانتخابات.
  ويؤكد الإخوان المسلمون أن الشاب الوطني الحر هم الذين تصدوا بأجسادهم لحماية المؤسسات والممتلكات من هذا العدوان الهمجي في ظلِّ غيابٍ كاملٍ لأجهزة الأمن، التي تفرَّغت للبطش بهم، بل وقتلهم، ونسيت مهمتها الأساسية.
  ويناشدون شباب الأمةَ الاستمرار في حماية مؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة مهما كانت التضحيات.
  والإخوان المسلمون إذْ يتقدمون بخالص العزاء لأسر الشهداء، ويدعون الله أن يتقبَّلهم في الشهداء، ويمنُّ بالشفاء العاجل على المصابين؛ فإنهم يعلنون أنهم مع هذا الشعب الكريم حتى تتحقق مطالب الشعب الأساسية التي اتفقت عليها جموع الشعب وسائر القوى الوطنية والشعبية، وعلى رأسها: 1- إلغاء حالة الطوارئ فورًا ودون إبطاء.
2- حل مجلسي الشعب والشورى المزورَينِ، والدعوة إلى انتخابات جديدة تحت إشراف قضائي كامل.
3- الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين والمسجونين السياسيين.
4- الإعلان عن تشكيل حكومة وطنية انتقالية من غير الحزب الوطني تتولى إجراء الانتخابات النزيهة ونقل السلطة بشكلٍ سلمي.
5- تشكيل لجنة وطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في وقائع استخدام العنف والقتل غير المبرر ضد المتظاهرين، والذي تسبب في عشرات القتلى ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين.
  ونحن مصرون على الاستمرار في هذه الانتفاضة السلمية حتى تتحقق مطالب الشعب العادلة كاملةً غير منقوصة قبل أن يحصل ما لا نتمناه لوطننا الحبيب، وقد آن لليل أن ينجلي، وللقيد أن ينكسر.

والله نسأل أن يحفظ مصرنا وشعبها من كل مكروهٍ وسوء.
التوقيع أ د.
محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين القاهرة: 25 من صفر 1432هـ= الموافق 29 من يناير 20011م

بيان من الإخوان المسلمين بشأن الانتفاضة المباركة المستمرة للشعب المصري حتى يوم الإثنين 31/1/2011م

إن الإخوان المسلمين- وهم في وسط الحركة الشعبية المباركة التي هبَّ الشعب المصري بها للتغيير السلمي للنظام- يعلنون رفضهم التام لتشكيل الحكومة الجديدة التي تعد التفافًا على إرادة الشعب، ويدعون الشعب إلى الاستمرار في فعالياته، وأن يتحرك في مسيرات حاشدة في جميع أنحاء القطر المصري، حتى يترك هذا النظام كله السلطة برئيسه وحزبه ووزرائه وبرلمانه، ويهيبون بالشعب العظيم أن يتحلى بالصبر والمصابرة.
وإذا كان النظام لا يزال مصرًّا على عناده ومحاولاته الالتفاف على هذه الانتفاضة المباركة من أجل إجهاضها؛ فلا بد من اليقظة والحذر، وعدم الانخداع بهذه العروض الماكرة، ولا بد أن ندرك جميعًا أننا بهذه العزيمة القوية بإذن الله التي لا يتطرق إليها ضعف ولا وهن وعدم الانصراف حتى تحقيق التغيير الجذري للنظام بكل أركانه وأشخاصه وسياساته؛ هو السبيل الوحيد للوصول إلى كل هذه الأهداف.
  ويؤكد الإخوان المسلمون على جميع القوى السياسية والوطنية والشباب العظيم والشابَّات العظيمات الذين فجروا هذه الانتفاضة أن يتمسكوا بالوحدة والتناصر والالتحام وتقديم المطالب الشعبية العليا على المطالب والشعارات الخاصة.
  كما يقدِّر الإخوان الموقف الجليل للجيش المصري العظيم الذي وقف مع شعبه، باعتباره جزءًا منه ومن بين أبنائه ليحقق له الأمن، ويحافظ على المرافق الحيوية ومؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة، وإننا على ثقة أنه سيظل منحازًا إلى الشعب الذي يضفي الشرعية على أي شخص أو برلمان أو وزارة، وأنه لن يستجيب إلى محاولات النظام استخدامه ضد أهله وإخوانه وشعبه، ونحن نثق كل الثقة في رجاله، وأنه لن يكون إلا نصيرًا لشعبه.
وقى الله مصر مكر الماكرين وكيد الكائدين، ونصر الله شعبها الصابر العظيم في تحقيق أهدافه.

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
الإخوان المسلمون القاهرة 27 من صفر 1432هـ= الموافق 31 من يناير 2011م.

بيان من الإخوان المسلمين بشأن الانتفاضة المباركة المستمرة للشعب المصري (2/2/2011م)

إننا لنقدِّر كل التقدير دور الشعب المصري البطل الذي استمرت جولته ومسيراته منذ يوم الثلاثاء 25/1/2011م، وكانت أمس المسيرة التي تعد من أعظم المسيرات في تاريخ العالم، والتي بلغ تعداد المشاركين فيها عدة ملايين على مستوى الجمهورية، والتي تجلت فيها ومنها الإرادة الشعبية الحقيقية التي تثبت أن كل الانتخابات التي أجراها النظام إنما هي انتخابات مزورة اغتصب بها مشروعية كاذبة مزيفة.
  ورغم هذه الجماهير الثائرة الهادرة التي شقت حناجرها فضاء الأفق ووصلت إلى عنان السماء؛ خرج علينا رأس النظام ليؤكد تمسكه بالسلطة واستمراره في المنصب بمنتهى الصلف والعناد، ضاربًا عرض الحائط بمصلحة الشعب والوطن، غير عابئ بالخسارة والخراب والقتل والدمار الذي قامت به قوات الأمن والبلطجة التابعة لحزبه الفاسد، طالبًا فرصة ستة أشهر ليقوم بالإصلاح، فهل يمكن أن يصدقه أحد بعدما قام طيلة ثلاثين عامًا مع زمرته بإفساد كل المؤسسات ومرافق الدولة حتى أوصلوها إلى الحضيض في كل الميادين.
  والشعب المصري يأبى أن يقرر هذا النظام مصيره، كما يأبى أن تتدخل أية قوة دولية أو إقليمية في شئونه الداخلية، ويهيب بكل الشعوب أن تنحاز إليه وإلى مصالحه لتقرير حقه في الحرية والديمقراطية والعدالة.
  والشعب يرفض كل الإجراءات الجزئية التي طرحها رأس النظام في حديثه ليلة أمس، ولا يقبل برحيل النظام بديلاً.
  إننا نحمِّل رأس النظام ورموزه المسئولية الكاملة عما حدث للشعب؛ من قتل المئات، وإصابة الآلاف، واعتقال آلاف غيرهم، وتخريب الكثير من المؤسسات والمرافق والممتلكات العامة والخاصة، التي ينبغي أن يحاكموا عليها.
  ومع أن الإخوان المسلمين يعتمدون مبدأ الحوار الحر المتكافئ مع كل الأطراف من أجل تحقيق المصالح العليا للوطن فإن إصرار النظام على المضي قدمًا في العناد والتصلب في رفض مطالب الجماهير؛ يجعل الشعب بكل فئاته يرفض التفاوض مع من يريد الالتفاف حول انتفاضته ليجهضها ولا يستجيب لمطالبها؛ الأمر الذي يجعل مثل هذا الحوار غير جادٍّ وغير منتج، ومن ثم فإننا نرفض التفاوض معه؛ حيث فقد شرعتيه برئيسه وبرلمانه وحزبه وحكومته، خاصةً أنه قام اليوم بتحريك المئات من البلطجية ورجال أمنه للاعتداء على المتظاهرين سلميًّا في ميدان التحرير وفي المحافظات، ويصر على إسالة الدماء وإزهاق الأرواح رغم ادعائه لطلب الحوار.
  إننا نثمِّن الدور الوطني الشريف الذي يقوم به الجيش؛ فهو جيش الشعب، ودرع الأمة، وحامي الوطن، ونهيب به أن يظل منحازًا لمطالب الشعب حتى تتحقق، وأن يمنع الاعتداء الآثم على المتظاهرين.
  إن النظام يراهن على الوقت ويسعى إلى تيئيس الشعب من تحقيق أهدافه حتى ينصرف عن انتفاضته المباركة، ولذلك ينبغي أن نتذرَّع بالصبر، ونعتصم بالثبات، ونستعين بالله، ونحذر من المثبطين الذين يدعون الناس إلى الانصراف، ولا يفتّ في عضدنا المظاهرات الهزيلة المصنوعة التي يسيرها فلول النظام.
  وإذا كان هدير صوت الجماهير لم يصل إلى آذان النظام الصماء، فينبغي أن يتكرر وأن يعلو، وأن تتضاعف الملايين في المرات القادمة حتى يزول الباطل وينقشع الظلم والظلام، وتعود للشعب سيادته وكرامته وحقوقه.
نصر الله شعبنا، وحقَّق أهدافنا، وبلغ مصرنا ما تصبو إليه.
أ.د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين القاهرة: 27 من صفر 1432هـ= الموافق 2 من فبراير 2011م

بيان من الإخوان المسلمين حول أحداث يوم الخميس الثالث من فبراير 2011م

إن الإخوان المسلمين انطلاقًا من حرصهم على المصالح العليا للوطن، ولتحقيق آمال المصريين جميعًا في مستقبل أكثر إشراقًا؛ يؤكدون أنهم ليس لهم أية أجندات خاصة بهم، وأن غايتهم هي خدمة هذا الشعب، وأنهم يمارسون هذا منذ أكثر من ثمانين عامًا، ويضحون من أجل استقراره ومن أجل حصول أبنائه على حقوقهم بكل طوائفهم كواجبٍ شرعي ديني والتزامٍ وطني، وأنهم ليس لهم تطلع إلى رئاسةٍ ولا مطمعٍ في حكمٍ ولا منصبٍ، وأنهم يعتمدون منهج الإصلاح السلمي الشعبي المتدرج، وأنهم لا يقبلون أن يصم المسئولون آذانهم عن هدير صوت الشعب الذي ظهر من الملايين التي خرجت يوم الثلاثاء 1/2/2011م، وأعلنت عن موقفها الصريح في أن شرعية النظام تآكلت إلى درجة السقوط التام؛ بسبب الظلم الاجتماعي الذي يرزح تحته جموع الشعب، والفساد الذي طال كل مؤسسات الدولة، وتزوير الانتخابات المستمر منذ عقودٍ عديدةٍ كسياسةٍ ثابتة.
  إن الإخوان المسلمين يرفضون لغة التهديد والوعيد والتخوين التي دأب النظام على استخدامها، ويؤكدون ضرورة تمتع الشعب دومًا بحقِّه الدستوري والشرعي في التعبير عن آرائه شبابًا وفتياتٍ وشيوخًا، رجالاً ونساءً، دون أي منعٍ بأي طريقةٍ كانت ودون ترويعٍ أو تهديد.
  وقد أعلنت الملايين عن رغبتها العارمة في أن يصدر الرئيس قرارًا بحلِّ البرلمان، ويترك موقع الرئاسة وفورًا دون أية ضغوطٍ خارجية.
  ويؤكد الإخوان المسلمون اتفاقهم التام مع الرغبة الشعبية الواضحة في أن تكون مصر دولةً مدنيةً ديمقراطية ذات مرجعية إسلامية.

الأمة فيها هي مصدر السلطات، يتحقق فيها لكل المواطنين الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وتعتمد النظام البرلماني نظامًا للحكم، وتكفل حرية تكوين الأحزاب والجمعيات، مع تأكيد الاستقلال التام للقضاء، وأن تتم محاكمة المدنيين أمام القضاء الطبيعي، على أن تبقى فيها المؤسسة العسكرية حاميةً للوطن بعيدةً عن السياسة، حارسةً للإرادة الشعبية السليمة، ويتمتع فيها الإعلام بالاستقلال والحرية.
  وإننا لا يمكن أن نرفض حوارًا جادًّا منتجًا مخلصًا يبتغي المصلحة العليا للوطن؛ شريطةَ أن يتم في مناخٍ طبيعي ولا يحمل لغة التهديد والوعيد، بغية التوافق حول طريقة الخروج من الأزمة العنيفة التي أوصلتنا إليها سياساتٍ استمرَّت عقودًا من الزمان، ويبحث جميع الاجتهادات المطروحة للخروج من المأزق.
  وللأسف الشديد فقد بدأت مظاهر جديدة تدلُّ على عدم جدية الرغبة في الحوار، وتتمثل في اعتقال بعض الناشطين من الشباب، إضافةً إلى أعداد كبيرة من أفراد الإخوان المسلمين.
إننا سوف نرى النوايا الحقيقية غدًا وما يليه من أيام.

وإن غدًا لناظره قريب.

﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ هود: من الآية (88).
الإخوان المسلمون القاهرة: 28 من صفر 1432هـ الموافق 3 من فبراير 2011م

بيان من الإخوان المسلمين في اليوم الحادي عشر من الثورة الشعبية المباركة (5/2/2011م)

إن الإخوان المسلمين انطلاقًا من حرصهم على تحقيق مصالح الشعب كاملة، وحرصهم على وحدة القوى الوطنية كلها، واعترافًا منهم بالدور العظيم الذي قام به شباب الأمة وتضحياته الجليلة في تفجير واستمرار الثورة المباركة، ورغبةً منهم في الحفاظ على مصالح الأمة ومؤسساتها ومرافقها، ومن حرصهم على استقلال وطننا ورفضهم أي تدخل دولي أو إقليمي في شئونه الداخلية؛ فقد قرَّرنا الدخول في جولة حوار، نتعرف فيها على جدية المسئولين إزاء مطالب الشعب، ومدى استعدادهم للاستجابة لها، وهذا ما يتسق مع مبدئنا في الحوار الجاد المخلص البنَّاء.
  ولهذا فنحن نلتزم بأن يكون هذا الحوار شاملاً يستوعب كل القوى الوطنية والجماعات السياسية والأحزاب، وعلى رأسهم وفي مقدمتهم ممثلون حقيقيون للشباب، صاحب الفضل في هذه الثورة؛ حتى نُسمع صوتنا وصوت الأمة للمسئولين، ونحدِّد لهم مطالبنا المشروعة العادلة.
  ونحن نرى أن هذا الحوار لا بد أن يتم في مناخ مختلف عن المناخ الذي نعيش فيه ويشعر به الجميع، وذلك يقتضي تأكيد احترام الحريات العامة، والتنفيذ الفوري لأحكام القضاء المعطلة بواسطة السلطة، ووقف الحملات الإعلامية الحكومية التي ترمي لتشويه ثورة الشعب، وإتاحة فرص متكافئة في جميع وسائل الإعلام القومية، والإفراج الفوري عن المسجونين السياسيين والمعتقلين، ولا سيما الذين اعتقلوا في أحداث المظاهرات الأخيرة.
  كما يؤكد الإخوان المسلمون إصرارهم على التمسك بمطالب الشعب، والتي أعلنها الملايين في مظاهراتهم العديدة المستمرة في مصر والعالم أجمع، وعلى رأسها تنحي رئيس الدولة، ومحاكمة المسئولين عن إراقة الدماء في المظاهرات السلمية، وحل المجالس النيابية المزوَّرة، والإلغاء الفوري لحالة الطوارئ، وتشكيل حكومة وطنية انتقالية تتولَّى السلطة التنفيذية؛ حتى تتمَّ الانتخابات النيابية بطريقة نزيهة حرة تحت إشراف قضائي كامل، وضرورة الفصل التام بين السلطات، وإطلاق حرية تشكيل الأحزاب السياسية والجمعيات، وحرية إصدار الصحف والمجلات وضمان حرية الإعلام.
  كما يؤكد الإخوان المسلمون ضرورة تأمين المتظاهرين وكفالة حريتهم في التظاهر السلمي؛ حتى تتحقق مطالبهم المشروعة.
  والإخوان المسلمون إذ يشاركون كل القوى السياسية والوطنية والشبابية في هذا الحوار؛ لَيأملون أن يسمع المحاورون لهم نداءهم، وأن يتفهَّموا مطالبهم، ويضعون المسئولين أمام واجبهم لتنفيذ تلك المطالب التي أجمعت عليها الأمة؛ حفاظًا على مصلحة مصر والمصريين جميعًا.
  حفظ الله مصر من كل سوء، وبلَّغها آمالها، وحفظ أهلها وشبابها، ورفع في العالم قدرها.

(وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ وسَتُرَدُّونَ إلَى عَالِمِ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) التوبة 105.
د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين القاهرة في: 2 من ربيع الأول 1432هـ= الموافق 5 فبراير 2011م.

بيان صحفي من الإخوان المسلمين في اليوم الرابع عشر من الثورة الشعبية المباركة (7/2/2011م)

إن الإخوان المسلمين رغبةً منهم في مزيد من التوضيح وتحديد المواقف ودرء الشبهات يقررون:

  1. إن هذه الثورة الشعبية أسقطت النظام ومن ثم لا بد أن يرحل، ويتمثل ذلك في ضرورة تنحي رئيس الجمهورية، وهو المطلب الأول والأكبر الذي تنادي به الجماهير، ولا يقبل مطلقًا أن تتم التضحية بمصلحة الشعب بل وحياة المئات من أبنائه والوطن واستقراره من أجل فرد، وإذا كانت هناك معضلات دستورية وضعها ترزية الدساتير والقوانين فعلى فقهاء القانون الدستورى إيجاد حل لها ومخرج منها، وإذا كانت هناك تعلة واهية بضرورة الحفاظ على كرامة الرجل، فأين كرامة الشعب التي ديست طيلة ثلاثين عامًا قتلاً وتعذيبًا وقهرًا وإرهابًا وإفقارًا وإذلالاً.

  2.  إننا حين دخلنا جولة الحوار فإنما أردنا أن نحمل إلى المسئولين هذا المطلب وغيره من المطالب الشعبية العادلة المشروعة، مع الاستمرار فى الثورة وحق الشعب فى التظاهر السلمى دون تعرض لهم حتى تتحقق هذه المطالب، وإننا نعيد تقييم الموقف من كافة جوانبه باستمرار، لتحديد موقفنا من هذا الحوار.

  3.  إن البيان الذى أصدره النظام لم نتوافق عليه ولم نوقع عليه، وإن معظم المشاركين فى هذا الحوار كان سقف مطالبهم هو سقف المطالب الشعبية العادلة، ولكن- للأسف- لم يتضمنها البيان الرسمي.

  4.  إننا نرى أن ما تضمنه البيان هو عبارة عن مجموعة من الإصلاحات الجزئية لا ترقى أبدًا لمستوى تطلعات الشعب، وحتى هذه الإصلاحات لم يتحقق معظمها على أرض الواقع، ونحن نتابع تطبيق الباقي، ولكن الأهم عندنا وعند الشعب هو تنحي رئيس الجمهورية الذي من شأنه أن يزيل الاحتقان ويمتص الغضب.

  5.  إن للشعب ونحن معه مطالب أخرى أكثر أهمية مما ورد في البيان الرسمي سبق أن ذكرناها في بياناتنا السابقة نتمسك بها، ونصر على تحقيقها.
     إن مما يؤسف له ويطعن في مصداقية المسئولين ويشكك في جديتهم في الإصلاح استمرار اعتقال أعداد من أفراد الشعب المصري، ومنهم عدد كبير من الإخوان بواسطة البلطجية ورجال الأمن، ثم تسليمهم إلى الشرطة العسكرية التي تسومهم سوء العذاب وتهينهم أشد الإهانة، كما كانت تفعل مباحث أمن الدولة، ونحن نربأ بالمؤسسة العسكرية التي نحبها ونحترمها أن تتورط في هذه الأعمال السيئة، كما أن الحملة الإعلامية الرهيبة التي تشنها أجهزة الإعلام الحكومية على جماعة الإخوان المسلمين التي تتهمهم بأنهم وراء هذه الثورة، وأنهم السبب في تعطيل الأعمال والمؤسسات وقطع الأرزاق، وهو ادعاء باطل، فالثورة فجرها الشباب واستجاب لهم الشعب ونحن جزء منه، وهذه الجماهير الحاشدة لا يستطيع أحد أن يثنيها عن مطالبها، أما تعطيل الأعمال والمؤسسات وقطع الأرزاق؛ فالنظام هو السبب فيه بتصلبه وعناده في رفض مطالب الشعب وعلى رأسها تنحية الرئيس.

  إن هذين الأمرين: الاعتقال والتعذيب والحملات الإعلامية الباطلة يلقيان بظلال داكنة على قضية الحوار، فليتحمل العقلاء مسئوليتهم وليستجيبوا لصوت الأمة الذي هو من صوت الله، وجماعة الإخوان المسلمين طيلة تاريخها صادقة في قولها ثابتة في مواقفها، تحمل الحق وتصدع به في وجه كل ظالم، ويسعى أفرادها يحملون الخير لأوطانهم ومواطنيهم، ويدافعون عن حقوق الشعب وحريته وكرامته، وضحوا ويضحون في سبيل ذلك بكل غال ونفيس ابتغاء مرضاة الله، ويرقبون كل الموقف بدقة ويتخذون حيال كل حادث رد الفعل المناسب له، وهم على يقين أن الله عز وجل يدافع عن الذين آمنوا (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( الإخوان المسلمون القاهرة في :  4 من ربيع الأول 1432هـ 7 من فبرايـــر 2011م  

بيان صحفي من الإخوان المسلمين في اليوم الخامس عشر من الثورة الشعبية المباركة (8/2/2011)

• لا يزال النظام الذي سقطت شرعيته بالمسيرات والمظاهرات المليونية في القاهرة ومعظم عواصم المحافظات لا يزال يتحدي الناس، ويعاند إرادتهم فبدلاً من أن يرحل الرئيس ليتهيأ المناخ لانتقال سلمي للسلطة يخرج في مشهد مستفز في اجتماع مع بعض معاونيه، ومنهم ذوو الوجوه الكريهة للشعب، ليثبت أن الأمر لا يزال بيده، وأنه يمارس السلطة ويباشر الحكم، الأمر الذي من شأنه أن يدفع المتظاهرين الثائرين إلى تصعيد جديد.
  • ومن مشاهد الاستفزاز أيضًا أن تنشر الصحف الحكومية على لسانه أنه يقدم العزاء لأسر الشهداء في استخفاف شديد بعقول الناس، إذًا فمن الذي قتلهم؟ أليس مسئولاً بشخصه عن كل شهيد وجريح ومعتقل ومعذب ومفقود منهم، أليس رئيس السلطة التنفيذية التي تأتمر بأمره وتتباهى بتنفيذ توجيهاته؟   • ثم نسمع أنه شكل لجنة قانونية لاقتراح تعديلات دستورية- في الدستور الذي أفسده- ومع احترامنا لأعضاء هذه اللجنة، فإننا نرى أنها لجنة غير شرعية لأنها مكونة بقرار من رئيس فاقد للشرعية.
  • ونحن لا نزال نرى في القرارات التي يصدرها هذا الرئيس غير الشرعي محاولة مستميتة للالتفاف على إرادة الجماهير، وكسب الوقت للتشبث بالسلطة وإبقاء النظام، وإلا فهل يكفي إقالة بعض مسئولي الحزب الوطني، وهم الذين أفسدوا الحياة السياسية والاقتصادية، وهم الذين زوروا انتخابات المجالس النيابية والمحلية تزويرًا فاضحًا شاهده وشهد به الجميع في الداخل والخارج ثم خرجوا يتباهون بالنصر، وقد مرغوا سمعة مصر في الرغام، وقهروا إرادة شعبها الصبور، ألا يستحق كل من اقترف هذا الجرم المحاكمة والإدانة؟ ثم ألم يقرهم الرئيس على ذلك؟ وهل يكفي تقديم بضعة أشخاص ككبش فداء للفاسدين والمفسدين، فأين الآلاف الآخرون ولماذا يتم التستر عليهم؟ إن كل ملفات الفساد لا بد أن تفتح فالشعب هو صاحب السيادة وصاحب السلطة، وصاحب الثروة وصاحب الحق في العلم والمعرفة.
  • إن الأموال المنهوبة والتي ظهر طرف منها تكفي لسداد ديون مصر كلها، وتكفي لإقامة دعائم اقتصاد قوي يكفل للناس عملاً لكل عاطل وأجرًا كريمًا لكل عامل وكفالة عزيزة لكل عاجز، وتنهض بالوطن وتحرره من الفقر والمساعدات الأجنبية، وما يتبعها من ذلة وتبعية، ولذلك فالشعب لن يسكت عن حقوقه المنهوبة حتى تعود إليه، ولا عن الناهبين حتى يقتص منهم.
  • إن الإفراج عن المسجونين السياسيين والمعتقلين وخصوصًا المعتقلين بسبب التظاهرات الأخيرة محك حقيقي للجدية والمصداقية.
  • ليس من الكرامة أن يبقى رئيس جاثمًا فوق صدور شعبه رغم طوفان المقت والكراهية الذي يكنه هذا الشعب لهذا الرئيس، لذلك فكل من يزعم حرصه على كرامة الرئيس عليه أن يسعى لرحيله حفاظًا على مصالح الشعب والوطن.
  • أما آن لإعلاميي السلطة أن يثوبوا إلى رشدهم ويوقظوا ضمائرهم وينحازوا إلى أهلهم ويثبتوا ولاءهم لأمتهم ووطنهم ويلتزموا بأمانة الكلمة واستقامة القصد بعيدًا عن توجيهات النظام وإملاءاته؟   • إن شعبنا قد شب عن الطوق وعادت إليه الروح والوعي ولن تخدعه الإجراءات المحدودة التي يجريها المسئولون، ولن يفقده صبره وإصراره على تحقيق مطالبه مهما كانت التضحيات.
  ﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية 21).
  الإخوان المسلمون القاهرة في: 5 من ربيع الأول 1432هـ= 8 من فبراير 2011م

 

بيان صحفي من الإخوان المسلمين في اليوم السادس عشر من الثورة الشعبية المباركة (9/2/2011م)

* إن الجماهير الحاشدة التي شاركت في مظاهرات أمس، والتي فاقت أعدادها كل المظاهرات السابقة إضافة إلى اشتراك فئات جديدة مثل أساتذة الجامعات والمهندسين والمحامين والصحفيين وكذلك الموقف المشرف الذي وقفه الإعلاميون الحكوميون الشرفاء في التليفزيون المصري ضد سياسة النظام التضليلية، والتحريضية كل ذلك يؤكد أن الشعب المصري بكل فئاته وطوائفه عقد العزم، وشحذ الإرادة على تحقيق أهدافه، ومطالبه في الحرية والكرامة، والعدل والعدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية، كما يؤكد على أن الثورة في ازدياد مطرد بمرور الزمن، وتصلب النظام وعناده.
  * ولا ندري هل المطلوب أن يخرج الشعب كله عن بكرة أبيه، وبملايينه الثمانين حتى يفهم النظام، ويستجيب للمطالب العادلة المشروعة، وإذا كان كثير من أركان النظام أقروا بعدالة المطالب ومشروعيتها، فلماذا يلتفون حولها، ويحاولون خداع الناس عنها، وإجهاضها؟   * إن هذه الجماهير لن ترهبها تلك التصريحات التي تهدد بالانقلاب العسكري، وهي تثق في أن الجيش هو جيش الشعب ورجاله هم أبناء الشعب، وهم حماة الوطن والشعب معًا، ولا يمكن أن ينقلبوا على الشعب وآماله ومطالبه.
  * ومما يدعو للأسف بعد هذه الثورة الشعبية السلمية العظيمة أن يخرج علينا من النظام من يتهم الشعب بأنه غير جاهز للديمقراطية، وأن المتظاهرين يحركهم التيار الإسلامي، وأفكارهم واردة من الخارج، لقد بلغ هذا الشعب درجة من الفهم والوعي والرقي والتحضر يعجز أركان النظام عن فهمها، وتصديقها، واستيعابها لأنهم تربوا على ظلم الناس وقهرهم وممارسة الاستبداد بهم، كما أن فزاعة الإسلاميين، أو بالأحرى الإخوان المسلمين أصبحت أكذوبة لا يصدقها أحد في الداخل أو أصدقاء النظام في الخارج.
  * إن الإخوان المسلمين حينما شاركوا في جولة الحوار لم يكن يعني ذلك قط التخلي عن الثورة، أو الخروج عنها، وإنما كان بغرض التعجيل بتحقيق مطالبها من خلال نقل سلمي وسريع للسلطة، ولم يكن بغرض إضفاء شرعية على النظام الذي أسقطه الشعب، فلقد شاركنا في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، واتهمنا الآخرون بأننا نمنح النظام الشرعية، وكان تزوير هذه الانتخابات ضدنا وضد غيرنا هو العمل الذي نزع عن النظام الشرعية، وأسهم ضمن عوامل عديدة في إثارة هذه الثورة المباركة.
  * إن هناك من يفترون علينا أننا نريد إقامة دولة دينية كالتي في إيران، ونحن ابتداءً كررنا كثيرًا أننا لا نتطلع إلى السلطة، ولا نريد الرئاسة، ولا المناصب، ولا نسعى لكسب الأغلبية في البرلمان ولكننا نتطلع إلى الإصلاح الشامل في المجالات السياسية، والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتعليمية والإعلامية وسائر جوانب الحياة ابتغاء وجه الله، والدولة التي نتطلع إليها إنما هي دولة مدنية ديمقراطية ذات مرجعية إسلامية، الشعب فيها مصدر السلطات وصاحب السيادة.
  * إننا نؤكد أن هذه الثورة المباركة هي ثورة الشعب المصري كله لم يحركها حزب ولا جماعة ولا فصيل، وإن كان الجميع قد شارك فيها ولا يستطيع أحد أن يدعي أنه يقودها، أو يمثلها وحده، وإنما المطالب فيها مطالب جماعية لن تهدأ ثائرتها إلا بتحقيقها وعلى رأسها تنحي الرئيس.
  نصر الله شعبنا وحقق آماله وحفظ وطننا وأمتنا، وهو نعم المولى ونعم النصير.
  الإخوان المسلمون القاهرة في: 6 من ربيع الأول 1432هـ 9 من فبرايـــر 2011م

بيان من الإخوان المسلمين بمناسبة سقوط مبارك ونظامه (11/2/2011م)

(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وتَنـزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) * يا جماهير مصر الصابرة الصامدة، يا أبطال الحرية وأنصار الحق، يا أهل التضحية والفداء، نحييكم فردًا فردًا، رجلاً وامرأةً، شابًّا وفتاةً، طفلاً وطفلةً، مسلمين ومسيحيين، تحيةً من أعماق قلوبنا ونشدُّ على أيديكم ونقبل جباهكم، ونحمد الله أن أزاح عن صدورنا جميعًا كابوسًا خانقًا، وطاغيةً مستبدًّا، وأزاح عن شعب مصر العظيم غلالة الغبار حتى ظهر معدنه النفيس للعالم أجمع بأنه شعب- وإن كان صبورًا- إلا أنه يأبى الضيم ويثور على الظلم ويعشق الحرية والكرامة، فهنيئًا لكم هذه اللحظات الكريمة المباركة التي كانت ثمرة عظيمة لثورة مباركة.
  * وأنتم أيها الشهداء يا من ضحيتم بحياتكم في سبيل الله، ومن أجل تحرير أهلكم ووطنكم، تحيةً خالصةً لكم في أرقى مكان وأكرم جوار، في أعلى الجنان وجوار الرحمن، ومع حزننا العميق لفراقكم فإن سلوانا أنكم لستم أمواتًا ولكنكم أحياء في الجنة تمرحون (ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ويَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ).
  * وتحيةً لجيش مصر العظيم الذي حمى الثورة منذ نزل إلى الشوارع وأمن الناس والمؤسسات بعد انسحاب الشرطة، وتلاحم مع المتظاهرين، ورفض محاولات توريطه والإيقاع بينه وبين الشعب، ولا عجب!! فالجيش هو جيش الشعب، وأبناؤه هم أبناء الشعب، ونحن نثق في أن السلطة التي اُئتمن عليها بصفة مؤقتة سوف يتم نقلها بطريقة سلمية إلى أهل السياسة؛ للحفاظ على مدنية الدولة وديمقراطيتها وإقامة المؤسسات التشريعية فيها وفق انتخابات حرة نزيهة.
  * وإلى الثائرين فى كل ربوع مصر، ولا سيما الشباب منهم، نقول: إن المرحلة الأسهل قد انتهت، رغم مرارتها وقسوتها؛ ألا وهي مرحلة هدم النظام الفاسد، أما المرحلة التالية فهي المرحلة الأصعب، وهي مرحلة بناء نظام جديد على أسس صحيحة تحترم فيها الحريات العامة وحقوق الإنسان وكرامته، وتتوزَّع فيها الثروة بطريقة عادلة، ويقام فيها العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، وتطبق فيها قواعد العدالة الاجتماعية، وتبنى مؤسسات الدولة على مبادئ وقيم وقوانين سليمة، ويكافح فيها الظلم والفساد، ويحارب الاستبداد حربًا لا هوادة فيها ولا تهاون معها.
  * أيها المواطنون الشرفاء.

لقد حققتم بفضل الله مكاسب عظيمة، فلا بد من حراستها والحفاظ عليها، وهذا يقتضي الاستمرار في اليقظة والانتباه والوحدة والإيجابية، والحب والتواصل، وفقنا الله جميعًا، وسدد على طريق الحق خطانا وحقق آمالنا لشعبنا وأمتنا ووطننا.
(وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ) الإخوان المسلمون القاهرة في: 8 من ربيع الأول 1432هـ= الموافق 11 من فبراير 2011م

تعليقات القراء

الإسم
الايميل
عنوان الموضوع *
التعليق
أرفق ملفات

Max file size (Mb): 10

نهتم بمشاركاتك لتسجل علي الموقع معلوماتك 

تعليقات القراء

الإسم
الايميل
عنوان الموضوع *
التعليق
أرفق ملفات

Max file size (Mb): 10