الأوقاف المصرية خلال رئاسة مرسي

تحديات وإنجازات

 

الإنجازات والمعوقات

 

  نحاول في هذا البحث بيان أوضاع وزارة الأوقاف في عهد رئاسة الدكتور مرسي، وما جره حكم العسكر قبله وبعده من فساد ونهب وتخريب لوزارة هي الأغنى بين وزارات مصر. وهو تخريب ما كان يمكن أن يحدث إلا بانتهاك شريعة الله، والعدوان عليها. مع بيان جانب مما قدمه الرئيس محمد مرسي في عام حكمه - الزاخر بالتحديات- من إنجازات شكلت حالة نجاح، امتدت لتشمل مجالات متعددة، كان من أبرزها ما نهضت به وزارة الأوقاف في بضعة أشهر من إصلاح لمسارب الفساد، ومواجهة لأسبابه، وتقديم لنموذج إصلاحي في أجواء شديدة الحرج والتعقيد.

   وقد جاء هذا البحث في تمهيد وثلاثة وفصول، تناول التمهيد مفهوم الوقف من المنظور الإسلامي، وجهود تقنينه، وواقع الوقف في الحالة المصرية قبل تولي الرئيس مرسي مهمة الحكم، وما عانته الأوقاف من تخريب وعطب. وتناول الفصل الأول التعريف بوزارة الأوقاف ومؤسساتها، بينما تناول الفصل الثاني وزارة الأوقاف في فترة حكم الرئيس مرسي، من زاوية مواجهة أسباب الفساد السابق ومظاهره، ومن زاوية الإنجازات الحقيقية التي لم يُكتب لها الاستمرار لتنتج ثمارها، وإن بقيت شواهدها لا تخطئها عين منصفة، وقلب سليم. ثم جاء الفصل الثالث والأخير ليصف الإفساد الممنهج الذي أحاط بوزارة الأوقاف بعد الانقلاب المشؤوم على الشرعية في 3 يوليو 2013.

الفصل التمهيدي
 

  الوقف مصطلح إسلامي، يعني لغويًا: الحبس والمنع، واصطلاحا: "حبس العين عن تمليكها لأحد من العباد، والتصدق بالمنفعة على مصرف مباح".(1) 

وأصل تشريعه نصوص الكتاب والسنة، منها قوله تعالى: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون..." آل عمران: 92" لما سمعها أبو طلحة بادر إلى وقف أحب أمواله إليه، وهو بستان كبير كثير النخل اسمه "بيرحاء" (أخرجه البخاري)، وقال جابر رضي الله عنه: "لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا مقدرة إلا وقف"(2).

  ويشمل الوقف الأصول الثابتة كالعقارات والمزارع وغيرها، ويشمل الأصول المنقولة التي تبقى عينها بعد الاستفادة منها كالآلات الصناعية والأسلحة، أما التي تذهب عينها بالاستفادة منها فتعتبر صدقة، كالنقود والطعام وغيرها.

ويمكن تقسيم الوقف بحسب الجهة الأولى التي وقف عليها في الابتداء على نوعين: خيري، وأهلي، أما الوقف الخيري: فهو الذي يوقف في أول الأمر على جهة خيرية، ولو لمدة معينة، يكون بعدها وقفاً على شخص معين أو أشخاص معينين، وأما الوقف الأهلي: فهو الذي يوقف في ابتداء الأمر على نفس الواقف أو أي شخص أو أشخاص معينين، ولو جعل آخره لجهة خيرية. (د. وهبة الزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته، دمشق، دار الفكر، ط4 المنقحة، (د.ت) 10/7607)

والأصل أن يتجه الوقف إلى أعمال البر والخير، فيًحبس أصله، فلا يُباع ولا يشترى، وينفق من ريعه على أوجه الخير التي دونها الواقف في وقفه، لكن بعض الناس أخذوا الفكرة وطبقوها بطريقة أضيق، فراحوا يوقفون أصول ثرواتهم على أولادهم خشية عليها من الضباع أو تفريط الأبناء فيها لعدم قدرتهم على إدارتها على نحو جيد، فنشأ "الوقف الأهلي" ، وهناك من أوقفوا أصولهم بين ذريتهم من جهة؛ وبعض أنواع البر والخير من جهة أخرى، وهو "الوقف المشترك" بين الخيري والأهلي، وبالتالي انقسم الوقف إلى ثلاثة أنواع:

  الأول: وقف خيري، يكون ريعه مخصصًا للإنفاق على وجوه البر الخاصة والعامة.

  الثاني: وقف أهلي، يكون ريعه مخصصًا للإنفاق على ذرية الواقف ونسله من بعده إلى حين انقراضهم، فيؤول إلى الخيرات وجهات البر.

  الثالث: وقف مشترك، وهو مزيج بين الخيري والأهلي.

ويعتبر الوقف الإسلامي الخيري من أعظم المشروعات التي أنتجتها الحضارة الإسلامية على الإطلاق؛ وليس له مثيل في أي دين أو حضارة أخرى في العالم، فقد فتح الوقف الخيري المجال للمجتمع الإسلامي كي يخدم نفسه بطريق فذّة متجددة، فأبدع في هذا المضمار، وتنوعت الأوقاف الخيرية من أوقاف على المساجد والمدارس والرباطات والمستشفيات والأسبلة وطلبة العلم والفقراء والأيتام والمعوزين.

وللأوقاف مصارف متعددة أبدعت فيها الأمة، مثل أوقاف إمداد الأمهات بالحليب والسكر في عصر صلاح الدين الأيوبي، وثمة مؤسسات وقفية إسلامية أُقيمت لعلاج الحيوانات المريضة أو لإطعامها، أو لرعيها حين عجزها، وشاهد الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله أحد هذه الأوقاف في دمشق، وهو وقف المرج الأخضر للخيول والحيوانات العاجزة المسنة ترعى منه حتى تُلاقي حتفها .(3)

 

المراجع

(1) راجع في تعريف الوقف الشريف الجرجاني: كتاب التعريفات، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، سنة 1403هـ/1983م، ص253

 

(2) ابن قدامة: المغني 8/ 186، كذلك ما روي عن عمرو بن الحارث بن المطلق أنه قال: ”ما ترك رسول الله إلاّ بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضا تركها صدقة“ (رواه البخاري)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" " (رواه مسلم) وما رواه ابن عمر رضي الله عنهما: "أصاب عمر بخيبر أرضاً فأتى النبي فقال: أصبت أرضا لم أصب مالا قط أنفَسَ منه، فكيف تأمرني به، قال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها.. "أخرجه البخاري ومسلم"

(3) مصطفى السباعي (ت1384هـ/1964م): من روائع حضارتنا ص99، نشرة دار السلام.

محمد شعبان أيوب: من يحيي الأوقاف الإسلامية؟ – موقع إضاءات، بتاريخ 24/2/2015، على الرابط: https://www.ida2at.com/revival-of-awqaf/

ظل الوقف في الإسلام يستمد أحكامه من اجتهادات الأئمة والفقهاء في المذاهب الإسلامية المعتبرة، ويتضحُ أيضاً أن حريةَ الاختيارِ من بين آراء واجتهاداتِ علماء تلك المذاهب قد ظلتْ متاحةً أمام أفراد المجتمع وفئاته وطبقاته؛ من الحكام والمحكومين، إلى أن حدث تطوران مهمان:

  الأول، هو تبني الدولة العثمانية المذهب الحنفي، فأصبح المذهب الرسمي للدولة، وللولايات العربية التي كانت تابعة لها، وأدى ذلك إلى الحد -نسبيا- من حرية الاختيار من بين المذاهب.

  الثاني، أن سلطاتِ الدول العربية - في مرحلة ما بعد الاستعمار بصفةٍ خاصةٍ، وفي معظم البلدان الإسلامية بصفةٍ عامةٍ- قد اتجهت نحو تقنين فقه الوقف، عبر منهجية قامت على أساس الترجيح الفقهي، وإدماج التعددية المذهبية في قانون موحد وملزم لمواطني كل بلد، وبدأ هذا اٍلاتجاهُ في مصر بإصدار قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946م، ثم انتقل هذا التقنين عن طريق التقليد التدريجي إلى بلدان عربية أخرى، وفي مقدمتها سوريا، والأردن، ولبنان، والعراق، وذلك خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، ثم انتقل بعد ذلك في السبعينيات وما تلاها إلى السودان وليبيا والجزائر وغيرها من البلدان العربية والإسلامية، وقبل الوصول إلى تلك المرحلة التقنينية، كان التكوين المعرفي الفقهي الخاص بنظام الوقف قد قطعَ عدة مراحل أساسية في تطوره التاريخي في المجتمعات الإسلامية(4)

 

المراجع

(4) إبراهيم البيومي غانم: كيف انتقل تشريع الوقف من «الفقه» إلى «القانون»؟، على موقع إضاءات، بتاريخ 11 فبراير 2021م على الرابط: https://www.ida2at.com/how-did-waqf-legislation-move-jurisprudence-law/

تولى محمد علي حكم مصر عام 1805م واستمرّ إلى سنة 1848م، قضى فيها على مقومات البنية التقليدية للمجتمع الإسلامي حيث احتكر السلطة، وسحب السلاح من عامة الناس، وسيطر على الأزهر، وقضى على جماعات العلماء المؤثّرين، وتغلغلت المركزية في مفاصل المجتمع على المستوى الصناعي والزراعي والخدمي، وظهور الفرمانات - قوانين السلطة بشكلها الحداثي المتتابعة - والمتعلّقة بأشكال السيطرة والتأثير والتحكم، كل هذا غيّر من تركيبة الدولة والمجتمع تغيّرًا جذريًا.

  لقد أحاط محمد علي نفسه بزمرة من المستشارين الغربيين -الفرنسيين خاصة- مما آذن بتراجع قيمة العلماء في نظر السُلطة، بل قيمة المجتمع المدني ذاته، فمع سُلطة احتكرت السلاح، وكرّست البيروقراطية في خدمة الوالي، وجنّدت لأول مصر المصريين بصورة نظامية في خدمة مشاريعها، كان من الطبيعي أن يقول محمد علي للقنصل البريطاني في القاهرة كولونيل هودجس سنة 1840م – أي بعد خمس وثلاثين سنة في السلطة- في لقاء جمعهما: "لقد كانت مصرُ حين أتيتُ إليها بربرية حقيقةً، في غاية البربرية، وما زالت بربرية حتى يومنا هذا، ولكني مع ذلك آملُ أن جهودي قد جعلت أحوالها أفضل بعض الشيء مما كانت(5)"

كان من جهود الوالي لمحاربة «البربرية» في مصر السيطرة على الأوقاف الأهلية، ولم يمض على حُكمه لمصر سوى عشر سنوات حتى رأينا المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي يقول عن مكاتب تعليم الأطفال في حوادث شهر جمادى الآخرة سنة 1230هـ/ مايو 1815 م: إن "معظم المكاتب مغلوقة وليس بها أحد؛ بسبب تعطيل الأوقاف، وقطع إيرادهم، وصار لهذه الأطفال جلبه وغوغاء في ذهابهم ورجوعهم في الأسواق" (6)

وسار أولاد محمد علي وأحفاده على سياسته في التعامل مع الأوقاف، حتى إن الشيخ محمد عبده يقرر بعد ذلك بسنوات قليلة، أن ما أبقاه محمد علي من أوقاف الأزهر والأوقاف الأخرى لا يساوي جزءًا من الألف من إيرادها، وأنه أخذ من أوقاف الجامع الأزهر ما لو بقي إلى اليوم (في عهد الشيخ محمد عبده) لكان إيراده لا يقلّ عن نصف مليون جنيه في السنة – بحسب قيمة الجنيه الكبيرة آنذاك – وقرر له بدل ذلك ما يساوي أربعة آلاف جنيه في السنة فقط (7)

 

المراجع

(5) خالد فهمي: كل رجال الباشا محمد علي وجيشه وبناء مصر الحديثة ص46، ترجمة شريف يونس، دار الشروق، القاهرة، ط1، سنة 2001

 

(6) الجبرتي عبد الرحمن بن حسن الجبرتي (ت 1241هـ): عجائب الآثار في التراجم والأخبار3/478، دار الجيل، بيروت

 

(7)مذكرات الإمام محمد عبده ص44، تقديم وتعليق طاهر الطناحي، دار الهلال، القاهرة.

محمد شعبان أيوب: الدولة الحديثة والسيطرة على الأوقاف – موقع: إضاءات، بتاريخ 3/3/2015، على الرابط: https://2u.pw/QBzTsGDc

وفي مرحلة ما بعد ثورة 23 يوليو 1952م، فقد شن النظام العسكري بقيادة جمال عبد الناصر، حربا ضارية ضد الأوقاف الإسلامية؛ وقد اتخذ الجنرالات إجراءات صارمة لتدمير الوقف الإسلامي يمكن رصد بعضها في الآتي:

  أولا، في تلك السنوات 1952 ــ 1970 تمت السيطرة على وزارة الأوقاف بشكل غير مسبوق في التاريخ الإسلامي كله؛ وجرى عسكرتها على نحو لافت؛ حيث تناوب على منصب وزير الأوقاف أحد عشر وزيرا كان منهم ستة وزراء من ضباط يوليو.

  ثانيا، خلال فترة ما بعد انقلاب 23 يوليو 1952م، وطوال الـ18 سنة التي حكم معظمها جمال عبدالناصر، صدر عشرون قانونا خاصا بالوقف بمعدل قانون كل سنة، إضافة إلى عشرات القرارات الوزارية الخاصة بهذا القطاع؛ بمعدل خمسة قرارات أساسية كل سنة.

   ومن أبرز ما جاء فيها:

  أولا: إلغاء الوقف الأهلي، ونهب أوقافه لصالح قانون الإصلاح الزراعي الذي تبناه عبد الناصر.

  ثانيا: مصادرة عشرات الآلاف من أفدنة الوقف الخيري وأكثر من 160 ألف فدان من الوقف الأهلي، وحسب إحصاءات المملكة المصرية في سنة 1952م فإن مساحة الأراضي الزراعية الموقوفة بلغت 582.950 فداناً، وتم مصادرة نحو 130 ألف فدان وهي الأوقاف التي كانت تحت إدارة ديوان الأوقاف الملكية، وكان معظمُها أوقافاً لأعضاء الأسرة المالكة، وقد صادرها العسكر ووزعوها طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952م.

  ثالثا: جعل من سلطة وزير الأوقاف تعديل مصارف الأوقاف على جهات البر، دون التقيد بشرط الواقف.

  رابعا: استثنى عبد الناصر أوقاف الكنيسة الأرثوذوكسية من هذه القوانين والقرارات التعسفية وذلك خوفا من نفوذ الكنيسة وتأليب الرأي العام الأميركي والأوروبي عليه، وصدر قرار جمهوري بقانون رقم 264 لسنة 1960م بشأن استثناء أراضي الأوقاف الخاصة بجهات البر العامة للأقباط الأرثوذكس من أحكام تلك القوانين والقرارات التي كانت قد مزقت أكثر من نصف مليون فدان من أوقاف المواطنين المسلمين، والتي كانت موقوفة على المدارس والمساجد ودور الأيتام والمستشفيات…إلخ.

واضح أن الهدف الأساس من هذه القوانين والإجراءات هو تعبئة كافة موارد الأوقاف -في إطار التعبئة العامة لكافة موارد الدولة- وتوظيفها في خدمة السياسات التي انتهجتها سلطة يوليو في الداخل والخارج؛ دون مراعاة لخصوصية أموال الأوقاف، أو اكتراث بالحصانة التي أسبغتها عليها الشريعة الإسلامية.

وكان عبد الناصر يستهدف من هذه الحرب الضروس على الوقف الإسلامي تقنين عمليات نهب أموال الوقف بدعوى الإصلاح الزراعي من جهة، أو دعوى دعم مشروعات الدولة من جهة أخرى، ومن جهة ثالثة، احتواء مؤسسة الأزهر وتطويعها لتكون أداة من أدوات السلطة، وتجفيف منابع التمويل الخاصة بها، وهي أموال الوقف الإسلامي التي كانت تدر على الأزهر 8 ملايين جنيه سنويا، وبعد مراسيم عبد الناصر تراجع الريع إلى “800” ألف جنيه فقط في السنة!. فضلا عن امتناع الهيئة العامة للإصلاح الزراعي عن سداد الريع المستحق عليها لوزارة الأوقاف، الأمر الذي جعلها مدينة لوزارة الأوقاف بمبالغ مالية هائلة، فضلا عن تبديد الهيئة لأغلب هذه الأوقاف، لا سيما أوقاف الخيرات الموقوفة على المساجد؛ وبهذا ضرب عبد الناصر الركيزة الاقتصادية لعلماء الأزهر، تلك الركيزة التي كانت تجعلهم في غنى عن أموال الحكومة، الأمر الذي كان يكفل لهم الاستقلال عن الحكومة ويتيح لهم معارضتها، دون الخوف من قطع رواتبهم أو تشريد أسرهم من بعدهم. وعلى حين عوملت أوقاف المسلمين هذه المعاملة، تم استثناء أوقاف غير المسلمين من أحكام هذه القوانين، حيث وضعت لها قوانين خاصة، وتركت لكل كنيسة أوقافها في حدود مائتي فدان، وما زاد عن هذا كانت الدولة تأخذه وتدفع ثمنه بسعر السوق، وهو ما أدى في أواخر السبعينات إلى مناداة عدد من الأصوات في مجلس الشعب بمساواة أوقاف المسلمين بأوقاف المسيحيين(8)

 

المراجع

(8) تقرير "العدوان على الوقف الإسلامي من عبد الناصر إلى السيسي"، موقع الشارع السياسي، بتاريخ 14 سبتمبر 2021، على الرابط: https://politicalstreet.org/4358/#_ftn1

تم إصدار القانون رقم 42 لسنة 1973م بشأن استرداد جميع الأراضي الزراعية والعقارات الموقوفة التي سبق أن تسلمتها هيئة الإصلاح الزراعي والمجالس المحلية. وقضى هذا القانون بردها مرة أخرى إلى وزارة الأوقاف لتديرها عن طريق «هيئة الأوقاف المصرية» وحدها، وتستثمر أموالها حتى «توفر الدعم المالي لحركة الدعوة الإسلامية، ورعاية شروط الواقفين»؛ كان كل ذلك يعني: أن تظهر سلطة الحكم بمظهر الحريص على «مال الله»، وأنها جادة في استرداده من الذين بددوه، ومن مغتصبيه الذين سرقوه في عهد مراكز القوى(9).

شرعت هيئة الأوقاف المصرية في جمع أموال الأوقاف المبعثرة، لكنها لم تخرجها عن سيطرة الدولة. بيد أن هذا الوضع كان أفضل بكثير مقارنة بما كان عليه حال الأوقاف في الستينيات. وبذلك أخذت هيئة الأوقاف صفة الكيان الاقتصادي البحت، بهدف إدارة أموال وممتلكات الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها بما يحقق لها أكبر عائد ممكن على أسس اقتصادية، دون التقيد بالروتين الحكومي؛ باعتبارها أموالاً خاصة، حسب ما ورد في قانون إنشائها، كما أن الهيئة قامت أيضًا على أساس مبدأ اللامركزية في تصريف شئونها الإدارية والمالية، مع استقلالها بميزانية خاصة غير مدمجة في الميزانية العامة للدولة، ويتقاضى موظفوها وعمالها مرتباتهم وأجورهم من حصيلة إيراداتها من ريع الأعيان الموقوفة التي تديرها وتقوم باستثمار أموالها.

ومن أهم مكاسب الأوقاف بإنشاء الهيئة هو إلزام المجالس المحلية وهيئة الإصلاح الزراعي برد ما سبق أن سلمته إليها وزارة الأوقاف من الأراضي الزراعية والعقارات الموقوفة، وذلك بنصوص قانونية قاطعة، وألزم القانون 42 لسنة 1973م هيئة الإصلاح الزراعي برد جميع الأراضي الموقوفة لوزارة الأوقاف، وأن يتم تقدير قيمة الأراضي التي تصرفت فيها بتمليكها لصغار المزارعين لتقوم الدولة بدفعها نقداً لهيئة الأوقاف. وأن توضع جميع الأراضي والأموال المستردة تحت إدارة هيئة الأوقاف لتقوم باستثمارها نيابة عن وزارة الأوقاف، ولتقوم أيضًا بتسليمها الريع السنوي لتتولى الوزارة صرفه طبقاً لشروط الواقفين.

وقد اتضح أن الإصلاح الزراعي باعت نحو 61.937 واحدا وستين ألف فدان وتسعمائة وسبعة وثلاثين فدانًا وقيراطين و12 سهمًا من أطيان أراضي الوقف الخيري والأهلي، وبذلك أصبحت هيئة الإصلاح الزراعي مدينة للأوقاف بثمن هذه الأراضي التي وزعتها على صغار الفلاحين، طبقاً لما نصت عليه المادة الثالثة من قانون الرد رقم 42 لسنة 1973م.

كسبت الأوقاف أيضا قيام هيئة الأوقاف بالسعي لاسترداد أعيان الأوقاف المغصوبة، أو المستولى عليها بدون وجه حق في الخمسينيات والستينيات، وخاصة في الفترة التي تولت فيها المجالس المحلية إدارة الأعيان الموقوفة الواقعة في نطاق المدن منذ سنة 1962م، وتصرفت فيها على أنها مال سائب، على حد ما ورد في الكتاب الصادر عن هيئة الأوقاف المصرية نفسها في سنة 1974م، ورغم تشكيل العديد من اللجان لاسترداد أموال الوقف منذ ذلك التاريخ إلا أن الكثير من أصول وأعيان الوقف لاتزال منهوبة حتى اليوم من جانب هيئات ومؤسسات حكومية وشركات وأشخاص لهم نفوذ في الدولة(10)

 

المراجع

(9) إبراهيم بيومي غانم: بعض ما يجب معرفته عن «هيئة الأوقاف المصرية" موقع إضاءات ، بتاريخ 31 يناير 2021، على الرابط:

 https://www.ida2at.com/some-things-know-about-egyptian-endowments-authority /

 

(10) العدوان على الوقف الإسلامي من عبد الناصر إلى السيسي - الشارع السياسي

https://politicalstreet.org/4358/

الفصل الأول
  وزارة الأوقاف وأنواع أوقافها

وزارة الأوقاف المصرية: وزارة تابعة لحكومة جمهورية مصر العربية، تنهض بشئون الدعوة الإسلامية في داخل وخارج البلاد، حيث تشمل أنشطتها العناية بالأوقاف والمساجد، والبحوث الفقهية، وإدارة المراكز الإسلامية(11)

 

المراجع

 (11) وزارة الأوقاف (مصر) - ويكيبيديا

هيئة حكومية مصرية تتبع وزير الأوقاف وتعمل بموجب القانون رقم 209 لسنة 2020م بهدف إدارة أموال وعقارات وأراضي الوقف الخيري، وتدير الهيئة أصولاً في صورة أسهم في بعض البنوك والشركات، كما أنها قامت بشراء شركات ومصانع بالكامل، وتدير الهيئة تلك الأصول مقابل 25% من الريع، ويتم توريد 75% إلى وزارة الأوقاف.

ويرجع تاريخ إنشاء هيئة الأوقاف إلى عام 1251هـ /1835م عندما أصدر محمد علي باشا أمرًا بإنشاء «ديوان عمومي للأوقاف»، وتحددت اختصاصات ذلك الديوان بموجب لائحة رسمية صدرت بتاريخ 8 ذي الحجة 1252هـ/1836م، وذلك تحت عنوان «لائحة ترتيب عملية الأوقاف بالثغور والبنادر»، ثم أمر محمد علي بإلغاء هذا الديوان عام 1253هـ /1837م.

وفي 11 رجب 1267هـ /1851م أمر عباس باشا الأول بإعادة ديوان عموم الأوقاف، وأصدر أمرًا آخر لتنظيم عمل الديوان، واستمرت تلك اللائحة سارية حتى عام 1895م، وفي عام 1913م تم تحويل الديوان إلى نظارة «وزارة». وفي عام 1953 صدر القانون رقم 247 لسنة 1935 الذي قضى بنقل الإشراف على المساجد الموقوف عليها وقف خيري إلى وزارة الأوقاف، ثم صدر القانون رقم 157 لسنة 1960 الذي قضى بضم جميع المساجد الأهلية للوزارة(12)

ومن الشركات المملوكة لهيئة الأوقاف: الشركة العربية للسجاد والمفروشات مصانع سجاد دمنهور - شركة رمسيس الزراعية - المجموعة الوطنية لاستثمارات الأوقاف (المحمودية العامة للمقاولات "سابقا") ويتبعها: المحمودية للإنشاءات - المحمودية للتنمية العمرانية - المحمودية للمباني المتطورة - المحمودية للأمن والحراسات - المحمودية للخدمات البيئية - المحمودية للتنمية الزراعية.

وأما الشركات المشتركة بين هيئة الأوقاف وجهات أخرى فمنها بنك فيصل الإسلامي - (15.35%) بنك التعمير والإسكان - (5.03%) المصرية للأغذية - بسكو مصر (5.1%). الصناعات الكيماوية المصرية - كيما- (3%) الدلتا للسكر (13)(6.38%).

  ومن أهم الأوقاف على الإطلاق في الداخل هو "وقف المنان" الذي يمثل 7% من الأراضي الزراعية في مصر، بمساحة تقدر بـ420 ألف فدان، كما أن ثمة أوقاف خارج مصر تملكها وزارة الأوقاف، في السعودية وتركيا واليونان، لا تقدر بثمن، أبرزها أوقاف محمد على باشا، والمدرسة البحرية التي بناها، والتي إذا ما تم استغلالها على نحو صحيح من الممكن أن تقود قاطرة الاقتصاد المصري برمته.. وتعتبر وزارة الأوقاف المصرية من أغنى الوزارات، لما تمتلكه من أراضٍ وأوقاف بالمليارات داخل وخارج البلاد، لدرجة تأكيد الدكتور جمال حمدان: “إن ربع ثروة مصر العقارية ملك وزارة الأوقاف(14)

فقد أعلنت وزارة الأوقاف رسميا عن الانتهاء من توثيق وتسجيل ممتلكاتها في أطلس من 92 مجلدًا، تضم 256 ألف فدان زراعية، يضاف إليها 120 ألف وحدة عقارية متنوعة ما بين سكني وإداري واستثماري، قدرت رسميا بتريليون و37 مليار جنيه، وشهدت ساحات المحاكم نزاعات حول قطع وقفية ضخمة تتعدى ضعفي الموثَّق، ومنه قطعة وقف مصطفى عبد المنان بمساحة 420 ألف فدان بطول محافظات الدقهلية ودمياط وكفر الشيخ، شامل مصايف رأس البر وجمصة وبلطيم وميناء دمياط والمدن البينية، ويضاف إليه وقف سيدى سالم الأشعري، ووقف الروبي، بمساحات ضخمة تقل عن الوقف الأول، وتمتد عرضًا في الساحل الشمالي، ومنها 55 ألف فدان أعلن عن التسوية بشأنها مع محافظة كفر الشيخ ولم تنفذ، هذا بخلاف القصور والممتلكات الخديوية داخل مصر، أشهرها: سوق العتبة والميدان وشارع العتبة، والأزهر ومنطقة الأزهر، وشارع عبد العزيز، والغورية، ومنطقة فاطمة النبوية، وسوق السلاح، والخيامية، ووكالة الحج، والكسوة "رضوان بك"، وقصور الأمير محمد على والملك فؤاد بكفر الشيخ، والمنطقة الأثرية بالمسلة، وقصور متعددة وأسبلة وأثريات لا تُستغَل كما ينبغي، ومساجد أثرية، وفى خارج مصر تمتلك ما يقارب من 15 أثرًا ومنشأة في جزيرتي تاثيوس وكيفالا باليونان، كما يوجد أصول أخرى ثابتة ومحاصصات وأوراق مالية وأسهم وسندات ومسيلة، تتعدى -ملكيات وشراكات- ما يزيد عن 20 شركة ومصنع وبنك ووحدات عقارية وإنتاجية، أشهرها أسهم بنك فيصل الإسلامي، والمجموعة الوطنية لاستثمارات الأوقاف، ومصنع سجاد دمنهور المتعثر(15).

 

المراجع

(12) هيئة الأوقاف المصرية - ويكيبيديا

(13) هيئة الأوقاف المصرية - ويكيبيديا

 

(14) علا سعدي: تقرير "وزارة الأوقاف أغلي وزارة في مصر ولديها أوقاف بالمليارات"، موقع الديوان، بتاريخ 25/11/2018.

 

(15) موقع برلماني: تقرير "قصة أطلس الأوقاف" يصدر في 60 مجلدا ومميكن إلكترونيا خلال أيام.. "، ، بتاريخ 25 فبراير 2019.

أحمد البحيري - وزير الأوقاف: أطلس الوقف يوثق 114 ألف وقفية بقيمة تريليون و37 مليار جنيه موقع المصري اليوم، بتاريخ 13/4/2019، على الرابط:

https://www.almasryalyoum.com/news/details/1387732#google_vignette

وهو مجلس حكومي مصري، يتبع وزارة الأوقاف المصرية، ومن أهم اختصاصاته: التعريف بالإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقًا بين شعوب العالم، بإظهار حقائقه، وإبراز آثاره من تقدم البشرية وكفالة السعادة للناس في حياتهم.

  ومن أهم الجهات التابعة له: المكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية - مركز الدراسات والبحوث الدينية - مركز دراسات السيرة والسنة - مركز إحياء اللغة العربية(16).

 

المراجع

(16) المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية (مصر) - ويكيبيديا

في 21 ديسمبر 1959م صدر قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها، وتضمن هذا القانون لأول مرة في تاريخ وزارة الأوقاف النص على اختصاصها بتعيين أئمة المساجد التي تشرف عليها الوزارة، على أن يصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية، إلى جانب اختصاصها بإدارة بعض الأوقاف(17).

 

المراجع

(17) وزارة الأوقاف (مصر) - ويكيبيديا

الفصل الثاني
وزارة الأوقاف في عهد الدكتور مرسي

تولى الدكتور محمد مرسي رئاسة مصر من 30 يونيو عام 2012م إلى 30 يونيو 2013م، مدة عام واحد، وتشكلت الوزارة في عهده برئاسة الدكتور هشام قنديل في 24 يوليو 2012م وأدت اليمين الدستورية في 2 أغسطس 2012م، وكان وزير الأوقاف فيها الأستاذ الدكتور طلعت محمد عفيفي عميد كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة جامعة الأزهر، وهو رجل جمع بين العلم والتربية والإدارة والورع، ويعلم الجميع أنه ليس من الإخوان المسلمين، بالرغم من وجود مرشحين آخرين من الإخوان، أو القريبين منهم مثل الدكتور محمد يسري نائب هيئة الحقوق والإصلاح، وأحد العلماء السلفيين، وقد رشحه للوزارة المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان، وكانت ثمة مفاجأة بترشيح الدكتور أسامة العبد لمنصب الوزارة، وهو رئيس جامعة الأزهر آنذاك، وقد رشحه الدكتور عبد الرحمن البر -وهو أحد أعضاء مكتب الإرشاد - وقد قابله بالفعل الدكتور هشام قنديل، ولم يبقَ إلا الإعلان عن اسمه، إلا أن هذا الترشيح ووجه بعاصفة من الرفض والغضب، بسبب تاريخ الرجل في مواجهة التيار الإسلامي في جامعة الأزهر، وممالأته نظام مبارك قبل خلعه، ولعل في هذا الترشيح ردٌّ كافٍ لما أشيع عن رغبة الإخوان في إقصاء الآخرين، والاستحواذ على مناصب الحكم.

في اللحظات الأخيرة -وقبل أداء اليمين- تم اختيار الدكتور طلعت محمد عفيفي وزيرًا للأوقاف.

وحتى تتضح الصورة كاملة لأداء وزارة الأوقاف في عهد الدكتور مرسي لابد من بيان أمرين:

   الأول: محاربة الفساد الذي استشرى في جنبات الوزارة.

   والثاني في بيان حالة الوزارة بعد تطهيرها من لواءات العسكر.

الوقف مؤسسة من مؤسسات الأمة، وليس من مؤسسات الدولة، والأصل في أموال الأوقاف أنها صدقات جارية، تقوم مؤسسة متخصصة في الأعمال الخيرية بإدارة هذا المال للإنفاق من ريعه على عموم المجتمع، كبناء المساجد والمستشفيات، أو على الفقراء والمحتاجين.

بما يعنى أن التصرف في مال الوقف - في غير محله، أو في غير المصارف المحددة له - لا يحل شرعًا، ولا يجوز قانونًا، فإذا كان هناك فساد في إدارة أموال الأوقاف يجب تقويمه، ويحرم على أي أحد الاستيلاء عليه، أو جعله مشاعًا مع أموال أخرى للصرف في أوجه تخالف المصارف المنصوص عليها على شرط الواقفين، فهو ليس كأموال الضرائب والجمارك والجبايات، والتبرعات المفتوحة، بل لا يتبع خزينة الدولة بأى شكل من الأشكال.

لكن النظام العسكري منذ يوليو 1952م يصرّ على نهب أموال الأوقاف، والتعامل معها على أنها مشاع، ويتصرف فيها على غير شروط الواقفين، مما يفضي إلى خسارة هذه الأموال الضخمة التي تعد رصيدًا للأجيال القادمة. (18)

من هنا كان العبء كبيرًا على الدكتور طلعت عفيفي وزير الأوقاف وإخوانه الذي شغلوا وكلاء الوزارة: المالية والدعوية وهيئة الأوقاف، فقبل مجيئه كان لواءات الجيش والشرطة يشغلون رئاسة مؤسسات الوزارة، سواء هيئة الأوقاف المصرية، أو هيئة شؤون الدعوة، والهيئة المالية، وكل لواء تحته مجموعة من اللواءات، وهؤلاء لهم سلطان في الوزارة كبير، ويجري تعيينهم - مثل الوزير - من قبل رئيس الوزراء، وولاء اللواءات لمصالحهم الشخصية أولاً، وكل واحد منهم متربص بالآخر، يجتهد في جمع ما يدينه حتى حين.

وعُمل فريق عمل الوزير الدكتور محمد طلعت عفيفي على رفع واقع هيئات الوزارة، واستفادوا من مدير عام إدارة البر، الذي طلب الأمان منهم، حتى يسلِّمهم الملفات التي عنده، التي تضم كوارث الوزارة وهيئاتها.(19) فوزارة الأوقاف المصرية قد سيطرت عليها قيادات عسكرية، وهؤلاء قد أحكموا السيطرة على هيئة الأوقاف، إذ يتكون مجلس إداراتها من اثني عشر عضوًا يعينون من قبل رئيس الجمهورية، ووزير الأوقاف بصفته هو رئيس الهيئة أو من يُنيبه.

 

المراجع

(18) العدوان على الوقف الإسلامي من عبد الناصر إلى السيسي - الشارع السياسي

https://politicalstreet.org/4358/

(19) واسمه جابر طايع. راجع شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل الأول

تتوزع ممتلكات الأوقاف من أراضٍ وعقارات ومصانع في غالب محافظات مصر؛ إن لم يكن كلها، وتوجد حججها (وثائق ملكيتها) في الوزارة، وعلى سبيل المثال "أرض المسلة" في المطرية بمحافظة القاهرة كلها أراضي أوقاف، وفيها أبراج هائلة. وحوض المنتزه في الإسكندرية - ومساحته نحو ثلاثة آلاف فدان - ملك للأوقاف، ويصل سعر المتر في بعضها إلى ثلاثين ألف جنيه، وهي الآن أرض مغصوبة، لا يستطيع أحد أن ينتزعها ممن أخذها، ولا أن يعرف تسلسل أعيان غاصبيها، ووراء ذلك كله قيادات كبيرة في الجيش.

اتخذت الوزارة قرارا بإنشاء ضبطية خاصة بالأوقاف، واتصلوا بوزير الداخلية لتنفيذها، لكنه رفض، بحجة أن البلد في حالة فوضى، والناس تعتدي على الشرطة. فقررت الوزارة أن تبذل الوسع لاستكشف حقيقة الأراضي المغتصبة، ومن يستولي عليها، فوصل الأمر إلى حد أن ينزل شيوخ الأوقاف بالزي العادي، وليس الزي الأزهري، ويقدموا أنفسهم كمستثمرين حتى يعرفوا من وراء وضع اليد على أراضي الأوقاف، وفي الآخر يتضح أنهم لواءات من الجيش(20).

 

المراجع

(20) راجع شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل الثاني

  وكانت تهدى 250 تأشير حج للوزير، والواقع أن اللواءات من قيادات الوزارة كانوا يبيعون هذه التأشيرات للموظفين وأقاربهم، بقصد التربح منها.

الأصل في تشكيل مجالس إدارات المساجد أن يقوم بها رواد المساجد، للاهتمام بشؤونها، بينما كان الواقع ينطق بهيمنة العسكر على تلك المجالس، لما تحققه من أرباح مادية، وبالأخص في المساجد الكبرى، مثل الحسين والسيدة زينب والسيدة عائشة وغيرها، فمعظم هذه المساجد كانت تحوي قاعات تُستأجر في الأفراح والمآتم، والمفترض أن يتم تحديد القيمة الإيجارية لها من قبل رئيس قطاع الشؤون المالية في الوزارة، بينما كان الواقع أن الفارق بين ما تحدده الوزارة وما يدخل في جيب اللواءات كبير جدا، حتى إن القاعات كانت تؤجر على حسب حالة الشخص يسارا أو إعسارا. والخلاصة أن هذه المجالس في المساجد الكبرى كانت مصدر فساد مالي، حيث لا رقيب ولا ضابط، فتؤول مداخيلها إلى السادة الضباط، الذين باتوا يهيمنون على أئمة تلك المساجد، فلا ينطقون بالواجب، إذ إن مجالس تلك المساجد يجب أن يديرها أئمتها، أو تكون لهم الكلمة النافذة في إدارتها، كما هو الواقع بالفعل في المساجد الصغرى(21).

 

المراجع

(21) راجع شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل السابع

لقد تحكم عدد من العائلات في وزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وهيئة الأوقاف المصرية. وهذا مظهر آخر من مظاهر الفساد في تلك الوزارة، حيث سمح بأن يخلف أبناء الموظفين آباءهم أو أمهاتهم، فهيمنت بعض العائلات هيمنة شبه كاملة على هيئة الأوقاف، أو مبنى الوزارة، أو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، مما مكنها من ممارسة كثير من السلطة والتأثير، بل من بسط الحماية على مظاهر وأسباب الفساد.

في 13 يوليو 1957م أصدر رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر القانون رقم 152 لسنة 1957م بتنظيم استبدال الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر في مدة أقصاها ثلاث سنوات تنتهي في سنة 1960م، لتتسلمها اللجنة العليا للإصلاح الزراعي، وتوزعها وفقًا لأحكام قانون الإصلاح الزراعي الذي أصدره مجلس قيادة الثورة برقم 178 لسنة 1952، على أن تؤدي الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لوزارة الأوقاف سندات بقيمة تلك الأراضي، تُستهلك على مدى ثلاثين عاماً بفائدة سنوية 3%.

وفي هذا السياق جرى ضم ريع الأوقاف الإسلامية إلى ميزانية الدولة لأول مرة في التاريخ ابتداء من السنة المالية 1958/1959م، وبعدها أضحت وزارة الأوقاف بلا أوقاف!

ثم إنه نظراً لاشتداد الأزمة الاقتصادية في البلاد آنذاك، أسرعت السلطة بإصدار القانون رقم 133 لسنة 1960م بتخفيض الفائدة الربوية على سندات تعويض الأوقاف إلى واحد ونصف في المائة بدلاً من 3%. وبذلك يكون عبد الناصر قد أدخل الربا المحرم شرعًا إلى الأوقاف، تحت سمع وبصر الأزهر والإفتاء والأوقاف(22).

وهذا القانون قنن أكبر ملف للفساد والسرقة، حيث أجاز القانون استبدال أراضي الأوقاف الجيدة - والتي تمثل ثروة كبيرة- بأراضٍ قد لا تضارعها قيمةً، بل قد تكون صالحة، وهذا اختراع من العسكر حيث جعلوا ما يسمى بأراضي أملاك دولة، مقابل هذه الأراضي الوقفية(23).

 

المراجع

(22) العدوان على الوقف الإسلامي من عبد الناصر إلى السيسي

https://politicalstreet.org/4358/

 

(23) شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل السادس.

ومن مظاهر الفساد الذي اعتادت عليه الوزارة: أن تشتري ولاءات بعض الصحفيين، حتى يكتبوا عنها كتابات مادحة، بعيدة عن الإعلانات مدفوعة الأجر. وكانت شقق الأوقاف توزع على هؤلاء الصحفيين، ومنهم شعراء كبار، ناهيك

عن مجاملتهم بتأشيرات الحج والعمرة(24).

 

المراجع

(24) شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل الرابع

حالة من الفراغ في المناصب القيادية، والخوف والترقب من المفسدين الصغار الذين يتولون الوظائف الأدنى، وقد قدم بعضهم القرابين للدولة العميقة للتربص بالوزارة الجديدة، وبعضهم أدركه الرعب؛ أو خاف فوات المصلحة العاجلة، فقدم ما عنده من ملفات تكشف سوءات الفساد، وطلب البدء بصفحة جديدة، فأصبح القانون هو الحكم بين الجميع، ولا عمل يتم دون سند قانوني.

أصبح منصب رئيس قطاع الدعوة شاغرا في الوزارة، وكذا رئيس قطاع الشؤون المالية، ورئيس قطاع ديوان المحافظة. وتم ملء هذه المسؤوليات بأكفاء ممن اختارتهم لجنة محايدة شكلها وزير الأوقاف بنفسه.

نستطيع أن نلخص أهم إنجازات الوزارة في هذه الفترة بما يلي:

كان القريبون من وزير الأوقاف الجديد د. طلعت عفيفي يتوجسون من الأحداث المضطربة في البلاد، وتنامي زخم الثورة المضادة ضد الرئيس الشرعي المنتخب د. محمد مرسي، ويرون أن مدة بقائهم في الوزارة قد يكون قليلاً، وأن عليهم أن يسابقوا الزمن لتطهير وزارتهم، ووضعها على طريق الإنجاز الصحيح اللائق بها.

وكانوا يدركون أن طريق إصلاح وزارة الأوقاف لن يكون سهلاً، لتراكم ملفات الفساد بها، بعدما توغل فيها، وحرس نفسه، وحافظ على كسبه الحرام. وكانت معظم التحديات قادمة من قيادات العسكر المسيطرة على الوزارة، وهي قيادات كانت تشعر بالخطر، وتتأهب للدفاع عن مكاسبها.

كانت الخطوة الأولى لتصحيح الأوضاع تبدأ من رفع الواقع العملي القائم، وقد استغرق ذلك شهرًا.

وكانت الخطوة الثانية تتمثل في ضرب أصل الفساد في الوزارة، وهو سيطرة القيادات العسكرية عليها، وغياب أجهزة الرقابة والشفافية والمحاسبة.

كانت القطاعات الثلاثة التي تشكل وزارة الأوقاف يحكمها لواءات، والوزير لا سلطة له عليهم، لأنهم معينون من قبل رئيس الوزارة، وكان انتدابهم لوزارة الأوقاف تم قريبًا، فكانت إقالتهم تحتاج إلى قرارات من رئيس الوزراء، وضرورة تقديم طلب له بذلك.

وكانت الصورة تمثل ملهاة مأساوية. إذ إن مراسلات الوزير لا بد أن تكتسب الصفة الرسمية، من خلال كتابتها على أوراق خاصة، تضمن سلامتها من التلاعب والتزييف، وهذه الأوراق لا يوجد منها في مكتب الوزير شيء، ويستأثر بها مكتب اللواء عبد القادر سرحان وكيل الوزارة لقطاع مكتب الوزير، وهو على رأس المطلوب إقالتهم من الوزارة، وبطريقة أو أخرى حصل مساعدو الوزير عليها، وقدم وزير الأوقاف طلبات إقالة كبار الضباط بالوزارة إلى رئيس الوزراء، وصدر قرار من رئيس الوزراء بالإعفاء، وتم استدعاؤهم إلى مكتب الوزير، وإعلامهم بالقرار، فاعترض اللواء عبد القادر سرحان، وقال للوزير: "ليس من سلطتك أن تصدر هذا القرار، لأننا معينون من قبل رئيس الوزراء"، فأظهر الوزير لهم تأشيرة رئيس الوزراء، وشكلت لجنة رسمية لتسليم الملفات المتعلقة بهم، وأوصت اللجنة بعدم خروج أي شيء من المكاتب إلا متعلقاتهم الشخصية، وكان يومًا مشهودًا في الوزارة، لا تقل سعادة موظفي الوزارة فيه عن سعادة المصريين يوم تنحي مبارك(25).

 

المراجع

(25) راجع شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل الخامس.

حيث أعلن الدكتور طلعت عفيفي، وزير الأوقاف ورئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال زيارته للجزائر، أن تعيين أئمة وخطباء المساجد أصبح لأول مرة في عهد الرئيس مرسي يتم عن طريق الكفاءة العلمية، والقدرة على أداء الرسالة، وليس عن طريق الأجهزة الأمنية كما كان يحدث في العهد السابق.

وقال الوزير: ''إن جميع المؤسسات الدينية في مصر بعد ثورة 25 يناير تأثرت بمناخ الحرية التي حققها الشعب المصري، وبالتالي انطلقت الدعوة دون قيود، وأصبح الدعاة ينطقون كلمة الحق دون عقبات أو عوائق، كما أصبح هدف وزارة الأوقاف هو إعداد دعاة بما يتناسب مع المرحلة الحالية، مع أهمية الانفتاح على وسائل العصر وروحه، مع القدرة على الاستعانة بأحدث وسائل التكنولوجيا(26).

وبالرغم من ذلك ثارت ادعاءات بسعي الإخوان إلى السيطرة على وزارة الأوقاف، ضمن حملة تخويف عامة ترفع شعار: "لا للأخونة! وفي هذا الإطار دخل بعض قيادات السلفيين من حزب النور مكتب الوزير؛ على رأسهم يونس مخيون ومحمد فريد، فأثاروا معه تلك الاتهامات عن محاباة الإخوان في الوزارة، وتعيين رجالهم بها، فرد عليهم أنه لا يعين أحدًا إلا عبر اللوائح والقوانين واللجان المشكلة لاختيار الأحسن والأكفأ. فخرجوا بغير طائل.

ودخل أحد السلفين الوزارة وكاد أن يتعارك مع أمن الوزارة، مدعيًا أنه أنا نائب الوزير الجديد! فقابله وكيل الوزارة للشؤون المالية ماهر جلبط، وعلم أنه مدرس لغة عربية، وليس لديه أية خبرات إدارية، فأخرجه وزير الأوقاف الدكتور طلعت عفيفي غاضبًا، وقال: "تريدون أن تعطلونا عن عملنا، أنا عندي أعمال كذا وكذا، من عنده الكفاءة يتقدم بحسب اللوائح والقوانين".

كانت جميع التعيينات في هياكل الوزارة تتم عبر هذه اللجنة المحايدة التي يرأسها الوزير بنفسه، وليس فيها أحد من الإخوان، وبذلك أبعد الدكتور طلعت نفسه عن شبهة الأخونة، أو التعيين بحسب الواسطة والقرب، وفعّل القانون.

يقول ماهر جلبط وكيل الوزارة للشؤون المالية إنه تم تعيينه عبر هذه اللجنة، وكان قد تقدم معه قرابة مائة شخص، فكان أجدرهم بالمهمة بعد إجراءات كثيرة، بينما لم يوفق الآخرون، ومنهم من راح يؤجج المشاعر في إعلام الانقلاب بالحديث عن استئثار الإخوان لمناصب الدولة.

كما شُكلت لجنة لاختيار مدراء العموم للوزارة، وكنت أحد أعضاء هذه اللجنة، ورفضنا جميع الوساطات والتوصيات التي حملها بعض من تقدم لهذه الوظائف، وظل المعيار الوحيد للنجاح هو الكفاءة.(27)

ومن عجيب ما سمعناه من شهادات في هذا الصدد أن م. خيرت الشاطر -نائب المرشد العام لجماعة الإخوان- عاتب د. جمال عبد الستار أحد مساعدي الوزير لأنه (م. خيرت) أرسل إليه بعض شيوخ السلفيين من حزب النور للتعيين في تلك المناصب القيادية، ولما تقدم هؤلاء إلى اختبارات اللجنة لم ينجح منهم أحد، وتم رفض ترشيح م. خيرت لهم. ويمكن أن نفهم ترشيح نائب مرشد الإخوان لهؤلاء على أنه نوع من المواءمة السياسية لنزع حجة الاتهام بالأخونة المشرع في كل الحالات، لكنهم عند التحقق لم يكونوا مؤهلين لمنافسة المرشحين الآخرين.(28)

ورغم ذلك لم تتوقف حملات اتهام الوزير والوزارة بمحاباة الإخوان، وافتقاد الحيدة، فقد نشرت جريدة اليوم السابع - قبل الانقلاب بأسبوع وتحديدا يوم 26يونية 2013م تقريرًا بعنوان: "بعد عام من حكم مرسى.. الخلايا الإخوانية تسيطر على وزارة الأوقاف بمباركه الوزير.. وخلع الحذاء "كلمة السر" في تعيين 3 آلاف داعية إخواني.."(29).

وجاء تصريح الدكتور يونس مخيون على موقع المصري اليوم تحت عنوان: "مخيون يكشف كواليس أخونة الأوقاف في عهد مرسى"، وورد فيه: "شن الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، هجوما حادا على الشيخ سلامة عبد القوى، المتحدث السابق باسم وزارة الأوقاف في حكومة الإخوان، مطالبا أنصار الإخوان بالتوقف عن الكذب والاتهامات الباطلة.  

وقال مخيون، في بيان رسمي.. إنه ذهب على رأس وفد من حزب النور لمقابلة الدكتور طلعت عفيفي، وزير الأوقاف في عهد مرسي، لمناقشة عدة موضوعات منها قرار عفيفي تشكيل لجان لإعادة تقييم كل خطباء المكافأة، حتى الذين تم اجتيازهم اختبارات الوزارة، وحصلوا على تصاريح، موضحًا أنه كان هناك تخوف كبير من سيطرة الإخوان على لجان التقييم، ما يشكك في حيادها، فضلاً عن شكاوى كثيرة حول محاولة الإخوان السيطرة على المناصب العليا بالوزارة في جميع المحافظات. وأضاف: «عندما بدأت عرض الموضوع بهدوء فوجئت بأن الوزير الإخوانى انفعل، واحمر وجهه، واعترض على ما أقوله(30).

 

المراجع

(26) وكالة أنباء الشرق الأوسط: " وزير الأوقاف: لأول مرة تعيين أئمة المساجد في مصر عن طريق الكفاءة العلمية"، بوابة الأهرام، ، بتاريخ 9 أكتوبر 2012، على الرابط: https://gate.ahram.org.eg/News/259348.aspx

وزير الأوقاف: تعيين أئمة المساجد في مصر عن طريق الكفاءة العلمية، موقع صدى البلد، على الرابط:

https://www.elbalad.news/284253  -

(27) راجع شهادة الأستاذ ماهر جلبط، وكيل الوزارة للشؤون المالية التسجيل الثاني

(28) راجع شهادة الدكتور جمال عبد الستار التسجيل الثاني

 

(29) إسماعيل رفعت: "بعد عام من حكم مرسى.. الخلايا الإخوانية تسيطر على وزارة الأوقاف بمباركة الوزير.."، موقع اليوم السابع، بتاريخ 26 يونيو 2013.

 

(30) محمود العمري: "مخيون يكشف كواليس أخونة الأوقاف في عهد مرسي"، موقع المصري اليوم، بتاريخ 1/3/2014، على الرابط

https://www.almasryalyoum.com/news/details/402724

من مظاهر الفساد التي كانت موجودة في وزارة الأوقاف: ترك أئمة الوزارة بلا تدريب ولا تأهيل حقيقي، إلا ما كانوا يدعونه على الورق فقط.

وفي عهد الدكتور مرسي أصبح مركز تدريب الأئمة والخطباء خلية نحل، لتدريب الأئمة ورفع كفاءتهم العلمية، وتم تعيين ثلاثة آلاف إمام وخطيب من عشرة آلاف تقدموا للاختبار، اختيروا بعناية فائقة، وكفاية تامة، وحصلوا على التدريب الكافي في معسكرات تدريب علمي راقٍ، ودرس لهم أساتذة من كافة الاتجاهات والتوجهات المختلفة. كما شملت خطة الإعداد تقديم دورات إدارية لتكوين الشخصية الناجحة(31)، وقُدمت مقترحات جيدة لاستمرار رفع كفاءتهم، وتبادل الخبرات بينهم(32).

ومما يؤسف له أن أول قرار للانقلابيين في الوزارة كان وقف تعيينهم، لأن بعضهم عليه علامات استفهام من قبل الأمن قبل الانقلاب وقبل الثورة(33).

 

المراجع

(31) راجع شهادة الأستاذ ماهر جلبط التسجيل الثاني.

(32) راجع شهادة الدكتور جمال عبد الستار التسجيل الثاني

(33) ابراهيم الشحات: :تقرير "خريجو الكليات الازهرية طالبوا من وزير الاوقاف الغاء مسابقة الائمة في عهد مرسي"، موقع السبورة، بتاريخ 18 يوليو 2013، على الرابط:

https://www.alsbbora.info/3184#google_vignette

إسلام المليجي:" الأوقاف" تدرس تعيين 6 آلاف داعية في بداية العام المالي القادم"، موقع فيتو ، بتاريخ 25 أكتوبر 2013، على الرابط: https://www.vetogate.com/657159

 

نص الدستور المصري الذي استفتي عليه في عهد الدكتور مرسي 2012م على الوقف في عدة مواضع، بطريق مباشرة، أو غير مباشر. فقد نص في المادة الثامنة: "...على أن تلتزم الدولة بتيسير سبل التراحم والتكافل الاجتماعي والتضامن بين أفراد المجتمع..."، ومن المعلوم بالضرورة أن الوقف الإسلامي من أهم سبل ووسائل وآليات التراحم والتكافل الاجتماعي والتضامن بين أفراد الشعب.

ونص الدستور صراحة على الوقف وحمايته، والتشجيع عليه، واعتباره من المقومات الاقتصادية لاقتصاد مصر، مما يعنى أن الوقف أصبح من الموارد السيادية للدولة والاقتصاد المصري، فقد ورد النص عليه في الباب الأول المعنون "مقومات الدولة والمجتمع"، وفى الفصل الثالث الخاص بالمقومات الاقتصادية، حيث نصت المادة 21 على أن "تكفل الدولة الملكية المشروعة بأنواعها العامة والتعاونية والخاصة والوقف، وتحميها، وفقا لما ينظمه القانون". فهذا النص دالٌّ على أن الوقف يتمتع بكفالة الدولة، وحمايتها، وتجريم الاعتداء عليه.

كما نصت المادة 25على أن "تلتزم الدولة بإحياء نظام الوقف الخيري وتشجيعه، وينظم القانون الوقف، ويحدد طريقة إدارة أمواله، واستثمارها، وتوزيع عوائده على مستحقيها، وفقا لشروط الواقف".

وبناء على ذلك النص تلتزم الدولة بإحياء نظام الوقف الخيرى، والعمل على تشجيعه بكافة الوسائل، سواء في وسائل الإعلام؛ أو في تدريس الوقف في المدارس والجامعات، وإصدار المطبوعات التي تشجع الشعب المصري على اتباع سنة الوقف الخيرى، والنص في المادة على أن القانون ينظم الوقف، يعنى أن قانون الوقف من القوانين الأساسية التي تنظم طرق وآليات ووسائل إدارة أموال الوقف، وكيفية استثمارها، ومدى مشاركتها في عملية التنمية الاقتصادية، لأنه من الموارد الأساسية للدولة، وضمان وصول عوائده إلى مستحقيها، واحترام إرادة أصحاب الوقف، وتوجيه أمواله للجهات التي يحددها صاحب الوقف، وعدم استخدامه فيما لا يخصص له، أي أن الوقف إذا كان على التعليم يستثمر في التعليم، وإذا كان على الصحة يستثمر في الصحة، وفقا لشروط الواقف(34)

ولما وقع الانقلاب على الدستور والرئيس الشرعي للبلاد سنة 2013؛ وتمت صياغة دستور جديد ظل النص الخاص بالوقف قائمًا، مما يدل على رسوخ اعتقاد أهميته. ففي دستور 2014م نصت المادة 90 منه على أن "تلتزم الدولة بتشجيع نظام الوقف الخيري، لإقامة ورعاية المؤسسات العلمية والثقافية والصحية والاجتماعية وغيرها، وتضمن استقلاله، وتدار شؤونه وفقا لشروط الواقف، وينظم القانون ذلك"(35).

وهذا الاهتمام الدستوري بنظام الوقف استندت له المحكمة الإدارية العليا في مواجهة أشهر نماذج التعدي على أرض الوزارة، وهو وقف "عبد المنان" في محافظة كفر الشيخ، حيث أيدت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة فحص قرار وزارة الأوقاف بعودة الوقف الخيرى للأمير مصطفى بن عبد المنان أمير اللواء السلطاني ومساحتها 76 فدانًا بناحية رأس البر، والتى تقع ضمن مساحة إجمالية قدرها 421 ألف فدان موزعة على ثلاث محافظات هي الدقهلية ودمياط وكفر الشيخ، كما أكدت على أن الأوقاف الخيرية لا يجوز تملكها بالتقادم، ورفضت المحكمة الطعن المقدم ضد وزارة الأوقاف.

وأكدت المحكمة في حكمها التاريخي، أن الأراضي الموقوفة لا تخضع للتقادم مهما طال الزمان، وأن المُشرع حظر إطلاقا تملك أطيان الأوقاف الخيرية، أو ترتيب حقوق عينية عليها بالتقادم بعد تعديل المادة 970 من القانون المدني بالقانون 147 لسنة 1957، وأن المشرع الدستوري قد اهتم بنظام الوقف الخيرى وألزم الدولة بموجب المادة (90) من الدستور بتشجيع نظام الوقف الخيرى لإقامة ورعاية المؤسسات العلمية والثقافية والصحية والاجتماعية وغيرها، كما ألزمها بأن تضمن استقلال الوقف الخيرى على أن تدار شئونه وفقًا لشروط الواقف، ولا ريب أن هذا النص الدستوري ملزم لكافة سلطات الدولة(36).

 

المراجع

(34) إصدار دستور جمهورية مصر العربية لسنة 2012م – موقع منثورات قانونية، على الرابط:

https://manshurat.org/node/3573

 

(35) إصدار دستور جمهورية مصر العربية المعدل لسنة 2014، موقع منشورات قانونية، على الرابط: https://manshurat.org/node/%20%204256 1

 

(36) إسماعيل رفعت: "ثلثى (الصواب: ثلثا) ثروة الأوقاف خارج الخريطة الاستثمارية.. 4 أماكن وقف لا تخضع لسيطرة الوزارة تؤجل مشاريع بالمليارات..."، تقرير على موقع اليوم السابع، بتاريخ 23 يوليو 2019.

 

كان فريق عمل الوزير طلعت عفيفي يستثمر وقت الإجازة الأسبوعية ليخرج ويزور المحافظات، ويستعرض ما عندهم من إمكانات وقدرات، ويقف على ما هم في من مشكلات واحتياجات، وقد حققت هذه المتابعات مجموعة أهداف، أهمها:

فقد أتاحت الفرصة لفريق عمل الوزارة أن يتعارفوا عن قرب، تعارفًا يوسع الأفق الإنساني، وييسر التفاهم الإداري، وبخاصة أن أوقات العمل الرسمي لا تتيح فرصة لذلك. ويذكر بعضهم أنهم كانوا بأتون قبل مواعيد العمل بساعة أو ساعتين، ويستمرون فيه بعد انصراف الموظفين بخمس أو ست ساعات، أو يكون في عمل خارج الوزارة لملاحظة الأداء في أماكنه التنفيذية، أو لمتابعة بروتوكول تعاون مع وزارة من الوزارات، أو لتجهيز أعمال خاصة بنقاشات مجلس الشعب والشورى، كاعتماد الميزانيات، وما شابه ذلك من أعمال.

كان الخروج في أعمال مشتركة بين فريق العمل في أيام الإجازة الرسمية يستقطع حق الأسر والأولاد، ويستلزم استحضار نوايا الاحتساب والقربى من الله، يذكر بعضهم برنامج العمل آنذاك، فيقول: كنا نلتقي أول النهار فنصلي الفجر ثم نستقل سيارتنا إلى إحدى المحافظات، فننزل في مقار الاستراحة أو الضيافة الخاص بالوزارة لنكمل لقاءاتنا مع مسئولي الأوقاف في هذه المحافظة، ونتابع الإشراف الميداني عليها على مدى يومَي الإجازة، ثم نرجع إلى القاهرة، ونعود للوزارة لمكاتبنا لمسايرة العمل اليومي المعتاد. وكنا نخصص لكل محافظة إجازة أسبوع، اليوم في محافظة البحيرة، الأسبوع القادم في الإسكندرية، والثالث في المنوفية، وهكذا.

فكانت هذه الزيارات تحقق هدفها من حيث المتابعة الدقيقة والقريبة لسير الأعمال في المحافظات، وتذليل ما يواجهها من مصاعب، وحل ما بها من مشكلات.

كانت هذه الزيارات الميدانية تحقق أيضًا هدف مقابلة المحافظ والمسؤولين في المحافظة لضمان التصرف في أموال الأوقاف وممتلكاتها بشكل يليق باحتياجات الناس. كما أنها فتحت الباب لكل من له شكوى، ومن لديه معلومات عن ممتلكات الأوقاف المنهوبة، في ظل غياب الوثائق الرسمية الكافية.

وكان للدكتور عبده مقلد رئيس القطاع الديني بالوزارة دور كبير في هذه المجال. واكتشفنا أن هناك مثلثًا رهيبًا للنصب على مال الوقف من الشرطة واللصوص وموظفين داخل الوزارة، فالموظفون يسربون المعلومات عن أرض الوقف، واللصوص يجتهدون للاستيلاء عليها، وأفراد الشرطة يساومون واضعي اليد على الأراضي من اللصوص، أو لصالح لصوص آخرين، وتؤخذ القطعة بشكل رسمي، ثم تكون القسمة فيما بينهم.

يقول الشيخ سلامة عبد القوي في شهادته: " كان التحدي كبيرًا جدًا، ولم نأخذ على ذلك العمل مليمًا واحدا، وكان راتبي الرسمي ألفين وتسعمائة، بينما كان مرتب اللواء الذي كان قبلي ثلاثمائة ألف، وصليت مرة الظهر جماعة في المكتب، فدخل علينا أحد الموظفين، فتعجب لمرآنا، وقال: الله أكبر مكتب اللواء (فلان) يصلي فيه صلاة جماعة؟! وكان ذلك اللواء يأتي مكتبه عشر دقائق في اليوم، يشرب القهوة ويمشي، ولا يستطيع أحد أن يقترب ناحية مكتبه، فضلاً عما كان يقوم به من عنف لفظي وبدني تجاه الموظفين(37).

 

المراجع

(37) راجع شهادة الأستاذ ماهر جلبط التسجيل الثاني

أبرمت مع بعد الدول اتفاقيات لاستثمار أموال الأوقاف بما يعود بالنفع العام. من ذلك ما حصل بين وزارة الأوقاف والحكومة السودانية من اتفاق على زراعة ألف فدان قمح لصالح وزارة الأوقاف في مصر.

وزار السفير السعودي أحمد القطان الوزارة، واتفقنا معه على الترتيب الواجب لأداء الحج، إذ كانت وزارة الأوقاف هي التي تتولى الإشراف على البعثة المصرية للحج. فاتفقنا على زيادة عدد التأشيرات الممنوحة للوزارة، وكانت توزع بنظام القرعة، وبطريقة شفافة لم يطعن عليها أحد، وكان هذا أمرًا جديدًا يليق بدولة العدل والشفافية بعد ثورة يناير 2011، وكان لواءات الجيش المسيطرين على وزارة الأوقاف من قبل يتعاملون مع تأشيرات الحج بالبيع أو المجاملات.

وكان من ضمن الحسنات الذي بدأت تظهر في نهاية الفترة، مسألة التعاون والتنسيق بين الوزراء في المجالات المشتركة، وكان عدم التنسيق والتعاون إشكالية كبرى، فكل وزارة تعمل في واد؛ وفريق الرئاسة في واد ثانٍ، وجماعة الإخوان بما تمثله من رافعة ومستودع خبرة في واد ثالث، والحزب في واد رابع. وقد نجحت الثورة المضادة من خلال فزاعة الأخونة أن يعملوا هذه الفجوة.

وفي المرحلة الأخيرة من عمر الوزارة القصير بدأ مجلس الوزراء يعمل بروح الفريق الواحد من خلال التقارب والتنسيق بين الوزارات في مجلس الوزراء، وكان للدكتور ياسر علي- الذي تولى رئاسة مركز المعلومات واتخاذ القرار في مجلس الوزراء- دور كبير في هذا التنسيق(38).

 

المراجع

(38) راجع شهادة الأستاذ ماهر جلبط التسجيل الثالث.

كانت أخبار الوزارة تباع من قبل بعض الموظفين بخمسين جنيه للصحفيين! والصحفيون المراسلة يبيعونها أيضًا للصحف والمواقع الإخبارية، فأنشأت الوزارة "المركز الإعلامي" ليكون بمثابة مصدر الأخبار الرسمي للوزارة، والتحقيق مع من يعطي أخبارًا تخص الوزارة من موظفيها، وكان مما دفع إلى ذلك أن بعض برامج "التوك شو" الليلية كانت تستضيف شخصيات أزهرية لها صلات أمنية لنقد وتشويه صورة وزارة الأوقاف أمام العامة، ضمن تلك الحملات المنظمة التي كانت تقوم بها أجهزة الدولة العميقة لإفشال حكم الرئيس مرسي. ومنها برنامج الإعلامي وائل الإبراشي الذي استضاف شيخا اسمه البسطويسي، وظل يتهجم على الدكتور يوسف القرضاوي -رحمه الله- ويتساءل: كيف يصعد منبر الأزهر، وأين وزارة الأوقاف؟(39)، فطلب المتحدث الإعلامي الرسمي للوزارة المُداخلة، وعاتب وائل الإبراشي، لِمَ لمْ يستضيفه للرد على البسطويسي؟ فقال: نحن من يدير البرنامج، وليس أنت، إن كان عندك شيء قله، وإلا مع السلامة! ودافع المتحدث الإعلامي عن كون الشيخ القرضاوي خطيبا لجامع الأزهر، وعندما أراد أن يفصِّل الموضوع قطعوا عنه الاتصال(40).

 

المراجع

(39) https://2u.pw/dxHFnqUU

(40) شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل الرابع.

  اقترح الدكتور صلاح سلطان -أمين عام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية آنذاك - استثمار أراضي الأوقاف وأموالها عن طريق أهل الخبرة في هذا المجال، ورشح لذلك الأستاذ سليمان البحراوي، وهو مستشار لبعض البنوك، وصاحب تاريخ كبير في مجالات الاستثمار، وتمت دعوة البحراوي للقاء في هيئة الأوقاف المصرية، وتم عرض المتاح من أراضي وأموال الأوقاف، والاتفاق على حصر أموال وأراضي الأوقاف، وجمع شتاتها، وانعقدت لذلك اجتماعات شبه يومية وأسبوعية، وكانت الرؤية أنه من خلال المتاح من معلومات يمكن نحل جميع المشكلات الموجودة في المحافظات المتعلقة بالإسكان والزراعة والتعليم والصناعة، غير أنه لم يمتد الوقت لوضع هذه الخطط موضع التنفيذ، إذ أنهى الانقلاب العسكري كل ذلك(41).

 

المراجع

(41) راجع شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل السابع

  التعاون مع وزارة التموين ووزيرها الدكتور باسم عودة: أعلن الدكتور باسم عودة في عام 2012م أنه يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح في مصر عام 2015م، بما يمثله من سلعة استراتيجية تهم 100 مليون مصري، وكانت السياسات العامة في البلاد تلبي توجيهات أعداء الأمة باستمرار الاعتماد على استيراد القمح، والبعد عن محاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي منه.

  كان إنشاء صوامع كافية لتخزين القمح، من أكبر المعوقات أمام طموح الاكتفاء من إنتاج القمح.

  واتفقنا مع الدكتور باسم عودة على بناء كافة الصوامع التي تحتاجها مصر، على مراحل، حتى إذا أتى عام 2015م نكون قد أتممنا بناء كل الصوامع التي يحتاجها. وتواصلت وزارة الأوقاف مع الدول الخبيرة ببناء صوامع تخزين القمح، وفي مقدمتها روسيا وأوكرانيا وألمانيا، وبالفعل تقدمت هذه الدول بعطاءاتها لبناء الصوامع عبر مناقصات، ولما وقع الانقلاب توقفت كل تلك الجهود، وعادت البلاد إلى سياسة الاستيراد الكثيف للقمح، وتلاشى حلم الاكتفاء الذاتي منه(42).

  مشروع ميدان سفنكس: ميدان سفنكس بحي العجوزة محافظة الجيزة أرض وقفية، استولت عليها مجموعة من البلطجية مدعومة من العسكر، وقد قدمنا مناقصة لبناء برج إداري ومول تجاري على هذه الأرض، فجاء ثلاثة من الذين استولوا على هذه الأرض، وحاولوا إثناء الوزارة عن استكمال إجراءات المناقصة، بدعوى أنهم يضعون أيديهم على الأرض منذ ستين سنة، وأنهم ملاكها، ولن يبنى عليها شيء، فوجدوا إصرارًا من الوزارة على خطتها، فعرضوا تقديم رشاوى ضخمة مقابل العدول عن ذلك السعي، وتقنين أوضاعهم، فكان رد ممثل الوزارة الشيخ سلامة عبد القوي رفض الرشوة، وقال: ادخلوا المناقصة، وقولوا فيها إنكم موجودون على الأرض من وقت بعيد، ومن الممكن أن تنظر الوزارة في ذلك، وترسي عليكم المناقصة، فقالوا: لن تكون هناك مناقصة أصلاً ، ولن يُبنى شيء على هذه الأرض، ولن نخرج منها، فتم إنهاء المقابلة، وطردهم من الوزارة، فقاموا بتهديد الشيخ سلامة عبد القوي، وقالوا: "خد بالك من نفسك، إنت إللي ها تبقي مع السلامة يا سلامة! فكان رد المتحدث باسم الوزارة ألا يُسمح لهم بدخول الوزارة إلا تحت سمع الأمن، وبعد تحديد موعد، والالتزام بالبروتوكولات التي تحدد مثل هذه اللقاءات المهمة.

 

المراجع

(42) راجع شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل التاسع

  وفي محافظة أسوان، التقى ممثلو الوزارة بالمحافظ، وعرضوا عليه الاستثمار في الأراضي الوقفية، وأن أي مشروع تريد المحافظة أن تتبناه يمكن أن تساهم الوزارة فيه بما لها من مبانٍ سكنية أو مولات تجارية أو أبراج سكنية. فقد كانت هناك قناعة أن أراضي الأوقاف وأموالها تستطيع أن تسد كل احتياجات المحافظات من حيث الإسكان والزراعة والتعليم والصناعة وغير ذلك (43).

شركة الصناعات الكيماوية المصرية (كيما)، تأسست هذه الشركة سنة 1956، وتعمل في قطاع المواد، مع التركيز على المواد الكيميائية، وتقع في مدينة أسوان، ومصانعها متهمة لدى خبراء البيئة بالمشاركة في تلويث البيئة، حيث ترمي مخلفاتها الكيماوية السامة في النيل، وتم عرض مشروع معالجة مخلفات المصنع على هيئة الأوقاف، فاقترح أحد الأساتذة الفضلاء في وزارة الزراعة – استزراع نبات اسمه (جاتروفا (Jatropha curcas يحتاج إلى بيئة حارة، وينتج زيتًا نباتيًا يستخدم وقودًا حيويًا لإدارة محركات الطائرات والسيارات، مع بعض الاستعمالات الطبية الأخرى، ولا يستعمل في الطعام، فيمكن استعمال المياه الملوثة بعد درجة من المعالجة في ريه؛ وهو لا يحتاج الماء أصلاً إلا بنسبة ضئيلة (44)، وبالتالي لا تُصرف هذه المياه في نهر النيل.

 وبالتنسيق مع وزارة الحكم المحلي والقوى العاملة وبعض الجهات الأخرى تم إنشاء حوضٍ كبيرٍ لتخزين مياه صرف المصنع بتكلفة 300 ألف جنيه، ثم معالجتها عبر عدة مراحل، واستخدامها لري مساحات واسعة من نبات الجاتروفا التي بدأ استزراعها بالفعل، حيث استزرعت ألف شتلة منه، ضمن خطة لاستزراع 360 ألف فدان منه(45).

 

المراجع

(43) راجع شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل التاسع

 

(44) مادة (يطروفة القحطة) في ويكيبيديا الموسوعة الحرة، إيمان عبد الله: "شجرة الجاتروفا أحد مصادر الوقود الحيوي"، مقال على موقع العربية بتاريخ 6 أكتوبر 2019.

 

(45) راجع شهادة الأستاذ ماهر جلبط التسجيل الأول والشيخ سلامة التسجيل السابع، وتقرير بعنوان "الأوقاف تنشئ محطة لتحلية المياه بأسوان"، المصري اليوم، بتاريخ 2/3/2013، على الرابط:

https://www.almasryalyoum.com/news/details/292065

وانظر يوتيوب الشيخ سلامة عبد القوي: ما الذي يحدث في أسوان؟؟ وكيف أنقذناها من الكارثة في عهدنا؟؟، قناة الشيخ سلامة عبد القوي، بتاريخ 24/9/2024، على الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=BqetGbfu2VY

   كان المهندس سعد الحسيني محافظ كفر الشيخ قد وضع خطة كبيرة للنهوض بالمحافظة التي عانت طويلاً من الإهمال، بالرغم من أنها تمتلك ثروات طبيعية من "الرمال السوداء" التي تحتاجها اليابان والصين في كثير من الصناعات، وتطل على شاطئ ممتد على البحر المتوسط، ويمر بها نهر النيل، مما يوفر لها مصادر نهوض متعددة. وقدم المحافظ أكثر من ملف يمكن لوزارة الأوقاف أن تسهم فيه، منها إنشاء مطار دولي على غرار مطار القاهرة، وإنشاء مشروع كبير لصيد السمك وتجهيزه وتعليبه ثم بيعه، وبناء ميناء ضخم على البحر المتوسط لرسو السفن العملاقة التي سيحتاجها لتصدير منتجات هذا المشروع، وتم التوقيع بين وزارة الأوقاف ومحافظة كفر الشيخ على تبني وزارة الأوقاف كل مشروعات المحافظة، واشترط علينا المهندس الحسيني ألا نعلن عن هذه المشاريع إلا بعد البدء فيها(46).

 

المراجع

(46) راجع شهادة الأستاذ ماهر جلبط التسجيل الأول والشيخ سلامة عبد القوي، التسجيل السابع

  تتصدر محافظة أسيوط قائمة المحافظات في زراعة الرمان، إذ تنتج حوالي 90% من الانتاج المصري كله، فظهرت فكرة عمل مصانع هناك لإنتاج العصائر والأدوية المستخرجة من الرمان، مما يفتح أبواب الرزق في محافظة تضم مناطق من أفقر الأماكن في مصر، وتم توقيع اتفاق مع المحافظة للبدء في هذا المشروع.

  أما محافظة سوهاج، فقد اتجهت الخطط إلى إقامة مستشفى، وفندق كبير يطل على نهر النيل، وتم تحديد موقعه، وتم الاتفاق مع المحافظ على البدء في ذلك، كما تمت دراسة خطط لإقامة مزارع أبقار مدرة للألبان، ومنتجة للحوم.

  أما محافظة الوادي الجديد فقد تمت زيارتها بالسيارات إذ لم يستطع وفد الوزارة تدبير رحلة طيران إليها. وجرت مناقشة القيادات التنفيذية فيها فيما يمكن أن تقدمه وزارة الأوقاف، ومما يؤسف له أن هذه الرحلة – مثل جهود كثيرة أخرى – تم تجاهلها من أجهزة الإعلام، فلم يعلم بها كثير من الناس.

  وكانت العادة قد جرت في كل تلك الاتصالات والاتفاقيات مع المحافظات أن تعرض المحافظة خمسة مقترحات لمشروعات ترى أولويتها، وتختار وزارة الأوقاف منها ما تراه مناسبًا لإمكانياتها(47).

 

المراجع

(47) راجع شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل السابع

  وفي جميع تلك الزيارات كان وفد الوزارة من الوزير ومستشاريه يتحمل أمر طعامه وشرابه ومواصلاته، ولم يكلف الوزارة من ذلك شيئًا، حتى تعجب الموظفون في الوزارة وهيئة الأوقاف، وقالوا لهم: كان من قبلكم لا ينتج مثلكم، ولا يعمل عملكم، وكان ينزل بالفنادق الفخمة أيامًا وليالي، وكان مطعمهم ومشربهم وسائر معيشتهم على حساب الوزارة، وضربوا مثالًا بالدكتور حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق، الذي كان ينزل بفندق الفور سيزون في أفضل أجنحته.

  كان الوزير وقيادات الوزارة في أسفارهم ينزلون في استراحات الأوقاف على ما فيها، ويُعدون طعامهم بأنفسهم، حتى إن الدكتور صلاح سلطان – أمين المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية قد أعد جدولاً لتحمل أعباء الضيافة، موزعًا تكاليفها على أسر الزائرين من رجال الوزير.

  ومن الطريف أن رجال الوزارة قد اكتشفوا فيما بعد أن تورعهم الزائد فتح بابًا للفساد لدى كبار موظفي الوزارة دون أن يقصدوا، لأن ثمة بدلات وبنود مالية مرصودة لهذه التنقلات والأعمال، وهناك أشخاص مثل سائق الوزير لابد أن يخرج له بدلاته، فكان الموظفون يضعون هذا الأموال - التي لم يأخذ رجال الوزير منها شيئًا- في الاستمارات المالية التي يصرفونها بأنفسهم، ويستفيدون منها(48).

 

المراجع

(48) راجع شهادة الشيخ سلامة عبد القوي التسجيل السابع - راجع شهادة الأستاذ ماهر جلبط التسجيل الثاني

   يمكن تصنيف مساجد الأوقاف على مستويات ثلاثة: مساجد تضم قاعات مناسبات تستفيد منها الوزارة، ومساجد فيها أضرحة تحوي صناديق النذور، ومساجد عادية لا قاعات مناسبات ولا أضرحة. والمساجد التي توجد بها أضرحة عددها تقريبًا 232 مسجدًا، مقسمة ألف وباء وجيم، بحسب سعة المسجد، وشهرة الضريح، والدخل الذي يدخل الوزارة منها.

  قد يحسب البعض أن هذا ملف لا أهمية له، لكن الحقيقة أن لهذا الملف من الأهمية حظًا وافرًا، لما له من دور في إدرار دخل مالي جسيم لوزارة الأوقاف، ولما كان للعصابة التي تديره من نظام دقيق، وإتقان شديد، حيث لم يكن يدار بطريقة عفوية، بل يملك زمامه في النهاية العسكر والجهات الأمنية، بالرغم من اتخاذه مظهرًا دينيًا. حيث تديره مجموعة من لواءات العسكر، في حين تتصدر الواجهة هيئة الطرق الصوفية، أو نقابة الأشراف، ولذا كانت الدولة تفتح الباب على مصراعيه لكل شخص يريد أن ينشئ طريقة صوفية تحت أي اسم، فالموالد تديرها الدولة في حقيقة الأمر من وراء ستار.

  يقع الإشراف على صناديق النذور على عاتق القطاع المالي والإداري بوزارة الأوقاف، والمفترض أن لها قرارًا ينظم أمرها، صدر منذ أيام السادات، وأنها تقسم كالتالي:

  5% للمسجد و5% للمحافظة التي يتبعها المسجد و15% لهيئة الطرق الصوفية، والباقي 75% يدخل في ميزانية الوزارة، تنفق منه على بقية المساجد التابعة للوزارة والتي لا توجد بها صناديق نذور.

  يصدر رئيس قطاع الشؤون المالية قرارًا بتشكيل لجنة لفض الصندوق الخاص بكل مسجد، تكون مهمتها حصر وفرز وعد وتوثيق وتسجيل المبالغ المالية، ثم إيداعها في خزانة الوزارة، وهذه اللجنة لا إشراف عليها؛ ولا رقابة سوى ضمائر أصحابها، ومن المعتاد أن يجري فض الصناديق للمساجد الكبرى المصنفة (أ) كل 15 يومًا، غير أيام الموالد، ففيها تفض الصناديق مرتين في اليوم، وأما المساجد المصنفة (ب) فكانت تفض كل شهر، والمصنفة (ج) تفض كل ستة أشهر أو سنة، وأيام الموالد اللجنة تقيم في منطقة المولد، والأصل أنها تورد حصيلتها كل يوم، وكان حجم الأموال -بخاصة أيام الموالد- كبيرًا جدًا.

  وفي وقت وزارة الدكتور طلعت عفيفي اتجهت الأمور إلى الشفافية والنزاهة، فأصبحت اللجنة التي تفض الصناديق تشكل من قبل الوزير بنفسه، وليس كما كانت من رئيس القطاع المالي، ويوجد مندوب مع كل لجنة من مكتب الوزير، ويتم فتح الصندوق على الهواء مباشرة، في بث مباشر يتابعه الوزير بنفسه، ويلقي تعليماته للجنة، وملاحظاته على ما يدور فيها، واستدعى ذلك حمل الكاميرات عند كل فض، حتى نثبت كاميرات، وبالأخص بالمساجد الكبرى.

  موقف الإعلام من التعامل الجديد مع صناديق النذور: رغم الحرص على الشفافية عند فض الصناديق، والأصل أنه عمل يُحمد للوزارة، إلا أن الإعلام تناوله بصورة سيئة، وبشيء من السخرية والتهكم، وبعض السلفيين هاجموا الموضوع من أساسه؛ على أنها أموال شركية بدعية لا يجوز الاستفادة منها لحرمتها.

  صندوق مسجد الحسين: كانت الأموال التي يجري تحصيلها في الفتحة الواحدة للصندوق تبلغ مليون جنيه يوم المولد في أول النهار، وفي آخر النهار مليون آخر، أي أنه في اليوم الواحد يدرّ صندوق مسجد الحسين 2 مليون جنيه! ووضعنا هذه الفيديوهات على موقع الوزارة، مع توثيق كل اللقاءات الخاصة بفض الصناديق.

  نموذج اختلاس: بالرغم من الحرص في تشكيل لجان فض الصناديق فإن بعض أعضاء اللجنة جرى تصويره بالصوت والصورة أمام الكاميرات وهو يختلس من مال الصندوق، وتم تحويل اللجنة كلها للتحقيق، وكان هذا المختلس مقيمًا للشعائر في مسجده، وبالرغم من توثيق خيانته خرج على وسائل الإعلام يتهم فيها الوزارة بالأخونة، واستبدال الأئمة بأئمة من الإخوان المسلمين، ووسائل الإعلام لا تسمح بالرد، ولا تستدعي المتحدث الرسمي للوزارة للرد، فطلب المتحدث الرسمي للوزارة الرد في البرنامج، وقال إن واقعة الاختلاس مسجلة بالصوت والصورة، وإن الأمر أصبح في يد سلطات التحقيق، ولا دخل للوزارة فيه.

  إجمالي دخل صناديق النذور: كان إجمالي دخل صناديق النذور عام 2011م حوالي 3 مليون و800 ألف في السنة كلها، بينما في أربعة أشهر فقط (من شهر أكتوبر 2012 حتى نهاية شهر يناير 2013م) -التي تولى فيها د. طلعت عفيفي الوزارة- بلغ الدخل 100 مليون جنيه، وكان من الممكن أن يتضاعف المبلغ لو استقرت أمور البلد من المظاهرات والاعتصامات والأزمات المفتعلة، وكانت الصورة المصدرة عبر وسائل الإعلام أن البلد في حالة عدم استقرار، فقلت أهمية الموالد وروادها من الخارج والداخل، علاوة على التيار السلفي المهاجم لها على طول الخط، بمؤتمراته وقنواته الفضائية.

  ومن خلال رفع الواقع تبين لنا أن هيئة الطرق الصوفية لا تأخذ النسبة المحدد لها؛ وهي 15% ؛ وإنما تأخذ نسبة الوزارة وهي 75%، والوزارة تأخذ نسبة الهيئة، هذا كله بفعل لواءات العسكر الذين كانوا يتحكمون في وزارة الأوقاف(49).

 

المراجع

(49) راجع التسجيل الثامن من شهادة الشيخ سلامة عبد القوي

  تقدم القائمون الجدد على وزارة الأوقاف بمذكرة لزيادة رواتب الأئمة، وعرضوا أن تسهم وزارة الأوقاف عبر مواردها الخاصة في زيادة رواتب العاملين بالوزارة، لكن هذا العمل كان يحتاج وقتًا لإقراره وتنفيذه، وقد عاجلهم الانقلاب العسكري، حتى لا يحدث أي إنجاز جديد على أرض الواقع.

  أما بخصوص البدلات: بدل الزي الأزهري، وبدل مكافآت الدروس، وبدل المأموريات التي يقوم بها مفتشو وزارة الأوقاف، فقد زادت أضعافًا مضاعفة، إذ كان هذا من سلطة الوزير، وكانت أموال الوزارة من تبرعات وصناديق تسمح بذلك؛ بعد أن تم ترشيدها، ومن نماذج ذلك:

  بدل الزي: كانت أقمشة الزي الذي يسلم للأئمة رديئة جدًا، بصورة لا تليق بالخطيب الإمام، رغم أن للوزارة وقفًا على هيئة مصنع للملابس الأزهرية، لكنه كان مهملاً، فأعادت الوزارة الجديدة نفخ الروح فيه، وأصبح متاحًا أمام الأئمة والخطباء أن يأخذوا بدلاً ماليًا نقديًا لشراء الزي المناسب والذي تتوافر فيه المواصفات.

   ومن إنجازات الوزارة في هذه الفترة الزمنية المجدودة الاهتمام بفرش المساجد والصرف على صيانتها، والاهتمام باحتياجاتها، بل بناء مساجد جديدة في أماكن ليس بها مساجد تناسب عدد سكانها.

   وإنشاء مدارس تابعة للأوقاف، تكون تحت إدارتها، وتهتم بتربية الجيل الجديد على أسس شرعية علمية، تحمل بعض العبء عن كاهل الدولة، وكذا محاولة سد احتياجات مدارس التربية والتعليم والأزهر الشريف من أدوات وصيانات للمباني.

  والمساهمة في زواج الشباب محدودي الدخل، ببناء مساكن لهم على أراضي الأوقاف، في كل المحافظات، تؤجر لهم لمدة خمسة أعوام بأجور رمزية جدًا، وكان ذلك ضمن الاتفاقات التي عقدناها من المحافظين.

  وخلاص الأمور أن الوزارة في أقل من عام تطهرت من رؤوس الفساد من لواءات العسكر، ورفعت واقعها، وحددت احتياجاتها وإمكاناتها، وأطلقت عددًا من المشاريع المختلفة للنهوض بالعاملين بالوزارة والمشاركة في نهضة مصر.

 

الفصل الثالث
وزارة الأوقاف بعد الانقلاب

  الانقلاب العسكري بزعامة عبد الفتاح السيسي عاد إلى منهج عبد الناصر في التعامل مع الوقف الإسلامي والعمل على تقنين نهبه بدعوى الاستثمار الأمثل، ودعم المشروعات القومية، وهو ما يمكن أن نوجزه في المحطات الآتية:

  في 14 يوليو 2016م، أصدر السيسي، قرارًا بتشكيل لجنة لحصر أموال هيئة الأوقاف برئاسة المهندس إبراهيم محلب، مساعد السيسي للمشروعات القومية والاستراتيجية. ونص القرار، الذى نشرته الجريدة الرسمية، برقم 300 لسنة 2016، على تشكيل لجنة تختص بحصر كل أملاك هيئة الأوقاف المصرية من أراض، ومبان، ومشروعات، ومساهمات في شركات، وتعظيم عوائد الاستثمارات واتخاذ اللازم لتعظيم أملاك الهيئة، كما تختص اللجنة، بإعداد التقارير اللازمة التي تتضمن المشاكل والمعوقات، التي أدت إلى الاستيلاء على هذه الأراضي، واقتراح الحلول للحيلولة دون تكرارها مستقبلًا، وإنشاء أرشيف إلكتروني لحفظ الحجج والخرائط وممتلكات الهيئة، ودراسة إمكانية استغلال مقومات الهيئة في دعم الاقتصاد القومي وتقديم خطة تنفيذية للدراسة، وإخطار جهات التحقيق بالجرائم التي تشكل عدوانًا على المال العام وباقي جهات الدولة لتحصيل مستحقاتها.

  نص القرار أيضًا على أن للجنة في سبيل أداء مهامها أن تستعين بما تراه من المسئولين والخبراء والفنيين من كل الجهات الحكومية وغير الحكومية، ولها أن تطلب من الجهات المعلومات والمستندات، وأن تشكل لجانًا فرعية إذا اقتضى الأمر بما يعينها للقيام بأعمالها، وأن ترفع اللجنة تقريرها النهائى وما انتهت إليه من توصيات إلى رئيس الجمهورية.

  في 20 نوفمبر 2016م، أصدر وزير الأوقاف مختار جمعة القرار رقم 274 والذي يسمح بالتصرف في بعض أصول الوقف بناء على تقديرات هيئة الأوقاف سواء بالبيع عبر المزاد العلني أو استبدالها بأراضي أخرى لبناء مشروعات تحتاج إليها الحكومة، وهو ما يخالف الأحكام الشرعية والقوانين المعنية بإدارة شئون الوقف الخيري؛ الغريب في الأمر أن هذا القرار جاء باسم قرار "تحصين وحماية مال الوقف” وبالفعل عقدت الوزارة مزادات بـ22 محافظة، أعلنت الوزارة رسميًا بها بيع أراضٍ متعددة الاستخدامات، ومحال تجارية، ووحدات سكنية، وجراجات، لا نتحدث هنا عن قطعة أرض واحدة في كل محافظة، بل قطع متعددة، ولا عن البيع في عاصمة المحافظة فقط، إنما امتد أيضاً إلى المراكز والقرى، والعزب، والنجوع(50).

  في 25 ديسمبر 2017، دعا عبدالفتاح السيسي إلى استثمار أموال الأوقاف ومساهمتها فيما أسماها بالمشروعات القومية، حيث وجّه السيسي، خلال اجتماع مع وزير الأوقاف، ورئيس المخابرات العامة، ورئيس الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة الأوقاف المصرية، بضرورة تحقيق الاستفادة المثلى من أصول وممتلكات الأوقاف، مشدداً على أهمية حصْر وتقييم تلك الممتلكات بشكل شامل، والنظر في تنفيذ “خطط استثمارية متطورة” لأصول وممتلكات الأوقاف، وتعظيم مساهمتها في المشروعات القومية، بما يساعد على نمو الاقتصاد ويضمن زيادة قيمة الأصول ومواردها؛ الأمر الذي رضخت له الأوقاف رغم مخالفة ذلك للشرع وقوانين الوقف(51).

  تزامنت إجراءات السيسي تجاه الوقف الإسلامي مع تعديلات جرى إقرارها على قانون إنشاء الصندوق السيادي رقم 177 لسنة 2018م؛ وهي التعديلات التي تمنح رئيس الجمهورية سلطة بيع أصول الدول المصرية بدعوى تعظيم الفوائد والاستثمار(52)، وكشفت قائمة أصول الدولة التي أعدتها جهات حكومية بالتزامن مع إنشاء الصندوق السيادي في 11 إبريل 2018م، عن مجموعة من المفاجآت، حيث ضمت القائمة عدة أصول، وعلى رأسها أملاك هيئة الأوقاف المصرية من الأراضي والمباني، ومباني وزارة الداخلية الموجودة في مقر منطقة وسط البلد في لاظوغلي. وتكتسب ممتلكات وزارة الأوقاف أهمية كبيرة بالنسبة للسيسي، ويصر على السيطرة عليها، ووضعها في حيازة الصندوق السيادي الجديد، حيث تقدر أصول الوقف التي ستضم للصندوق كمرحلة أولى بنحو 180 مليار جنيه، و114 ألف قطعة، ونحو نصف مليون فدان زراعي، وحدائق مستولى عليها، بالإضافة إلى 104 ألف فدان زراعية، و65 ألف فدان مزارع حدائق فواكه، كما تدير هيئة الإصلاح الزراعي 420 ألف فدان من جملة النصف مليون فدان، وتملك وتشارك الأوقاف في نحو 20 شركة وبنك(53).

  وفي سنة 2018 ظهر الحديث عن مشروع قانون تعديلات هيئة الأوقاف، فبحث مجمع البحوث الإسلامية المشروع المقترح، وانتهى في مارس 2018م إلى رفضه، والتأكيد على أنه "لا يجوز شرعًا تغيير شرط الواقف، فشرط الواقف كنص الشارع، وعلى ذلك اتفقت كلمة الفقهاء قديمًا وحديثًا، ومن ثم لا يجوز بأي ذريعة مخالفة شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطه، وبناء على ذلك لا يوافق مجمع البحوث الإسلامية على مشروع النص المقترح على خلاف هذه القواعد الشرعية المتفق عليها"، وهو ما أيدته هيئة كبار العلماء في اجتماعها (54).

  لكن السيسي ضرب بكل هذا عرض الحائط وصادق في ديسمبر 2020م على قانون رقم 209 لسنة 2020م الخاص بإعادة تنظيم «هيئة الأوقاف المصرية»؛ وبذلك جرى إلغاء القانون رقم 80 لسنة 1971 الذي حصَّن به السادات أموال الوقف، وألزم الحكومة برد ما اغتصبته منه خلال الخمسينات والستينات. ويستهدف السيسي بهذا القانون الجديد تقنين إجراءات بيع الوقف بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، تحت ذريعة تشجيع نظام الوقف، وضمان استقلاله، وإدارته على نحو يعظم الاستفادة منه.

   ويحظى استثمار عوائد أموال الوقف باهتمام بالغ من السيسي، لا سيما أنه يعول عليها كثيرًا في خفض نسبة العجز في الموازنة العامة، وتمويل مشروعات كبرى يتبناها، ويرى خبراء أنها غير ذات جدوى اقتصادية(55).

  في 7 سبتمبر 2021م صادق السيسي على القانون رقم 145 لسنة 2021 بإنشاء صندوق الوقف الخيري، والذي يستهدف به تسهيل إجراءات الاستيلاء على أموال الوقف الخيري من جانب الحكومة، وتوجيهها لإقامة المشروعات الخدمية والتنموية مثل العاصمة الإدارية الجديدة؛ بحجة معاونة الدولة في ملف التطوير، وبحسب نص القانون فإن الصندوق يتبع مباشرة رئيس الوزراء، ويمنح وزير الأوقاف سلطة التصرف في أموال صندوق الوقف، بما يتضمنه من أموال صناديق النذور، وإعمار المساجد، وتوجيهها لصالح مشروعات التطوير في الدولة (56).

 

المراجع

(50) عبد الناصر سلامة:" للبيع.. من مصر حتى اليونان"، مقال بالمصري اليوم السبت 13 أغسطس 2016م

https://www.almasryalyoum.com/news/details/993559

 

(51) تقرير موقع العربي الجديد - مصر: السيسي يستهدف ممتلكات الأوقاف لتمويل المشروعات، موقع العربي الجديد، بتاريخ 26 ديسمبر 2017.

انظر أيضا محمود مصطفى: "السيسي يوجه باستثمار أموال الوقف في المشروعات القومية "، موقع مصراوي- ، بتاريخ الثلاثاء 26 ديسمبر 2017.

 

(52) تقرير "البرلمان يمنح السيسي سلطة بيع أصول الدولة المصرية"، على موقع العربي الجديد، بتاريخ 8 يونيو 2020.

 

(53) محمد المسلمي- أبرز أصول الدولة في الصندوق السيادي الجديد.. أملاك الأوقاف مئات الأفدنة من الأراضي الزراعية.-موقع صوت الأمة ، بتاريخ 13 أبريل 2018.

 

(54) شيماء عبدالهادي: هيئة كبار العلماء بالأزهر ترفض مشروع قانون “الوقف” وتحدد شروط قبوله/ بوابة الأهرام 28 مارس 2018

https://gate.ahram.org.eg/News/1857745.aspx

 

(55) تقرير "السيسي يصادق على تشريع يتيح الاستيلاء على أموال الوقف الخيرى"، موقع العربي الجديد، بتاريخ 7 سبتمبر 2021.

 

(56) العدوان على الوقف الإسلامي من عبد الناصر إلى السيسي - الشارع السياسي

https://politicalstreet.org/4358/

  سلط برنامج للقصة بقية في حلقته بتاريخ 2020/12/7 الضوء على قضية أوقاف مصر المنهوبة؛ التي تعتبر الأكبر في العالم بعد الأوقاف في أرض الحرمين، حيث كشفت الأرقام في السنوات الأخيرة عن حقائق مذهلة، حيث أصبحت الوزارة التي كانت تقرض الدولة المصرية وتدعم المصريين، مدينة للدولة وتلجأ للقروض للقيام بالتزاماتها.

  وحظيت هيئة الأوقاف المصرية بنصيب كبير في تقارير الهيئات الرقابية، من بينها تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات الصادر عام 2016، اتهم فيه أجهزة الحكم المحلي بالاستيلاء على أكبر الأوقاف بمصر، وبتفشي الفساد في الهيئة حتى بلغت قضايا الفساد نحو 1895 قضية في عام 2016 فقط.

  كما أحال النائب العام المصري اللواء ماجد غالب رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية الأسبق في يونيو 2019، إلى محكمة الجنايات مع 3 آخرين من قيادة الهيئة بتهمة تسهيلهم الاستيلاء على أراض للدولة بقيمة 336 مليون جنيه مصري، وقد اشتهرت القضية باسم الأربعة الكبار في هيئة الأوقاف.

  وطالت المخالفات الإدارية والمالية وزير الأوقاف المصري نفسه د. مختار جمعة، حيث ذكر تقرير صادر عن إدارة التفتيش المالي بوزارة المالية عام 2015 أن الوزارة قامت بفتح حسابات في بنوك تجارية مخالفة للقانون واللوائح المالية التي تقضي بأن تكون حسابات الوزارات والهيئات الحكومية في البنك المركزي المصري، وصلت قيمتها إلى 275 مليون جنيه، منها صرف 5 ملايين جنيه لحرس الوزير وسائقه.

  قال محمد الصغير وكيل وزارة الأوقاف سابقًا إن المسجد الأزهر في مصر يمتلك ثاني أكبر وقف في العالم بعد الحرمين الشريفين، وإن من أبرز أوجه الفساد داخل هيئة الأوقاف المصرية هي التلاعب في حجج الملكية، أي صكوك الأراضي الزراعية، حيث تم تحويل أراض للإيجار إلى أراضٍ مملوكة لشخص ما. (57)

  وفي تقرير لموقع موقع اليوم السابع السبت، 16 يوليو 2016م خريطة "ممتلكات الأوقاف" المنهوبة. حيث تم حصر 37 ألف حالة تعدٍ على أملاك الوزارة، أبرزها أرض نادى الزمالك على مساحة 90 ألف متر، ومدينة دمياط الجديدة، وميناء دمياط، ووقف سيدى كرير بمساحة 27 ألف فدان بالساحل الشمالى، وتتنازعه هيئة الأوقاف مع هيئة المجتمعات العمرانية ومحافظة الإسكندرية، ووقف مصطفى عبد المنان، بمساحة 420 ألف فدان ممتد في محافظات الدقهلية ودمياط وكفر الشيخ وتتنازع الهيئة مع المحافظات الثلاث عليه، فضلا عن أرض ميناء دمياط، والطريق الساحلى ومشروع المنصورة الجديدة المتوقف(58).

 

المراجع

(57) برنامج "للقصة بقية"/ أوقاف مصر المهدرة، بتاريخ 7/12/2020، موقع الجزيرة، على الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=da4p7ItnEAQ

 

(58) إسماعيل رفعت - بالمستندات.. خريطة "ممتلكات الأوقاف" المنهوبة.. حصر 37 ألف حالة تعدٍ على أملاك الوزارة ...، موقع اليوم السابع https://2u.pw/ZRa8TjJh

  في يوم 13 فبراير 2019 أمرت المستشار أماني الرافعي رئيس هيئة النيابة الإدارية بإحالة عشرة متهمين من كبار الموظفين العموم للمحاكمة العاجلة، وذلك على خلفية المخالفات الجسيمة التي شابت عمليات بيع وشراء الأسهم المملوكة للهيئة ببعض الجهات. والمحالون هم رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية السابق، والقائم بعمل رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، ومدير عام الحسابات، ووكيل إدارة الحسابات، ومندوب وزارة المالية بالهيئة، ومدير عام هيئة الأوقاف المصرية، مع مسؤولين آخرين منهم القائم بعمل رئيس مصلحة الشهر العقاري آنذاك، ورئيس الهيئة المصرية العامة للمساحة آنذاك، والمستشار القانوني للرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار.

  وكانت النيابة الإدارية قد تلقت بلاغ وزير الأوقاف ضد رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف آنذاك والمنتهية خدمته بتاريخ 29/04/2015م لقيامه ببيع بعض أسهم الهيئة ببنك الاسكان والتعمير دون الحصول على موافقة مسبقة من مجلس إدارة الهيئة ودون العرض على مجلس الوكلاء بالوزارة.

  وبناءً عليه قامت النيابة بمواجهة المتهمين بما نسب إليهم كلٍ في حدود اختصاصه وانتهت إلى قرارها المتقدم بإحالة المتهمين للمحاكمة العاجلة (59).

 

المراجع

(59) محمد أسعد – تفاصيل أكبر عملية فساد داخل وزارة الأوقاف.. وإحالة 10 من قياداتها للمحاكمة - موقع صوت الأمة، بتاريخ 13 فبراير 2019.

  أثار الحريق الذي اندلع في مبنى وزارة الأوقاف بالقاهرة يوم 5/8/2023 علامات استفهام كثيرة، وذلك بعد نحو شهر من إخلاء المبنى من الموظفين ونقل الوزارة بالكامل إلى مقرها الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة منذ مطلع يوليو الماضي، وقال مستشار وزير الأوقاف السابق الشيخ سلامة عبد القوي: إن "حريق مبنى وزارة الأوقاف لا ينبغي أن يمر مرور الكرام، لأن المبنى يضم الوثائق والحجج والصكوك والأسانيد الخاصة بأصول وأملاك الوقف التي تعود ملكيتها لكل الشعب المصري، أي لمن أوقفها ولمن أوقفت من أجله، ويتكون المبنى من نحو أربعة طوابق، والطابق العلوي الذي اندلع فيه الحريق يضم الإدارة المسؤولة عن حفظ وتوثيق وتسجيل تلك الحجج والأسانيد، ما يعني أن النار أتلفت كل ذلك، ودلالة هذا الأمر خطيرة من حيث عدم وجود ما يثبت أنها أصول أو أرض وقف، ومن هنا وجب التحذير؛ لأن حرق الوثائق يفتح الباب أمام نهب الأصول" (60)

 

المراجع

(60) محمد محمد: "وثائق لا تقدر بثمن.. لماذا أثار حريق "وزارة الأوقاف" المصرية المخاوف؟" تقرير على موقع عربي 21- بتاريخ 6 أغسطس 2023.

الفصل الختامي

  أولاً: الوقف: مؤسسة من مؤسسات الأمة لا الدولة، والأصل في أموال الأوقاف أنها زكاة أو صدقة، وتقوم مؤسسة متخصصة في الأعمال الخيرية بإدارة هذا المال للإنفاق من ريعه على عموم المجتمع، كبناء مساجد ومستشفيات، أو على أفراد كالفقراء والمحتاجين.

  ثانيًا: يجب تقويم الفساد في إدارة أموال الأوقاف، لكن ذلك لا يمنح أحدًا حق الاستيلاء عليه، أو جعله مشاعًا مع أموال أخرى للصرف في أوجه أخرى بخلاف المصارف الخيرية، فهو ليس كأموال الضرائب، ولا أموال الجمارك، ولا الجبايات، ولا التبرعات، بل ولا يتبع خزينة الدولة بأي شكل من الأشكال.

  ثالثًا: هناك مخاطر شديدة وانعكاسات سلبية من إصرار النظام العسكري منذ يوليو 1952م حتى اليوم على نهب أموال الأوقاف، والتعامل معها على أنه كلأ مباح، والسعي إلى السيطرة عليها، والتصرف فيها على غير شروط الواقفين، ما يفضي إلى خسارة هذه الأموال الضخمة التي تعد رصيدًا للأجيال القادمة، والتي يتعين حمايتها من نهب العصابات والمسئولين الفاسدين.

  رابعًا: تبرهن للجميع خلال العقود الماضية أن النظام العسكري؛ منذ عبد الناصر حتى السيسي ــ باستثناء مرحلة السادات ــ لا يكترث لأحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بتحريم التصرف في أموال الوقف الخيري والأهلي إلا وفقًا لشروط الواقفين، ولا يضع اعتبارا للأحكام الخاصة بنظام الوقف في الإسلام، ويصر على تقنين إجراءات نهب الوقف الإسلامي، بما يسمح له بالتصرف المطلق في هذه الأصول بالبيع والشراء والاستبدال، وغير ذلك من التعاملات، كما يتضح من قانون الصندوق السيادي والذي تُمنع الرقابة على أمواله وتصرفاته من أي جهة رقابية في الدولة.

  خامسًا: سيطرة السيسي على أموال الوقف تمثل امتدادا لمرحة جمال عبد الناصر، وتمثل أيضا امتدادا لمخططات القضاء على العمل الخيري والأهلي الذي بدأه السيسي بانقلابه، حيث استولى على أموال وأصول آلاف الجمعيات والمؤسسات الخيرية، وضم أموالها لخزانة الدولة، في إجراء شاذ سعى إلى تقنينه بتشريعات أكثر شذوذًا. فالسيسي ينظر إلى أموال الوقف باعتبارها بلا صاحب وما دام أصحابها الذين أوقفوها ليسوا موجودين فإنه أحق بها من غيره.

  سادسًا: لم يجرؤ السيسي - في سعيه الحثيث نحو السطو على أموال الوقف الخيري الإسلامي بدعوى استثماره وتعظيم موارده- على التعامل بنفس الطريقة مع أموال الوقف القبطي التي تشرف عليها الكنيسة الأرثوذوكسية، والتي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي والمزارع والشركات وآلاف الأديرة المنتشرة بجميع محافظات الجمهورية.

  ومن أهم التوصيات:

  أولا، ضرورة التصدي لمؤامرات نظام السيسي الخاصة بتقنين نهب الوقف الخيري الإسلامي الذي يتعرض لعدوان صارخ منذ انقلاب يوليو 1952م. وذلك من خلال التوعية بالقضية وكشف خفايا ما يجري على وسائل الإعلام المختلفة، حتى يكون الشعب على دراية وعلم بمؤامرات النظام، وحيله الخداعية للسطو على الوقف الإسلامي.

  ثانيا، على المخلصين من أبناء مصر تشكيل لجان لرصد كل ما يتعلق بنهب أموال الوقف، وفضح اعتداءات الأفراد والنظام السياسي، وتوعية الجماهير بخطورة هذا العدوان على أموال البر والصدقات والأوقاف، وتشكيل لجان قانونية لمتابعة هذه القضايا، ورفع الدعاوى القضائية التي تلزم النظام بحماية هذه الأموال والأوقاف.

  ثالثا، التركيز على التمييز والاضطهاد الذي يتعرض له المسلمون في مصر تحت حكم العسكر، ففي الوقت الذي يشن فيه النظام غارة على الوقف الإسلامي لم يجرؤ على المساس بأوقاف الكنائس. وهو ما تكرر في ملف هدم المساجد بدعوى أنها بنيت بالمخالفة للقانون، رغم أن السيسي سن قانونًا خاصًا لتقنين أوضاع الكنائس المخالفة.

-شهادة الدكتور جمال عبد الستار

-شهادة الشيخ سلامة عبد القوي

- شهادة الأستاذ ماهر جلبط

- خالد فهمي (الدكتور): كل رجال الباشا محمد علي وجيشه وبناء مصر الحديثة ، ترجمة شريف يونس، دار الشروق، القاهرة، ط1، سنة 2001

- الجبرتي عبد الرحمن بن حسن الجبرتي (المؤرخ) (ت 1241هـ): عجائب الآثار في التراجم والأخبار، دار الجيل، بيروت

- محمد عبده (الإمام), مذكرات، تقديم وتعليق طاهر الطناحي، دار الهلال، القاهرة.

- مصطفى السباعي (الدكتور) من روائع حضارتنا - نشرة دار السلام، دمشق، سنة 1959.

 

1- إبراهيم البيومي غانم: بعض ما يجب معرفته عن «هيئة الأوقاف المصرية" موقع إضاءات، بتاريخ 31 يناير 2021، على الرابط:

https://www.ida2at.com/some-things-know-about-egyptian-endowments-authority/

2- إبراهيم البيومي غانم: كيف انتقل تشريع الوقف من «الفقه» إلى «القانون»؟، على موقع إضاءات، بتاريخ 11 فبراير 2021م على الرابط:

https://www.ida2at.com/how-did-waqf-legislation-move-jurisprudence-law/

 

3- محمد شعبان أيوب: الدولة الحديثة والسيطرة على الأوقاف – موقع: إضاءات، بتاريخ 3/3/2015، على الرابط:

https://www.ida2at.com/awqaf-and-modern-state/

4-محمد شعبان أيوب: من يحيي الأوقاف الإسلامية؟ – موقع إضاءات، بتاريخ 24/2/2015، على الرابط:

https://www.ida2at.com/revival-of-awqaf/

 

  1. إبراهيم الشحات: "خريجو الكليات الأزهرية طالبوا من وزير الأوقاف إلغاء مسابقة الأئمة في عهد مرسي"، موقع السبورة، بتاريخ 18 يوليو 2013، على الرابط:

https://www.alsbbora.info/3184#google_vignette

 

2- أحمد البحيري - وزير الأوقاف: أطلس الوقف يوثق 114 ألف وقفية بقيمة تريليون و37 مليار جنيه، موقع المصري اليوم، بتاريخ 13/4/2019، على الرابط:

https://www.almasryalyoum.com/news/details/1387732#google_vignette

 

  1. إسلام المليجي: " الأوقاف" تدرس تعيين 6 آلاف داعية في بداية العام المالي القادم"، موقع فيتو ، بتاريخ 25 أكتوبر 2013، على الرابط:

https://www.vetogate.com/657159

 

  1. إسماعيل رفعت: "بالمستندات.. خريطة "ممتلكات الأوقاف" المنهوبة.. حصر 37 ألف حالة تعدٍ على أملاك الوزارة...."، موقع اليوم السابع، بتاريخ 16 يوليو 2016.

 

  1. إسماعيل رفعت: "بعد عام من حكم مرسى.. الخلايا الإخوانية تسيطر على وزارة الأوقاف بمباركة الوزير.."، موقع اليوم السابع، بتاريخ 26 يونيو 2013.

 

  1. إسماعيل رفعت: "ثلثى (الصواب: ثلثا) ثروة الأوقاف خارج الخريطة الاستثمارية.. 4 أماكن وقف لا تخضع لسيطرة الوزارة تؤجل مشاريع بالمليارات..."، موقع اليوم السابع، بتاريخ 23 يوليو 2019.

 

  1. علا سعدي::وزارة الأوقاف أغلي وزارة في مصر ولديها أوقاف بالمليارات"، موقع الديوان، بتاريخ 25/11/2018.

 

  1. محمد أسعد: تقرير "تفاصيل أكبر عملية فساد داخل وزارة الأوقاف.. وإحالة 10 من قياداتها للمحاكمة"، موقع صوت الأمة، بتاريخ 13 فبراير 2019.

 

  1. محمد محمد: "وثائق لا تقدر بثمن.. لماذا أثار حريق "وزارة الأوقاف" المصرية المخاوف؟" موقع عربي 21- بتاريخ 6 أغسطس 2023 .

 

  1. محمد المسلمي- "أبرز أصول الدولة في الصندوق السيادي الجديد.. أملاك الأوقاف مئات الأفدنة من الأراضي الزراعية..."، موقع صوت الأمة، بتاريخ 13 أبريل 2018.

 

  1. محمود العمري: " مخيون يكشف كواليس أخونة الأوقاف في عهد مرسي"، موقع المصري اليوم، بتاريخ 1/3/2014.

https://www.almasryalyoum.com/news/details/402724

 

  1. محمود مصطفى: "السيسي يوجه باستثمار أموال الوقف في المشروعات القومية "، موقع مصراوي ، بتاريخ الثلاثاء 26 ديسمبر 2017.

 

  1. وكالة أنباء الشرق الأوسط: " وزير الأوقاف: لأول مرة تعيين أئمة المساجد في مصر عن طريق الكفاءة العلمية"، على موقع بوابة الأهرام، بتاريخ 9/10/2012، على الرابط:

 

https://gate.ahram.org.eg/News/259348.aspx

-موقع برلماني: "قصة أطلس الأوقاف" يصدر في 60 مجلدا ومميكن إلكترونيا خلال أيام.. "، بتاريخ 25 فبراير 2019.

 

2-موقع الجزيرة: برنامج "للقصة بقية"، "أوقاف مصر المهدرة"، بتاريخ 7/12/2020، على الرابط:

 https://www.youtube.com/watch?v=da4p7ItnEAQ

 

3-موقع الشارع السياسي: "العدوان على الوقف الإسلامي من عبد الناصر إلى السيسي"، ، بتاريخ 14 سبتمبر 2021، على الرابط:

https://politicalstreet.org/4358/#_ftn1

 

4-موقع صدى البلد: وزير الأوقاف: تعيين أئمة المساجد في مصر عن طريق الكفاءة العلمية، بتاريخ 9 أكتوبر 2012، على الرابط: https://www.elbalad.news/284253

 

5-موقع العربي الجديد: تقرير "البرلمان يمنح السيسي سلطة بيع أصول الدولة المصرية"، ، بتاريخ 8 يونيو 2020.

 

6-موقع العربي الجديد: تقرير "السيسي يصادق على تشريع يتيح الاستيلاء على أموال الوقف الخيرى"، بتاريخ 7 سبتمبر 2021.

 

7-موقع العربي الجديد: "مصر: السيسي يستهدف ممتلكات الأوقاف لتمويل المشروعات"، بتاريخ 26 ديسمبر 2017.

 

8-موقع ويكيبيديا:

9-مواد متعددة:

  المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية (مصر) - ويكيبيديا

  وزارة الأوقاف (مصر) - ويكيبيديا

  هيئة الأوقاف المصرية - ويكيبيديا

 

 

  1. دستور جمهورية مصر العربية لسنة 2012م، موقع منثورات قانونية، على الرابط:

https://manshurat.org/node/3573

 

  1. دستور مصر لعام 2014م، موقع منشورات قانونية، على الرابط:

https://manshurat.org/node/%20%204256