موقف الأزهر من ثورة يناير والإخوان المسلمين

الفصل التمهيدي
علاقة الأزهر والإخوان حتى ثورة يناير

    يرجع تاريخ الأزهر إلى السابع من رمضان361هـ/21 يونية 972م أيام الدولة العبيدية (الفاطمية)؛ ومنذ ذلك التاريخ تأسست لمصر كينونة دينية مؤسسية ذات خلفية سياسية ومذهبية شيعية إسماعيلية، واستمرت على هذا النحو حتى استيلاء السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي على أمر مصر سنة567 هـ/1174م، فتوقفت مؤسسة الأزهر عن كونها منبرًا للدعاية المذهبية، ومن يومها جعلت مؤسسة الأزهر، شيئًا فشيئًا، تكتسب زخمًا وظيفيًّا جديدًا؛ حيث صارت مثابة للعلم والعلماء من مختلف الهويات المذهبية السُّنِّية... فكانت أقرب انتماءً إلى المجتمع والأمة منها إلى السلطة والدولة، ولاسيّما حين توشَّحت تلك المؤسسة بوسائل الممانعة الذاتية بعد تحبيس الأوقاف الضخمة عليها، فتحققت استقلالية المؤسسة.

    ولعل وجود مؤسسة الأزهر إلى جوار سلطة ذات هيمنة سياسة على ربوع مصر وبلاد الشام والعراق واليمن قد أسهم في تعزيز التفاعل مع فكر المؤسسة، وتوسيع قاعدة هيمنتها الروحية، ونفوذها الديني والثقافي، حتى تناولت الجوانب الإصلاحية في شؤون الحياة الإسلامية... وقد جاء عصر المماليك امتدادًا للعصر الأيوبي، ولاسيما بعدما صارت القاهرة عاصمة الخلافة العباسية الجديدة في أعقاب سقوطها ببغداد بين يدي التتار سنة 656هـ/1258م. وقد كان العصر المملوكي علامة فارقة في تاريخ الأزهر؛ إذْ تعزَّز رسوخ المؤسسة على خريطة كُلٍّ من المجتمع والدولة والأمة سواءً بسواء.

    ولئن عرضت لسلطات الدول المتعاقبة عوارض الضعف والأفول والزوال، لكنَّ الأزهر بدا باستقلاليته بعيدًا عن سلطة الدولة، وبعيدًا عن تجاذبات الأهواء الحزبية وعن التأثُّر باستقطابات الولاءات السياسية... ومن ثَمَّ، ظل قويًّا عفيًّا، وظلت تأثيراته في مجريات الحياة المصرية لا تخطئها عينُ متابعٍ عبر العصور

    كان الأزهر مؤسسة ذات امتيازٍ مدني مستقل، لم تكن سلطة دينية ذات كينونة موازية للسلطة السياسية، بل كانت روحًا أهلية يحملها جسد الأمة الذي تتوزع أعضاؤه على خريطة العالمين العربي والإسلامي. ولقد كانت تلك الروح بمثابة خط ممانعة مستدامة دفاعًا عن مكتسبات الأمة في مواجهة أيِّ ميولٍ سلطوية إلى الظلم والطغيان والتحيُّف على كينونة الأمة؛ قد استعرضت المؤلفات صورًا من الممانعة الحضارية التي كانت إحدى السمات الجوهرية في تاريخ الأزهر الشريف؛ وبرزت أسماء من شيوخ الأزهر وعلمائه وطلابه تصدت للاستبداد السياسي، والمظالم الاجتماعية، كما نرى في أخبار أو تراجم رجال مثل الفقيه الشافعي شهاب الدين السنباطي (ت 998هـ/1590م) (1). وشيخ الأزهر محمد الحفني (1170هـ- 1181هـ/1757- 1767م)(2)، والشيخ أحمد العروسي (1778- 1793م) (3)، والشيخ أحمد الدردير (ت: 1201هـ/1786م) (4). وشيخ الأزهر عبد الله الشرقاوي (ت: 1227هـ/1812م) الذي تصدى لظلم الوالي العثماني خورشيد باشا، حتى تَمَّ عزلُه، وتولية محمد علي باشا مكانه عام 1805م(5).

    وعندما غزا الفرنسيون مصر بقيادة نابليون بونابرت، قاد علماء الأزهر الثورة ضدهم من الأزهر الشريف، فاستشهد عدد من طلابه وعلمائه(6)، ولا ينسى التاريخ أن سليمان الحلبي -أحد طلاب الأزهر - هو من قتل الجنرال كليبر الذي خلف نابليون في قيادة الحملة، وتم إعدام سليمان الحلبي وتعذيبه على نحو مروع، ومعه أربعة من رفاقه من طلاب الأزهر(7)

    وكان للسيد عمر مكرم في التصدي لظلم الوالي العثماني خورشيد باشا حتى عزله، وتولى مكانه الضابط العثماني محمد علي باشا سنة 1805م. كما كان له ولشيخ الأزهر عبد الله الشرقاوي دور كبير في هزيمة حملة فريرز البريطانية سنة 1807م(8)

 

المراجع

 

(1)دور الأزهر في السياسة المصرية د سعيد إسماعيل على، ص 61-62.

(2)راجع تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبد الرحمن بن حسن الجبرتي (ت: 1237ه-/1822م)، دار الجيل، بيروت، ج-1، ص354، ودراسات في تاريخ الجبرتي... مصر في القرن الثامن عشر، محمود الشرقاوي، دار الأنجلو المصرية، القاهرة، 1955م، ج-2، ص159.

(3) الإصلاح السياسي في محراب الأزهر والإخوان المسلمين د عمار علي حسن ص164

(4) د. البهي: مرجع سابق ص 54-58

(5) الدولة العربية المتحدة... تاريخ الاستعمار الاوروبي في بلاد العرب، أمين سعيد، مطبعة عيسى الباب الحلبي، القاهرة، 1936م، ص69 .

(6) د. محمد البهي: مرجع سابق ص 63-65

(7) البهي: المرجع نفسه ص 66

(8) محمد فؤاد شكري: مصر في مطلع القرن التاسع عشر 1801-1811، ج2 ص 271-274، مؤسسة هنداوي، وندسور، المملكة المتحدة، سنة 2021

تأسست جماعة الإخوان المسلمين على يد الشاب المصري حسن البنا (1906-1949) سنة 1928م، ومنذ فجر دعوته نظر حسن البنا إلى الأزهر الشريف على أنه أكبر هيئة إسلامية عالمية، وأن شيخ الأزهر رمز للإسلام والمسلمين، بصفته إمام أكبر هيئة إسلامية عالمية. واعتقد الإخوان المسلمون أن الأزهر هو الحصن الرسمي للإسلام، والقلعة القائمة على حراسته، وعدّوا أنفسهم إحدى الهيئات الدينية التي تحمل رسالة الإسلام، ويجمعها والأزهر ذات الطريق وذات المقصد.

كان هذا هو الفهم السائد عند الإمام البنا رحمه الله، وأظهره جليًّا لإخوانه فكتب لهم في رسالة المنهج قائلا: "الأزهر هو أمل المسلمين الباقي، وهو مظهر الفكرة الإسلامية، وله من ماضيه وحاضره وآثاره ما يجعله كذلك، فإعزازه إعزاز للإسلام، والنيل منه نيل من الإسلام، فموقف الإخوان المسلمين منه المحافظة التامة على مجده وكرامته، والعمل الدائب على إعزازه وإعلاء شأنه، وتأييده في كل خطة يراد بها خدمة الإسلام والمسلمين" (9)

ولما أسس الشيخ البنا رحمه الله الجماعة كان شيخ الأزهر وقتها فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي في الفترة من 1928 حتى 1945م، وكانت له مواقف مشهودة لخدمة الإسلام والمسلمين، وكان الشيخ البنا رحمه الله -منذ كان طالبًا بدار العلوم- وثيق الصلة به قبل أن يكون شيخًا للأزهر.

وعندما أعاد الشيخ البنا إصدار مجلة المنار بعد وفاة مؤسسها الشيخ محمد رشيد رضا، كتب الشيخ المراغي مقدمة لأول عدد أصدره الإمام البنا، قال فيه: "علمت أن الأستاذ حسن البنا يريد أن يبعث "المنار"، ويعيد سيرته الأولى، فسرني هذا؛ فإن الأستاذ البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء في جسم الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالاً وثيقًا على اختلاف طبقاتهم، وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة (10)

وكأن هذه العلاقة المثلى لم ترُق لبعض الشانئين، وأذاعوا دخيلة أنفسهم، فكتب الأستاذ البنا مقالاً تحت عنوان "إخوان وأزهريون" رد فيها على مروجي الفتن بين الهيئتين، وجاء في مقاله: "أما الإخوان المسلمون كهيئة إسلامية تعمل لخدمة هذا الدين، وإرادة مجده، وتحقيق دولته ودعوته، فإنهم يعلنون في كل مناسبة أن الأزهر هو العلَم المرفوع للدلالة على هذا الدين الحنيف، وأن أبناءه - من طلاب وعلماء وخريجين- هم الجيش النظامي الرسمي لدعوة الإسلام، وأن الإخوان هم الكتائب المتطوعة في صفوف (ذلك) الجيش، تقويه، وتعاونه، وتؤازره.  ومحال أن تخاصمه أو تعاديه، وهم يذكرون جيدا، ما قاله أحد خصوم الإسلام من أن هناك دعائم ثلاثا إن ظلت قائمة، فلا مطمع لأحد في القضاء على هذا الدين: "القرآن والكعبة والأزهر" ولقد قامت دعوة الإخوان وما زالت تقوم على جهود نخبة ممتازة من أبناء الأزهر الأكرمين".

ثم قال الأستاذ البنا: "ولو أراد الله والتقت قوة الأزهر العلمية، بقوة الطرق الروحية بقوة الجماعات الإسلامية العملية، لكانت أمة لا نظير لها، توجه ولا تتوجه، وتقود ولا تنقاد، وتؤثر في غيرها ولا يؤثر شيء فيها، وترشد هذا المجتمع إلى سواء السبيل" (11)

فالأزهر -كما يعبر البنا عنه- " معقل الدعوة الإسلامية، وموئل الإسلام، فليس غريبًا عليه أن يعتبر دعوة الإخوان المسلمين دعوته، وأن يعد غايتها غايته، وأن تمتلئ الصفوف الإخوانية والأندية الإخوانية بشبابه الناهض، وعلمائه الفضلاء ومدرسيه ووعاظه، وأن يكون لهم جميعا أكبر الأثر في نشر الدعوة وتأييدها والمناداة بها في كل مكان"(12).

 

المراجع

 

(9)  رسالة المنهج للإمام البنا  https://2u.pw/5r6MB3A8

(10) لإخوان وشيخ الأزهر  https://2u.pw/Iiwmwhvp

(11) إخوان وأزهريون     https://2u.pw/7Zak5q4K

(12) رسالة المؤتمر الخامس 1938م راجع مجموعة رسائل الإمام البنا ص 165 ط الشهاب

كان الإخوان يجوبون المجتمع المصري دعوة إلى الإسلام، ويوقظون الإيمان المخدَّر في نفوس الشعب، وينكرون التغريب الذي يكاد يهدد هوية الأمة، والتنصير الذي ينشب مخالبه في جسدها مستعينًا بقوة الاستعمار، وغفلة الساسة وتهاونهم، ويقفون من الملكية موقف الناصح حينًا، والمنكر حين لا تجدي النصيحة، ويحشدون الأمة للجهاد في فلسطين على خلاف رغبة حكومات الأقلية الفاسدة.. وحين كانوا كذلك كان الأزهر يمارس جهاده ضد الاستعمار، ويقف مواقفه المشهودة من محنة فلسطين، وينشط في الدعوة إلى الإسلام من خلال أوقافه ومساجده وعلمائه، ويشارك الإخوان مقاصدها، ويقفون من الملكية الموقف نفسه..

    ففي ثورة 1919م، أذكى الأزهر روح الثورة ضد الاستعمار البريطاني، وكان أول شهيد للثورة من أبناء الأزهر(13)، وطلب المندوب السامي البريطاني من شيخ الأزهر أبي الفضل الجيزاوي(1917-1927م) إغلاق الأزهر، لكن الجيزاوي رفض، وبقي الأزهر يتحدى السلطات الاستعمارية(14)

    كما دعم الأزهر الشريف قضية فلسطين، منذ هبَّة البراق في عام1929، وبرز دور الأزهر في الدعوة إلى الجهاد بعد إعلان قيام الكيان الصهيوني في عام 1948م؛ في عديد من فتاوى شيوخ الأزهر(15)، ومجمع البحوث الإسلامية(16)

    ولم يكن متصورًا أن يقوم الأزهر بجهاد مسلح ضد الصهاينة في ذلك الوقت، فكان دوره أن يؤيد الجهاد، ويدعمه بالفتوى والرأي، ويحشد خلفه قوة الرأي العام، وقد أفاد ذلك الإخوان حين دعوا إلى حمل السلاح، ومصادمة العدو في أرض فلسطين.

        وفي العصر الملكي رفض الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر طلب الملك فاروق إصدار فتوى تحرم زواج الملكة فريدة بعد طلاقها منه، ورد عليه بقوله ''أما الطلاق فلا أرضاه، وأما التحريم للزواج فلا أملكه، إن المراغي لا يستطيع أن يحرم ما أحل الله''.(17)

        وانتقد شيخ الأزهر عبد المجيد سليم (1950- 1951م)  عام 1951 تصرفات الملك فاروق خلال قضائه شهر العسل مع زوجته الثانية، في الوقت الذي تم فيه تخفيض مخصصات الأزهر، فقال قولته المشهورة: "أتقتير هنا وإسراف هناك؟(18)

        أما الإخوان فاشتدت معارضتهم لحكومة النقراشي باشا، التي وقفت موقف السوء من جهاد فلسطين، ومن القضية الوطنية بعامة، وأدرك الملك فاروق خطرهم، واشتدت ضغوط قوى الاستعمار بشأنهم، فكانت محنتهم بالاعتقال من ساحة الجهاد سنة 1949، ثم قتل حسن البنا نفسه، وهي الجريمة التي تشير أصابع الاتهام فيها إلى الملك وحاشيته.

 

المراجع

 

(13) د. محمد عبد المنعم خفاجي ود. علي علي صبح: الأزهر في ألف عام ج1 ص191-192، ط3، المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة، 2011

(14) د. البهي: الأزهر تاريخه وتطوره ص 79-82، محمود محمد محمود زايد: واقتحم الإنجليز الأزهر، حادث اقتحام الإنجليز للجامع الأزهر إبان ثورة 1919، بحث منشور حولية كلية الآداب 1، جامعة بني سويف، سنة 2014، مجلد 3، ص41

(15) راجع كتاب فتاوى علماء الأزهر الشريف حول تحرير فلسطين والقدس الشريف تجد فيه الحكم الشرعي في تحرير فلسطين-  دار اليسر– القاهرة، ط1، سنة 1432ه-/ 2011م، ص41-59

(16) المرجع السابق ص 157-189

(17) الأزهر وحكام مصر بين الشموخ ومحاولات التطويع السياسي – تقرير على موقع الشارع السياسي 

رابط التقرير: https://politicalstreet.org/835/

(18)   الرابط السابق

لم يخطر ببال حسن البنا أن تكون جماعة الإخوان المسلمين نِدًّا للأزهر أو بديلاً عنه، فقد كانت همة الرجل مجموعة على هدف واضح تمام الوضوح، وهو إصلاح الحياة بمنهاج الإسلام العظيم الشامل، والتعاون مع كل العاملين لهذه الغاية العظيمة، وقد خصصت مجلة "الإخوان المسلمين" بابًا بعنوان: "أزهريات" تناول أخبار الأزهر المختلفة: العلمية والدعوية، إضافة إلى متابعة أخبار الأزهر في باب "أبناء العالم الإسلام.

        وحينما أراد الإخوان المسلمون شراء دار الإخوان عام 1945م؛ وقرروا الاكتتاب العام للمساعدة في بنائها؛ شارك عدد كبير من علماء الأزهر وشيوخه في هذا الاكتتاب، وكان على رأس هؤلاء فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر، وفضيلة الشيخ محمد على دراز، والشيخ عبد المنعم خلاف، والشيخ عبد المعز عبد الستار ، وعدد كبير من الدعاة والأئمة في الأقاليم .

ولما تشكل مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين لأول مرة كان مكونًا من عشرة أعضاء مع فضيلة المرشد العام الإمام البنا، منهم أربعة أزهريون(19).

ومن أبرز طلاب الأزهر الذين برزوا في هذه المرحلة: الشيخ محمد فرغلي، والشيخ أحمد شريت، والشيخ محمد الغزالي، والشيخ سيد سابق، والشيخ عبد المعز عبد الستار، والشيخ محمد البهي، وغيرهم.

        وكان أعضاء الإخوان المسلمين من رجال الأزهر حاملين رسالته، فذاع صيت كثير منهم، وامتد تأثيرهم، مثل الشيخ محمد الغزالي والدكتور يوسف القرضاوي والشيخ مناع القطان والشيخ سيد سابق والشيخ أحمد العسال، ومئات غيرهم .

وامتد تأثير علماء الأزهر من رجال الإخوان في بلاد عالمنا العربي والإسلامي، منهم الدكتور مصطفى السباعي والشيخ عبد الفتاح أبو غدة مراقبا الإخوان في سوريا، والشيخ محمد محمود الصواف مراقب الإخوان في العراق، والدكتور همام سعيد مراقب الإخوان في الأردن، والشيخ أحمد ياسين في فلسطين وغيرهم.

 

المراجع

(19) إخوان ويكي-    للدكتور عبد الرحمن البر على موقع رابطة أدباء الشام رابط: https://2u.pw/iSMrMvIRX

    لما وقعت ثورة الجيش في يوليو 1952 بدأ حكم عسكري ثقيل يخيم على البلاد، وشملت سياسة الاستبداد والقهر جميع القوى السياسية والمجتمعية، ومنها الأزهر والإخوان معًا.. وإن اختلفت وسائل التضييق ومظاهر الامتحان، فالأزهر مؤسسة عالمية، لها ثقلها في العالم الإسلامي قاطبة، كما أن علاقتها بنظام الحكم تسمح له بممارسة ضغوطه، وإملاء إرادته، وتغيير قيادتها، أما الإخوان فهيئة شعبية لا يمتك العسكر المستبد سبيلاً لتطويعها، وجرها في زمامه.. كانت المحنة واحدة في الغايات والمقاصد، لأجل السيطرة على الحراك الإسلامي المتصاعد، وقواه الفاعلة، وكانت المحنة متباينة في أدوات التأثير والتطويع.

كان ثوار يوليو من الشباب العلماني المتأثر بالمنهج الغربي في السياسة والحكم، كما عبر عبد الناصر ثم السادات عن إعجابهما بمصطفى كمال أتاتورك الذي فرض العلمانية على المجتمع الإسلامي في تركيا بشتى الوسائل والأدوات. وقد كان أنور السادات يحكي  بإعجاب عن والده الذي كان يضع صورة أتاتورك على جدران منزله، وكان السادات نفسه يقول عنه إنه "مثله الأعلى (20) وأنه قرأ بانبهار كتاب أرمسترونج "الذئب الأغبر مصطفى كمال"، ويشيد بإنجازاته العظيمة كما رآها(21)، كما أن النظم الحاكمة كانت طيِّعة أمام الضغوط الاستعمارية، وكان في القلب منها الحيلولة دون عودة الإسلام إلى الحكم والخلافة، وقبل ذلك الحيلولة دون وصول الإسلام في المحيط الاجتماعي إلى حد التأثير على هوية الأمة التي جرى تدجينها وتطويعها على مدى قرون من الزمن، وجبال من الكيد!

    كان النظام يرى في الإخوان قوة ذات طموح سياسي منافس له، فعصف بها مبكرًا منذ سنة 1954، ثم في سنة 1965، وعدما أفرج عنهم السادات بعد موت عبد الناصر لم يسمح لهم بعودة الشكل القانوني للجماعة، ليبقيهم تحت مظلة التهديد بالمنع وقتما يشاء، ثم اعتقل قادتهم مع قادة القوى السياسية الأخرى قبل مقتله سنة 1981، ولما أفرج عنهم حسني مبارك مع باقي المعتقلين السياسيين سنّ سنة سوء، إذ عمد إلى إجهاض حركتهم كلما جاوزوا الحد المأمون بالنسبة له في الحراك المجتمعي والسياسي، وشن عليهم سبع محاكمات عسكرية جائرة كان منها ثلاثة في سنة واحدة، هي سنة 1995 (22).

    لم يرفع شيوخ الأزهر صوتًا لينكروا هذه المظالم، فقد كان السيف سبق إليهم، والعزل والتولية للشيوخ أفرخ واقعية مستسلمة ذميمة، ترضى ببقاء المؤسسة وإن قلت  فاعليتها، وتقلص دورها، بديلاً للدخول في صدام غير متكافئ مع قوة غاشمة. وبخاصة أن القدرة على الممانعة قد تخلت عنهم مذ تخلوا غنها.

    جرت محاولات تقليص دور الأزهر من خلال  الاستيلاء على أوقافه، والتدخل في مجال عمله العلمي والإداري بدعوى تطويره وتنويره، ثم إقحامه في الاستقطاب السياسي بين جمال عبد الناصر وخصومه.

    ففي سنة 1952 أصدر مجلس قيادة الثورة قرارًا رقم يحمل رقم 180 بتاريخ 14 سبتمبر عام 1952 بإلغاء الوقف الأهلي، واستحدث منصب "وزير دولة لشؤون الأزهر"، وقرر تعديل قانون هيئة كبار العلماء بالأزهر، ثم قرر جمال عبد الناصر ضم المحاكم الشرعية إلى المحاكم المدنية، مما أدى إلى استقالة الشيخ محمد الخضر حسين (1952-1954)، الذي طلب ضم المحاكم المدنية إلى الشرعية، وليس العكس(23).

     واتُّخِذت سلسلة من الإجراءات بدأت في 1961م وانتهت بإدماج الأزهر بالجهاز البيروقراطي للدولة؛ إذْ تضمَّنَ كُلٌّ من القانون المصري رقم 103 لسنة 1961م، وقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975م، أنَّ مؤسسة الأزهر جهة حكومية، وأنَّ ميزانيتها جزءٌ لا ينفصل عن ميزانية الدولة(24)

    لقد ظلت بعض الممانعة لدى عدد من شيوخ الأزهر، مثلما حدث من الشيخ عبد الحليم محمود (1973- 1978م) الذي رفض تعديلات قانون الأحوال الشخصية الذي أُطلق عليه «قانون جيهان السادات" سنة 1979م»(25)، والشيخ جاد الحق علي جاد الحق (1982-1996)، الذي بادر إلى رفض التطبيع، عندما تصاعدت الدعوات للسلام مع العدو الصهيوني، وأيَّدَ الانتفاضة الفلسطينية، والعمليات الاستشهادية، وندد بموقف أمريكا المنحاز إلى الكيان الصهيوني(26)، وأفتى بتحريم فوائد البنوك وشهادات الاستثمار، ورفض توصيات المؤتمر الدولي للسكان(27).

    وبمضي الوقت؛ وترسخ الاستبداد؛ كان شيوخ الأزهر يفقدون ممانعتهم، وتتقلص قدرتهم على الصمود، فشيخ الأزهر عبد الرحمن بيصار (1978-1982م) أيد زيارة السادات إلى إسرائيل، وقال: «إن مصر تعيش هذه الأيام أمجد أيامها بالزيارة التي يقوم بها الرئيس السادات لتوقيع معاهدة السلام»، كما أرسل إلى الرئيس السادات برقية تهنئة بمناسبة توقيعه المعاهدة(28)

    أما الشيخ محمد سيد طنطاوي (1996-2010)، فكان أحد أكثر المشايخ قربًا من النظام، حيث تبنى مواقف متوافقة مع سياسات مبارك، خاصة في القضايا السياسية، مثل دعم التطبيع مع إسرائيل في إطار اتفاقيات السلام، وهو ما أثار انتقادات واسعة. وقد وصف نفسه بأنه "موظف حكومي"، مما أثار انتقادًا واسعًا لما يجب أن ينظر به إمام الأزهر إلى مكانته الكبيرة، فضلاً عن سقطة كبرى حين صافح رئيس وزراء إسرائيل في مؤتمر الحوار الدولي في نيويورك، وإن تحجج وقتها بأن المصافحة كانت عابرة، وأنه لم  يكن يعرفه!(29).

    واستجاب الشيخ طنطاوي لضغوط نظام مبارك الذي كان يشكو من انصراف الشعب عن إيداع مدخراته في البنوك، ويتجه إلى شركات توظيف الأموال، فأصدر فتواه بحل فوائد البنوك، بل أصدر فتوى تدعو لـ«جلد صحفيين» في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2007 تنفيذًا لحد الافتراء؛ بسبب نشر بعضهم أخبارا تتحدث عن مرض الرئيس حسني مبارك، وقد علق الكاتب الصحفي فهمي هويدي على فتوى طنطاوي تلك بقوله: «إنه ارتدى قبعة الأمن، وخلع ثياب المشيخة»(30).

    وهكذا، وبالرغم من وجود شخصيات أزهرية حاولت الحفاظ على نوع من الاستقلال، ظل مشايخ الأزهر عمومًا أقرب إلى السلطة، يدعمون توجهاتها، مع الحرص على عدم الدخول في صدام مباشر قد يهدد مكانة المؤسسة الدينية.

 

المراجع

 

(20) راجع أنيس منصور: من أوراق السادات، دار المعارف، القاهرة، ط4، (د. ت)، ص16.

(21)    أنيس منصور: المرجع السابق ص 18-19.(21) 

(22) كانت ثلاثة منها في سنة واحدة؛ 1995، هي: (القضية رقم 1995/8 جنايات عسكرية)  في يناير، و (القضية رقم 1995/11 جنايات عسكرية( في نوفمبر، و(القضية رقم 1995/13 جنايات عسكرية( في نوفمبر أيضًا. و)القضية رقم 1996/5 جنايات عسكرية) و)القضية رقم 1999/18 جنايات عسكرية)، و (القضية رقم 2001/29 جنايات عسكرية)، وكانت آخر هذه القضايا في ديسمبر 2006، وهي السابعة لهم في عصر مبارك، هي (القضية رقم 2007/2  جنايات عسكرية). راجع تقريرًا بعنوان "المحاكمات العسكرية للإخوان المسلمين في عهد النظام البائد وحملات التشويه" على موقع ويكي إخوان، على الرابط:   https://2u.pw/MDJSmrqI

(23) علي العميم: استقالة الخضر حسين من مشيخة الأزهر وروايات متعارضة، موقع العربية، نقلا عن جريدة الشرق الأوسط، بتاريخ 1 يونيو 2020، على الرابط: https://2u.pw/OaljoPRNy

(24) من المهم التنويه بأنَّ مؤسسة الأزهر تمارس عملها من خلال خمسة مسارات محورية:

1-      المجلس الأعلى للأزهر؛ وهو الملف برسم السياسات العامة والخطط اللازمة لتحقيق أهداف الأزهر.

2-      هيئة كبار العلماء؛ وهي أعلى مرجعية دينية أزهرية، ولها حق اختيار شيح الأزهر.

3-      مجمع البحوث الإسلامية، وهو المعول عليه في تجديد الثقافة الإسلامية، وتلبية الاحتياجات العلمية.

4-      جامعة الأزهر؛ وتختص بالتعليم العالي والبحوث المتعلقة به،

5-      قطاع المعاهد الأزهرية، ويشمل جميع مراحل التعليم قبل الجامعي.

وبرغم أنَّ المؤسسات الثلاث الأولى تقع مباشرة تحت رئاسة شيخ الأزهر. وأنَّ الجامعة وقطاع المعاهد الأزهرية يتم التفويض فيهما إلى سلطة تابعة للشيخ. إلا أن السلطات الخمس لا تخرج عن كونها مرهونة بسلطة شيخ مؤسسة الأزهر.

(25) مقال كتبته نورا طارق عن جيهان السادات - المصري اليوم https://2u.pw/6s7E9vBa

(26) استقلال الأزهر: الرسالة والوظيفة ص 13،12 د مجدي شلش، بحث قدم في مؤتمر "استهداف الأزهر الشريف دعم للإرهاب وحرب على الإسلام" رابط المؤتمر  ورابط t.ly/_kyMH

(27) استقلال الأزهر: الرسالة والوظيفة ص 13،12 د مجدي شلش، بحث قدم في مؤتمر "استهداف الأزهر الشريف دعم للإرهاب وحرب على الإسلام" رابط المؤتمر  ورابط t.ly/_kyMH

(28) الأزهر: مؤسسة الدولة أم مؤسسة الأمة؟ للباحث في العلوم السياسية يوسف منيع على موقع إضاءات بتاريخ 17-4-2016م. رابط المقال: https://2u.pw/jiS5Hl4K

(29) تقرير الجزيرة نت: تحرك إسقاط عضوية شيخ الأزهر بمجمع البحوث، بتاريخ 16 ديسمبر 2008،على الرابط: t.ly/v2az0

(30) https://old.shamela.ws/index.php/author/118 المكتبة الشاملة د محمد سيد طنطاوي

    اجتهد نظام عسكر يوليو في إفساد العلاقة بين الأزهر والإخوان، ولم يكن من ذلك بد، إذ كانت البلاد تتهيأ لمرحلة من الحكم الفردي الخانق، يتم فيها التخلص من جميع القوى السياسية المناوئة للعسكر، أو المستقلة عنهم.

    وكان شيخ الأزهر الجليل محمد الخضر حسين قد استقال من منصبه بعد تزايد الضغوط عليه – كما مر بنا- فخلا الجو للعسكر ليختاروا للمشيخة من هو أقرب إلى سياستهم، وأطوع لمخططاتهم، أو فلنقل من يخلط بين مكانته شيخًا للأزهر ومكانة الأزهر نفسه مؤسسة تنشد البقاء بشتى السبل لتؤدي رسالة لا بديل عنها في أجواء عاصفة. وبخاصة أن اختياره تواكب مع بدء محنة الإخوان إثر اتهامهم بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر سنة 1954.. فاختاروا لمشيخة الأزهر عبد الرحمن تاج (1954-1958م ). وكان مطلوبًا أن يدين الأزهر وعلماؤه جماعة الإخوان، ويتهموها بالمروق من الإسلام، وذلك لنزع الشرعية الدينية عنهم، وإعطاء المبرر الشرعي للخلاص منهم.

    أصدر الشيخ عبد الرحمن تاج بيانًا تحت عنوان "مؤامرة الإخوان"، أيَّـد فيه عبد الناصر في حملته عليهم، واتهمهم بأنهم يعملون على تشويه الدين وحقائقه، وفي 17 نوفمبر 1954 أصدرت جماعة كبار العلماء بالأزهر بيانًا نصت فيه على انحراف الجماعة - التي وصفها البيان بأنها "عصابة" - عن منهج القرآن في الدعوة ، وتشكر في ختامه "الله العلى القدير أن مكَّن لأولى الأمر في هذه الأمة أن وضعوا أيديهم على بذور الفتنة ووسائلها قبل أن يشتدَّ أمرها، ويستفحل شرها "، وأصدرت مجلة "منبر الإسلام" - التي يصدرها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- كتابًا من 110 صفحات، وزَّعته مجانًا عنوانه "رأي الدين في إخوان الشيطان"، احتوى على سبعة وعشرين مقالاً تحمل أسماء بعض شيوخ الأزهر، تهاجم الإخوان، ويفتي بعضها بخروجهم من الإسلام. وعندما صعَّـد عبد الناصر حملته ضد الإخوان عام 1965 وأعدم سيد قطب  وإخوانه؛ أصدر الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر (1963-1969م)  بيانًا نشرته الصحف بتاريخ 11 سبتمبر 1965 بعنوان «رأى الإسلام في مؤامرة الإجرام»، أفتى فيه بتكفير الجماعة واعتبرها من الخوارج (31)

      لقد ظل الأزهر منذ بدء ثورة 1952 حتى ثورة يناير 2011 مرتهنًا بالإرادة السياسية للنظم العسكرية الحاكمة، وإن تلبست الزي المدني، وادعت النهج الديمقراطي، ولم يكن هناك حاكم مستعد لتقبل فكرة أن يستقل الأزهر عن سلطته، فالأزهر قوة شعبية هائلة، لها امتدادها في شتى أنحاء البلاد، بل العالم الإسلامي، وهو قوة ناعمة لا يمكن لحاكم الاستغناء عن تبعيتها له، أو موافقتها إياه في الحد الأدنى لهذه العلاقة. وكان تدخل الدولة من خلال تعيين شيخ الأزهر، ورئيس الجامعة ومفتي البلاد، وغيرهم من مؤسسات الأزهر قادرًا على الإمساك بزمام القدرة والسيطرة. فضلاً عن التحكم المالي الذي أصبح واقعًا منذ أمم عبد الناصر أوقاف الأزهر، وتحكم في موارده ومصارفه وميزانياته.

      وعلى الطرف المقابل كانت السياسة العامة منذ عبد الناصر تقف موقف العداء من الإخوان المسلمين، وتحسن الحال قليلًا زمن السادات لما اشتدت حاجته إليهم لمواجهة المد الناصري واليساري الذي ورثه من سلفه، فلما أطلق سراحهم ظل مانعًا إياهم الشرعية القانوني، وهو الحال الذي ظلوا عليه زمن مبارك مع انعدام الحق في الأمن الاجتماعي والإنساني، إذ تعددت محاكماتهم، وإجهاض خططهم.

      كان من المفترض والمنطقي أن تجمع تلك التحديات بين الجماعة والأزهر، فكلهما يحمل هم رسالة عظمى، ويحتاج إلى كل عون فيها.. لذا لم تكن النظم المتسلطة بعيدة عن إدراك هذا، فسعت إلى المباعدة بينهما، وإثارة التوجس والمخافة. ولا ريب أن كثيرًا من أسباب الجفوة كان مردها إلى أجواء الاستبداد، وأساليب المستبدين. ولما ارتخت قبضة الاستبداد بعد سقوط مبارك كان اللقاء بين شيخ الأزهر ومرشد الإخوان، وهو ما جرى بالفعل، وعلق الناس عليه آمالاً، لم تطل، إذ سرعان ما عاد الاستبداد بكلكله البغيض.

   على صعيد آخر، يمكن القول إن إعادة بناء جسور الثقة بين الأزهر وبين الإخوان تحتاج إلى تجاوز الاستغلال السياسي للخلاف؛ إذ يتوجب على كلا الطرفين أن يجدوا أرضية مشتركة تعيد إلى الخطاب الإسلامي معاني الوحدة والوسطية، دون أن يكون الخلاف أداة للتلاعب السياسي. إذ إن الحوار البنّاء والمبادرات المشتركة في مجالات التعليم والعمل الخيري قد تُسهم في تحويل النزاع إلى تعاون يخدم قضايا الأمة على مستوى شامل، ولكن ذلك لن يحدث إلا إذا امتنع الطرفان عن السماح للسلطة باستخدام هذه الخلافات لتفتيت الصف الإسلامي.

 

المراجع

 

(31) زياد أبو غنيمة: الإخوان المسلمون: ثمانون عاماً من الصُـمودِ والتحدِّي (حقبة عبد الناصر) (الحلقة الرابعة عشر)، على موقع إخوان ويكي، على الرابط: https://2u.pw/frz2wzzn

الفصل الأول
موقف الأزهر من ثورة يناير والإخوان المسلمين حتى رئاسة مرسي

      كانت السنوات الأخيرة في حكم مبارك مليئة بعوامل الغضب التي قادت إلى ثورة شعبية في يناير 2011م، وقبل نشوب الثورة بعدة أشهر توفي شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي في 10 مارس 2010م، وتولى بعده شيخه الجديد أحمد الطيب..

      كان الشيخ الراحل قريبًا من نظام مبارك، موافقًا له في كل سياساته المعلنة، مما ترك تساؤلات عن سيرة خلفه الجديد، وموقفه من السياسات السابقة. ولم يقم الشيخ الطيب بتغيير نهج سلفه، فقد عُيِّن عضوًا بلجنة السياسيات في الحزب الوطني الديمقراطي، الذي كان يترأسه مبارك، ورفض الشيخ المطالبات بضرورة استقالته من الحزب، بقوله: «لا أرى علاقة مطلقا بين أن يكون الفرد شيخا للأزهر وبين انتمائه للحزب الوطني، وعضويته في المكتب السياسي بالحزب، لأن المطلوب أن يعمل من يتولى منصب شيخ الأزهر لمصلحة الأزهر، وليس مطلوبًا منه مطلقًا أو في أية مؤسسة أخرى بالدولة أن يعارض النظام»(32). ومفهوم أن معارضة النظام لا تكون بالطلب، ولكنها تكون فريضة شرعية إن جار النظام وظلم، وما أعظم جور نظام مبارك آنذاك، جورًا شهد عليه العامة، وعاناه الخاصة.. ومعارضة النظام لا تكون بالضرورة ضد مصلحة الأزهر، لا قد تكون لمصلحة الرسالة التي يحملها الأزهر، والتي ارتقى مكانته العظمى بسببها.. وكأن الشيخ وضع نفسه موضع "الموظف الكبير" في جهاز الدولة، وهو موظف بمعنى أنه متوافق مع القيادة، وهو كبير لأنه الشخصية الثانية في النظام، إذ يعادل منصب شيخ الأزهر منصب رئيس الوزراء وفقًا للبروتوكول السياسي. وهو قد زاد هذه المرقاة السياسية بكونه عضوًا في لجنة السياسات التي يرأسها الوريث المحتمل، جمال مبارك.

      لقد ترك هذا الوضع ظلاله على علاقة الأزهر بجماعة الإخوان، وهي العلاقة التي تشوبها الشوائب -بل الأزمات - منذ تماهى شيوخ الأزهر مع الإرادة السياسية لثوار يوليو 1952. والتي استمرت أثناء أحداث ثورة يناير حتى تنحي مبارك،

        

      لكي نستجلي موقف مؤسسة الأزهر من الإخوان، ولاسيّما خلال الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، فلا بد من التوقف عند بعض المحطات المفصلية لدراسة تلك العلاقة وتطوراتها بصورة متوازنة ومنهجية.

 

المراجع

(32)( صحيفة المصري اليوم، الإثنين 22-03-2010م.

      لا نكاد نجد موقفًا للأزهر طوال عصر مبارك يمكن وصفه بالحياد إزاء خصومات نظامه مع مخالفيه، وبخاصة مواقفه تجاه الإخوان المسلمين الذين طالما رأى فيهم مبارك خطرًا، وبديلاً محتملاً. وهو –أعني موقف مبارك والأزهر معًا- لم يتغير منذ عصر عبد الناصر.

      وقد مر بنا ذكر المحاكمات العسكرية والاعتقالات المتتالية التي تعرضت لها الجماعة في سموان مبارك، ولم تكن قضية العرض الرياضي لطلاب الأزهر سنة 2006 ناشزة عن ذلك السياق. لكنها اكتسبت حساسيتها من زاوية أن المتهمين فيها طلاب للأزهر، واقعين تحت ولاية رئيس الجامعة (د. أحمد الطيب حينئذ) وشيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي، وأنها امتدت آثارها لتشمل اعتقال قيادات كبرى في جماعة الإخوان منهم نائب المرشد خيرت الشاطر، وقيادات في التنظيم الدولي للجماعة.

      كان ذلك العرض الرياضي في ديسمبر 2006م، وكان سببه استبعاد 209 من طلاب الإخوان من السكن الجامعي، وفصل رئيس الجامعة (د. أحمد الطيب) 5 من طلاب الاتحاد الحر، الذي شكله الطلاب ردًا على  استبعادهم ضمن التدخلات الأمنية في انتخابات اتحادات الطلاب على مستوى الجمهورية، فتظاهر نحو 3 آلاف طالب في حرم الجامعة وفي المدينة الجامعية، وقاموا بعرض رياضي لألعاب الكونغ فو والكاراتيه، وهم يلبسون ملابس سوداء، ويضعون عصائب كتب عليها "صامدون" و "عائدون"، وقال مرشد الإخوان وقتها إنها اسكتشات تمثيلية لما يحدث في فلسطين، بينما صدّرها الإعلام على أنه عروض قتالية، وميليشيات إخوانية(33)، وقد ألقي القبض وقتها على 97 منهم، وأحيلوا مع عدد من قيادات جماعة الإخوان إلى التحقيق، ثم تمت إحالتهم إلى محكمة عسكرية، قضت بإدانة 25 بالحبس ما بين 3 و10 سنوات، علي رأسهم خيرت الشاطر نائب المرشد.

      ويمكن تلخيص موقف الأزهر وقتها فيما يلي:

      1- صدر بيان من الطلاب أوضحوا فيه سلامة قصدهم، واعتذروا فيه عن عملهم الذي أسيء فهم القصد منه، وفق ما ذكره نص قرار الاتهام المقدم إلى النيابة بحقهم(34)

      2- إن التوصيف الإعلامي المصاحب للحدث صور العرض على أنه عسكري، وأن الطلاب "ميليشيا" مما يهدد السلم العام، وقد وضع ذلك مسؤولي الأزهر في حرج، وأدى إلى تصعيد ردة أفعالهم مخافة أن يُظن فيهم موالاة الجماعة، أو مهادنتها.

      3- استنكر شيخُ الأزهر آنذاك الدكتور طنطاوي الحادثة، واعتبرها تصرفًا غير مقبول داخل الحرم الجامعي. واصفًا العرض بأنه غير لائق بمكانة الأزهر كمنارة دينية وعلمية، مؤكدًا أن الجامعة يجب أن تكون مكانًا للعلم، وليس للنشاط السياسي أو العسكري. ورأى أن هذا التصرف يسيء إلى الأزهر، ويُظهره كبيئة غير منضبطة، مما قد يضر بسمعته محليًا ودوليًا.

      4- لم تتدخل مشيخة الأزهر ولا رئاسة جامعته لحماية الطلاب من الملاحقة الأمنية، ولم تستنكر اعتقالهم من المدينة الجامعية التي هي جزء من الجامعة، ولم تُبدِ هذه ولا تلك أي اعتراض علني على إحالة القضية إلى القضاء العسكري، مما اعتُبر ضمنيًا موافقة على اتخاذ إجراءات قانونية استثنائية ضد الطلاب؛ بل اتخذت إدارة جامعة الأزهر قرارات بفصل عدد من الطلاب المشاركين في ذلك العرض الرياضي.

      5- أعلن رئيس الجامعة د. أحمد الطيب أنه "لا يمكن أن تتحول جامعة الأزهر إلي ساحة للإخوان، أو جامعة لحسن البنا" مؤسس الجماعة. وقال بعض الشهود(35) إنه كلم الدكتور أحمد الطيب عما حدث وقتها، فقال: هؤلاء طلبة قليلو الأدب، وأنا بلغت عنهم الأمن". وقد علق الأستاذ فهمي هويدي على هذه الحادثة وتعامل الدكتور الطيب معها بقوله: "تعامل معها الدكتور أحمد الطيب بشدة لم يكن الموقف يقتضيها. وسواء تم ذلك استجابة للضغوط الأمنية أو تأثرا بخلفيته الصوفية كواحد من أقطاب الطريقة «الخلوتية» التي تقودها أسرته في صعيد مصر، فالشاهد أن ذلك أسهم في توسيع الفجوة بينه وبين الإخوان" (36).

      6- وبرغم الإدانة، لم تتبنَّ مشيخة الأزهر موقفًا تصعيديًا ضد جماعة الإخوان، ربما حرصًا على الحفاظ على التوازن داخل المؤسسة التي كان بها طلاب وأساتذة متعاطفون مع الجماعة. أو لأن الحكومة وأجهزة إعلامها قد قامت بما لا مزيد عليه.

      7- وقد تَزايُد القلق داخل مؤسسة الأزهر تجاه تزايد نفوذ الإخوان فيها، وربما رأت القيادة الأزهرية في الحادثة فرصة لتقليص نفوذ الجماعة داخل أروقة المؤسسة.

      8- وفرت تلك الحادثة للوسط الثقافي والإعلامي المعادي وجبة دسمة على مائدة المزايدات السياسية على الجماعة وتاريخها. وتركت أثرًا سيئًا على علاقة الإخوان مع مؤسسة الأزهر، وخلقت حرجًا لم تزله الاعتذارات ولا البيانات التصحيحية.

 

المراجع

 

(33)  تقرير عنوانه " مرشد الاخوان بمصر يخرج عن صمته ويكشف حقيقة الـميليشيات بالأزهر" موقع دنيا الوطن، بتاريخ 12 ديسمبر 2006، على الرابط:

..https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2006/12/12/66592.html#ixzz90biDfRGT

 

(34) «المصري اليوم» تنشر تحقيقات النيابة في قضية «ميليشيات الأزهر» تقرير على موقع المصري اليوم، بتاريخ  20 فبراير 2007، على الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/2147254

(35) الدكتور عصام تليمة في شهادته

(36) فهمي هويدي: رحلات شيخ الأزهر الخارجية، مقال بجريدة الشروق، السبا 11 مايو 2013، على الرابط: t.ly/_WJxE

    كان موقف الدكتور أحمد الطيب من ثورة يناير أول أمرها يدور حول وجوب السلمية في الاحتجاج، مع التأكيد المستمر على الثقة في القيادة "الرشيدة الحكيمة" للرئيس مبارك والقيادات الأمنية. وتأكَّد انحياز الشيخ السلبي مع نظام مبارك يوم «جمعة الغضب» الموافق 28 يناير 2011م، حيث بدأت أسقف المطالبات تعلو، وإذا بصحيفة «صوت الأزهر» الصوت الرسمي للأزهر جامعا وجامعةً؛ تنشر تهنئةً لوزير الداخلية اللواء حبيب العدلي، مع صورة كبيرة له، بمناسبة «عيد الشرطة».

    لكن الموقف كان يستلزم حذرًا وحكمة، إذ كانت الجثث تسيل دماؤها في السويس، والإصابات تتوارد أخبارها من ميدان التحرير والمحافظات، والشرطة تتعرض لمزيد من الغضب والسخط، والأجواء صبيحة جمعة الغضب تنذر بالخطر.

    ومع تصاعد التظاهرات يوم «موقعة الجمل» 2 فبراير 2011م؛ وسقوط مزيد من الشهداء والجرحى، وتفاقم النقمة من الأداء الكارثي للنظام يصدر بيان من شيخ الأزهر في اليوم التالي؛ 3 فبراير 2011م  يدعو شباب الميدان إلى العودة إلى بيوتهم، وتهدئة الأوضاع، مما يعني عمليًا إنهاء الثورة، وبقاء مبارك على رأس نظامه، وتبخر أحلام الجماهير، وضياع تضحياتهم، وأحدثها من سقط من الشهداء تلك الليلة على أيدي بلطجية النظام وقناصته.

    كما دعا إلى انتخاب مجموعة منهم للاجتماع معه للتباحث في حل الأزمة، وحثَّهم على «التعقل»، إذ إن هذه الأحداث يراد بها – بحسب رأيه- "تفتيت مصر، وتصفية حسابات، وتنفيذ أجندات خارجية"، وقال: "أناشد المحتجين؛ كوالدهم، فلا يوجد من في قلبه مثقال ذرة من دين يريد أن يغمس يده في ما يحدث"(37)

    وكان المنتظر من إمام الأزهر يومها أن يدين حوادث قتل المتظاهرين، والاعتداء عليهم، وأن ينكر على المعتدين إراقة الدم الحرام. وزاد الشيخ فحذر في 7 فبراير 2011م من "إثارة المشاعر، واللعب على عواطف الجماهير، متهمًا الشيوخ والعلماء الذين يؤيدون الثورة بأنهم يدعون "إلى فتنة حرَّمها الله ورسوله وأجمع المسلمون كافةً على تأثيم كل من يدعو إليها". وكان ذلك تعريضًا بتصريح د. يوسف القرضاوي المؤيد للثوار، والمنكر بشدة على شيخ الأزهر سكوته، وما أسماه "خيانة الثورة والركون إلى الظالمين"

    وفي يوم التنحي 11 فبراير، وقبل إعلانه بساعات، صرح الإمام الأكبر للتلفزيون الحكومي بأن المظاهرات أصبحت حرامًا؛ حيث تحققت مطالب الثورة، وانتهى "النظام بقرار الرئيس تعيين نائبه اللواء عمر سليمان بالصلاحيات المطلوبة".. وهو الموقف الذي اضطر لاحقا، وأكثرَ من مرة، إلى الاعتذار عنه، مبررًا إياه بأن دافعه كان حقنَ الدماء وتهدئةَ الأمور !وزاد موقف المؤسسة الأزهرية حرجًا؛ وتأكيدًا لمساندتها النظامَ المتداعي؛ نفي مكتب شيخ الأزهر في اليوم ذاته 11 فبراير 2011م ما تردد عن استقالته، حيث كانت شائعات قد ترددت صباح اليوم السابق عن استقالة الطيب احتجاجًا على القمع الذي يمارسه النظام مع المتظاهرين المطالبين بتنحي مبارك(38).

 

المراجع

 

(37) الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر عن 25 يناير 2011م الداعون إليها دعاة فتنة وضلالة https://short-link.me/PyDz.

(38) المصدر: الأزهر وثورة 25 يناير رصد توثيقي وقراءة موضوعية= موقع العربية رابط

الدراسة

https://www.alarabiya.net/2012/10/15/الأزهر-وثورة-25-يناير-رصد-توثيقي-وقراءة-موضوعية

وهذا رابط فيديو يوثق موقف شيخ الأزهر من الثورة: https://video.search.yahoo.com/search/video?fr=mcafee&p=شيخ+الأزهر+وثورة+يناير+2011م&type=E210US91213G0

وهذا فيديو ينتقد فيه الدكتور صفوت حجازي موقف شيخ الأزهر من ثورة يناير ويصفه بأنه من ألد أعداء الثورة. .  وهذا الرابط https://www.youtube.com/watch?v=pFjjP6HpXD4&t=3s.

      أدى سقوط حسني مبارك في فبراير 2011 إلى حالة من الفراغ السياسي في مصر، مما أتاح للأزهر فرصة محدودة للإفلات من هيمنة الدولة، وأن يفيد من السياق السياسي الجديد لتحقيق مساحة من الاستقلالية (39)

      آل حكم مصر بعد تنحي مبارك إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو شديد التوجس من الإخوان- إن لم نقل العداء لهم- بحكم ميراث تاريخ طويل من الصدام معهم، وبحكم صلاته العميقة بالمحيط الإقليمي والدولي، وهما بدورهما يشاركانه الريبة والصد تجاه الإخوان.

      بينما كانت قيادة المجلس العسكري ذات صلات بالأزهر، فقد ظلا يتشاركان العمل في منظومة واحدة للحكم، تركت تأثيرها على نظرتهما إلى الإخوان، وتشككهما في المستقبل القريب، وبخاصة بعد علو كعب الجماعة في أثناء ثورة يناير، وبعد التجاوب الشعبي الكبير معها، الذي بدأ يظهر في انتخابات مجلس الشعب، وسيزداد وجلاءً في الاستحقاقات الانتخابية التالية.

 

المراجع

 

(39)( الأزهر يخطو نحو الاستقلالية والنفوذ في مصر - أحمد مرسي وناثان ج. براون

نشرت في 13 نوفمبر 2013 https://short-link.me/MUie.

      طفت على السطح إمكانية تعاون الجانبين حينما أصدر المجلس العسكري -الذي كان يمتلك السلطة التشريعية والتنفيذية بشكلٍ أحاديّ - بالاتفاق مع شيخ الأزهر تعديلات على قانون الأزهر 103 لسنة 1961م،  منحت الأزهر وضعًا شبه مستقل، تلك التعديلات التي تمت في تكتم واحتراس، فلم يعلم بها أحد حتى ظهرت، وكان توقيت إصدارها استباقًا لانعقاد مجلس الشعب الذي نجح فيه الإخوان ومناصريهم بنسبة كبيرة.

      أعادت التعديلات التي أُدخِلَت على القانون 103 لسنة 1961 إحياء هيئة كبار علماء الأزهر، وحقّ تلك الهيئة في انتخاب شيخ الأزهر، واختيار المفتي، وأن يقوم شيخ الأزهر بتعيين أول تشكيل لها. وهو نص معيب؛ إذ يختار شيخ الأزهر الهيئة التي سيوكل إليها اختياره.

      وحدد التعديل الشروط الواجب توافرها فيمن يُختار شيخًا للأزهر، وهي شروط مثيرة للجدل، تبدو كأنها صُممت بطريقة خاصة لتناسب شيخ الأزهر الحالي –الدكتور الطيب- وتستبعد مرشحين آخرين محتملين، فنصت على أن يكون من أبوين مصريين، وأن يكون حاملاً للجنسية المصرية وحدها، مما يخالف عُرفًا سابقًا لا يشترط ذلك، وقد كان الشيخ محمد الخضر حسين شيخًا للأزهر في مطلع ثورة 1952 وهو تونسي، وفُهم من ذلك الشرط الحيلولة دون اختيار الدكتور يوسف القرضاوي شيخًا للأزهر، الحامل الجنسيتين المصرية والقطرية، وكانت بعض الترشيحات تتجه نحوه، وبخاصة بعد ارتفاع شعبية الإخوان .

       كما نصت الشروط على أن يكون الشيخ مختصًا في دراسات شرعية معينة، وأن يكون قد تدرج في تعليمه قبل الجامعي بالمعاهد الدينية الأزهرية،.. بل جرى النص نفسه على من يختار عضوًا في هيئة كبار العلماء. مما فُهم منه منع ترشح الدكتور علي جمعة المفتي المتشوف إلى المشيخة، بل منع استمراره مفتيًا.

      أما عن موعد إصدار ذلك التعديل فقد كان في نفس يوم انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الشعب الجديد الاثنين 23/1 ، ولكنه نُشر في الجريدة الرسمية «الوقائع المصرية» بتاريخ سابق هو 19/1، وفي هذه المسألة يقول الأستاذ فهمي هويدي: " هذه الخلفية -التي تعد التفافًا على القانون وتحايلاً عليه- تثير عددا من علامات الاستفهام والتعجب، منها ما يتعلق بأسباب التعجل في إصدار القانون والحرص على تجنب عرضه على مجلس الشعب، منها أيضا ما يتعلق بمدى دستورية التصرف، لأن المجلس العسكري أصدر القانون في الوقت الذى انتقلت فيه سلطة التشريع إلى مجلس الشعب منذ انتخابه وإعلان النتائج الرسمية يوم السبت 21/1، وحتى إذا افترضنا جدلاً أن القانون صدر يوم الخميس 19 يناير، فإنه يظل مستغربا ومثيرا للدهشة أن يصدر المجلس العسكري تشريعًا لا مبرر للاستعجال فيه يوم الخميس، مع علمه بأن سلطة التشريع سوف تنزع منه يوم السبت" ثم يتساءل عن ذلك القانون: "لماذا تم تهريبه من وراء ظهر مجلس الشعب حتى لا يتعرض للمناقشة، فجاء مولودًا -ليس مشوها فحسب- ولكن مطعونًا في نسبه أيضًا"(40).

      يزيل شيخ الأزهر بنفسه ذلك التعجب في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة بتاريخ 21 ديسمبر 2014، أي بعد الانقلاب على الرئيس والإخوان، حيث ذكر أنه طالب بتعديل القانون "تفاديًا لما حدث قبل ذلك من محاولات الإخوان ومرسى تعيين شيخ الأزهر الذى يختارونه" ويقول: "، وسابقنا الزمن"، واستطعنا الحصول على موافقة المجلس العسكري قبل انعقاد مجلس شعب الإخوان، وحذرت الإخوان من المساس بقانونه، وهددتهم بالاستقالة وأن عليهم تحمل الاضطرابات الداخلية التي قد تحدث بسبب ذلك"(41)!

      وهو تصرف كان ينبغي أن يتنزه عنه شيخ الأزهر، إذ يعدّ تحايلاً على المجلس النيابي المنتخب

      انتخابًا حرًا غير مسبوق لتحقيق ما يراه مصلحة، وقد لا يراها نواب الشعب كذلك.

      ولم يبدِ الإخوان ما يُفهم منه رغبتهم في عزل شيخ الأزهر أو تعيين أحدهم مكانه، بالرغم من مآخذ الثوار عليه لأنه كان أحد المسؤولين السابقين في نظام مبارك، وكان عضوًا بلجنة السياسات بالحزب الوطني الذي قاد البلاد لهاوية ثار الشعب عليها في 25 يناير، بل المقطوع به أن الإخوان حالوا دون نص يؤدي لعزله كان مقترحًا في قانون العزل السياسي الذي أصدره مجلس الشعب في أبريل 2012، وكان للإخوان أغلبيتهم البرلمانية، وكان توجههم إلى تحقيق مزيد من الاستقلال للأزهر، كما سيتضح في دستور الثورة سنة 2012. كما حالوا دون النص على العزل السياسي في مشروع دستور 2012.(42)

 

المراجع

(40) فهمي هويدي:" مطلوب تحقيق"، مقال منشور بتاريخ 26 يناير 2012، على بوابة الشروق https://2u.pw/y6grxxXQ

(41)( "الطيب في لقائه برؤساء تحرير الصحف: الأزهر بفكره الوسطي عصي على الاختراق من أي تيار"، تقرير بتاريخ 31 /12/2014على جريدة الأهرام المصرية https://gate.ahram.org.eg/News/579360.aspx

(42) راجع شهادة (الشاهد 55 عضو مجلس الشعب)ص 15-16، و الشاهد 22 عضو مجلس الشوري)ص 18

      وكان من الواجب التقاء الطرفين لإزالة الظنون المتراكمة، وتوضيح الصور الغائمة، وفي 3 مايو 2011، التقى شيخ الأزهر مع وفد من جماعة الإخوان المسلمين برئاسة المرشد العام للجماعة، الدكتور محمد بديع، وبصحبته المرشد السابق الأستاذ محمد مهدي عاكف، والدكتور عبد الرحمن البر عضو مكتب الإرشاد وأستاذ الحديث بجامعة الأزهر، وخلال هذا اللقاء قال شيخ الأزهر : "إن الجماعة لم تكن غائبة عن الأزهر، فهي متواجدة داخل مؤسسة الأزهر بقوة، كما أن نصف أعضاء الجماعة أزهريون، وليس هناك أي حرب بين الأزهر والإخوان، وإنما الجو العام أتاح للناس أن يلتقوا، وواجب على العلماء أن يلتقوا، ويتفقوا" (43)

      وأكد د. عبد المعطي بيومي، مستشار شيخ الأزهر، أن الثمار المرجوة من لقاء المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الإمام الأكبر لشيخ الأزهر؛ تبدأ بتوحيد الحركات الإسلامية، وتوعية الدعاة والعلماء بالمسئولية الملقاة على عاتقهم، بما يحقق ما يليق بالإسلام من تمكين في الأرض.

      وقال الدكتور محمد بديع: إن الأزهر والإخوان يد واحدة لنشر الإسلام الوسطى في المجتمع  المصري. وقال الدكتور عبد الرحمن البر: أكد الجانبان أن الأزهر يمثل البذور التي تنشر الإسلام الوسطى، وأن الإخوان يمثلون العمل الحركي الذى يحمل هذه الفكرة سلوكًا وعملاً في وسط المجتمع، ويقدمونه للأمة.

      وتعكس هذه التصريحات وجود تقاطعات فكرية وتاريخية بين الأزهر وجماعة الإخوان المسلمين، خاصة في المجالات الدعوية والتعليمية، دون أن يعني ذلك تطابقًا تامًا في الأدوار أو الأهداف بين المؤسستين. كما تؤكد أن الأزهر -حين أتيحت أمامه فرصة الحراك المستقل دون ضغوط سياسية - أدى أداء مختلفًا، وصحح بوصلة علاقاته مع الإسلام الدعوي والحركي الذي يقوم به الإخوان.

 

المراجع

(43) arabi21.com.

 

    أفاد الأزهر الشريف من أجواء الحرية التي نعمت بها البلاد بعد سقوط مبارك، فقام بدور غير معهود، إذ سعى إلى إعادة التموضع في خارطة التأثير السياسي والفكري والمجتمعي، وقدم نموذجًا لما يمكن أن يقدمه الأزهر حين تحرره من ضغوط السياسة، وقيود الاستبداد. فقدم الأزهر عددًا من الوثائق الفكرية الأساسية الجامعة، أعدها ثلة من المفكرين والعلماء، فنالت تقديرًا واسعًا داخل مصر وخارجها. فقد رسخت قيمًا ومبادئ ومعاني جامعة، وأبعدت شبح الاختلاف والتنافر بين القوى السياسية المدنية منها والإسلامية. وهي -وإن ضرب بالغالب منها عرض الحائط بعد الانقلاب- إلا أنها تظل شاهدة على قدرة المؤسسة على العطاء المستجاد حين تعمل في أجواء الحرية. وانتصارها للانفتاح الثقافي تجاه الآخر مما مثَّل نقلة نوعية في طرق التفكير التقليدي المأثورة عن الأزهر.

    ونقول إن هذه الانفتاح تجاه الآخر؛ وتجاه مبادئ التنوع الفكري والسياسي التي أخذ بها الإخوان منذ عودتهم إلى الحياة العامة زمن السادات، وزادت ممارستهم العملية لها في زمن مبارك؛ هذا كله كان يقارب بين منازع الأزهر وجماعة الإخوان، ويوسع شرائع القربى بينهم. شريطة أن يتاح المدى الزمني أمام التجربة، ويتسع أفق القائمين بها من الشركاء الداعين إلى الحريات والعمل المشترك، وأل تكون هذه القناعات نتيجة مناخات مرحليةـ تزول إن زالت، وتتراجع إن تراخت، ومما يؤسف له أن هذا ما كان، وما يتراءى واضحًا إن قارنا بين مواقف الأزهر في هذه الفترة ومواقفه بعد انقلاب السيسي، حيث خلت السنوات الكئيبات التي تلته من أي جهد مشابه أو قريب!

    وفيما يلي عرض مختصر لهذه الوثائق، وأبرز ملامحها:

    انتظر الأزهر بعد تنحي مبارك نحو أربعة أشهر حتى أصدر وثيقته الأولى، مما يدل على أنه صيغت على مهل محمود، فقد صدرت هذه الوثيقة في 17 من شهر رجب 1432هـ الموافق 19 من شهر يونيو 2011م، وتؤكد على دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، ووضع الأطر الناظمة لها، من خلال الالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي، واحترام الاختلاف والتنوع، والتمسك بأخلاقيات الحوار، وتأكيد الالتزام بالمواثيق والقرارات الدولية، واعتبار التعليم والبحث العلمي قاطرة التقدم الحضاري في مصر، بالإضافة إلى إعادة بناء علاقات مصر بمحيطها العربي والإسلامي والإفريقي والعالمي، ومناصرة الحق الفلسطيني، وتأييد مشروع استقلال مؤسسة الأزهر، وعودة هيئة كبار العلماء(44).

    إن هذه المبادئ الأساسية يمكن أن تُفسر بها تعاليم الدين الإسلامي بطريقة متسقة للغاية مع القيم الليبرالية، والممارسة الديمقراطية، وقد قوبلت بترحيب حار من العديد من الأطراف. وكان هناك اهتمام واضح من الجانب الليبرالي بمساندة الأزهر، لا لذاته، بل كوسيلة لتعزيز الثقل الديني في مقابل الحركة الإسلامية(45).

    وقد جعلت هذه اللهجة الليبرالية الوثيقة محل انتقاد بعض الإسلاميين، ووصفها بأنها علمانية، ومعظم ذلك الانتقاد عائد إلى طريقة إعدادها-حيث شارك في إعدادها عدد من الليبراليين البارزين- أكثر بكثير من دحض محتواها (46).

 

المراجع

 

(44)راجع نص الوثيقة على رابط موقع الإمام الذي نشر الوثيقة

(45) ناثان ج براون: الأزهر في حقبة ما بعد الثورة ص13، تقرير أصدره مركز كارنغي بتاريخ سبتمبر 2011م  و نشر في 3 أكتوبر 2011م رابط: https://carnegieendowment.org/research/2011/10/post-revolutionary-al-azhar?lang=ar&center=middle-east

(46) المصدر: الأزهر وثورة 25 يناير رصد توثيقي وقراءة موضوعية معهد العربية للدراسات https://short-link.me/MVh5

    صدرت هذه الوثيقة في 3 من شهر ذي الحجة سنة 1432هـ الموافق 31 أكتوبر 2011م بعد انتصار ثورة مصر بنحو تسعة أشهر، حيث تمخضت اجتماعاتٌ دعت إليها مشيخة الأزهر عددا من علماء الأزهر والمثقفين المصريين عن إعلان "وثيقة الأزهر بخصوص الربيع العربي".   

    جاءت الوثيقة  في خمسة مبادئ كبرى، تتلخص في اعتبار المعارضة الشعبية والاحتجاج السلمي حقًّا أصيلاً للشعوب، واستنكار إمعان الأنظمة في تجاهل المطالب المشروعة بالحرية والعدالة والإنصاف، ونفي صفة البغي عن المعارضين الوطنيين السلميين، بل ذهبت الوثيقة إلى أن معارضة القهر والفساد والظلم واجبةٌ على المواطنين، لإصلاح مجتمعهم، وواجبٌ على الحكّام الاستجابة لهم دون مراوغةٍ أو عناد، واعتبرت الوثيقة انتهاك حرمة الدم المعصوم هو الخطَّ الفاصل بين شرعية الحكم وسقوطه في الإثم والعدوان الموجبين مقاومته سلميًّا، وطالبت الجيوش المنظّمة في أوطاننا كلِّها أن تلتزم بواجباتها الدستورية في حماية الأوطان من الخارج، ولا تتحوّل أدواتٍ للقمع وإرهاب المواطنين وسفك الدماء، كما دعت الوثيقة قوى الثورة والتجديد والإصلاح إلى الابتعاد كليًّا عن كل ما يؤدي إلى إراقة الدماء، وعن الاستقواء بالقوى الخارجية؛ أيًّا كان مصدرها، وأكدت أن عليها الاتحادَ في سبيل تحقيق حلمها في العدل والحرية، وتفاديَ النزاعات الطائفية والعرقية والمذهبية، حفاظا على النسيج الوطني، ولبناء المستقبل على أساسٍ من المساواة والعدل.

    وأعلنت الوثيقة المناصرةَ التّامة لإرادة الشعوب العربية في الإصلاح، ومجتمع الحرية والعدالة، التي انتصرت في تونس ومصر وليبيا، ولا تزال محتدمة في اليمن وسورية، وناشدت الأنظمة الحاكمة أن تبادر إلى تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي والدستوري طوعا، فصحوة الشعوب المضطهدة قادمة لا محالةَ، وليس بوسع حاكمٍ الآن أن يحجبَ عن شعبه شمس الحريّة.

      وهذه الوثيقة مثلت نقلة حقيقية في طرح المؤسسة الأزهرية بوصفها الإسلامي الأعم، وبوصف شيخها إمامًا للمسلمين في أنحاء العالم، لا مجرد موظف حكومي كما كان شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوي يصرح به في السابق، وحطت ركام عقود طويلة من تبعية المؤسسة الأزهرية وارتهانها للقيادة السياسية. ومما يؤشر على هذا ما حظيت به الوثيقة من توافقٍ ورضًا عامَّين؛ حيث لم تُرصَد انتقاداتٌ جوهريةٌ عليها، فضلاً عن رفضٍ(47).

 

المراجع

(47) راجع نص الوثيقة على موقع الإمام الذي نشر الوثيقة

    صدرت هذه الوثيقة في 14 من شهر صفـــر ســنة 1433هـ  المــــــوافـق: 8 مــن شهر يناير سـنـة 2012 م حيث جاء في صدرها "يتطلع المصريون، والأمة العربية والإسلامية، بعد ثورات التحرير التي أطلقت الحريات، وأَذكَت رُوح النّهضة الشاملة لدى مختلف الفئات، إلى علماء الأمّة ومفكِّريها المثقفين، كَي يحددوا العلاقة بين المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية السمحاء ومنظومة الحريّات الأساسية التي أجمعت عليها المواثيق الدّولية، وأسفرت عنها التجربة الحضارية للشعب المصري، تأصيلًا لأسُسِها، وتأكيدًا لثوابتها، وتحديدًا لشروطها التي تحمى حركة التطور وتفتح آفاق المستقبل. وهي حرية العقيدة وحرية الرأي والتعبير، وحرية البحث العلمي، وحرية الإبداع الأدبي والفني، على أساس ثابت من رعاية مقاصد الشريعة الغراء، وإدراك روح التشريع الدستوري الحديث، ومقتضيات التقدم المعرفي الإنساني، بما يجعل من الطاقة الرّوحية للأمّة وقودا للنهضة، وحافزًا للتقدم، وسبيلًا للرُّقىّ المادي والمعنويّ، في جهد موصول يتسق فيه الخطاب الثقافي الرشيد مع الخطاب الديني المستنير، ويتآلفان معًا في نسق مستقبلي مُثمِر، تتحد فيه الأهداف والغايات التي يتوافق عليها الجميع".

    وفصلت الكلام في حرية العقيدة، فنصّت على ضرورة التسليم بمشروعية التعدد، ورعاية حق الاختلاف، والمساواة بين المواطنين على أساس متين من المواطنة والشراكة، وتكافؤ الفرص.

    وجعلت الوثيقة حرية الرأي أم الحريات، وهي المظهر الحقيقي للديمقراطية، والمجتمعون ينادون بتنشئة الأجيال الجديدة وتربيتها على ثقافة الحرية وحق الاختلاف واحترام الآخرين، ويهيبون بالعاملين في مجال الخطاب الديني والثقافي والسياسي في وسائل الإعلام مراعاة هذا البعد المهم في ممارساتهم، وتوخي الحكمة في تكوين رأي عام يتسم بالتسامح وسعة الأفق ويحتكم للحوار ونبذ التعصب.

    وأكدت الوثيقة على أن البحث العلمي قاطرة التقدم البشري، ووسيلة اكتشاف سنن الكون ومعرفة قوانينه لتسخيرها لخير الإنسانية، ولا يمكن لهذا البحث أن يتم ويؤتي ثماره النظرية والتطبيقية دون تكريس طاقة الأمّة له وحشد إمكاناتها من أجله.

    ونظرت الوثيقة إلى الإبداع الأدبي والفني على أنه مركز لترقية الإحساس الجمالي وتثقيف الحواس الإنسانية وتوسيع مداركها وتعميق خبرة الإنسان بالحياة والمجتمع، كما تقوم بنقـــد المجتمع أحيانًا، والاستشراف لما هو أرقى وأفضل، ويؤدي إلى إثراء اللغة والثقافة، وتنشيط الخيال، وتنمية الفكر، مع مراعاة القيم الدينية العليا والفضائل الأخلاقية(48).

 

المراجع

(48) نص الوثيقة نشر على موقع البوابة بتاريخ الأربعاء 26/أبريل/2017م ورئيس مجلس الإدارة عبد الرحيم علي وهذا رابط الوثيقة على الموقع

    صدرت هذه الوثيقة في 17 من شهر صفر 1433?، الموافق 11 من شهر يناير 2012م، حيث دعا لها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب كل القوى الثورية، وأعلنت تلك القوى في بيانها، التزامها بالحفاظ على  روح ميدان التحرير، كما كانت خلال الأيام الثمانية عشرة، التي غيرت مجرى التاريخ المصري، وجمعت كل أبناء الوطن على كلمة سواء.

    وأهم ما ورد في الوثيقة أنها استنكرت مثول المدنيين أمام المحاكمات العسكرية، وأكدت حق المواطن الدستوري في محاكمته أمام قاضيه الطبيعي، وطالبت بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وطالبت بسرعة المحاكمات بما لا يخل بحرمة الحق ومقتضى العدل وواجب النزاهة، كما أكدت  ضرورة استكمال الوفاء بحقوق أسر الشهداء والمصابين في العلاج، والتعويض، والعمل، والرعاية التامة، والمضي في البناء الديموقراطي لمؤسسات الدولة، وإتمام تسليم السلطة للمدنيين في موعده المحدد دون إبطاء، والالتزام بما أسفرت عنه الانتخابات النزيهة الحرة من نتائج، والتعاون بين شباب الثورة جميعًا وممثلي الشعب المنتخبين في بناء مصر المستقبل تحت مظلة الديموقراطية وعلى أساس من الشرعية البرلمانية والتوافق الوطني.

    وأكدت الوثيقة أيضاً على ضرورة عودة الجيش الوطني، ذخرِ الوطن وحامي انتفاضاته الثورية، إلى دوره في حراسة حدود مصر وأمنها القومي(49).

 

المراجع

(49) راجع نص الوثيقة على موقع الإمام رابط موقع الإمام الذي نشر هذه الوثيقة

    في سياق الاهتمام المشترك بقضية القدس وفلسطين، صدرت وثيقة في 24 من شهر ذي الحجة 1433هـ الموافق 20 من شهر نوفمبر 2011م تزامنًا مع تصاعد وتيرة التهويد الصهيوني لمدينة القدس الشريف، وهي وثيقة تؤكد على عروبة القدس التي تضرب في أعماق التاريخ لأكثر من ستين قرنًا، وساقت الوثيقة الأحداث التاريخية التي تبرهن على عروبة مدينة القدس، كما كررت رفض الأزهر الشريف والمسلمين كافة مشروعات الكيان الصهيوني التي تهدف إلى تهويد القدس وطمس هويتها العربية  (50)

    وقد عهِدَ بكتابة هذه الوثيقة إلى الدكتور محمد عمارة، وهو شخصية وطنية ذات رمزية توافقية بين الأزهر وبين جماعة الإخوان المسلمين، فيما تولَّى شيخ الأزهر دعوة كافة التيارات السياسية والشعبية للتوقيع عليها إضافة إلى الأقباط والعديد من علماء الأمة لرفض عمليات التهويد.

    وقالت مصادر بالمشيخة: «إنَّ شيخ الأزهر قَدَّمَ توجيهاته لصياغة وثيقة بشأن القدس تتفق عليها كل رموز الأمة من مسلمين وأقباط، وأحزاب ونقابات، وجماعات ورموز سياسية وفكرية وفنية ورياضية، ودعوة كافة التيارات للتوقيع عليها».

    وقد نُشِرَ خَبَرُ تنسيق شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب مع فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي حول قضية تهويد القدس، وأضاف الخبر أن الشيخين: الطيب والقرضاوي استعرضا أهم المشروعات التي يشرف عليها الأزهر؛ كوثيقة الأزهر، ومشروع منهج القدس التعليمي، وإقامة مركز ثقافي عن القدس (51)

    وقد تم التنسيق مع الحملة الشعبية لمقاومة تهويد القدس، وقامت الحملة بالتنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين وعدد من القوى والتيارات السياسية للمشاركة في مليونية القدس يوم 25 نوفمبر 2011م.

 

المراجع

(50) راجع نص الوثيقة على موقع الإمام الطيب

(51) موقع مدينة القدس https://www.qii.media/news/13951.

      صدرت هذه الوثيقة في  19من شهر  ربيع أول سنة 1434هـ الموافق 31 يناير 2013م في عهد رئاسة الدكتور مرسي، بعد توليه الحكم بسبعة أشهر، حيث أصدر شيخ الأزهر  وثيقة بعنوان "وثيقة الأزهر لنبذ العنف" وصدرت باسم جمهرة من شباب الثورة، وباسم الأزهر الشريف، وبمشاركة طائفة من هيئة كبار العلماء، وممثلي الكنائس المصرية، حيث قالوا: نعلن التزامنا بالمبادئ الوطنية والقيم العليا لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م، وأكدت الوثيقة على مجموعة من المبادئ، على رأسها حق الإنسان في الحياة، وحرمة الدماء والممتلكات الوطنية، وواجبات الدولة الأمنية تجاه مواطنيها، ونبذ العنف بكل صوره، والتحريض عليه، والالتزام بالحوار الجاد، وحماية النسيج الوطني من الفتن الطائفية، وفي الختام جاء فيها:

     "ونحنُ إذ نُعلِنُ إيمانَنا بهذه المبادِئِ ... ندعو كلَّ السِّياسيِّينَ؛ قادةً أو ناشطينَ، إلى الالتِزامِ بها، وتطهيرِ حياتِنا السياسيَّةِ من مخاطِرِ وأشكالِ العُنفِ، أيًّا كانت مُبرِّراتُها أو شعاراتُها، وندعو كلَّ أبناءِ الوطنِ؛ حُكَّامًا ومحكومينَ، ... إلى المصالحةِ، ونبذِ العنفِ، وتَفعيلِ الحوارِ - والحوار الجاد وحدَه - في أمورِ الخِلافِ، وتَرْكِ الحُقوقِ للقَضاءِ العادِلِ، واحتِرامِ إرادةِ الشَّعبِ، وإعلاءِ سيادةِ القانونِ؛ سَعْيًا إلى استِكمالِ أَهْدافِ ثَورةِ الخامس والعشرين كاملةً- بإذْن الله(52).

      وقع على الوثيقة الدكتور سعد الكتاتني عن حزب الحرية والعدالة والدكتور محمود عزت نائبا عن المرشد العام للإخوان المسلمين وعدد من رؤساء الأحزاب ورموز القوى السياسية والشخصيات العامة. 

      ويبدو أنَّ هذه الوثيقة - بقدر ما تتضمنه من قيم حافظة للحريات وضابطة للأمن- ربما كانت مقدمة لتأمين أيَّة مظاهرات مضادة من التدخلات الأمنية لحكومة الرئيس مرسي. كما أنها يمكن تُفَسَّرَ على محمل يُعزّز من المواقف التحضيرية للانقلاب، وحماية كُلِّ اتِّجاهٍ في المضي إلى هذه الغاية، بعدما بات هذا الانقلاب مسألة وقت لدى العليمين ببواطن الأمور.

    فبرغم أن الوثيقة لم تذكر جماعة الإخوان المسلمين بشكل مباشر، بل وقع عليها بعض قادتها؛ إلا أن توقيتها ونصوصها حملت إشارات ضمنية إلى مسؤولية الجماعة عن الأزمة السياسية والعنف المتصاعد، حيث أكدت الوثيقة على عدة مبادئ رئيسية، منها:

1. عدم استخدام الدين كأداة في الصراع السياسي، وهو ما اعتُبر انتقادًا لخطاب الإخوان الذي يرون أنه يوظف الدين في المجال السياسي.

2. رفض العنف كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، في إشارة إلى المواجهات الدامية التي وقعت بين الإخوان ومعارضيهم.

    وقد كان لشيخ الأزهر، أحمد الطيب، دورٌ بارزٌ في صياغة الوثيقة، وحرص على تقديم الأزهر كمرجعية وطنية محايدة، تقف ضد العنف والانقسام. وكان موقف الأزهر خلال هذه الفترة يميل إلى الحياد العلني، لكنه في الوقت نفسه بدأ يتخذ مواقف مجافية للإخوان، خاصة مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد حكم مرسي.

   وقد عُدَّت الوثيقة إحدى المحطات التي أسهمت في عزل الإخوان سياسيًا، حيث تبناها عدد من الشخصيات العامة والسياسية، بمن فيهم معارضو الجماعة.

 

المراجع

(52) راجع نص الوثيقة على موقع الإمام الطيب رابط الوثيقة على موقع الإمام.

    صدرت وثيقة الأزهر الشريف لحقوق المرأة في 3 من شهر شعبان 1434هـ الموافق 12 من شهر يونيو 2013م، أصدرتها هيئة كبار العلماء التابعة لمؤسسة الأزهر بعد أكثر من سنة من المناقشات مع مختلف تيارات الفكر والسياسة في المجتمع المصري، من بينها عدة شخصيات نسائية مصرية.

   تضمنت الوثيقة سبعة محاور رئيسة، وهي: قيمة المرأة الإنسانية والاجتماعية، والشخصية القانونية للمرأة، والمرأة والأسرة، والمرأة والتعليم، والمرأة والعمل، والمرأة والأمن الشخصي، والمرأة والمشاركة السياسية.

    ومما جاء في باب المرأة والعمل العام: "للمرأة الحق في تولي الوظائف العامة متى اكتسبت المؤهلات التي تقتضيها تلك الوظائف وعلى الدولة أن تحافظ على تكافؤ الفرص إزاء المرأة والرجل ، ومن المعلوم أن النساء المؤهّلات قد تولين في صدر الإسلام  وظائف عامة في التعليم وفى الأسواق وفى العلاج وغيرها .

    وأخيرا فإن المرأة صاحبة حق أصيل في الجماعة الوطنية ولها حق – وواجب - النصيحة والشورى والقيام بالقسط ، وهى محملة بالأمانة مستخلفة كالرجل سواء بسواء ويفرض عليها كل أولئك المشاركة في العمل العام  ناخبة ومنتخبة لإيصال ما تراه صحيحا من آراء وحقوق ومصالح عامة إلى القائمين على  صنع القرار في الجماعة الوطنية التي ينبغي أن تكون توافقية (53)

 

المراجع

(53)  نص وثيقة «كبار العلماء» لـ«حقوق المرأة»: ينبغي تيسير قواعد العمل للنساء رابط النص على موقع المصري اليوم https://www.almasryalyoum.com/news/details/220455

 

    هذه الوثائق السبع لاريب في نسبتها إلى شيخ الأزهر، وبعضها استمر العمل في تحضيرها عاما، وفيها من الفوائد العلمية الكثير، وهي في غالبها قيم ومبادئ عامة تصلح أن تكون مادة للإفادة منها عند وضع أي دستور أو قانون، وأهم فوائدها أنها أصلت للجمع بين القديم والحديث، وأن الإسلام بمقاصده وقيمه صالح للزمان والمكان.

    غير هذا لا يمنع من القول إنَّ تلك الوثائق بدت كأنها قطعًا للطريق على الإخوان المسلمين من إخلال استباقهم بخطوة على الأقل، من أجل ضمان بقاء مقاليد الأمور بيد بعيدةٍ عن أيديهم. الدور الذي قام به     غير هذا لا يمنع من القول إنَّ تلك الوثائق بدت كأنها قطعًا للطريق على الإخوان المسلمين من إخلال استباقهم بخطوة على الأقل، من أجل ضمان بقاء مقاليد الأمور بيد بعيدةٍ عن أيديهم. الدور الذي قام به شيخ الأزهر في مشهد الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي كما سنرى.

الفصل الثاني
جدلية العلاقة بين الأزهر والإخوان  في فترة رئاسة مرسي

شهد وضع الدستور الجديد بعد الثورة مخاضًا عسيرًا، إذ تشكلت اللجنة التأسيسية الأولى لوضعه، وكان نصفها من نواب مجلس الشعب، ونصفها من خارجه، ولكنها تعرضت لانتقادات عنيفة بسبب غلبة الإسلاميين على تشكيلها، وانسحب عدد من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية العلمانية، بل شاركهم ممثل الأزهر، إذ انسحب د. نصر فريد واصل المفتي السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بناء على رؤية الأزهر أن تمثيله غير كاف وغير مناسب. وقيل وقتها إن السبب في سحب ممثل الأزهر أن أعضاء البرلمان اقترعوا على اختيار ممثل للأزهر من بين 100 شخصية، بينها شيخ الأزهر د. أحمد الطيب، لكن الاقتراع انتهى إلى اختيار د. نصر فريد واصل، مما أغضب الشيخ ومجمع البحوث الإسلامية فاختار المجمع الانسحاب(54)، ثم أعيد تشكيل اللجنة التأسيسية الثانية التي اشترك فيها الأزهر بطريقة ارتضاها.

ولما اشتد الاستقطاب بين العلمانيين والإسلاميين في هذه المرة تدخل شيخ الأزهر فالتقى بممثلين من الإخوان والسلفيين، وآخرين من الأحزاب والشخصيات المدنية بهدف التوفيق بينهم، وهو ما كان بعيد المنال. وأشاد الشيخ في تصريح له بدور هذه اللجنة الدستورية الثانية في اهتمامها بأن يأتي الدستور ممثلا لكل أطياف الشعب المصري، ومحققا لقيم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وتحقيق نهضة مصر الحديثة بعد ثورة 25 يناير. (55)

أما فيما يخص النص الدستوري المتعلق بالأزهر فقد نصت المادة الرابعة على أنّ "الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم، ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية" (56)

 

المراجع

(54) جريدة الإمارات اليوم: الأزهر ينسحب من تأسيسية الدستور، بتاريخ 30 / 3/ 2012، على الرابط:

https://www.emaratalyoum.com/politics/news/2012-03-30-1.472556

(55) أنس زكي: الأزهر يسعى للتوافق بشأن الدستور الجديد، تقرير موقع الجزيرة بتاريخ26/9/ 2012، على الرابط: t.ly/aNNHO

(56) نص الدستور المصري على الرابط: https://www.constituteproject.org/constitution/Egypt_2012?lang=ar

    وفي لقائه -المشار إليه- مع رؤساء تحرير الصحف حكى شيخ الأزهر واقعة تركه الاحتفال بتنصيب مرسى رئيسًا في جامعة القاهرة، قائلاً: "كنت داخل صالة كبار الزوار، وتم منعي، وشاهدت الكتاتني وعمرو موسى والإخوان جالسين، فقلت لهم: أنتم جالسون هنا وشيخ الأزهر واقف بره؟ وانسحبت، وهرولوا خلفي، ولكنني لم أحضر، وحملت استقالتي في جيبي بعدها".

    ونقول هنا إن الحق كان يقتضي ذكر أن مراسم تنصيب الرئيس لم تكن من صنعه هو أو الإخوان، فلم يكن قد تولى منصبه بعد، بل المسؤول عنها هو المجلس العسكري الذي كان يتولى إدارة شؤون البلاد منذ تنحي مبارك، وكان يقتضي أن يذكر الشيخ أن الرئيس مرسي قد اتصل به هاتفيًا، وقدم له اعتذاره عن خطأ إدارة البروتوكول يومها، فقد ذكر بيان أصدرته مشيخة الأزهر أن "الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية أعرب عن استيائه البالغ من تصرف القائمين على بروتوكول رئاسة الجمهورية خلال احتفالية جامعة القاهرة، السبت الماضي، والذي تسبب في انسحاب شيخ الأزهر من الاحتفال حفاظا على مكانة الأزهر الشريف". وجاء في البيان: "وقد تلقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، اتصالا هاتفيا، اليوم الثلاثاء 3 يوليو 2012، من الرئيس محمد مرسي، أبدى خلاله تقديره، واعتزازه بالأزهر الشريف، ومشيخته، وهيئة كبار العلماء. وأشاد خلال الاتصال بالدور المتميز للأزهر الشريف على المستوى الوطني، والعربي، والإسلامي، والعالمي، والذي يجسد سماحة الإسلام وعظمته ووسطيته".

    وأضاف البيان أن" فضيلة الإمام الأكبر أعرب خلال الاتصال التليفوني عن شكره، وتقديره للسيد رئيس الجمهورية، وأمله أن يوفقه الله ويسدد خطاه في جمع المصريين على كلمة سواء، حتى نتفرغ جميعا للعمل، والبناء واستكمال أهداف الثورة. (57)

 

المراجع

(57) "مرسي يعتذر للأزهر ويشيد بدوره في العالم الإسلامي، في 3 يوليو 2012، على الرابط: https://www.masrawy.com/news/news_egypt/details/2012/7/3/124780/

    قال شيخ الأزهر أيضًا في اللقاء مع رؤساء تحرير الصحف: «جامعة الأزهر كانت بلا نواب، وحاول الإخوان فرض نواب منتمين لهم أيام هشام قنديل، وكذلك اختيار المفتي، ورفضت".

    وفي تفصيل ذلك قال الشيخ عن مسألة تعيين ثلاث من نواب رئيس جامعة الأزهر: "كانت الجماعة تريد أن نعين إخوانًا، لكن الاختيار جاء على غير هواهم ،وأرسلنا من فازروا، لكن مؤسسة الرئاسة لم تصدق علي النتيجة، واتصلت بهشام قنديل، ثم بالسفير رفاعة رافع الطهطاوي، فقالوا لي: ابحث عن بدائل لهؤلاء، ورغم اختيار بدائل فقد تكرر نفس السلوك، ظلت جامعة الأزهر من دون نواب لمدة ثمانية شهور، وفى النهاية هددت بالاستقالة مرة أخرى، وكلمت الدكتورة باكينام الشرقاوي (كانت ضمن مساعدي الرئيس)، ثم تكررت المماطلة لكن في النهاية أدركوا أنهم لن يستطيعوا التغلب على هذا المخ الصعيدي"

    وكشف الطيب عن معركة عمادة كلية الطب، وكان هناك اثنان يتسابقان وفاز المرشح الإخواني بفارق صوتين فقط، وكانت اللائحة تتطلب ضرورة إعادة التصويت ليحصل الفائز على أكثر من خمسين في المئة، لكن الإخوان تظاهروا، ورفض د. هشام قنديل إعادة التصويت، واستغربت أن يصل الأمر إلى رئيس الجمهورية وجاءني شخص يطلب منى أن أوقع على فوز المرشح الإخواني، ورفضت، فقالوا لي: هذا توجيه، فقلت له: أرفض ذلك، فذهبوا إلى رئيس الجامعة ووقع على القرار (58).

    وفي محاولة لتحري الحقيقة حول ذلك الأمر التقينا ببعض أساتذة جامعة الأزهر القريبين من تلك الأحداث، فأكد ما يلي:

    1- إن قرار الرئيس مرسي بإجراء انتخابات بين أساتذة الجامعات لاختيار القيادات الجامعية من عمداء ورؤساء جامعات كان يخص الجامعات المدنية خارج الأزهر. وأن عددًا من كبار العلماء وأساتذة الأزهر - منهم د. حسن الشافعي مستشار الشيخ - أقنعوا شيخ الأزهر باتباع تلك الطريقة في اختيار قيادات الجامعة، وأن الأزهر أولى بذلك من غيره، فاستجاب لهم.

    2- إن للأزهر عدد من النواب أكثر من الجامعات الأخرى نظرًا لكثرة فروعه وامتداده، فهناك نائب للوجه البحري وآخر للقبلي، وثالث للدراسات العليا، ورابع لشؤون الطلاب، وخامس للطالبات، وأن معظم هذه المناصب كانت خالية وقت تولي الرئيس مرسي، بسبب وفاة عدد منهم وعدم تعيين غيرهم، وربما كان الباقي منهم اثنان فقط.

    3- إن العرف جرى بأن يرشح شيخ الأزهر أكثر من شخص للمنصب، ويختار رئيس الجمهورية أحدهم، ويكون التعيين من الرئيس.

    4- إن شيخ الأزهر بالفعل قام بترشيح بعض الشخصيات لمناصب نواب رئيس الجامعة، لكن الرئيس لم يقتنع بكفاءتهم، ولم يرضهم بسبب صلاهم بنظام مبارك والأجهزة الأمنية، وهذا ليس غريبًا، فإن المناصب العليا في كل الجامعات كانت تتم من خلال الموافقات الأمنية، بل إن المعيدين بالجامعات كانت تشترط لتعييناتهم الموافقات الأمنية. وكان من بين مرشحي شيخ الأزهر لهذه المناصب رجل مثل د. مختار جمعة، القريب من شيخ الأزهر، والقريب من أجهزة الأمن كما أثبتت الأحداث بعد ذلك لما تولى وزارة الأوقاف.

    5- إن السفير رفاعة الطهطاوي -مستشار شيخ الأزهر السابق ورئيس ديوان الرئيس مرسي- تدخل للوساطة واقتراح الحل، فاقترح أن يختار الرئيس نائبًا، ويختار شيخ الأزهر نائبًا آخر، ويتوافق الرجلان على شخص ثالث، بكن شيخ الأزهر رفض ذلك الاقتراح، وأبلغ السفير رفاعة الرئيس بذلك.

    6- أما تعيين المفتي فتم من خلال مجمع انتخابي ، وانحصر الاختيار في ثلاثة منهم د. عطية فياض أستاذ الفقه بكلية الشريعة، وكانت أسهمه الأعلى من حيث رضا اللجنة، لكنه اعتذر عن قبول المهمة قبل بدء التصويت، وأعلن ذلك رئيس اللجنة المكلفة بالانتخاب د. عبد الفتاح الشيخ، والدكتور عطية أحد أنصار الرئيس مرسي، فلو كانت لدى الإخوان نية للاستحواذ على منصب الإفتاء بالانتخاب ما اعتذر الرجل عن الترشح، فآل المنصب إلى د. شوقي علام.

    7- أما انتخاب عميد كلية الطب الذي فاز به د. عصام عبد المحسن، فتم بنفس آلية انتخاب غيره من العمداء، وكلهم فازوا بالأغلبية المطلقة، ولم يُشترط الحصول على أكثر من نصف الأصوات.

    8- إنه تم اختيار الدكتور عباس شومان وكيلاً للأزهر، وهو المنصب الثاني بعد شيخ الأزهر، ولم يعترض الإخوان على الاختيار، ولم يقدموا بديلاً؛ لأنهم لا يرون ما يحول دون اختياره.

    9- وظل د. أسامة العبد رئيسًا لجامعة الأزهر منذ عينه المشير طنطاوي في 10 مارس 2011 حتى تجاوز السن القانونية للتقاعد، وبلغ السادسة والستين في سنة 2014، أي أنه كان رئيسًا للجامعة في فترة حكم الرئيس مرسي، بل تم ترشيحه لوزارة الأوقاف في وزارة د. هشام قنديل، بالرغم من اتجاهاته المعادية للإخوان، والتي ظهرت جليًا في العنف البالغ تجاه الطلاب والأساتذة المؤيدين للرئيس، والمعارضين للانقلاب بعد وقوعه.

 

المراجع

(58) خالد أبو الروس: "أحمد الطيب.. الإخوان أرادوا إهانة شيخ الأزهر فصفعهم بالانسحاب من تكريم «مرسي"، مقال لجريدة النهار الكويتية بتاريخ 4/7/2016، على الرابط:

https://www.annaharkw.com/ANNAHAR/Article.aspx?id=669422&date=05012017    

    فهو على المستوى الفكري يمتدح وسطية الإخوان، ولا يرى في فكرهم ما يستوجب المؤاخذة، وقد التقى بمرشدهم وقياداتهم لقاءً حمل كثيرًا من الود، وعقب عليه بامتداح أفكارهم، وتأميل التعاون معهم في مجال الدعوة...

    وهو قد قرب إليه رجالاً كانوا من الإخوان أو الدوائر القريبة منهم، منهم د. حسن الشافعي، مستشار الشيخ، ومنهم د. محمد عمارة، الذي ولاه مهمة إدارة مجلة الأزهر، صوت الجامع والجامعة، ومنهم السفير رفاعة الطهطاوي، وكان مستشاره، ثم أصبح رئيسًا لديوان رئاسة الجمهورية أيام الرئيس مرسي.

    وشيخ الأزهر هو نفسه قد امتدح الدكتور مرسي، وقال إنه التقاه قبل الرئاسة وكان فاضلاً ومهذبًا، شهد بذلك بعد وقوع الانقلاب، وحمى العداء للإخوان.

    لكنه على الجانب الآخر شديد التوجس من الإخوان جماعة وتنظيمًا، وقد امتلأ بقناعة مؤداها أنهم منافسون له، وأنهم يخططون لعزله، أو لأخونة الأزهر ومحاصرته برجال يدينون لهم بالسمع والطاعة، وهي هواجس قديمة، منذ كان رئيسًا للجامعة، ولقي تمردًا من طلاب الإخوان الذين مسهم الضر بالمنع الأمني من سكناهم بالمدن الجامعية، وهم طلاب معظمهم من الأقاليم، وأوضاعهم الاجتماعية لا تسمح بالسكن خارج الجامعة، كما أنه أحال عددًا منهم إلى التحقيق بسبب تشكيلهم اتحاد طلاب حر موازٍ للاتحاد الذي زيف التدخل الأمني نتائجه. ثم كان خطؤهم بأداء العرض الرياضي الذي سوّقه الإعلام زورًا بأنه عرض عسكري، وقد اعتذر الطلاب عنه، لكن أمن الدولة اعتقل عشرات منهم، وأحالهم مع بعض قيادات الجماعة إلى المحكمة العسكرية. وهنا نفتقد صوت الشيخ واستنكاره، من منطلق المسؤولية العلمية والرعاية الأبوية.

    ثم توالت تصريحات الشيخ تتهم الإخوان بالضغط عليه لتعيين بعض أساتذتهم في مناصب نواب الجامعة أو الإفتاء. كما مر بنا.

الفصل الثالث
موقف الأزهر من الانقلاب والعوامل التي أثرت فيه

وقع الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو 2013، واقتيد الرئيس الشرعي إلى محبسه، وتم العصف بجماعة الإخوان، حبسًا في غياهب السجون، وقتلاً في الشوارع والميادين، وكانت مذابح العسكر تتردد أصداؤها في أنحاء البلاد وخارجها: عند النصب التذكاري، وأمام الحرس الجمهوري، وفي ميدان رابعة العدوية، وميدان النهضة، وفي ميدان رمسيس، وعند مسجد مصطفى محمود، وفي ميادين مختلفة بعواصم المحافظات وشوارعها. وانعقدت المحاكمات الاستثنائية والعسكرية، وقدم إليها ألوف المناصرين للشرعية، وأصدرت أحكامًا سريعة بالجملة تقضي بإعدام المئات وحبس آخرين.. فخيَّمت على البلاد أجواء كئيبة من الرعب والفزع، ومن الحزن والأسى، بعد ثورة أمَّل فيها المصريون مستقبلاً أفضل لبلدهم وأمتهم.

    تشكك كثيرون في تلك الجولة الخليجية التي قام بها شيخ الأزهر الدكتور الطيب قبل الانقلاب في شهر إبريل 2013م؛ إلى كل من السعودية والإمارات؛ وهما الدولتان الضالعتان في مؤامرة الانقلاب تخطيطًا وتحريضًا وتمويلاً ودعمًا ومساندة حتى اليوم؛ حيث ترأس الطيب وفد الأزهر إلى الرياض يوم الخميس 18 إبريل 3013م الذي ضم  عددًا من هيئة كبار العلماء(59). وفي 27 إبريل ترأس وفدًا من كبار العلماء إلى دولة الإمارات العربية، حيث التقى محمد بن زايد وكبار المسئولين بدولة الإمارات؛ بدعوى استلام الطيب جائزة الشيخ زايد للكتاب، لاختياره شخصية العام الثقافية على مستوى العالم الإسلامي (60).

    هذه الجولات الخليجية المكثفة لشيخ الأزهر في هذا التوقيت كانت تمثل لغزًا أثار كثيرًا من علامات الاستفهام؛ حيث جاءت في وقت كانت الأرض تكاد تشتعل نارًا ضد الرئيس مرسي والإخوان، وأنصار الشرعية بوجه عام، وكثرت فيه محاولات التفجير والعنف التي كان يقوم بها من عُرفوا وقتها بالبلاك بلوك، وغيرهم، وتصاعدت فيها الخلافات بين الرئيس ونظامي الحكم في البلدين: السعودية والإمارات، وقد علق الأستاذ فهمي هويدي على هذه الزيارات في مقاله «رحلات شيخ الأزهر للخليج»، المنشور على “بوابة الشروق” بتاريخ 11 مايو 2013م؛ حيث اعتبر أن هذه الزيارات الخليجية للطيب "تبعث على الحيرة والقلق بأكثر مما تبعث على الارتياح". وأضاف: "إنني أشم في تلك الزيارات رائحة السياسة التي هي في طبيعتها مشكوك في براءتها، ذلك أن شيخ الأزهر حين يدعى إلى مناسبات لا علاقة لها بالدور العلمي أو الدعوى الذي تقوم به المؤسسة الكبرى التي يرأسها، فإن ذلك لا بد وأن يثير العديد من علامات الاستفهام والتعجب، وحين يُدعى الشيخ إلى بلد على غير صفاء أو وئام مع الدولة المصرية التي ينتمي إليها، فإن ذلك يفتح الباب لاحتمالات عدم البراءة، ومن ثم الشك في أهداف الزيارة التي قد يظن أن المراد بها فصل الأزهر عن الدولة. وحتى إذا كان ذلك الاحتمال الأخير مبالغًا فيه؛ ويحمِّل الأمر أكثر مما يحتمل، فألذى لا شك فيه أن الشبهة قائمة، وثمة قرائن عدة تؤيدها، وحريٌّ بشيخ الأزهر ألا يضع نفسه في ذلك الموضع"" . وربط هويدي بين هذه الزيارات وسوء استقبال الرئيس الإيراني أحمد نجاد حين زار الأزهر في فبراير 2013، وجرى إحراجه في تلك الزيارة، حين جاء الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ضيفا على القاهرة، وفوجئ الجميع بأنه هوجم وجرى إحراجه حين زار شيخ الأزهر. وليس بمقدوري أن أعرف مدى إسهام تلك الخلفية في الدعوات التي وجهت إلى الشيخ لزيارة بعض الدول الخليجية المستاءة من الثورة والأشد استياء من الإخوان. إلا أنني أزعم أن السلطة في مصر إذا كانت قد حاولت في الماضي استخدام الأزهر للقيام بدور في الخارج فضلا عن الداخل، فإن الدعوات الخليجية المتلاحقة التي وجهت لشيخ الأزهر تمثل تطورا جديدا وغير مسبوق، يحاول من خلاله الخارج أن يوظف الأزهر للقيام بدور في الداخل، وهو استنتاج أرجو أن تثبت الأيام أنه ليس صحيحا(61).

    ثم جاء مشهد الانقلاب، ومثَّل حضور شيخ الأزهر فيه - مع قائد الانقلاب ورأس الكنيسة وبعض قادة الجيش وشباب التمرد - نقطة فاصلة في تلك الفترة الكئيبة من تاريخ مصر، حيث ترتب عليها منح الانقلاب فرصة ادعاء الشرعية التي اجتمع من أجلها هؤلاء الفرقاء، وترتب عليها عزل الرئيس المنتخب، واعتقاله، ثم محاكمته، مع ألوف من أنصاره، وتعطيل الدستور الذي وافق عليه الشعب، وفرض حكم استبدادي دموي، دفع الشعب بكل فئاته أثمانًا باهظة نتيجة الترويج له.

    وفيما يلي نرصد أهم مواقف شيخ الأزهر في هذه الفترة، وما لها من تأثير في المشهد الثوري المصري العام.

 

المراجع

(59)( أحمد البحيري: «الطيب» يرأس وفد هيئة كبار العلماء إلى السعودية بعد دعوة خادم الحرمين، المصري اليوم - الجمعة 19 إبريل 2013م. الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/306003

(60)( يوسف العومي, هشام ياسين: شيخ الأزهر ووزير الثقافة يغادران إلى الإمارات العربية المتحدة،  المصري اليوم - السبت 27 إبريل 2013م. الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/309221 معتز نادي: المفتي يهنئ «الطيب» على «جائزة الشيخ زايد»: استطاع نشر وسطية الإسلام،  المصري اليوم - الإثنين 29 إبريل 2013م. الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/310032

(61)( فهمي هويدي: رحلات شيخ الأزهر للخليج،  بوابة الشروق - السبت 11 مايو 2013. الرابط: t.ly/Rd-Gc

كان صدور هذا البيان في 10 من شهر شعبان 1434هـ الموافق 19 يونية 2013م، أي قبل وقوع الانقلاب بأيام، في أجواء شديدة الخطر، ونذر هددت الشرعية التي جاءت بالرئيس ومجلس شوراه ودستوره، وكانت الفكرة المركزية التي تمحورت حولها مضامين البيان: «المعارضة السلمية لولي الأمر الشرعي جائزة ومباحة شرعا، ولا علاقة لها بالإيمان والكفر، أن العُنْف والخروج المُسلَّحَ مَعصِيةٌ كبيرةٌ ارتكبها الخوارِجُ ضِدَّ الخُلفاء الراشدين ولكنَّهم لم يَكفُروا ولم يخرجوا من الإسلام. هذا هو الحُكمُ الشرعيُّ الذي يُجمع عليه أهل السُنَّة والجماعة. والأزهرُ الشريفُ إذ يدعو إلى الوِفاق ويُحذِّرُ من العُنف والفِتنَة، يُحذِّرُ أيضًا من تكفير الخصوم واتهامِهِم في دِينِهِم"(62).

    واكب صدور البيان الحشد العام ضد الرئيس مرسي من الدولة العميقة وأدواتها الإعلامية، في حين لم يصدر شيخ الأزهر مثل هذه الفتوى سابقًا في حق مبارك أو المجلس العسكري، ولا بعد الانقلاب الذي أغرق البلاد بالدماء، بل أفتى في حق مبارك بعكسها، وقضى بحرمة معارضته والتظاهر ضده، وطلب من المتظاهرين العودة إلى منازلهم، وترك الميادين، كما مر بنا.

    ولا شك أن البيان كان ردة فعل لمن حرم الخروج على الحاكم من منطلق شرعي، وأتى استجابة لتساؤل قوى المعارضة عن جواز الخروج للتظاهر ضد الدكتور مرسي، لكنه -بعد ظهور شيخ الأزهر نفسه إلى جانب شخصيات أخرى ممثلاً المؤسسة الدينية على المنصة التي أذيع منها البيان للانقلاب- يمكن لأي محلل سياسي أن يفترض أن شيخ الأزهر أصدر فتواه ضمن سلسة التحضير للانقلاب العسكري(63)

    ومن هنا تكمن أهمية هذا البيان الذي يصح مضمونه "شرعا، لكنه في وقته كان ضمن بوارق تمهد للانقلاب على الرئيس الشرعي للبلاد. واعتبره عدد من العلماء والدعاة دعوة مبطنة إلى العنف والفوضى، وإراقة الدماء، وإحداث فتنة في المجتمع"، حيث إنه بالنظر إلى السياق الذي يصدر فيه هذا البيان، "فإن هذا بيان يثير الريبة، فالبيانات والفتاوى والأقوال والآراء يجب أن تراعي السياق الذي تصدر فيه، والمآل الذي تصير إليه، وهذا هو الفقه الحقيقي. ذلك أن السياق الذي يرد فيه هذا البيان هو سياق صراع ومنافسة شديدة يمارس فيها أتباع الثورة المضادة ضد أنصار الرئيس الشرعي العنف والتقتيل والتخريب، فالبيان بهذا يصب الزيت على النار. ومن ناحية المآل فالبيان يقول مفهومه للناس: "إن الخروج المسلح على الحاكم ليس كفرا، وإنما هو معصية، فانزلوا أيها الناس بالسلاح، واخرجوا على الحاكم فلستم بكافرين، وإنما هي معصية كبيرة، والله غفور رحيم"(64).

    هذا البيان استغلته وسائل الإعلام المعارضة للدكتور مرسي، فخرجت بعناوين رئيسة مثل: "أجاز شيخ الأزهر خروج التظاهرات السلمية ضد الرئيس المصري محمد مرسي"(65).

 

المراجع

(62) راجع نص البيان بيان هام من... - Alhabib Ali Al Jifri الحبيب علي الجفري | Facebook

http://www.alazhar-alsharif.gov.eg/Item/1123/2.

(63) د عزمي بشارة ثورة مصر ج2 ص 363-364 ط المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

(64)( مقال للدكتور وصفي أبو زيد على موقع رابطة علماء أهل السنة رابط المقال: https://www.rabtasunna.com/169.

(65)( شيخ الأزهر: التظاهر ضد الحاكم جائز | سكاي نيوز عربية  الرابط: t.ly/fI682 .

    ذكر شيخ الأزهر في هذا البيان أن "مصر الآن أمام خيارين أحلاهما مر، وأشد الأمرين مرارة هو صدام الشعب المصري، وسيلان دمه الزكي على التراب، لذلك - وعملاً بقانون الشرع الإسلامي القائل: بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعا، وخروجا من المأزق السياسي الذي وقع فيه شعب مصر، بين مؤيد للنظام ومعارض لاستمراره، وكل متمسك برأيه، لا يتزحزح عنه- لذلك كله، أيدت الرأي الذي انتهى إليه المجتمعون، وهو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، يحتكم فيها الشعب إلى صندوق انتخاب" ثم ختم بيانه بقوله: وأسأل الله سبحانه أن يصلح بهذا الخيار وهذا الرأي بين فئتين متخاصمتين، يعيشان على أرض واجدة، ويشربان من نيل واحد"(66)

وكنا نأمل أن يدعو شيخ الأزهر مجمع البحوث الإسلامية أو جماعة كبار العلماء ليتشاوروا حول الرأي إزاء ذلك الحدث الجلل، لكنه انفرد بتقدير أخف الضررين، وأهون الشرين. والشيخ لا خبرة له بدهاء ثعالب المخابرات، ومؤامرات قيادات العسكر، ومكائد تجار السياسة، وهذا واضح من الفقرة الأخيرة في بيانه: "أيدت الرأي الذي انتهى إليه المجتمعون؛ وهو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة"، وكأن الرجل قد فاته مراد هؤلاء في تحقيق انقلاب كامل عبرت عنه كلمة السيسي في الاجتماع نفسه، وليس مجرد إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، كما أنه في ختام بيانه وصف أنصار الشرعية وأنصار الانقلاب بأنهما "فئتين متخاصمتين" يتعايشان في إطار قواسم جامعة، وكأن ما حدث مجرد خلاف "بين فئتين"، في قضية تحتمل الاختلاف، ويتشارك فيها الطرفان الاجتهاد في إطار شرعي، وكأن الشيخ لم يدرك فداحة الخُلْف، وما سيترتب عليه من صراع ممتد، زاد الانقلاب شُقته، وتم تصويره من قبل إعلامه بأنه خلاف بين شعبين؛ لا التقاء بينهما؛ "احنا شعب وأنتم شعب".

وفي ذلك يخاطب الدكتور القرضاوي شيخ الأزهر قائلاً: "إن لم يكن لك نصيب من إدراك هذه المناكفات السياسية التي تموج موجًا، وتلك المؤامرات الحزبية، فحري بك أن تتبين، وألا تنقض بيعة في عنقك يسألك الله تعالى عنها يوم القيامة، وألا تتحمل آثام دماء تسفك، وأرواح تزهق، وحريات تقمع، وأحرار يبطش بهم. كان ينبغي ألا تلوث عمامة الأزهر، ولحية شيخه، بمساندة هؤلاء، الذين أثبتت الأيام القليلة الماضية فساد طوياتهم، وسوء مكرهم، وظمأهم نحو السلطة، وسعيهم إلى سدة الحكم عبر دماء الشهداء، وأشلاء الأحرار" لكن حضور الشيخ في ذلك المشهد قد ترتب عليه سبعة مشاهد أخرى:

    1- عزل الرئيس المنتخب: محمد مرسي، الذي انتخبه الشعب بإرادته الحرة، والانتخاب بمثابة بيعة في أعناق كل من شارك في هذا الانتخاب، يجب الوفاء بها، ثم إخفاؤه في مكان غير معلوم.

    2- تعطيل الدستور الذي رضيه الشعب المصري، واستفتي عليه، ووافق عليه بأغلبية 64%، والذي بُذلت في سبيل إعداده الأوقات الطوال من لجنة منتخبة، تمثل غالبية أطياف المجتمع المصري، والتي حرص أعضاؤها على التوافق لا المغالبة.

    3- إلغاء مجلس الشورى المنتخب، وهو أحد المؤسسات الرئيسية في الدولة.

    4- تعيين رئيس من قبل قائد الانقلاب العسكري، يدين له بالولاء والطاعة، يأتمر بأمره، وينزجر بنهيه، ولا يقدم بين يديه بكبير أو صغير، ولا يحرص على لقائه أو التواصل معه أحد، إنما جاء به ليكون واجهة مدنية مخادعة.

    5- تعيين وزارة تابعة لجبهة الإنقاذ، مع رموز الحزب الوطني المنحل.

    6- حملة من الاعتقالات نالت رموز العمل السياسي الشرفاء بمختلف توجهاتهم، كما اعتقل كثير من الضباط الذين يحافظون على توجههم الإسلامي؛ خشية أن ينضموا إلى أنصار الرئيس مرسي في ميدان رابعة أو ميدان النهضة، وأعقب فض الاعتصام اعتقالات واسعة في صفوف جماعة الإخوان المسلمين، وقادة التحالف لدعم الشرعية، ومنهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع.

     7- يضاف إلى ذلك إغلاق القنوات الفضائية الإسلامية، أو الحرة، وهي قنوات كانت تعمل في عهد مبارك نفسه، وحجب الصحف المعارضة للانقلاب، بل ومنع المقالات الحرة الجريئة للشرفاء والمخلصين من أبناء الوطن، مع التعتيم الإعلامي على الرموز الوطنية، والتشويه المتعمد لجهود خدمة الدولة والمجتمع، والتحريض الآثم على كل من لم يركع لقادة الانقلاب ودعاة الحلول الأمنية (67)

وترتب على حضور شيخ الأزهر ذلك المحضر الشائن استقالة العلامة الدكتور القرضاوي من هيئة كبار العلماء، وأصدر الشيخ بيانًا قال فيه: "وقال "فجعنا وفجع الشعب المصري بمشاركة شيخ الأزهر في مشهد الانقلاب"، وانتقد عدم دعوة شيخ الأزهر لاجتماع لهيئة كبار العلماء "لترى رأيها في الأحداث الجسام التي تمر بها مصر". وأضاف "انتظرنا شيخ الأزهر أن يرجع إلى الحق، وأن يعلن براءته من هذا النظام التعسفي.. ولكن يبدو أن الرجل يفضل الجلوس بين لواءات المشيخة على الجلوس إلى إخوانه العلماء". وأشار القرضاوي إلى أن منصب شيخ الأزهر والمناصب القريبة منه الآن تعد مغتصبة بقوة السلاح، لحساب الانقلاب العسكري المغتصب المشؤوم، على حد تعبير البيان(68).

وقد خالف الدكتور محمد عمارة عضوُ هيئة كبار العلماء موقفَ شيخَ الأزهر، وأصدر بيانًا معبرًا عن ذلك، حيث تتضمّن هذا البيان مجموعةً من النقاط الجوهرية في الأحداث، يحسن إيرادُها في هذا السياق:

 1- إن ما حدث في 3 يوليو 2013م هو انقلاب عسكري على التحول الديمقراطي، الذي فتحت أبوابه ثورة 25 يناير 2011م، والذي تمت صياغته في الدستور الجديد، حيث حدد قواعد التبادل السلمي للسلطة، عن طريق صندوق الاقتراع، كما هو متبع في كل الدول الديمقراطية.

2- إن هذا الانقلاب العسكري إنما يعيد عقارب الساعة في مصر إلى ما قبل ستين عاما، عندما قامت الدولة البوليسية القمعية التي اعتمدت سبل الإقصاء للمعارضين، حتى وصل الأمر إلى أن أصبح الشعب المصري كله معزولاً سياسيًا، تتم تزوير إرادته، ويعاني من أجهزة القمع والإرهاب.

3- إن هذا المسار الذي فتح هذا الانقلاب أبوابه لا يضر فقط بالتحول الديمقراطي للأمة؛ وذلك عندما يشغلها عن مهامها الأساسية - وفي الهزائم التي حلت بنا في ظل الدولة البوليسية لمن يعتبر- وإنما يضر كذلك بالقوات المسلحة.

4- ويزيد من مخاطر هذا الانقلاب أن البعض يريده انقلابًا على الهوية الإسلامية لمصر؛ وفي هذا فتح لباب الفتنة الطائفية، التي ننبه عليها، التي استقرت وتجذرت عبر التاريخ، ونحذر من شرورها.

5- إن الدستور الذي استفتي عليه الشعب قد أصبح عقدًا اجتماعيًا وسياسيًا وقانونيًا وشرعيًا بين الأمة والدولة. وبموجب هذا العقد فان الرئيس المنتخب ديمقراطيًا له بيعة قانونية وشرعية في أعناق الأمة مدتها أربع سنوات، والناس قانونًا وشرعًا عند عقودهم وعهودهم ومن ثَمَّ فإن عزله بالانقلاب العسكري باطل شرعًا وقانونًا، وكل ما ترتب على الباطل فهو باطل" (69)

    وكذا فعل المستشار طارق البشري في كل كتاباته وتصريحاته، حيث قال: "الانقلاب العسكري يتحمل دماء المصريين التي سالت اليوم، حيث عكست القوة العسكرية ثورة ديمقراطية قامت في 25 يناير، وانقلبت على فترة انتقالية تخللها دستور وانتخابات حرة، وقدمت قوة السلاح، وانتهجت العنف في مواجهة الجماهير الشعبية (70)

    ورفض البيان المئات بل الآلاف من المفكرين والعلماء وأساتذة الجامعة، وفي مقدمتهم العلامة الدكتور حسن الشافعي، مستشار شيخ الأزهر (71).

    وأصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بيانًا رافضًا لهذا الانقلاب، حيث أكد فيه حرمة الخروج والانقلاب على الشرعية والرئيس الشرعي المنتخب، وبطلان الإجراءات التي اتخذت لعزله شرعًا. وندد الاتحاد بشدة بإخفاء الرئيس الشرعي، وتهديده بالملاحقة القضائية، وبالهجمة الشرسة على الإسلاميين، وإيداع بعضهم في السجن، بمن فيهم رئيس البرلمان المصري المنتخب، وبعض أعضائه، الذين نالوا ثقة الشعب المصري في انتخابات نزيهة، الأمر الذي "ينذر بشر مستطير إن لم يتداركه العقلاء (72)

    وتتمثل خطورة المشهد الانقلابي الذي شارك فيه شيخ الأزهر أنه عاد بالأزهر إلى وضعية سابقة كان فيها تابعًا للمؤسسة العسكرية الحاكمة، ولنظم الحكم المستبدة التي أخرته منها ثورة يناير، ومساحة الحرية التي أعقبتها، وأهلت الأزهر لمقام حميد، ومرتقى رائد، كان فيه الجامع بين القوى الوطنية، ومكنته من إصدار وثائق ماتعة، نقلت مؤسسة الأزهر إلى فضاء فسيح، حرمتها منه عقود من القهر والاستبداد.

 

المراجع

(66) كلمه شيخ الازهر للشعب المصري 3-7-2013 (youtube.com). الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=dyolDqBaIeQ

(67)( وقفات مع شيخ الأزهر وقضية الانقلاب على الشرعية (1/5)، موقع سماحة الشيخ يوسف القرضاوي على الرابط:

https://www.al-qaradawi.net/node/2848

(68) رابط الموقع والاستقالة.  t.ly/pQHpp

(69)   رابط خلاصة البيان على موقع المسلم دوت نت, مقال بعنوان: شرف الكلمة.. بين صدق عمارة ودجل أدونيس : https://almoslim.net/node/187002

(70) طارق البشري " طارق البشري.. فقيه قانوني قاد لجنة دستور الثورة ورفض انقلاب السيسي" موقع الاستقلال  https://www.alestiklal.net/ar/article/dep-news-1613242794.

https://www.youtube.com/watch?v=XqCtj0JPTu8&t=56s.

(71) رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=oEG45y6I6rA

(72) راجع نص البيان على موقع  الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. الرابط t.ly/rIGMA بتاريخ  5 صفر الموافق 8 ديسمبر 2013 وعلي الرابط: t.ly/C5R_s بتاريخ 22شوال 1434هـ الموافق:29/8/2013م والرابط: t.ly/LvDWS بتاريخ: الأول من رمضان 1434 الموافق 2013/07/09

    يذهب د. محمد الصغير -مستشار وزير الأوقاف في فترة حكم الرئيس مرسي -إلى أنَّ نسبة السعي في الانقلاب على الرئيس المنتخب إلى شيخ الأزهر، أو القول برضاه عن المذابح والمجازر التي وقعت في أعقابه، أمر يحتاج إلى مراجعة وإنصاف، وألا يقيَّم موقف الشيخ باعتبار أنه رجل ثورة، بل رجل دولة، يبتغي الحفاظ على مؤسسته، فالجميع رأى شيخ الأزهر على منصة الانقلاب، لكن لم يستمع أحد لكلمته في حينها، فالكل أغلق التلفاز بعدما أغلق عبدالفتاح السيسي باب الحرية، وانقلب على الشرعية، معلنًا السيطرة على الحكم بالدبابة والبندقية، بل الغالبية لم تكلف نفسها حتى الآن بالرجوع إلى كلمة شيخ الأزهر حتى تتهمه على بينة، ومن فمه تدينه، وخلاصة كلمته أنه تخوَّف من فتنة داخلية، واحتراب أهلي، فوافق على خطة تحافظ على الدماء المعصومة، من خلال انتخابات رئاسية مبكرة من باب ارتكاب أخف الضررين. وهذا ما قيل له في حينها، وليس هو أول من انخدع بالعساكر، فوافقهم، وبارك خطتهم (73)

      وواضح أن المخططين للانقلاب كانوا حريصين على أن تخرج الصورة على هذا النحو، وأن الشرعية الدينية كانت جزءًا مهمًّا من الخطة، والتي يمثل حضور شيخ الأزهر بمكانته ورمزيته رسالة مهمة حين تصدير مشهد الانقلاب للعالم، نعم كان وجود تواضروس بطريرك الكنيسة القبطية مهمًا للغاية من زاوية أخرى، لكنه لا يصل في رمزيته إلى قيمة ومكانة شيخ الأزهر في بلد تبلغ نسبة المسلمين فيه نحو 95% من عدد سكانه.

    وإلى جانب الطيب وتواضروس أريد بمشاركة ممثل عن حزب النور أن يبعث رسالة مفادها أنَّ كل قيادات ورموز الحركة الدينية في مصر أجمعت على الإطاحة بمرسي، رغم أن أغلبية المنتمين للأزهر كانوا ضد الانقلاب، وقد برهنت احتجاجات أساتذة وطلاب جامعة الأزهر على ذلك، كذلك كان أغلبية السلفيين يؤيدون الرئيس مرسي باستثناء نسبة محدودة من حزب النور، وقد انشق الآلاف عن الحزب والدعوة السلفية لاحقًا بسبب انحيازهم للانقلاب الذي يتصادم مع نصوص القرآن والسنة في إجماعها على تحريم الخروج على الإمام الشرعي.

    من جهة ثانية، فإن مشاركة الدكتور الطيب كانت استدعاء من الجيش، لم يملك رفضه أو مناقشته، ولا يجرؤ حتى على ذلك، حيث أرسلت القوات المسلحة طائرة عسكرية إلى الأقصر لإحضار الطيب.

    ومما أثار الهواجس حول حقيقة موقف الشيخ الطيب من الرئاسة في الفترة السابقة على الانقلاب أنه لم يشارك في المؤتمر الذي حضره الرئيس مرسي يوم الأربعاء 26 يونيو، والذي حضرته قيادات رفيعة بالدولة (74)، وتنقل "المصري اليوم" عن مصادر مقربة من شيخ الأزهر أنه كان يتعمد السفر إلى الأقصر في كل مرة يلقي فيها مرسي كلمة، أو يشارك في مناسبة (75)

    وقد ذكر شيخ الأزهر ذلك لاحقًا في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة بعد استقرار الانقلاب، يوم 31 ديسمبر 2014م، حيث كشف أنه تعمد عدم حضور خطابات مرسي بدعوى أنها كانت تشهد هجومًا شديدًا على المصريين، وتتضمن إهانات بالغة لهم(76).

    ثم أعلنها الدكتور الطيب بكل وضوح: "لو لم يساند الأزهر ثورة 30 يونيو لكان في قائمة الخِزي والعار" (77).

    وقد أصدر الأزهر بيانًا في 9 يوليو 2013م، اعتبر المشاركة في مشهد الانقلاب موقفًا وطنيًا، يعدّ التخلف عنه خيانة للواجب المفروض بحكم المسؤولية (78).

 

المراجع

(73) مفاجأة من العيار الثقيل د. محمد الصغير يبرئ شيخ الأزهر من الانقلاب على الرئيس الشهيد محمد مرسي https://www.youtube.com/watch?v=rmxqMEszZK8  .

(74) الغطاء الديني لجريمة الانقلاب ...دور مشيخة الأزهر https://politicalstreet.org/5305/#_ftn3.

(75)( أحمد البحيري: مصادر: شيخ الأزهر وصل اجتماع «عزل مرسي» بطائرة عسكرية،  المصري اليوم - الخميس 04 يوليو 2013م. الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/231204

(76)( أشرف عبد الحميد/ الطيب: رفضت حضور خطابات مرسي لأنها كانت تهين الشعب/ العربية - 31 ديسمبر 2014م. الرابط: t.ly/UM6kf

(77)( أحمد البحيري/شيخ الأزهر: عدم مساندة 30 يونيو «عار».. ونرفض التكفير/ المصري اليوم - الأربعاء 31 ديسمبر 2014م. الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/617658

(78) «الأزهر» ينتقد فتوى «القرضاوي» حول ثورة «30 يونيو»/ الشروق - الثلاثاء 9 يوليه 2013. الرابط: t.ly/pydaP

    سببت مواقف شيخ الأزهر بعد حضوره في مشهد الانقلاب انقسامًا عند المراقبين، في وقت كان الشارع المصري فيه منقسمًا بالفعل بين مؤيدي الشرعية، وأنصار الانقلاب، فمنهم من رأى أن الأزهر انحاز لشعب مصر الأصيل، وحافظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصري، ومنهم من اشتد عجبه، وعلا نكيره على مؤسسة عريقة تنهار هيبتها، وتنكص على أعقابها. وعلى كل حال كان موقف الأزهر لا يمثل الإجماع الوطني الذي نشده في الفترة السابقة، وعبر عنه بوثائقه التي أصدرها في فترة حكم المجلس العسكري، وأسهم في الانقسام المجتمعي، وأدخل الأزهر في أتون الصراع السياسي. بل سعى النظام الانقلابي إلى توظيف الأزهر في مساره السياسي، كما كان يفعل منذ ثورة 1952. فخيَّب آمالاً انعقدت بعد ثورة يناير في استقلال الأزهر، واستعادة دوره ومكانته.

    ومن يحاولون اتخاذ موقف وسط بين المؤيدين والمعارضين يرون أن شيخ الأزهر كان مذبذبًا، في بعض الأحيان يجهر بالانحياز للانقلابيين، ثم يستنكر لاحقًا مذابحهم، ثم يعود فيؤيدهم؛ فهو أسير لتكوينه النفسي، وقربه من السلطة على مدار أكثر من عقدين من الزمان، بل قامت المشيخة بدورها في الذود عن الانقلاب، وتبرير جرائمه بفتاوى سياسية؛

    لا بد من رصد الثابت والمتغير في مواقف الشيخ تجاه الإخوان والانقلاب، فقد ظل يدافع عن موقفه في تأييد الانقلاب، ويبرر له..

    وللأسف لم نجد تراجعًا من شيخ الأزهر عن تأييده الانقلاب بعد مضي السنوات على يومه المشؤوم، بل وجدنا دفاعًا عن موقفه، وتبريرًا له، فقد أصدر الأزهر بيانًا في 9 يوليو 2013م، اعتبر المشاركة في مشهد الانقلاب موقفًا وطنيًا، يعدّ التخلف عنه خيانة للواجب المفروض بحكم المسؤولية (79). بل جادل بأن " شيخ الأزهر أكبر من أن يقفَ مع طائفة ضد طائفة"، يقول ذلك بعد أسبوع من انقلاب الجيش ضد أغلبية الشعب كما عبرت عن نفسها في الاستحقاقات الانتخابية المتتالية. ولو كانت أغلبية الشعب معه ما لجأ إلى القوة العسكرية الغاشمة.

    بل إن الشيخ بعد عام ونصف من الانقلاب، وبعد سيلان دماء الألوف في ربوع الوطن هاجم الإخوان في 31/ 12/ 2014، في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة، حيث قال: “لو لم يساند الأزهر ثورة 30 يونيو لكان في قائمة الخِزي والعار" (80).

    ولما وقع الانقلاب كان الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية مؤيدا لهذا الانقلاب الدموي الغاشم، بل دعم السيسي بالأموال، وأرسل -بمجرد وقوع الانقلاب- برقية تهنئة للمستشار عدلي منصور على منصب رئاسة الجمهورية المغتصب من قبل الانقلابيين، ويشد على أيدي رجال القوات المسلحة، ووزير الدفاع، قائد الانقلاب، السيسي، ووصفهم بأنهم "الذين أخرجوا مصر في هذه المرحلة من نفق، الله يعلم أبعاده وتداعياته". وقد خرج بيان لشيخ الأزهر بعد فض رابعة بيومين يشيد بموقف “خادم الحرمين” ويصفه بلاده بأنها بحصن العروبة والإسلام (81)

 

المراجع

(79)( «الأزهر» ينتقد فتوى «القرضاوي» حول ثورة «30 يونيو»/ الشروق - الثلاثاء 9 يوليه 2013. الرابط: t.ly/pydaP

(80)( أحمد البحيري: شيخ الأزهر: عدم مساندة 30 يونيو «عار».. ونرفض التكفير، المصري اليوم - الأربعاء 31 ديسمبر 2014م. . الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/617658

(81)( موقع النشرة https://n9.cl/k36kv الخميس 04 تموز 2013   00:10 النشرة الدولية.

    وقد صدر نداء الكنانة في 27ما?و2015م ووقعه 159 من العلماء والدعاة، وعشر منظمات إسلامية، وأدان بقوة "المنظومة الحاكمة" في مصر، ووصفها بأنها "منظومة مجرمة قاتلة... انقلبت على إرادة الأمة واختيارها، وخطفت رئيسها الشرعي المنتخب"، ودعا إلى "مقاومتها والإجهاز عليها بالوسائل المشروعة كافة، حفاظاً على ثوابت الأمة، وحرصاً على المقاصد العليا للإسلام." ووصف قادة الانقلاب وأدواته من قضاة وإعلاميين وساسة؛ وكل من شارك فيه أو حرض عليه بأنهم قتلة، ويجب القصاص منهم بضوابطه الشرعية"، وذكر أن "الدفاع بأية وسيلة مشروعة عن النفس والعرض والمال حق مشروع، بل واجب شرعي." ودعا إلى تحرير الرئيس مرسي والمعتقلين، وأدان البيان مشاركة شيخ الأزهر في الانقلاب، واعتبر أن شرعيته سقطت، وحمَّل المفتي تبعات موافقته على أحكام الإعدام الجائرة بحق أعداد كبيرة منهم (82).

    فرد الأزهر على نداء الكنانة بما عُرف بـ "نداء المحروسة" في 11 أغسطس2015م، وبعض المواقع تنسب "نداء المحروسة" إلى علماء الأزهر مثل موقع صدى البلد (83)، وموقع المصري اليوم (84) والقليل منها ينسبه إلى شيخ الأزهر، ومنها موقع "الوطن" (85).

    ودافع "البيان بحرارة بالغة عن النظام الحاكم بعد الانقلاب، فقال: "أن حكام مصر الحاليين لم يقتلوا أحدًا، وإنما القتلة هم الذين غرروا بالمتظاهرين والمعتصمين من أتباعهم، وأفتوهم، وحللوا لهم الخروج المسلح على الجيش والشرطة والشعب من أجل حكم الناس رغم أنوفهم. ودفعوا بأبناء الفقراء والبسطاء إلى التهلكة والموت، بينما كثير من كبرائهم يتمتعون برغد العيش في ظل حماية حكومات حاقدة على مصر وشعبها"، وقال البيان: "ومن أكاذيبهم أن حكام مصر ظاهروا أعداء الأمة، ووالوا الصهاينة، والحقيقة أن نظام الحكم الذي عزله شعبه هو الذي ناصر أعداء الأُمَّة، وحكَمَ مصر عامًا كاملًا لم يجاهر فيه بموقف عدائي واحد تجاه أعداء مصر والمتربصين بها، وهذا أمر معروف للجميع، بل إن مصر عانت وعانى شعبها في ظل هذا الحكم أزمات اقتصادية خانقة، واضطرابات لم تمر بمثلها منذ قرون مضت".

    ودافع البيان عن شيخ الأزهر في حضوره مشهد الانقلاب، وعن المفتي في تحمله المسؤولية الشرعية والجنائية عن الأرواح التي صدق على أحكام إعدامها، ودافع عن القضاة والضباط والجنود والمفتين والإعلاميين والسياسيين الذين شاركوا في سفك الدماء، وشكك في الهيئات الشرعية التي وقعت على نداء الكنانة (86)"

    وقد أشاد المفتي بنداء "مصر المحروسة"(87)، وأيدته الدعوة السلفية (88)، والمجلس الأعلى للطرق الصوفية (89)، ونقيب الأشراف، وجامعة القاهرة (90).

    إن الأزهر بصفته الرسمية هو الذي أصدر البيان، سواء كان من أصدره الشيخ نفسه أم علماؤه، فهؤلاء العلماء لم يتطوعوا بالرد من ذوات أنفسهم، إنما كلفوا بذلك من جهة المشيخة، وهذا هو المعتاد في بلادنا، حتى إن كان العلماء -غير المحددة أسماؤهم- هم من تولى كبره فقد كان بوسع الشيخ أن يتبرأ من نسبته إليه. وربما آثر الشيخ ألا يُنسب الأمر إليه صراحة لما في البيان من سفور في عداوة أنصار الشرعية، ودفاع عن الانقلاب، وتبرير له.

 

المراجع

(82)  رابط موقع الجزيرة وفيه تقرير فيديو عن نداء الكنانة،  رابط نداء الكنانة على موقع رابطة علماء أهل السنة التي تبنت البيان وصدر باسمها: وموقع سي إن بالعربية رابط https://arabic.cnn.com/middleeast/2015/05/29/egypt-kenana-ikhwan

(83) https://www.elbalad.news/1659013

(84) المصري اليوم: رابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/790607#google_vignette

(85)  الوطن رابط: https://www.elwatannews.com/news/details/785424

(86) راجع نص البيان على رابط موقع صدي البلد: https://www.elbalad.news/1659013

(87) راجع نص تصريحه على موقع  الوطن الرابط: https://www.elwatannews.com/news/details/785256

(88) راجع نص التصريح على موقع المصري اليوم الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/791731#google_vignette

(89) راجع نص التصريح على موقع المصري اليوم الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/792992

(90) راجع نص التصريح على موقع  المصري اليوم  الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/794836

    في مايو 2016 زار وفد من الأزهر السنغال تمهيدًا لزيارة شيخ الأزهر، وفوجئ الوفد بطلب أحد علماء السنغال منهم أن يحدثوه عن  "فضل الانقلاب"، وهاجم الوفد بسبب تأييد الأزهر الانقلاب، وقامت الجماعة عبر صفحة حزبها (الحرية والعدالة) الرسمية بنشر مقطع الفيديو، مما فجر غضب وكيل الأزهر د. عباس شومان، فقال في تصريح لجريدة "الشرق الأوسط" إن الإخوان "حاولوا الترويج لأفكارهم المسمومة، ومآربهم القميئة؛ من خلال أسئلة أقل ما يقال عنها إنها (أسئلة تهكمية خبيثة)، ودافع شومان عن الانقلاب بأنه تم بموافقة "أهل الحل والعقد"، وذكر منهم الكنيسة المصرية!

    وذكر أن ولاية المتغلب جائزة عند الفقهاء المسلمين، وأن رئيس الانقلاب انتخب رئيسًا برضا المصريين بعد عام واحد، فأصبح حاكمًا شرعيًا وليس منقلبًا!!

    وتساءل: ثم ماذا لو رفض الأزهر تأييد ما اتفقت عليه الأطراف الممثلة لمؤسسات الدولة جميعًا، وتم الأمر على صورته التي سار عليها بعد ذلك؟ أكان ينفع الدولة والناس انفصال أهم مؤسساتها عنها؟ وهل كان الناس سيشفعون للأزهر وشيخه إذا رفض ما اتفق عليه الجميع، ونتج عن ذلك اشتباك المؤيدين والمعارضين وسالت الدماء في الشوارع والميادين؟ ويكون الأزهر - حاشا لله - هو المتسبب فيها بموقفه الرافض لما انتهى إليه المجتمعون؟ وهل بمقدور الأزهر وعلمائه تحمل تبعات الدماء عند الله عز وجل في الآخرة؟ (91) 

    إن صراحة وكيل الأزهر قد كشفت عن أحد مبررات الأزهر لتأييد الانقلاب أنه كان يخشى العاقبة في حال معارضته الانقلاب، ثم نجاحه بالرغم من ذلك، مما سيترتب عليه انفصال الأزهر عن سياق الدولة والمجتمع. وهذا التبرير الانتهازي - الذي يتستر بمصلحة الأزهر من حيث كونه مؤسسة- ينبغي استحضاره إزاء تهافت حجج الأزهر الشرعية في تبريرا موقفه.

 

المراجع

(91) تقرير موقع الشرق الأوسط، بتاريخ 17 مايو 2016، على الرابط: t.ly/vY_J4

وجهت جريدة «الوطن» يوم  19 ديسمبر 2020م سؤالاً إلى "مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية" التابع لمشيخة الأزهر للاستفتاء حول حكم الدين الإسلامي في الانضمام لجماعة الإخوان "الإرهابية" وباقي الجماعات المتطرفة، فأجاب - في فتوى مكتوبة- بأن الله أمر بالاعتصام بالكتاب والسنة، والوحدة والابتعاد عن الفتن، ثم قال: "بدا واضحًا جليًا للعامة والخاصة والصغير والكبير ما قامت به هذه الجماعات من تشويه لبعض النصوص، واقتطاعها من سياقها، واستخدامها لتحقيق أهداف أو مآرب شخصية، وإفساد في الأرض بعد إصلاحها، من خلال غرس الفتنة، والوقيعة بين أبناء الوطن الواحد، بل أبناء الإنسانية كلها، ورمي المجتمعات بالكفر وغير ذلك، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل... من خلال ما سبق عرضه يحرم الانضمام لهذه الجماعات، وبناء على ما تقدم من أدلة فالانتماء إلى تلك الجماعات المتطرفة يُعد حرامًا شرعًا".

وأوردت جريدة "الوطن" هذه الفتوى تحت عنوان كبير: "لأول مرة.. «الأزهر» يفتي بحرمة الانضمام للإخوان: مفسدون يغرسون الفتنة" (92).

وقام موقع عربي21" بإجراء تحقيق حول هذا الأمر، وقام بمراجعة الصفحة الرسمية لموقع "مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية" على "فيسبوك"، فلم يعثر على الفتوى. ويعرف المركز نفسه عبر "فيسبوك"، بأنه "يهتم بنشر الفتاوى والإرشادات الفقهية على وسطية الإسلام ومنهج الأزهر الشريف".

وبمجرد نشر خبر الفتوى انهالت الفتاوى المؤيدة لها من قبل وزير الأوقاف مختار جمعة، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ومجمع البحوث الإسلامية، مثمنين خطوة مركز فتاوى الأزهر بتحريم الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين.

وتوجه موقع عربي 21 إلى عضو "اللجنة العُليا للإفتاء" بالأزهر الدكتور نصر فريد واصل، الذي كشف أن "مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، الذي صدرت عنه فتوى تحريم الانضمام لجماعة الإخوان يتبع مشيخة الأزهر". وقال: "إننا في مشيخة الأزهر من نشرف على مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية"، مؤكدا أنه "موقع رسمي يمثل الأزهر الشريف وشيخه الطيب". وأنها "فتوى صحيحة وصادرة عن الأزهر وتمثل المشيخة".

وحول أسباب صمت شيخ الأزهر حول تلك الفتوى قال: "لو كان لشيخ الأزهر موقف آخر لأعلنه صراحة"، وتابع: صحيح أنه لم يذكر اسم جماعة الإخوان المسلمين نصًّا في هذا الإطار، ولكن الحديث ينطبق عليهم. وجزم بأنه "لا يخرج عن المركز أية فتاوى إلا بعد مراجعتها، وموافقة كبار العلماء بالمشيخة عليها.

وكان الأزهر الشريف قد تعرض خلال شهر نوفمبر 2020م لضغوط من إعلام نظام الانقلاب مطالبة شيخه أحمد الطيب بإصدار بيان رسمي يصنف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. تلك المطالبات والضغوط على الأزهر جاءت إثر إصدار "هيئة كبار العلماء بالسعودية"، في 10 نوفمبر 2020، و"مجلس الإمارات للإفتاء في 24 نوفمبر 2020، بيانات تصنف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. وتزايدت تلك الضغوط بعد إشادة وزير الأوقاف مختار جمعة، ومفتي مصر شوقي علام ودار الإفتاء المصرية، ببيان "علماء السعودية"، وتأييدهم العلني له(93).

 

المراجع

  (92)  الوطن https://www.elwatannews.com/news/details/5149663#goog_rewarded

 

 (93) تقرير "هذه حقيقة فتوى مركز يتبع الأزهر تحرم الانضمام للإخوان، موقع عربي 21، بتاريخ 22 ديسمبر 2020 على الرابط:  t.ly/zJ_Wy

    بل إن شيخ الأزهر ما يزال بعد مرور تلك الأحداث الجسام؛ وانكشاف سوءات الانقلاب ومآلاته؛ يتقدم إلى "الرئيس" عبد الفتاح السيسي بخالص التهنئة بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة 30 يونيه في 30 يونية 2023، ويدعو أبناء الوطن إلى استمرار التكاتف، والاصطفاف صفًا واحدًا خلف قيادته الحكيمة ومؤسساته الوطنية (94)، وكذلك فعل في الذكرى الحادية عشرة بنص تغريدته على منصة X يوم 28 يونية 2024(95)، وظل حريصًا على ذلك كل عام. قد يكون هذه تقليدًا بروتوكوليًا معتادًا لكن المآسي التي خلفها الانقلاب كانت تستدعي موقفًا حصيفًا يخلو من الاستفزاز.

 

المراجع

(94) رابط مقال اليوم السابع: t.ly/0Qc9m

(95) https://rb.gy/dyavi6

    وفي مقابل ذلك تتابعت تصريحاته وبياناته التي تأسف للدماء التي أريقت، والمجازر التي وقعت، بعد الانقلاب. كما سنرى، في الوقت الذي خلت فيه من أي تصرف عملي يحول هذه الأسف والحزن إلى إجراء عملي واضح يدين النظام الانقلابي الذي ادعى أنه قام ليحفظ الوطن ويحول دون تفاقم الانقسام، والوصول إلى التقاتل بين الفريقين.

    ففي يوم 6/7/2013 وقف الشيخ محذرًا المصريين من فتنة مهلكة، تذهب بوحدتكم..  فتنة تصرف قواتنا المسلحة الباسلة عن مهمتها الوطنية الأصلية"، وذلك بعد وقوع مذبحة في الإسكندرية إثر اندلاع مظاهرات واجهتها قوات الشرطة مدعومة بالجيش وعصابات من البلطجية المتعاونين معهم، فاضطر المتظاهرون معها إلى اللجوء إلى مسجد القائد إبراهيم، فتعقبتهم قوى الأمن فقتلت عددًا منهم، وأصابت آخرين(96)، فتصدى له الشيخ القرضاوي قائلاً: "بدلا من أن تنادي بالقصاص لهؤلاء المظلومين العُزْل المحاصرين في مسجد القائد إبراهيم، والذين يستغيثون بالشرطة، فتكون لهم كالمستغيث من الرمضاء بالنار، ثم يستنجدون بسيارات الإسعاف لتنقل الجرحى النازفين، قبل أن يفارقوا الحياة، فتمنعهم الشرطة وعصاباتها من البلطجية، بدلا من أن تنتصر لهؤلاء المستضعفين السلميين تقول: إنها فتنة تطل برأسها؟ لو أن ما حدث يا شيخ الأزهر، قد حدث في كنيسة أترى أساقفتها سيقولون: فتنة تطل برأسها، أم سينتفضون دفاعا عن دور عبادتهم، ودماء المتعبدين فيها، المعتدى عليهم؟! (97)

    ولم تنته جرائم النظام، فقد ارتكب مذبحة مروعة أمام مبنى الحرس الجمهوري يوم 8/7/2013، أي بعد يومين من جريمة الإسكندرية، وكان المستهدف فيها المصلون أيضًا! واستشهد فيها نحو مائتين، وأصيب أكثر من أربعمائة، واعتقل المئات، احيل 200 منهم للمحاكمة، وكانت الحادثة مروعة إذ أطلق النيران الكثيفة وقنابل الغاز لتحصد المتظاهرين وهم في الركعة الثانية من صلاة الفجر، ولم تكتف قوات الشرطة والجيش بذلك، فقد كانوا -وفق  شاهد عيان- "يفتشون الخيام، ويتفقدون الجرحى، ويجهزون عليهم بدم بارد، ويتأكدون من موت كل من أصيب، وأخذوا شيئا فشيئا بدخول مداخل العمارات المجاورة لدار الحرس الجمهوري لتمشيطها، وتصفية واعتقال من تبقى فيها، وبالفعل رأيتهم يقتحمون مصلى كان تحت عمارات العبور 2 ، وقد أجهزوا على كل من فيه من المعتصمين الذين احتموا بداخله.."(98)

     ولعظم الفاجعة؛ وما سببته من صدمة، فقد أعلن حزب النور وحزب مصر القوية إدانتهما الحادثة، وانسحابهما من خارطة الطريق التي وضعها قائد الانقلاب، وطالب الحزبان وأحزاب أخرى، وقوى سياسية متعددة ضرورة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة. وهنا أيضًا أصدر شيخ الأزهر بيانًا استنكر فيه القتل، وعزى فيه أسر الشهداء، وواسى الجرحى والمصابين من أبناء مصر، وطالب بفتح تحقيق عاجل، ودعا إلى المصالحة الوطنية الشاملة التي لا تقصي أحدًا، والإعلان عن مدة الفترة انتقالية، وقال: لا ينبغي أن تزيد على ستة أشهر (99)

    استنكر بيان شيخ الأزهر في 21 يوليو قتل ثلاث متظاهرات بالمنصورة، في اعتداء على المتظاهرين السلميين من جانب بلطجية الانقلاب، واعتبره متنافيًا مع مبادئ الدين والمروءة (100).

    لكن شيخ الأزهر أصدر يوم 25 يوليو 2013 بيانًا - بثه التلفزيون الرسمي - يدعو فيه المواطنين إلى الاستجابة لنداء عبد الفتاح السيسي في جمعة التفويض 26 يوليو لمواجهة ما أسماه بالعنف والإرهاب المحتمل. وقال الشيخ في حديثه: "أيها المصريون هبوا لإنقاذ مصر مما يتربص بها، وتحملوا مسؤولياتكم أمام الله والتاريخ، وأنتم قادرون على تجاوز هذه الأزمة وهذه المحنة"، ودعا إلى التعبير عن الرأي بصورة حضارية، من دون انزلاق الى دائرة العنف، أو مستنقع الفوضى" مضيفا "إن أزهركم يدعوكم أن تحرصوا كل الحرص على التعبير عن رأيكم بصورة سلمية".

وكان الأولى بالشيخ أن يحذر من مثل هذه الدعوات التي لا يمكن الاحتراز فيها من الدماء، بل لا بد أن يجري تفسيرها على أنه تفويض بالقتل والظلم، وتأويل كل حراك رافض للانقلاب على أنه إرهاب، وهو ما تم بالفعل، ومن الغريب أنه في نفس اليوم عبرت أمريكا وفرنسا عن قلقها، ودعا المتحدث باسم البيت الأبيض إلى ضبط النفس، وحذر من "أي خطاب يشعل التوتر" (101)

    وكانت النتيجة فادحة إثر التفويض، إذ ارتكب الجيش مجزرة النصب التذكاري في 27-7-2013م، أي في اليوم التالي للتفويض. فصدر بيان من شيخ الأزهر جاء فيه: ""إنَّ الأزهر الشريف وقلبه يتمزق ألما بسبب تلك الدماء الغزيرة التي سالت علي أرض مصر اليوم، يستنكرُ ويدين بقوة سقوط هذا العدد من الضحايا، ويعلن أن هذه التصرفات الدموية ستفسد على عقلاء المصريين وحكمائهم كل جهود المصالحة ومحاولات رأب الصَّدع ولم الشمل، وعودة المصريين إلي توحدهم كشعب راق متحضر". داعيًا فيه إلى الجلوس على مائدة الحوار، وجعله الحل الوحيد لوقف سفك الدماء(102).

    ومن الواضح أن شيخ الأزهر كان واقعًا بين مطرقة العسكر وسندان المنصب؛ ومن هنا تلحظ في تصرفاته التناقض العجيب، فقد أفتى الطيب بتحريم التظاهر ضد مبارك، لكنه أفتى بجواز التظاهر ضد الرئيس محمد مرسي قبل 30 يونيو(103)، وكان موقفه مواليًا للرئيس الأسبق حسني مبارك إبان ثورة 25 يناير؛ لكن الشيخ لم يتبنَّ الموقف نفسه مع الدكتور مرسي، بل شارك في اجتماع إعلان خارطة الطريق في 3 يوليو/تموز 2013م والتي أطاحت بالدكتور مرسي  (104)

    وفي مظهر آخر من مظاهر التناقض؛ في أعقاب مذبحة رابعة العدوية ونهضة مصر وهو اليوم الأكثر دموية في تاريخ مصر الحديث، والذي قتل فيه قرابة ألف مصري مع سبق الإصرار والترصد؛ خرج شيخ الأزهر ببيان في ذات اليوم 14/8/2013 دعا فيه إلى ضبط النفس وتغليب صوت العقل والحكمة، وجمع أطراف الصراع على مائدة حوار جادة مخلصة للخروج من الأزمة الراهنة، وأسف شيخ الأزهر لوقوع عدد من الشهداء، وترحَّم عليهم، وعزي أسرهم، وأعلن في البيان أنه لم يكن يعلم بإجراءات فض الاعتصام إلا عن طريق وسائل الإعلام، وطالب بالكف عن محاولات إقحامه في الصراع السياسي، وأعلن شيخ الأزهر أنه سوف يعتكف في بيته احتجاجا على سفك الدماء (105)

     وعقب مذبحة رمسيس أصدر شيخ الأزهر بيانًا في 17/8/ 2013م ، أرسل فيه رسائل عدة: كانت الأولى لرجال الجيش، حيث وصفهم بأنهم "خير أجناد الأرض"، وأن الأزهر يقف خلفهم، ويناشدهم الحفاظ على الأرواح، والصبر الجميل تجاه انفعالات المتظاهرين! ورسالة إلى أبناء مصر من جماعة الإخوان المسلمين والمتحالفين معهم، فقال لهم: إن الشرعية لا تُكتسب بدماء تسيل، ولا بفوضى تنتشر في البلاد، وناشد من لم يثبت تحريضه على العنف أن يجنح للسلم، ويسعى إلى الحوار، ويوصيهم بحماية مصر، ولم يقصر الشيخ في بيان فضل مصر على أبنائها، فقد ولدوا فيها، وتربوا على أرضها، وشربوا من نيلها... وهو بيان مستفز وداعٍ إلى الغضب، وقد رد عليه الدكتور يوسف القرضاوي مستنكرً، فقال مخاطبًا شيخ الأزهر: "لقد كنتُ أظنهم قد غرَّروا بك، فعلمتُ بقولك أنك ممن أوحى لهم، وكنت أحسبك متورطًا؛ فعلمت أنك متآمر، وكنت إخالُك خائفا؛ فعلمت أنك مشارك، تكيد لهذه الأمة وتمكر بها، وتتخذ من عمامة الأزهر غطاء لمآربك، وتمويها على المصريين"(106).

    وكان غضب الدكتور القرضاوي له أسبابه، فقد قتل في ذلك اليوم 103 من الإخوان المسلمين وأنصارهم، منهم عمار ابن مرشد الإخوان د. محمد بديع، وأصيب المئات، وتم قنص المتظاهرين بدم بارد من أفراد الجيش والأمن، الذين وصفهم بيان الأزهر بأنهم خير أجناد الأرض، ولجأ مئات آخرون إلى مسجد الفتح بميدان رمسيس، فخوصروا فيه من بلطجية الانقلاب ورجال الأمن، حتى اليوم التالي، وبينهم جثث الشهداء و300 من المصابين، ثم تم اقتحام المسجد واعتقال من فيه!(107)

    وإذا كانت هذه أمثلة من بيانات الأزهر وتصريحات شيخه في تلكم الأحداث الفاجعة، فلنا أن نتصور ما جاء بعدها.

    ويجب فهم هذه التصريحات في ضوء الإطار العام السابق بيانه، القاضي بتأييد شيخ الأزهر الانقلاب وقت وقوعه، وتواصل ذلك التأييد بعد ذلك، وعدم إعلان البراءة منه، أو توجيه اتهام صريح إليه بالمسؤولية تلك الدماء والاعتقالات بحكم امتلاكه القوة العسكرية، والقرار السياسي النافذ، وكونه الحاكم المتغلب، وتعزيز العداوة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد

    وهي مواقف لا تتناسب مع الواجب الشرعي في شدة إنكار المنكر، والمطالبة بالقصاص، وتحديد الجهة الجانية، وبخاصة مع تكرار الجرائم، والإصرار على سفك الدم الحرام. وإن ظلت معبرة عن وطأة الإحساس بالمسؤولية التي عجز الأزهر عن القيام بها، حيث كانت إحدى عينيه على الواجب الشرعي، والثانية تبصر المخاطر التي تهدد مؤسسته، ولا يمكن الجمع بين الأمرين!

    وهي تعبير أيضًا عن المأزق الذي لقيه الأزهر نتيجة الانقلاب، فالرأي العام -أو قسم كبير منه – وكثير من العلماء والشيوخ، وكثير من أساتذة الأزهر وطلابه؛ يعبرون عن غضبهم واستمرار ثورتهم على ذلك الانقلاب، ولا يمكن للأزهر أن يتجاهل ذلك، كما أن المحيط الإقليمي والدولي لم يجتمع على كلمة سواء إزاء الحدث الجلل، ولا يمكن إغفال مصلحة الأزهر في مراعاة الخطاب الجمعي في الداخل والخارج. لذا كان الخيار الأسلم للشيخ أن يدين أحداث العنف وسفك الدماء، ويطالب بالتحقيق، مع وضوح الجهة المدانة، مع ميل واضح للوقوف في صف الطرف الغالب آنذاك.

 

المراجع

(96) موقع المصري اليوم على الرابط:  https://www.almasryalyoum.com/news/details/232006

(97) وقفات مع شيخ الأزهر وقضية الانقلاب على الشرعية (2/5)، موقع الشيخ القرضاوي https://www.al-qaradawi.net/node/2847

(98) خالد شلبي: شهادتي على مجزرة الساجدين، مقال على موقع الجزيرة، بتاريخ 3/7/2017، على الرابط: https://rebrand.ly/611f0d

(99) أحداث الحرس الجمهوري: موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة،

(100) أحمد البحيري /الأزهر: قتل المتظاهرات في المنصورة يتنافى مع كل مبادئ الدين والمروءة/ المصري اليوم - الأحد 21 يوليو 2013م. الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/238401#google_vignette

(101) موقع قناة الحرة 25 يوليو 2013، على الرابط: https://zt.ms/1M5

(102) أحمد البحيري/«الطيب»: قلبي يتمزق من الدماء.. وأطالب الحكومة بالكشف عن حقيقة الحادث/ المصري اليوم - السبت 27 يوليو 2013م. الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/241586

(103)( بالفيديو.. الأزهر: التظاهر ضد مبارك حرام وضد مرسي حلال/ رصد - الخميس، 20 يونيو 2013. الرابط: https://rassd.net/64818.htm

(104)( ] فتاوى شيوخ مصر.. لكل حاكم مقدار/ الجزيرة نت - 21 فبراير 2014م. الرابط

(105)( رابط فيديو شيخ الأزهر في فض رابعة العدوية https://www.youtube.com/watch?v=rYaN5wEV9ys.

(106)( رابط موقع القرضاوي https://www.al-qaradawi.net/node/2844

(107) تقرير موقع رصد: "مجزرة مسجد الفتح.. ما لا عين رأت من انتهاكات الحرمات"، بتاريخ 17 أغسطس 2014، على الرابط: https://web.archive.org/web/20230321182231/https://rassd.net/108101.htm

    بعد مجزرة النصب التذكاري في 26 يوليو 2013 نادى شيخ الأزهر فقال: "أيها المصريون، إن الأزهر الشريف ينادي ويستصرخ العقلاء من كل الفصائل، أن يبادروا فورا ودون إقصاء، إلي الجلوس علي مائدة حوار جادة مخلصة، ذات مسؤولية وضمير، للخروج من هذه الأزمة ومن هذه التداعيات الدموية ومن هذه الأجواء التي تفوح منها رائحة الدماء، ولايزال الأزهر يحذر من أنه لا بديل عن الحوار إلا الدمار"(108).

    ورصدت «المصري اليوم» في 11-08-2013م تفاصيل الاتصالات التي يجريها الأزهر، للبدء في جلسات الحوار الوطني، حيث بدأت مشيخة الأزهر اتصالاتها بممثلي القوى والأحزاب السياسية وأصحاب المبادرات للمشاركة في جلسات الحوار التي ستعقد، خلال الأيام المقبلة لتحقيق المصالحة الشاملة، والوقف الفوري لجميع أنواع العنف، وحقن الدماء المصرية، والتأكيد على حرمة إراقة الدماء.

    وأوضحت المصادر أنه من المقرر، خلال جلسات الحوار الوطني، مناقشة جميع المبادرات السياسية المطروحة، للخروج من الأزمة الراهنة بشكل سلمى، ومن بينها المبادرة التي طرحها «أبو الفتوح»، و«العوا»، و«البشرى»، والتأكيد على ضرورة الوقف الفوري لجميع أنواع العنف، وتغليب مصلحة الوطن وجعلها فوق المصالح الفردية والفئوية والحزبية (109)..

    لكن الأمور كانت قد آلت إلى وضع يُرثى له، فلم يكن الشيخ في حال تمكنه من إجراء حوار فعّال يسفر عن نتائج يمكن إلزام الجناة بها، وهم الطرف الأقوى، والشيخ قد أسهم في التمكين لهم.

    ولذا لم يكن من المنطقي أن يقبل الإخوان الجلوس مع من تقطر أيهم بدمائهم، دون أفق واضح للحل. وقد عبر الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة عن ذلك بقوله: إن على شيخ الأزهر التبرؤ من جريمة المشاركة في الانقلاب على الشرعية قبل البحث عن مبادرات للخروج من الأزمة. كما اعتبر أن توظيف الأزهر ليوفر غطاء للجرائم أمر خطير ويدمر تاريخه كله.

    من جهته قال أحمد عارف المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين إنه يجب التمييز بين الأزهر ومكانته وبين منصب شيخ الأزهر الذي يستخدمه قادة الجيش.

    وعقب فضيلة الشيخ العلامة القرضاوي على الدعوة إلى المصالحة فتساءل مخاطبًا شيخ الأزهر: من يملك أن يحكم في هذه المصالحة؟ هل تستطيع أن تأمر الجنرال السيسي أن يتراجع عن فعلته؟ (110).

 

المراجع

(108)( راجع هذا الرابط https://www.al-qaradawi.net/node/2844.

(109)( المصري اليوم https://www.almasryalyoum.com/news/details/247731#google_vignette.

(110) موقع العلامة القرضاوي. https://www.al-qaradawi.net/node/2845

    الأزهر مثله مثل بقية عناصر ومقومات الدولة العميقة، التي تكونت على مهل عبر عقود من الزمن، كان الحاكم فيها هو القوة العسكرية القاهرة، والأجهزة الأمنية المتجبرة، وكانت رؤوس مؤسسات هذه الدولة العميقة من جيش وشرطة وإعلام وقضاء ومنظومة اقتصادية ومالية لا بد أن تحظى برضا تلك القوة العسكرية والأجهزة الأمنية، ولم يكن مسموحًا أن يتسلل مخالف لإرادتها، أو معارض لنهجها وسياستها، وكان الحذر أشد ما يكون تجاه الإخوان المسلمين خاصة، والتيار الإسلامي عامة، إذ كانت الهواجس تجاههم أعظم، والريبة أشد.

    وكانت مؤسسة الأزهر قد تم تطويعها وتدينها منذ بدايات الحكم العسكري في يوليو 1952، وكانت شخصيات شيوخ الأزهر والمفتين والظاهرين المتصدرين من رجالها كلهم تدور في نفس الفلك المحتوم، لا تملك منه فكاكًا، إلا فيما ندر، وفي حالات محدودة، تم التجاوز عنها مراعاة للسياق العام في حينها.

    كان شيخ الأزهر الحالي د. أحمد الطيب أحد هؤلاء، فهو -وإن امتاز على المستوى الشخصي بالزهد والتواضع والخلق الكريم- لم يكن يملك مؤهلات استثنائية تنهض به ليتولى ما تولى، فلم يكن له نتاج علمي مرموق، أو مدرسة فقهية أو عقدية متبوعة، أو بروز دعوي حافل، ولم يكن ظاهرًا في الشأن العام حتى تولى منصب الإفتاء  في 10 مارس 2002، ثم رئاسة جامعة الأزهر في 27 سبتمبر 2003، وهو المنصب الذي كان يستلزم أعلى درجات التثبت الأمني من لياقة صاحبه، أو ولائه للدولة، ورضا الأجهزة الأمنية عنه، يعلم ذلك القاصي والداني في بر مصر، ويعلمه كل من عمل بالجامعات المصرية، منذ تعيينه معيدًا، حيث يخضع كل من يترشح لهذا العمل إلى فحص أمني دقيق- وزكم تم استبعاد الجديرين به لتراخي الرضا الأمني عنهم- ثم ترقيه في السلم الأكاديمي، وبخاصة حين يجري ترشيحه إلى أية وظيفة إدارية.. فما الظن بأكبر تلك الوظائف وهي رئاسة الجامعة.

    في أثناء رئاسته جامعة الأزهر كانت قضية العرض الرياضي لطلاب الأزهر سنة 2006، أو ما اشتهر إعلاميا بالعرض العسكري، أو عُرف أمنيًا بعرض ميليشيا الإخوان المسلمين، ورأينا ردود فعل الدكتور الطيب إزاءه، وما جرى للطلاب وقتها من اعتقال ومحاكمات عسكرية، وما لاقوه قبلها من فصل من الجامعة، ومن سكنى المدن الجامعية، بسبب نشاطهم الدعوي، وتكوينهم اتحاد طلاب حر، كما حدث في الجامعات الأخرى.

    وكانت هذه السيرة "الأمنية" الممتازة وراء تعيينه شيخًا للأزهر في مارس 2010.

    احتفظ الشيخ بعضويته في لجنة السياسات بالحزب الوطني، وهي اللجنة التي تشكلت لتقديم جمال مبارك إلى عامة الشعب على أنه الوريث القادم لحكم البلاد، ورفض الشيخ أن يستقيل من اللجنة حتى عاد مبارك من رحلته العلاجية بألمانيا فقدم إليه استقالته، وهو أمر واضح الدلالة على النهج النظامي لصاحبه،

    ولما قامت ثورة يناير استمر الشيخ في نهجه، فأفتى بتحريم التظاهر ضد مبارك، ودعا الناس إلى العودة إلى بيوتهم، مما يعني وأد مشروع الثورة في مهده. صحيح أنه لم يشارك في موجة الهجوم المستهجن ضد الثوار، لكن لنتذكر أيضًا أن أهم مكونات الدولة العميقة - وهو الجيش - احتفظ بالتوازن المحسوب، وأكد أنه لن يعتدي على المتظاهرين.

    ولما خطب مبارك خطابه العاطفي الشهير قبل تنحيه عن منصبه عاد الشيخ ليخاطب المتظاهرين بأن فعلهم الآن أصبح حرامًا، لأن الرئيس أعطاهم مطلبهم، وأنه يجب عليهم ترك الميادين، وإنهاء ثورتهم.

    فلما تنحى مبارك، وتولى المجلس العسكري إدارة البلاد أدرك الشيخ أن واقعًا جديدًا فرض نفسه، وانتهز الفرصة بذكاء، فقدم نفسه على أنه ملتقى الفرقاء الجامع بينهم، وتبرأ مما فعله قبل ذلك بشأن الثورة، وأعلن أنه أيدها منذ البداية، وأن خطابه السابق كان لحقن الدماء. وبدأ في تقديم مجموعة من الوثائق تؤكد مكانة الأزهر التي طالما تمناها المسلمون.

    هنا كان لا بد من إدراك قيمة الحرية السياسية التي توفرت آنذاك، والاستمساك بها.

    بالرغم مما اشتهر عن شيخ الأزهر من زهد وتواضع- وهو حق- فإن طبائع النفوس تقرر أن حب الجاه هو آخر ما يخرج من قلوب الصالحين.

    كما أن الواقع كان يمزج بين حرص الشيخ على منصبه وحرصه على مصلحة الأزهر كما يتصورها.

    كان الإخوان المسلمون هم المرشح الأبرز للحكم، أو للتأثير في منظومة الحكم القادمة، فمد الشيخ حبال الود معهم، والتقى بمرشدهم وقيادتهم، وأبدى استعدادًا للتعاون في المستقبل لصالح الدعوة الإسلامية، ولم يكن المجلس العسكري الذي يخطط لمستقبل البلاد على نحو يحتفظ فيه بأزمَّة البلاد ليترك الحبل على غاربه، فأثار-  بنفسه أو بالنيابة من خلال أذرعه الإعلامية - هواجس جديدة عند شيخ الأزهر تختص باستقلال الأزهر ومنصب المشيخة، ورغبة منسوبة إلى الإخوان أنهم يطمعون في الاستحواذ على منصب الشيخ، وأن مرشحيهم كثرٌ من علماء الأزهر، وجاهزون، وعلى رأسهم العلامة القرضاوي.

    زادت المخاوف مع نجاح الإخوان بأغلبية في انتخابات مجلس الشعب، ثم فاز مرشحهم بالرئاسة، الشعب والشورى، وكانت لهم أكثرية في تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور.

    فكان الشيخ متوجسًا من قدرة الإخوان على السيطرة على المؤسسة العريقة العالمية؛ بما يمتلكون من أدوات ووسائل، وبما يتيحه لهم ذلك -إن حدث- من تأثير واسع على امتداد دار الإسلام وخارجها. وهي مشاعر لا يبحث الشيخ عن حقيقتها، بقدر ما ينظر إلى أهمية الحذر منها، وقد غذتها في داخل الشيخ والمؤسسة أجهزة الإعلام، وتأثيرات الدولة العميقة، والدعاية الكثيفة الملحّة والطنانة عن اتجاه الإخوان إلى "أخونة الدولة".

    وفي هذا الإطار كتب الصحفي جمال سلطان في 5/4/2013م مقالاً انتقد فيه الإخوان المسلمين، وادَّعى أن الإخوان المسلمين قادوا حملة ضد شيخ الأزهر في أعقاب واقعة تسمم مئات الطلاب من وجبة غذاء فاسدة،  وكانت تلك الحملة كاشفة للكثير مما كان يتعذر قوله صراحة، وكانت كاشفة للأشواق المحترقة من قبل الإخوان للسيطرة على الأزهر الشريف، الذي يعتبر الجائزة الكبرى للتنظيم الدولي للجماعة، لأن وضع يدهم على الأزهر يعني حصولهم رسميًا على ذراع دينية وثقافية وسياسية خطيرة، تمتد بفروعها وهيبتها في مئات الدول عبر العالم، ويمثل ما يشبه دبلوماسية موازية للدولة المصرية في الخارج، فإذا تحكم حزب أو جماعة في هذا الصرح الخطير والتاريخي فذلك يعني بسط سيطرته الدينية والثقافية والسياسية على مساحة كبيرة من دول العالم، وخاصة العالم الإسلامي(111).

    وكلام الصحفي جمال سلطان عارٍ من الصحة تماما فيما ذهب إليه، والدليل على ذلك أن شيخ الأزهر نفسه أبطل هذا التصور، حيث قال الدكتور أحمد الطيب، إنه ليس لديه دليل على تورط الإخوان في تنظيم تظاهرات تطالب برحيله، خلال أزمة تسمم طلاب جامعة الأزهر، مستبعدًا وجود تربص بتلك المؤسسة الدينية من قبل الإخوان. وأضاف في حديث لبرنامج «لقاء خاص»، على قناة سكاي نيوز عربية: "لا أظن أن هناك تربصًا من جماعة الإخوان المسلمين بالأزهر، وأنا أُرجع الأمر كله إلى حماس الطلاب وفورتهم"، مؤكدًا تدارك الأزهر للأزمة؛ وذلك بتحويل المسؤولين عما حدث إلى النيابة(112).

    ونفي بيان صادر من الأزهر ادعاء د. عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، والأستاذ بجامعة الأزهر أنه تم تعيين 6 آلاف معيد بالأزهر إثناء سنة حكم الرئيس مرسي، وأعربت الجامعة في بيان لها في 24 أبريل 2017، عن أسفها لما وصفته بالقول "غير الصادق"، مؤكدة أن المعيدين المشار إليهم لم يتم تعيينهم خلال حكم الإخوان، وإنما في الفترة الانتقالية إبان حكم "المجلس العسكري"، إذ صدر قرار الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق بتعيين الأوائل الذين لم يتم تكليفهم خلال الفترة من 2022 حتى 2010، وتزامن ذلك مع تعيين أوائل الخريجين وحملة الماجستير والدكتوراه في جميع أركان الدولة استجابة للمطالب الفئوية التي كانت سائدة آنذاك. وأوضحت الجامعة، أن هؤلاء الأوائل تمت الموافقة على تعيينهم من الدكتور أسامة العبد رئيس الجامعة في ذلك الوقت، وأن ما يقال بأنهم ينتمون لتنظيم الإخوان فهو محض افتراء بدليل أن من بينهم من اختير للعمل بالجهات القضائية. وأشارت الجامعة إلى أنها لا تقبل أن يكون من بين أبنائها أي خروج عن المنهج الأزهري الوسطي تحت أي مسمى، ومن يثبت عليه خلاف ذلك يتم تحويله للتحقيق لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وقد سبق وأن فصلت الجامعة بعض الأساتذة والطلاب"(113)!! وهو بيان كارثي يدين الأزهر ومؤسسات الدولة، ويؤكد انصياعها لتوجهات الجهاز الأمني.

    وهو "موظف كبير" على رأس مؤسسة كبرى لها مصالح متشعبة مع السلطة، وليس من الحكمة -فيما يرى- الصراع معها. وقد كان سلفه د. طنطاوي يجاهر بأنه موظف، وكانت هذه الروح تهيمن على تصرفات الصف الأول من الرسميين في الأزهر منذ أمد. كما أن طبائع الاستبداد قد روّضت تلك المؤسسة، فروّضت -أو كادت أن تروِّض- نزعة الممانعة والرفض فيها.

 

المراجع

(108) راجع هذا الرابط https://www.al-qaradawi.net/node/2844.

(109) المصري اليوم https://www.almasryalyoum.com/news/details/247731#google_vignette.

(110) موقع العلامة القرضاوي. https://www.al-qaradawi.net/node/2845

(111) موقع العربية نت https://n9.cl/hewj9.

(112) الفيديو وملخص اللقاء على موقع سكاي نيوز عربية

(113) راجع البيان على موقع مصراوي على اضغط هنا للوصول للمصدر:

    لا شك أن وجود شيخ الأزهر في مشهد الانقلاب أساء إليه عند الحريصين على استقلال الأزهر، والعارفين مكانته، لكن لنتساءل: هل كان بوسع شيخ الأزهر أن يتأبى على حضور ذلك المشهد، وبخاصة أن قائد الانقلاب قد أرسل يستدعيه بطائرة عسكرية في مقر إقامته بالأقصر؟

    يجيب بعض الباحثين مستنكرًا: وما يمنعه من الرفض، والرفض لا يعني بالضرورة المعارضة، ولا يستلزم بالضرورة تأييد الرئيس الشرعي للبلاد؟ وبخاصة أن السنوات التالية للانقلاب أثبتت قدرة الشيخ على المناورة، والوقوف ضد بعض رغبات السيسي بدرجات متفاوتة. وقد رفض قادة الإخوان المشاركة، وكذا غيرهم من أنصار الشرعية.

    والرد هنا أن الإخوان جماعة قادرة بحكم تكوينها العقدي والفكري على الرفض، وعلى تحمل نتائجه، وبحكم تاريخها في معارضة الاستبداد منذ نشأتها. أما شيخ الأزهر فليس ثائرًا، ولا معارضًا صريحًا، وقد عاش معظم عمره في ظلال السلطة الحاكمة، أو في ظلال عافيتها.

 

    وهو رجل صوفي اشتهر بالزهد، لكن الصوفية أيضًا عُرفوا بالمسالمة، وكانوا منذ أزمان بعيدة باحثين عن نقاط الاتفاق مع الحاكمين. وللصوفية مآخذهم على جماعات الإسلام الحركية، وتحفظاتهم على رؤاهم الاجتهادية.

    ثم إنه رجل فتوى، تولى مسؤولية الإفتاء سنوات، والمفتون في بلادنا مولعون بالجزئيات، مقلّون في النظر إلى الصورة الكلية والمآلات.. كما أن الفتوى تستلزم الإحاطة بالواقع لتنزيل الحكم الشرعي عليه تنزيلاً صحيحًا، والعلماء الشرعيون تم إبعادهم عن قضايا السياسة والشأن العام منذ عقود بعيدة، ولذا فهم حين يفتون في الإشكاليات السياسية يثيرون الجدل، كما أن الإفتاء يستلزم من صاحبه أن يكون بعيدًا عن التأثر بالملابسات المصاحبة لموضوع الفتوى، وهو أمر يصعب تحقيقه في حالتنا، فالشيخ كان عضوًا في الحزب الحاكم، وفي لجنة سياساته، وقد زكَّته الأجهزة الأمنية للدولة ليتولى مناصبه الكبرى، فهي راضية عنه، وحين يكون رأس النظام معرضًا للسقوط بفعل ثوران شعبي معارض له فإن الحياد يصبح عسير المنال.

    ولا يصح الإفتاء حين حضور الهوى، أو توهم المصلحة مع أحد المتنازعين، ومن هنا يبرز التساؤل عن سبب الإفتاء بحركة التظاهر على مبارك؟ وقد كانت الجماهير ثائرة عليه، والميادين تسيل بهم، بينما يفتي بشرعية التظاهر ضد مرسي، وهو رئيس منتخب، وضعت أمامه كل أسباب الفشل، وأنصاره يحتشدون دفاعًا عنه، وبائن أن هؤلاء أدنى إلى الحق- إن لم يكونوا أهله- وأنهم أقرب للتقوى في مسلكهم وأفكارهم، ويحملون نفس رسالة الأزهر الشريف.

    كما أنه ليس رجل سياسة مسكونًا بالحذر من مكائد الساسة، وبعد أغوارهم، وتعقد علاقاتهم، ودقة حساباتهم، وخطورة خططهم، وتشعب مصالحهم. هو لا ينقصه الذكاء والحرص، لكن السياسة ممارسة ومعاناة، وذلك ما لم يتأت له بسبب انشغاله العلمي والوظيفي.

    إن ضعف الخبرة أو المقدرة السياسية هو السبب الظاهر لموقف الشيخ من المظاهرات التي شبت يوم 25 يناير، حين نهى الشباب عن التظاهر، وهو ما يفسر موقفه لما حرم التظاهر بعد الخطاب العاطفي لمبارك وتعيين عمر سليمان نائبًا له.

    كان الحذر السياسي يقتضي أن يتأخر رد فعل الأزهر حتى يستبين اتجاه الريح العاصفة، وبخاصة أنه ليس جهة سياسية يتعين عليها اتخاذ موقف سريع، وكان الواجب الديني يقتضي انحياز الشيخ إلى الثورة التي تستهدف تغيير المنكر الظاهر، لكنه لم يكن الرجل الثائر فينحاز إلى الثورة، ولا السياسي الماهر الذي يرقب من الأفق اتجاهات التغيير، فإن غمَّت عليه التزم الحيطة والحذر حتى تستبين.

    فهل كان الشيخ يدرك أن تعيين عمر سليمان نائبًا يعني في التحليل السياسي استمرار النظام دون أية ضمانات للتغيير؟ وأن الدعوة إلى إنهاء مظاهر الثورة وترك الميادين إثر ذلك يعني هزيمة الثوار، وإمكان تعليق المقاصل لهم؟ فضلاً عن ضياع فرصة التغيير، وما بُذل من تضحيات من أجل الإمساك بها.

    هذه الحسابات السياسية الخاسرة جرَّت على الشيخ انتقادات واتهامات..

    ثم جاء حضوره المشهد الانقلابي رسالة واضحة إلى أن الرجل منحاز منذ البداية إلى الدولة العميقة، وأنظمتها الأمنية والعسكرية، وإن لم يكن راضيًا عن جميع ممارساتها، فهو يريد درجات من الإصلاح؛ عبَّر عنها - فيما بعد - من خلال وثائق الأزهر، ونقاط التقائه مع القوى السياسية والدينية، لكنه إصلاح يتم من خلال النظام الحاكم، ووفق أولوياته، وجدوله الزمني، ومدى سماحه بذلك.

    في كلمته التي ألقاها في مؤتمر الانقلاب قال شيخ الأزهر: "إن مصر أمام أمرين أحلاهما مرّ، وأشد الأمرين مرارةً هو صدام الشعب المصري، وسيلان دمه"، لذلك اختار الشيخ الدعوة إلى تبنّى الحل السلمي، والحوار العاجل، والانتخابات المبكّرة، ووصف الحل بأنه "مرّ" و"ضرر"، لكنه أخفّ الضررين. ووصف الإخوان المسلمين وخصومهم بأوصاف واحدة، فختم كلمته بالدعاء بأن يُصلح الله بهذا الخيار بين "فئتين متخاصمتين على أرضٍ واحدة، وتشربان من نيل واحد".

    وقد يذهب بعض الباحثين إلى أن ذلك عائد إلى إنصاف الشيخ، ونافٍ لتحامله على الإخوان، وكأن وصف الإخوان وخصومهم أنهم "فئتان متخاصمتان"؛ والدعاء بهما بالصلاح قد سوَّى بينهما!(114)

    ولكننا لا نستطيع أن نقبل بالتسوية بين الرئاسة الشرعية والانقلاب عليها، وللمسألة ضوابط شرعية تخص الخروج على حاكم شرعي بالسلاح والقهر، وفي ظروف تمت صناعتها بعناية لتقود إلى ذلك الهدف.  كما أن ما قرره قائد الانقلاب في مؤتمره كان شديد الوضوح بأنه انقلاب كامل، فعزل الرئيس المنتخب، وتعيين رئيس مؤقت، ووزارة جديدة، ووقف العمل بالدستور الذي وافق عليه الشعب، وإعطاء رئيس المحكمة الدستورية العليا –أي الرئيس الاسمي الجديد- سلطة إصدار إعلانات دستورية، حتى وضع الدستور الجديد.. كل ذلك لا يُبقي جهالة بحقائق المشهد الدامغة. وكل ذلك كان في خارطة الطريق التي وافق عليها شيخ الأزهر، لكنه لم يذكر منها في كلمته إلا اللجوء إلى الحوار، وإجراء انتخابات مبكرة!

    بل إنه من الناحية العملية لم يتم من خارطة الطريق هذه إلا ما يتصل بتغيير القيادة السياسية، أما ما سوى ذلك فلم يجرِ عليه القلم! فلم تتشكل لجنة المصالحة الوطنية التي كان القصد منها علاج الانقسام المجتمعي بالمصالحة مع الإخوان، بل جرى نقيض ذلك وهو اعتقالهم وتشريدهم في آفاق الأرض ومصادرة أموالهم.. ولم تتحقق العدالة الانتقالية المنشودة، ولا دمج الشباب في مؤسسات الدولة، ولا وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام، بل تم تسخير الإعلام كله لتمجيد الانقلاب وجرائمه(115).

    وقد كان موقف شيخ الأزهر أقل من مواقف كثيرة عبرت عنها أقلام وتصريحات لأناس ليسوا من الإخوان..

    ففي صباح يوم الانقلاب 3 يوليو اعتبر مدير تحرير جريدة الشروق وائل قنديل أن ما يحدث الآن في مصر يجسد استئسادًا للدولة العميقة، مستشهًدا على ذلك بما وصفه "الطلعات المكثفة لجحافل الدولة العميقة على جميع الفضائيات مشحونة بكميات هائلة من الثقة إثر بيان القوات المسلحة الذي يصرخ ما بين سطوره بانقلاب أبيض". وأكد قنديل أن ما يجري الآن هو الإجهاز على ما تبقى من روح ثورة هتفت طويلا بإنهاء حكم العسكر، والارتداد العنيف إلى ما أسقطته ثورة يناير.

    فيما دعا رئيس التحرير التنفيذي لجريدة الشروق عماد الدين حسين إلى ضرورة عدم إقصاء الإسلاميين أو غيرهم من المشهد السياسي في الفترة القادمة، فيما بعد خروج مرسي من السلطة، معتبرا أن حدوث ذلك يعني دخولنا السيناريو الجزائري.

    وهو ما أكدته "الأهرام" في افتتاحيتها، بالقول إن مصر تحتاج بصورة عاجلة إلى أمرين لا ثالث لهما، الأول وحدة المصريين، الذي شقه التأييد والمعارضة للرئيس مرسي، والأمر الثاني وأد حديث الانتقام في المهد، وعدم الانسياق وراء دعوات ضرورة انكسار التيار الإسلامي، باعتباره من المكونات الأساسية للحركة السياسية والاجتماعية المصرية(116).

    إن الوضعية الدستورية والقانونية التي منحتها ثورة يناير للأزهر لم يتم استثمارها، أو البناء عليها، إذْ لم يستطع الأزهر الصدام مع الانقلاب، ولم يقدر على التزام الحياد، وذلك أضعف الإيمان. غير أنه أتيحت أمامه فرصة للتعبير عن مواقف جيدة في الفضاء الفكري، أو الشأن العام، وفرص أخرى محدودة للحراك المستقل وإن خالف رغبة نظام الانقلاب،

 

المراجع

(114) محمد طلبة رضوان: شيخ الأزهر هارب من التجنيد، مقال بجريدة العربي الجديد، بتاريخ 25 أغسطس 2020، اضغط هنا للوصول للمصدر:

(115) راجع "نص بيان 3 يوليو.. خارطة طريق غيرت مجرى التاريخ في مصر"، تقرير كتبه كامل، موقع اليوم السابع، اضغط هنا

(116) شيرين يونس: "خطاب مرسي وخارطة الجيش بصحف مصر"، تقرير على موقع الجزيرة، يوم 3/7/2013، اضغط هنا:

    شهد موقف شيخ الأزهر المؤيد للانقلاب بعض التراجعات بمضي الوقت، ويمكن فهم ذلك من ثلاث زوايا:

    الأولى: الضغوط الداخلية والخارجية التي ربما دفعته إلى إعادة النظر في موقفه، خاصة بعد تصاعد الانتهاكات السياسية والحقوقية التي تلت الإطاحة بالحكومة المنتخبة. وتدهور أحوال البلاد، وتراجع مكانتها على مختلف الأصعدة،

    والثانية: البعد الديني والأخلاقي، حيث أدرك المسافة التي تفصل بينه وبين عامة الشعب، والتي تزداد كلما ازدادت معاناة الناس، وقهرهم.

    والثالثة: تحصين دستور الانقلاب 2014 منصب شيخ الأزهر من العزل، حيث نص في مادته السابعة على أن "شيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل"،(117) وبذا أصبح الشيخ في مأمن من العزل، حتى إن خالف زعيم الانقلاب. ومع ذلك، يبقى هذا التراجع محدودًا من حيث التأثير، نظرًا لاستمرار الأزهر في العمل تحت مظلة الدولة، وهو ما يعكس تعقيدات العلاقة بين الدين والسلطة في مصر.

    ويمكن رصد عدد من محطات ذلك التراجع :

 

المراجع

(117) الهيئة العامة للاستعلامات، على الرابط: https://sis.gov.eg/Story/81673?lang=ar

رفض الشيخ إصدار فتاوى بتكفير الإخوان، وإن حرمت الفتوى الصادرة عن الأزهر الانضمام إليهم، كما مر بنا، كما رفض إطلاق أحكام التكفير على القاعدة وداعش وغيرها من الحركات المسلحة(118)، مخافة أن يؤدي التوسع في التكفير إلى إعطاء الآخرين مشروعية إصدار فتاوى تكفيرية مضادة(119)

 

المراجع

 

(118) أحمد البحيري/شيخ الأزهر: عدم مساندة 30 يونيو «عار».. ونرفض التكفير/ المصري اليوم ــ الأربعاء 31 ديسمبر 2014م

https://www.almasryalyoum.com/news/details/617658

 

(119)( الأزهر وحكام مصر بين الشموخ ومحاولات التطويع السياسي – الشارع السياسي - مصر - 11ديسمبر   2018م https://politicalstreet.org/835/.

    رفضت هيئة كبار العلماء دعوة جنرال الانقلاب إلى إصدار فتوى بعدم وقوع «الطلاق الشفوي» حيث طالب في معرض خطابه في الاحتفال بعيد الشرطة يوم 24 يناير 2017 بضرورة سنِّ قانون يمنع وقوع الطلاق إلا في حالة استيفاء الأوراق الرسمية، وأمام مأذون شرعي، مبررًا ذلك بأن الإجراءات الرسمية تعطي فرصة للطرفين لإعادة النظر في فكرة الطلاق. وأوضح أن معدلات الطلاق في ازدياد مطرد في مصر، وأن الآثار الاجتماعية لذلك كبيرة وخطيرة، واختتم السيسي توجيهه بعبارة لفتت أنظار السامعين والمتابعين للخطاب، إذ قال موجهًا حديثه لشيخ الأزهر الذي كان في مقدمة الحضور: «تعبتني يا فضيلة الإمام».

    لم ينتظر شيخ الأزهر طويلًا للرد، فدعا كبار العلماء بعدها بأيام قليلة لاجتماع طارئ؛ حيث أصدرت بيانًا بإجماع الآراء، أكدت فيه شرعية وقوع الطلاق الشفهي، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق، وحذر البيان «المسلمين من الفتاوى الشاذة التي ينادي بها البعض حتى ولو كان منتسبًا للأزهر».

    ولم يكتفِ البيان برفض مقترح السيسي فقط، بل خُتم بفقرة اعتبرها مراقبون أنّها موجّهة للسيسي شخصيًا، وتقول: "ليس الناس الآن في حاجةٍ إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجةٍ إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم".

    ثم أصدر مجمع البحوث الإسلامية بيانًا بعد اجتماع هيئة كبار العلماء بأيام، أيّد فيه بالإجماع ما أصدرته هيئة كبار العلماء بخصوص قضية الطلاق الشفوي(120)

 

المراجع

(120)( الأزهر وحكام مصر بين الشموخ ومحاولات التطويع السياسي – الشارع السياسي - مصر - 11ديسمبر   2018م https://politicalstreet.org/835/

الأزهر مهادنة تنتظر المواجهة مع السيسي 23 مارس 2021مhttps://short-link.me/PwLd

الصدام بين الأزهر والسلطة.. كيف أحياه دفاع "الطيب" عن التراث؟ -تقارير - https://www.alestiklal.net/ar/article/dep-news-1580374468.

    تعدّ قضية تجديد الخطاب الديني ساحة المعركة الأبرز في الخلاف بين الرجلين، حيث دأب السيسي على تحميل الأزهر والمؤسسة الدينية مسؤولية انتشار العنف والتطرف في البلاد، متهِمًا المؤسسات الدينية بالجمود، وغياب جهدها في تجديد الفكر الديني، وهو ما عارضه مرارًا شيخ الأزهر، مشيرًا إلى أنّ التطرّف والعنف لهما أسباب مختلفة، في إشارة إلى المسؤولية السياسية، وهو ما اعتُبر رفضًا منه لجعل الأزهر أو المؤسسة الدينية شماعة لتعليق أخطاء سياسية عليها، بدلًا من الاعتراف بمسؤولية القرارات السياسية والاقتصادية والأمنية الخاطئة عن انتشار هذا التطرّف.

    ومنذ 2014 يرفع زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي دعاوى تجديد الخطاب الديني، تماما كما فعل سلفه عبد الناصر من قبل، وهي الدعوات التي تكون مصحوبة بقصف إعلامي متواصل يستهدف الضغط على المشيخة والأزهر؛ وذلك لتحقيق مجموعة من الأهداف، لعل منها:

    أولاً: توظيف هذه الدعاوى كغطاء لحربه على الحركات الإسلامية؛ التي يراها تهديدا لنظامه، كما يستهدف ابتزاز المؤسسة الدينية باستمرار تحميلها مسئولية هذا التجديد الذي لا ملامح له سوى التطاول على ثوابت الإسلام، والخروج على إجماع الأمة.

    ثانيا، إن تلك الدعوات تأتي استجابة لأفكار اليمين الغربي والأميركي، التي تدعو لتفريغ الإسلام من مضمونه السياسي، خصوصا ما يتعلق بنصوص الجهاد، وهي الأفكار التي تلقى رواجا إقليميا منذ سنوات كما رأينا في الإمارات وغيرها.

    ثالثًا: إن الاهتمام المبالغ فيه من جانب السيسي بالخطاب الديني يتلاقى مع فشله السياسي، وتفشي الفساد والغلاء، وتكريس الانقسام الوطني والاجتماعي الذي يعصف بالوطن ويهدد مستقبله، وإن محاولات استخدام الخطاب الديني كأداة في الصراع السياسي يعد محاولة للهروب من "الفشل" في شؤون الدنيا ، بافتعال أزمة في أمور الدين (121).

رابعًا: إن هذه الدعوة ترجع بالأساس إلى رغبة السيسي بفرض هيمنته على المؤسسة الدينية برمتها، واحتكاره لمفهوم الدين، وأن تكون له اليد الطولى في تحديد طبيعة التدين، وأن يكون الأزهر تابعًا له، دائرًا في فلكه بالكلية. فهي معركة تقويض تأثير الأزهر الديني في الشأن العام الداخلي والخارجي على السواء، حتى على المستوى التعليمي والقيمي من خلال تدخّل السلطة الخشن فيما يجب أن يُدرّس من العلوم الشرعية، بل وفوق ذلك في كيفية فهم النص الديني المقدس، وهو فهم له أصوله وقواعده وعلومه المنهجية(122).

وعقب الرفض الأزهري لمطالب السيسي اتُهم الأزهر بأنه "معارض للنظام ويسعي للصدام والمواجهة مع الدولة" في أغلب التقارير الصحفية المحلية. حتى تجرأ أحدهم فطالب عبر برنامجه بفضائية مصرية خاصة، بإعلان وفاة الأزهر عقب ما أسماه "فشلا في مواجهة الإرهاب" وتنقيح الخطاب الديني من التشدد.(123)، بينما طالب إعلامي آخر شيخ الأزهر بالتنحي، وتركها لآخر، ودعا السيسي بمطالبة الطيب بتقديم استقالته (124). حيث يحول النص الدستوري دون عزل شيخ الأزهر.

وفي هذه الآونة، أعدت صحيفة "اليوم السابع"، ملفا بعناوين كالتالي "لماذا يخشى الأزهر من الحرب على الإرهاب وتجديد الخطاب الديني؟ .. الأمام الاكبر الخائف من مواجهة التطرف يهرب من الأزمات لساحة الدراويش.. "الطيب" يرفض جرائم "داعش"،  ويأبى تكفيرهم.. والإخوان والتكفيريون يستوطنون الأزهر"(125).

وبالرغم من ذلك فإن "فكرة الصدام، بمعناه الواسع، ليست مطروحة؛ لأن المؤسسة الدينية تستمد قوتها من السلطة نفسها، التي تطلب منها الوقوف إلى جانبها في مواجهة التيارات الدينية المعارضة، سواء الجهادية أو السلفية" (126).

 

المراجع

(121) الأزهر وحكام مصر بين الشموخ ومحاولات التطويع السياسي – الشارع السياسي - مصر - 11ديسمبر   2018م https://politicalstreet.org/835/

الأزهر والسلطة في مصر: كيف تدار العلاقة بين الطرفين؟ سناء خوري – مراسلة الشؤون الدينية بي بي سي نيوز عربي 5 أغسطس/ آب 2022م  https://www.bbc.com/arabic/middleeast-62222796

(122) الأزهر بمواجهة السلطة.. ما الذي يحدث بين الإمام والرئيس؟ الجزيرة نت - عز الدين عمر16/6/م2020م

https://short-link.me/N8fi

(123) الأزهر وحكام مصر بين الشموخ ومحاولات التطويع السياسي – الشارع السياسي - مصر - 11ديسمبر   2018م https://politicalstreet.org/835/

الأزهر والسلطة في مصر: كيف تدار العلاقة بين الطرفين؟ سناء خوري – مراسلة الشؤون الدينية بي بي سي نيوز عربي 5 أغسطس/ آب 2022م  https://www.bbc.com/arabic/middleeast-62222796

(124) عمرو أديب يطالب شيخ الأزهر بالاستقالة https://www.youtube.com/watch?v=vBWNV2vvJxc

(125) موقع اليوم السابع  https://short-link.me/PxP8

(126) الخلاف بين الإمام والرئيس في مصر… توتّر سياسي قديم بمزاج ديني - جواد الشريف - https://short-link.me/N8cN

13.08.2023

الفصل الرابع
تأثير جامعة الأزهر في المشهد الثوري المصري

 كان لجامعة الأزهر تأثير كبير في أحداث ثورة يناير، فتجاوب معها طلابها وكثير من أساتذتها، فلما انتكست الثورة بالانقلاب وقف بعضهم ضده بكل ما أوتوا من قوة، وقدموا كل ما استطاعوا من تضحيات، بينما ارتضى آخرون تأييده، وسعوا في ركابه.

وهذا الفصل نتناول فيه ثلاث مسائل:

أولاً: موقف إدارة الجامعة من الانقلاب.

ثانيًا: موقف أساتذة الجامعة من الانقلاب

ثالثًا: موقف طلبة وطالبات الجامعة من الانقلاب

اتسم الحراك الأزهري المقاوم للانقلاب بالانتشار في جميع أنحاء مصر، حيث تمتد فروع جامعة الأزهر ومعاهده إلى كل المحافظات، فقد كان ممتدًا صباحًا ومساءً، ليس داخل الجامعة وحدها، بل في جميع المدن الجامعية، وفروع الجامعة، وقلبها في مدينة نصر، وتواصل خارج أسوارها، في أكبر شوارع القاهرة صلاح سالم، ومعظم أحيائها من الحي السادس الذي فيه الجامعة؛ إلى أحياء السابع والثامن والعاشر؛ التي يكثر سكن الطلاب فيها، واتسم مع غيره بالصمود والثبات والإبداع، وعمت تضحياته البنين والبنات.

بل امتد فشمل طالبات وطلبة المرحلة الثانوية والإعدادية الأزهرية، وكان من بين شهداء رابعة وغيرها عدد من طلبة وطالبات الثانوي الأزهري.

 وصف الدكتور الدسوقي عزب- أحد أساتذة جامعة الأزهر، وأحد المشرفين على تربية  طلاب الأزهر- طلاب الأزهر بأنهم شباب متدين، ذو همة، على درجة كبيرة من الانضباط، وبأنهم شاركوا في أول ثورة يناير مع الدكتور محمد البلتاجي أحد أبرز قادة الثورة منذ بدئها، كما كان لهم دور كبير في تأمين الثورة في ميدان التحرير، وشاركوا في اعتصام رابعة العدوية، بموقعها القريب من جامعة الأزهر، وقد كان نحو ألفي طالب منهم على أهبة الاستعداد لتلبية ما يُطلب منهم، يدفعهم إلى ذلك  زادهم من العلم الشرعي، ورصيدهم من الالتزام الديني والقيمي.. حتى أطلق على جامعة الأزهر أنها جامعة الشهداء(196).

لم يكن جميع المشاركين في هذا الحراك من طلاب الإخوان المسلمين الذين تربوا على آيات الجهاد والمرابطة والصبر، وفرضية مواجهة المنكر، والسعي لإقامة شريعة الله في أرضه، وقصص المجاهدين والصابرين، لكن السمت العام الذي تربى عليه طالب الأزهر، كان يرسخ تلك المقاربة الشعورية بينه وبين طلاب الإخوان، وبينه وبين الملتزمين دينيًا من طلاب الجامعات الأخرى، مع ما يجمع عامتهم من سمات الشباب وفتوتهم، وتطلعهم إلى تحقيق فد أفضل لهم ولوطنهم. 

 

المراجع

(196)  من شهادة الشاهد {137} عضو هيئة التدريس جامعة الأزهر.

ومما يؤكد ضراوة الحراك الطلابي الأزهري وما بذلته إدارة الأزهر والجامعة في مواجهته، حتى لجأت إلى استعداء الأجهزة الأمنية والعسكرية، انعقاد مجلس جامعة الأزهر في 20-11-2013م؛ أي بعد الانقلاب بنحو أربعة أشهر، ليقرر حظر المظاهرات داخل الحرم الجامعي بكافة الكليات، كما طالب المجلس وزارة الداخلية بحماية وحراسة المنشآت، في ظل المظاهرات اليومية التي شهدتها الجامعة منذ بدء الدراسة في 19 أكتوبر، بعد عدة تأجيلات امتدت قرابة شهر.

كما قرر المجلس، تعليق أنشطة الاتحادات الطلابية بكافة الكليات، وتحويل المخالفين منهم إلى مجالس تأديب عاجلة، وكلف عمداء الكليات بطلب تدخل الشرطة حال "توقع" حدوث اعتداء على الأرواح والمنشآت، وتعكير صفو العملية التعليمية، على حد قوله(197).

يعني إن حدث توقع لاعتداء على الأرواح والمنشآت فإن جلب الشرطة بغشمها واجب لتحقيق اعتداء واقعي على الأرواح والمنشآت للطلاب والجامعة!

 

المراجع

(197)   نافذة مصر https://2u.pw/P0swKn07

خصصت الإضراب الذي دعا إليه اتحاد طلاب الأزهر وأيدته حركة طلاب ضد الانقلاب بكلام مستقل عن الوقفات والمسيرات والمظاهرات، لما للإضراب من تأثير أكبر وأوقع في رفع معنويات الطلاب، وفيه إحراج إدارة الجامعة التي شاهدت الضرب والقتل بأم عينها ولم تحرك ساكنا، بل عاونت الانقلابين ضد أبنائهم الطلاب والطالبات.

ودعا اتحاد طلاب جامعة الأزهر عموم طلاب وطالبات الجامعة للإضــــــــــــراب الـــــعـــــام عن الدراسة طوال أيام الأسبوع بدءًا من 22 نوفمبر 2013م احتجاجاً على اقتحام المدينة الجامعية الأربعاء الماضي ومهاجمتها (198).

وأعلنت حركة طلاب ضد الانقلاب جامعة الأزهر عن بدء إضراب كامل في 30 كلية بجامعتي البنين والبنات بالقاهرة يوم 21-11- 2013م احتجاجاً على مقتل زميل لهم، والقبض على آخرين في اشتباكات بين الشرطة وطلاب في المدينة الجامعية، وأمام مشيخة الأزهر القريبة منها، في ظل صمت من شيخ الأزهر ورئيس الجامعة ونوابه(199).

 

المراجع

(198)  نافذة مصر   https://2u.pw/z8Z87TSY

(199)   رأي اليوم صحيفة عربية مستقلة https://2u.pw/Qi2Zan8m، سلميتنا أقوى من الرصاص https://www.youtube.com/watch?v=suKj-ib573c ، وموقع السبورة https://www.alsbbora.info/11063، وراجع فيديو رصدت فيه بوابة الأخبار أثر الإضراب الذي تجاوب معه الطلبة على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=suKj-ib573c  "بوابة أخبار اليوم" ترصد فعاليات إضراب طلاب جامعة الأزهر عن الدراسة

هذا الحراك أقلق الانقلابين وأرعبهم، حتى قال د. حسام عيسى أول وزير تعليم في حكومة الانقلاب، وأحد رموز اليسار سابقًا وأستاذ القانون الدولي إن المظاهرات في الجامعات دعوة لإسقاط الوطن(200).

 وطالب د. يوسف زيدان - الكاتب العلماني المعروف بعدائه للتيار الإسلامي- سلطات الانقلاب بإغلاق جامعة الأزهر، وتعليق الدراسة في بعض كلياتها لمدة عامين، عقب بعض الاشتباكات التي حدثت بين طلاب رافضين للانقلاب وأفراد أمن "شركة فالكون"، التي أوكلت إليها مهمة الحرس الجامعي. إذ قال زيدان في تغريدة عبر صفحته على منصة "تويتر" X: "إذا لم يصدر غدا قرار بإغلاق جامعة الأزهر وتعليق الدراسة في بعض كلياتها لمدة عامين فسوف نندم ندما فادحا"، وتابع فقال: إن ما جرى بالأمس في جامعة الأزهر من مناوشات، أمر لا يبشر بالخير(201).

وشن د. حسين عويضة رئيس نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر حملة ضارية على طلاب الجامعة المعارضين للانقلاب، ووصف المدن الجامعية بأنها أوكار للإرهاب، وأنها مأوى للمسلحين يأتون إليها من خارجها، وطالب بالعنف البالغ في مواجهة الطلاب، وإدخال الشرطة إلى داخل الجامعة بشكل دائم، بل إنه تحدث -في هياج واضح- عن تعاطف بعض الوزراء والمسؤولين في الحكومة مع هؤلاء الطلاب، بل القريبين من السيسي نفسه! (202)، ثم إنه زاد على ذلك فقال إن التحقيق معهم، وتوقيع العقوبة عليهم؛ وإن كانت الفصل من الدراسة غير كافٍ، وأنه كان يطالب من قبل بتجنيدهم في الجيش، ولكنه الآن يرى خطأ ذلك، لأنهم سيتعرفون على أسرار القوات المسلحة، وتفتق ذهنه عن الحل الذي يراه ناجعًا وهو أن يتم تحميلهم في سيارات الجيش إلى الصحراء ليزرعوها، وبذلك تنتهي علاقتهم بالعلم والجامعة(203)

ومن أبرز تصريحاته قوله يوم الثلاثاء، 1 أبريل 2014م، إن المدن الجامعية للأزهر مركز إيواء إرهابيي الإخوان  مشدداً على ضرورة وجود قوات أمن مجهزة داخل الجامعات للقضاء على الإرهاب.. وقال إن الأساتذة يرون غلق المدن الجامعية بتصويت 100% (204)

 

المراجع

(200) لقاء حسام عيسى مع خيري رمضان في برنامج "ممكن" على فضائيةCBC Egypt ،  بتاريخ 4/12/2013على الرابط: t.ly/0UGuR

(201)   المصري اليوم    https://2u.pw/nyqcMkZX

 بوابة الشروق   https://2u.pw/Lrg7OzzI

(202) نادى تدريس "الأزهر": يجب إغلاق المدن الجامعية لأنها وكر للإرهاب - اليوم السابع، وراجع لقاء د. عويضة مع إبراهيم حجازي، برنامج في دائرة الضوء، قناة النهار، بتاريخ 23/3/2014، على الرابط:  https://www.youtube.com/watch?v=KvawU3IoNDM

(203) https://www.youtube.com/watch?v=QYBsc4QX9vk

(204)  اليوم السابع  https://2u.pw/YA5NkxiL

 واعترف في مداخلة هاتفية له مع الإعلامي محمود سعد، في برنامج "آخر النهار" الذي عُرض على فضائية "النهار" المصرية مساء الاثنين 13 أكتوبر 2014م بتجنيده مجموعة من طلبة الجامعة للتجسس على زملائهم، حيث زعم وجود "مركز لتدريب طلاب الإخوان على الأعمال الإرهابية بمنطقة "كرداسة". وأنه أعلن عن هذه "المعلومة" منذ العام الماضي، إلا أن جهاز الشرطة لم يتواصل معه، أو يطلب منه أي معلومات. وعند سؤاله عن مصدر معلوماته قال إنه حصل عليها من طلاب أقارب له يتخذهم جواسيس على زملائهم! وحين سأله المذيع: "أنت مشغل جواسيس يا دكتور"، رد عويضة: "آه طبعا مشغل جواسيس بلدياتي في وسط الطلبة"، وأنهم يرسلون إليه المعلومات طازجة "في حينها"، وحين نبهه محمود سعد إلى حرمة ذلك قال: "الضرورات تبيح المحظورات".. فأصر محمود سعد على حرمة ذلك، وبخاصة من أستاذ بالأزهر الشريف، وأن هذا من اختصاص الأمن؛ لا الأساتذة (205).

أما د. أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر فقد عبر عن مأزق النظام في التعامل مع هؤلاء الطلاب، فقال:" نحن نتعامل مع ثيران هائجة تسعى فسادًا في الأرض»، بأنهم "ثيران هائجة تسعى فسادا في الأرض "، وأنه يجب تجريم ممارسة العمل السياسي داخل أروقة الأزهر، ومن يهوى ممارسة السياسية فعليه أن يولي وجهه شطر الجامعات الأخرى. وأن طلاب الإخوان "لا يمثلون كتلة طلابية كبيرة داخل حرم الأزهر، لكنهم ينفقون على الطلبة الفقراء القادمين من النجوع والقرى، ويغدقون عليهم المال أثناء دراستهم، وبعدها يتم تجنيدهم لارتكاب أعمال إرهابية، وهذه قضية يجب أن يفطن إليها الجميع". وأن أموال الإخوان مصدرها الزكاة منذ الأزل، وعلى أولياء أمور الطلاب المخربين إصلاح التلفيات التي حدثت بالجامعة، مؤكدًا أنه «لو كان في مكان رئيس جامعة الأزهر لن يتراجع قيد أنملة عن فصل طلاب الإخوان وإلقاء أوراقهم خارج الجامعة»(206).

 

المراجع

(205)  نافذة مصر  https://2u.pw/Jaqof7yW

(206)   المصري اليوم https://2u.pw/lvv3VfPR

أسلوب آخر للضغط على الطلاب بعد التحريض عليهم بكل الوسائل الإعلامية، وهو حرمان الطالب المعارض للانقلاب من دراسته الجامعة، وذلك بالفصل الجزئي والكلي، أو الحرمان من الاختبارات النهائية، ولم يكتف الدكتور عبد الحي عزب بمجرد الطرد من الجامعة، بل صرح أكثر من مرة على القنوات الفضائية، أن الطالب الذي سيفصل من الجامعة، تبلغ الجامعة عنه إدارة التجنيد، حتى يؤدي الواجب العسكري، كما مر بنا

ولا نستطيع حصر عدد الطلبة والطالبات الذين فصلوا جزئيًا أو كليًا، أو من حرم منهم من أداء الامتحان، لكن الثابت أن بعض هذه القرارات بلغت حدًا من الشطط دالّاً على عمق أزمة النظام والجامعة التابعة له، ولا شك أن تلك كانت هي السياسة المتبعة مع بقية الجامعات(207)، وفصل 185 طالباً بصورة نهائية في 4 مايو 2014، وفصل 176 طالب و 138 طالبة بتاريخ 29/9/2014م(208). وحرمان الطلاب المعتقلين من أداء امتحاناتهم في 20/5/2014، بالرغم من قرار المحامي العام والنيابة العامة بتمكينهم من ذلك(209)،

 

المراجع

(207)  مرصد أزهري للحقوق والحريات https://www.youtube.com/watch?v=GzUC1FAXfLc&list=PLQjqLBFgCD3cHX_S8_eFozWIhmM-PyCNh&index=1

(208)  يوثق هذا الفيديو - الذي بثه مرصد أزهري للحريات- عدد الطلاب والطالبات الذين فصلوا من الجامعة، وعدد من تم اعتقاله وتعذيبه واغتصابه من البنات مرصد ازهري للحرية : تم فصل 176 طالب و 138 طالبة https://2u.pw/HGMQOvrF

(209) جامعة الأزهر تحرم الطلاب المعتقلين من الامتحانات

منذ بدايات الانقلاب عام 2013 اشتدت معارضة طلاب الأزهر، وتصاعدت احتجاجاتهم، فواجهتها قوات الانقلاب بالعنف البالغ، واقتحمت بمدرعاتها المدينة الطلابية لجامعة الأزهر، وتم الاعتداء على الطالبات أثناء مسيرتهن السلمية إلى مشيخة الأزهر، واعتقال عدد منهن، وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع عليهن لتفريقهن. وتحولت ساحة الجامعة إلى ثكنات عسكرية وساحات حرب بما لا يمكن أن يقوم به احتلال غاشم(210).

وتعددت حالات الاعتقال العشوائي والإخفاء القسري، وليس الغرض هنا حصرها أو الإسهاب في تناولها، فقد تتبعها "مرصد أزهري للحقوق والحريات" على الفيسبوك ومنصة X واليوتيوب.

 

المراجع

(210)https://ikhwaniy.blogspot.com/2013/11/blog-post_5817.html مدونة اخواني ولي الشرف

لكننا نقف وقفة واجبة عند اعتقال الطالبات والتنكيل بهن، وما تداولته الأخبار عن تحرش واغتصاب، مما يندى له الجبين، ويعد نقطة سوداء في تاريخ تلك الحقبة من تاريخ بلادنا، وتاريخ (رجالها) من أمر منهم بذلك، ومن سكت عنه!

لقد تكرر اقتحام فرع الطالبات بجامعة الأزهر، كما تكرر الاعتداء على حرائر الأزهر بتفهنا الأشراف، مثلما حدث في 29 أكتوبر 2014م(211)

وسلَّم عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالمنصورة 6 طالبات إلى شرطة الانقلاب خلال دخولهن إلى الجامعة لأداء الامتحانات في يناير 2015، وتصدر هاشتاج "#بنات_المنصورة" تدوينات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي يوم 7 يناير بعد أن قررت نيابة الانقلاب حبس الطالبات الست 15 يومًا في اتهامات ملفقة(212) . وسرت أنباء عن تعذيب الطالبات المعتقلات في مارس 2015(213)، وعن "حصار البنات الطاهرات داخل غرف مغلقة والتحرش بهن علي مسمع ومرأى من الجميع دون نخوة من إدارة الجامعة"، بحسب تعبير اتحاد طلاب الأزهر في 24 ديسمبر 2013م(214).

ثم كانت الفاجعة حين عرضت قناة الجزيرة في برنامج "مصر الليلة" مساء يوم 3/7/2014 شهادة مفزعة للطالبة ندى أشرف حكت فيها بالتفصيل واقعة التعدي عليها من قبل ضابط الشرطة، في واقعة اغتصاب كاملة داخل مدرعة الشرطة، وهو ما زالت تعاني نتيجته من تداعيات نفسية أصابتها هي وأسرتها(215).

وقد وثقت تقارير حقوقية مصرية ودولية وقوع حالات اغتصاب في السجون والمعتقلات المصرية، ورد بعضها على لسان الضحايا أنفسهن. لكن السلطات المصرية نفت ذلك بشدة.

وقد تحدث تحالف دعم الشرعية المناوئ لانقلاب الثالث من يوليو عن تعرض خمس وأربعين فتاة للاغتصاب، عدا التعذيب البدني والنفسي والحبس في ظروف بالغة السوء. وذكرت المصادر أن من بين المغتصبات داخل مقار الاحتجاز فتيات حملن نتيجة ذلك، وقد تعرض بعضهن للإجهاض، في حين لم يسمح الوضع الصحي لبعضهن بذلك، وهن الآن بالشهر السابع أو الثامن. وكشفت المصادر أن هناك حالة تعرضت فيها للاغتصاب 14 مرة في يوم واحد، داخل معسكر للأمن المركزي، وحالة أخرى عانت من الاغتصاب يوميًا لمدة أسبوع داخل أحد مراكز الشرطة". إلا أنها رفضت الكشف عن هوية هذه الحالات أو أماكن الاغتصاب.

وكان تحالف دعم الشرعية قد عقد خلال فبراير ومارس 2014 لجان استماع للفتيات المفرج عنهن، وأسر المحبوسات من معارضات السلطة، للتعرف على ما مررن به داخل السجون وأقسام الشرطة، واتخاذ موقف إزاء ما يشاع حول تعرضهن لعمليات تحرش واغتصاب داخل محبسهن. وتكونت لجنة الاستماع من ممثلين عن حركة نساء ضد الانقلاب، ومنظمات حقوقية مستقلة. وأشارت المتحدثة باسم "نساء ضد الانقلاب" آية الله علاء أمس إلى أن الحركة قدمت لعدد من الجهات الحقوقية والسياسية المعنية ملفا مفصلا بحالات الاغتصاب والانتهاكات الجسدية الخطيرة التي وصلتها، وتتعدى عشرين حالة موثقة بأقسام شرطة وسجون ومقرات احتجاز غير رسمية(216).

 

المراجع

(211)  نافذة مصر الأربعاء 29 أكتوبر 2014م https://2u.pw/H55qAl7x

 

(212) " بنات المنصورة " هاشتاج يتصدر مواقع التواصل تضامناً مع حرائر الأزهر - نافذة مصر

(213)   - مرصد "طلاب حرية" https://2u.pw/aFh67R0U

(214)  بيان الاتحاد العام لجامعة الأزهر يدعو لــ "عصيان عام" https://2u.pw/sFQtBEn3

(215)  ندى أشرف.. شهادة مفزعة لاغتصابها داخل مدرعة شرطة (youtube.com)

(216)  نقرير الجزيرة نت  في 3/8/204 بعنوان "تقارير توثق شيوع اغتصاب المعتقلات بمصر"، على الرابط: https://2u.pw/71RvlALB

تشكلت عقب الانقلاب محاكم استثنائية من قضاة مخصوصين لمحاكمة أنصار الشرعية وخصوم الانقلاب، وكانت أحكامها مثارًا للعجب في الأوساط الحقوقية الدولية، وصلت أحيانًا إلى الحكم بإعدام المئات من المعارضين دون سماع دفاعهم، واشتهر بعضهم بقضاة الإعدام، وقد حصل موقع (عربي 21) على وثيقة تضم أسماء 19 قاضيًا أصدروا خلال خمس سنوات 2014-2019 (1056 حكمًا) بالإعدام على معارضين، في محاكمات غير عادلة، من إجمالي 1320 حكمًا بالإعدام. هذا بخلاف صدور أحكام من القضاء العسكري الاستثنائي غير المعترف به دوليًا، والتي بلغت 200 حكمٍ في حق مدنيين تمت محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية، وتضم قائمة هؤلاء محمد نادي شحاتة الذي أصدر وحده 263 حكمًا بالإعدام، وسعيد صبري، الذي أصدر 220 حكمًا بالإعدام، وهو صاحب أكبر رقم إحالة للمفتي في تاريخ مصر، حيث أحال لمفتي الجمهورية أوراق 683 متهمًا في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث مركز العدوة بمحافظة المنيا - جنوب مصر"، ثم قضى بإعدام 183 مُتهمًا بعد إحداث ضجة كبيرة في مصر والعالم(217).

فلا عجب إذن أن ترد الأخبار بأن محكمة جنح الجمالية قضت في 13 نوفمبر 2013 بمعاقبة 12 طالبًا أزهريا بالحبس 17 سنة وغرامة 64 ألف جنيه لكل منهم، لاتهامهم بمحاولة اقتحام مبنى مشيخة الأزهر، وإثارة الشغب، والتعدي على موظفي وأمن المشيخة(218). أو أن محكمة جنايات القاهرة قد قضت في 21 يونيو 2014م بمعاقبة 14 طالباً بالاشتراك في أحداث جامعة الأزهر، بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات. وبالسجن 3 سنوات لثمانية طلاب قاصرين(219)، كما قضت المحكمة العسكرية بالمنصورة في 15 يوليو 2015 بالسجن عامين على 5 من طلاب جامعة الأزهر فرع تفهنا الأشراف بميت غمر- يوليو- 2015م(220)

 

المراجع

(217) بالأسماء.. 19 قاضيا بمصر أصدروا 1056 حكم إعدام في 5 سنوات ...

(218)   نافذة مصر https://2u.pw/wPEnHBR8 ، المصري اليوم https://www.almasryalyoum.com/news/details/340235 ، بوابة الأهرام https://gate.ahram.org.eg/News/417893.aspx

(219)   نافذة مصر https://2u.pw/hhE0MUdk

(220)   بوابة الحرية والعدالة  https://2u.pw/H98a1T7a

أعلن طلاب جامعة الأزهر عن سقوط أول شهيد من طلاب الجامعة يوم الاثنين 28 أكتوبر 2013م بطلق ناري في الرأس أثناء قيام شرطة الانقلاب بالاعتداء على تظاهرات الطلاب، داخل الحرم الجامعي، فيما أصيب عشرات آخرون بالرصاص الحي داخل الجامعة(221)، واستشهد طالب بكلية التجارة في يوم الاثنين 9/12/2013(222). وأعلن اتحاد طلاب جامعة الأزهر مقتل 4 طلاب من كليات مختلفة بالجامعة في ذكرى الثورة يوم 25 يناير 2014(223). وعن مقتل طالبين يوم 28-12-2013م(224).

وأصدر "مرصد طلاب حرية" إحصائية في 5 سبتمبر 2014م لحالات الاعتداء على طلاب الجامعات المصرية منذ انقلاب 3 يوليو، أوضح فيه أن عدد الطلاب الذين تم قتلهم خارج إطار القانون بلغ 208 قتيلا، إضافة إلى من تم اعتقالهم ووصل عددهم إلى 1851 طالب معتقل، وأن جامعة الأزهر احتلت المرتبة الأولى من حيث عدد القتلى والمعتقلين، حيث وصل عدد الشهداء فيها إلى 76 شهيدا، و800 معتقل(225).

 

المراجع

(221)  المصري اليوم  https://www.almasryalyoum.com/news/details/344840

(222)   نافذة مصر https://2u.pw/X8AqWgWb

(223)  السبورة https://www.alsbbora.info/13988#google_vignette

(224)    رابط الفيديو https://www.youtube.com/watch?v=pDbUPAxysIw

(225)   نافذة مصر https://2u.pw/UzEW64o7

أدى صمود طلاب الأزهر، ومطاولتهم قوة الانقلاب، وصمودهم أمام عدوانه؛ إلى أصداء واسعة في داخل البلاد وخارجها، فقد تعاطفت أعداد كبيرة من الشخصيات العامة والقيادات المستقلة، والاتحادات الطلابية المستقلة في الجامعات المختلفة، والقوى السياسية المعارضة للانقلاب، مع الطلاب في عدالة قضيتهم، وإدانة العدوان الممنهج ضدهم، وبخاصة أنهم كانوا معبرين في حراكهم عن آراء وأفكار وقضايا سياسية، وأنهم تعرضوا لحملة تشوية منظمة لوصمهم بالعنف والإرهاب. وظهرت عبارات التعاطف والتأييد لحراك الطلاب، وإدانة طرق الانقلاب في قمعهم من خلال عدة منصات فضائية، ومواقع إخبارية في ذلك الوقت.

وحمَّلت حركة "استقلال القضاء" هشام بركات النائب العام وشيخ الأزهر ورئيس الجامعة مسؤولية الدماء التي سالت في اقتحام المدينة الجامعية بالأزهر يوم الخميس21 نوفمبر 2013م، وذكرت أن النيابة العامة امتنعت عن التحقيق في مخالفة القانون من قبل الداخلية، واقتحام المدينة الجامعية، وقتل واعتقال الطلاب دون سند قانوني (226).

وأدانت حركة "صحفيون من أجل الاصلاح" يوم 10 ديسمبر 2013م التعتيم الإعلامي على جرائم الانقلاب في مواجهة طلاب الأزهر، واتهمت مجلس نقابة الصحفيين ونقيب الصحفيين بالمسؤولية عن ذلك التعتيم، والمشاركة في اغتيال الحقيقة(227).

ونظم مؤتمر في تركيا حضره ممثلون لمؤسسة "إنسانية" المعنيّة بحقوق الإنسان، ومنظمة "هيومان رايتس مونيتور" بالتنسيق مع طلاب ضد الانقلاب مؤتمرًا صحفيًا بتركيا في 4 مايو 2017 حول الانتهاكات التي تمت بحق طلاب وطالبات الأزهر. وتحدثت الحقوقية سلمى أشرف – من منظمة هيومان رايتس مونيتور – اقتحام الحرم الجامعي بالمدرعات والدبابات، واستخدام قوات الامن للذخيرة الحية والاسلحة المحرمة دوليًا ضد الطلاب المتظاهرين، وقتل 104 طالب بينهم ثلاث طالبات ، وإصابة اكثر من 800 آخرين بالخرطوش من قبل قوات الأمن داخل الحرم الجامعي وأمامه. موضحة أن مجموع المعتقلين من الطلاب بلغ ،512 بينهم 94 طالبة، جرى اعتقالهم من داخل أسوار الجامعة، بالإضافة الى 140معتقلاً ومعتقلة من تظاهرات خارج الجامعة.(228)

وتعدى الاهتمام بالحراك الجامعي والأزهري خاصةً الصحف والمواقع والقنوات المحلية والإقليمية،  إلى الصحف العالمية، فقالت شبكة ميدل إيست مونيتور المتخصصة في رصد شئون الشرق الأوسط في 20 سبتمبر 2014م إن حرم جامعة الأزهر يشهد حملة صارمة على الطلاب من قبل سلطات الانقلاب العسكري، مشيرة إلى مقتل عشرات الطلاب على يد الشرطة، وأن حرم الأزهر برز باعتباره نقطة ساخنة للاحتجاجات المناهضة للانقلاب العسكري منذ يوليو 2013 وخاصة عقب مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية حيث استشهد أكثر من مائة طالب أزهري برصاص شرطة الانقلاب. واستطردت الشبكة أن إدارة الجامعة الموالية للانقلاب العسكري سمحت للشرطة مرارا لاقتحام الجامعة وإطلاق النار والغاز المسيل للدموع على الطلاب المحتجين مما يؤدي إلى مزيد من الاحتجاجات(229).

وتحدث موقع "وورلد نيوز" يوم الاثنين 24 نوفمبر 2014م عن أن "قرارات العسكر بإغلاق المدن الجامعية تزيد معاناة طلاب الأزهر"(230).

وكتبت الجارديان البريطانية تقريرا عن الطالبة المعتقلة الأزهرية "أسماء حمدي" يوم الجمعة 26 ديسمبر 2014م، جاء فيه: "أسماء حمدي.. الطالبة بالفرقة الثانية بكلية طب الأسنان جامعة الأزهر والمعروفة إعلاميا باسم "أسماء مصر" من ناشطات الجمعية المصرية للتغيير بمحافظة الشرقية، لم تكن تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وقت اعتقالها ضمن طالبات الأزهر، دخلت من باب الجامعة لتؤدي امتحاناً عملياً يوم 24 ديسمبر 2013، فتم اعتقالها من بين الطالبات عشوائيا، ولم تشفع لها توسلاتها لضابط الشرطة بأن يرسل معها أحد الأفراد للتأكد من أن لديها امتحانا عملياً، وأنه ليس لها علاقة بالتظاهرات، فقام بضربها بظهر مسدسه على رأسها وقدميها هي وخمس طالبات من داخل الحرم الجامعي وتم اصطحابهن إلى قسم شرطة ثان مدينة نصر(231)".

 

المراجع

(226)   نافذة مصر https://2u.pw/BAFAWCkM

(227)   نافذة مصر https://2u.pw/lHthvDE4

(228)   بوابة الحرية والع دالة https://2u.pw/mTWQkxCS

(229) نافذة مصر https://2u.pw/9XgscjIX

(230)  نافذة مصر https://2u.pw/J1BC2kKU

(231) نافذة مصر https://2u.pw/TEghJXVn

  أقر المجلس الأعلى للأزهر الشريف برئاسة شيخ الأزهر بالإجماع مبدأ الانتخاب آلية لترشيح رئيس جامعة الأزهر بعد خلو المنصب في عهد المجلس العسكري(127). وتغير الحال بعد الانقلاب الدموي الغاشم، حيث أصدر السيسي في 24/6/2014م قرارًا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972م، ينص التعديل على تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بقرار من رئيس الجمهورية؛ بدلاً من انتخابهم(128).

وصف الدكتور حسام عيسى وزير التعليم العالي وقتها القرار، بأنه "قرار صائب، وإصلاح جزئي للتعليم العالي"، مشيراً إلى أن نظام انتخاب رؤساء الجامعات لا يوجد له مثيل في العالم، حيث يؤسس لتكوين جماعات مصالح داخل الجامعات تلغى معيار الكفاءة.

لكن التعديل لم يعرض على أعضاء هيئة التدريس كما كان شأن التعديلات السابقة، وعدّه أعضاء حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات "ردة وعودة للوراء والماضي البغيض، ونقطة مظلمة في بداية عهد جديد". وفسر بعضهم ذلك بأن "هناك صورة مزيفة وصلت للسيسي بأن الإخوان يسيطرون على الجامعات، وبالتالي قرار التعيين سيكون حائلاً دون وصولهم"(129). بينما جاء تصريح الدكتور عباس شومان -وكيل الأزهر الشريف- كاشفًا وصادمًا، إذ قال إن اختيار القيادات بداخل الأزهر -الذين هم في درجة مدير عام فأكثر- لا يتم تعيينهم إلا بالرجوع إلى الأمن الوطني (أمن الدولة)، وقال: لا نريد أن يتسلل الإخوان إلى قيادات في الأزهر، وإذا تبين أن له أي انتماءات يًستبعد من الأزهر(130).

ولقد صدق حدس المتخوفين من القرار، إذ أخرج بعض أسوأ مظاهر التبعية السياسية، والتوظيف الأمني لقيادات جامعة الأزهر وبقية الجامعات.

 

المراجع

(127)  نافذة مصر: الأزهر" يقر مبدأ اختيار رئيس الجامعة بالانتخاب الخميس 18 أبريل 2013م  https://2u.pw/KH2yAOpv

(128)   بوابة الأهرام المصرية https://gate.ahram.org.eg/News/508389.aspx

(129)  الوطن: عبدالخالق: أرفض انتخاب رؤساء الجامعات.. وسنتخذ إجراءات لفصل مرسي وبديع https://2u.pw/s1HBNC8B

(130)  نافذة مصر الأربعاء 24 ديسمبر 2014 12:12 م  https://2u.pw/mLOQE2dzc

تم تعيين الدكتور أسامة العبد رئيسًا للجامعة في 6 مارس 2011، بقرار أصدره المشير طنطاوي(131). وظل بمنصبه حتى سنة 2014، بعد تجاوزه سن التقاعد، وبلوغه سن السادسة والستين، وهو ليس الاستثناء الوحيد في خلال رئاسته للجامعة التي حفلت بمزيد من الاستثناءات(132).

 

المراجع

(131)  الوطن الأربعاء 01 أغسطس 2012م  https://2u.pw/uAgw9Ymj

(132) اليوم السابع، بتاريخ 02  أغسطس 2014ـ على الرابط: أسامة العبد ينهى رئاسته لجامعة الأزهر بعد 3 سنوات من الاستثناءات ومواجهات مع الشغب.. آخر رؤساء الجامعة المحالين على سن الـ66 بعد عام المد.. ونائباه إبراهيم الهدهد ومحمود أبو هاشم الأوفر حظا في خلافته

تعددت حالات إيقاف الطلاب والتحقيق معهم وفصلهم، وسنورد تفاصيل ذلك عند الحديث عن طلاب الأزهر وما عانوه في عهده، كما أنه طالب بكل قوة بعودة الحرس الجامعي لقمع الطلبة والطالبات المقاوم للانقلاب في مقر الجامعة وفروعها في المحافظات، حيث طالب في 9 ديسمبر 2013 الأجهزة الأمنية بالتدخل والسيطرة على الوضع داخل الجامعة، فاعتقلت العشرات منهم(133)

 

المراجع

(133)  العربية نت   https://2u.pw/rNmEj7H0

    قال د. أسامة العبد إن "عناصر الجماعة هددوني بالقتل، وتتبعوا تحركاتي، وأطلقوا على الرصاص الحي، وكنت وقتها أتنقل من فندق إلى آخر، ووقتها وضعوا صورتي على حبل المشنقة، لأني كنت الشوكة التي تقف أمامهم".

وأوضح “العبد” أن الجماعة الإرهابية كانت تريد السيطرة على الجامعة، ونشر أفكارها بين الطلاب في فترة حكم الجماعة لمصر، مضيفا :"عانيت من الإخوان كثيرا، بعد أن حاولوا بشتى الطرق الاستيلاء على الجامعة، ونشر أفكارهم بين الطلاب، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل بعد التصدي لهم(134)"

وظل د. العبد يكرر ذات الاتهامات، وبخاصة بعد الانقلاب والتقرب إلى أصحابه بالهجوم على الإخوان، فللعبد تصريح آخر في16  يونيو 2021 قال فيه: "شربت من الإخوان ما لم يشربه أحد على الإطلاق، كنت أخرج من باب ليلحقوا بي من باب آخر، ومن حادثة إلى أخرى، حتى اضطررت لتغيير مساري لأخرج من باب مغاير غير الباب الرئيسي حتى أتجنب التعرض لهم(135).

 

المراجع

(134)   الدستور https://www.dostor.org/4065235

(135) موقع الشروق،  في 16/6/2021، اضغط هنا

جرت حادثة تسمم لطلاب المدينة الجامعية بالأزهر في 30/4/ 2013م ، وبلغت أعداد من نقل منهم إلى المستشفيات نحو 180 طالبًا، لكن د. أسامة العبد نفى وقوع التسمم، وزعم أن د. محمد بلتاجي الأستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر والقيادي في جماعة الإخوان هو الذي روَج هذه الشائعة، وأنه هاتفه ليبلغه بوقوع حادث تسمم ل 500 طالب، فعاد من رحلة له خارج القاهرة، فوجد العشرات من سيارات الإسعاف أمام الجامعة، لكنه مر بنفسه على جميع المستشفيات؛ فلم يجد طالبًا واحدًا فيها، إلا 3 من طلاب الإخوان" كانوا يتصنعون إصابتهم بالتسمم"، فأدرك أنه فيلم مصنوع "غرضه إحداث الفتنة"(136).

وعاد د. أسامة العبد ليكرر الاتهام بعدما أصبح رئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، في برلمان الانقلاب، فصرح في 2/5/2017 أن واقعة تسمم الطلاب في المدن الجامعية وقت توليه رئاسة جامعة الأزهر، كانت مختلقة وغير حقيقية، وكان وراءها جماعة الإخوان من أجل إقالته(137).

وما زعمه رئيس جامعة الأزهر شاركه فيه وكيل الأزهر السابق الشيخ محمود عاشور، حيث نقل في لقاء مع طوني خليفة في برنامجه "أجرأ الكلام" على قناة القاهرة والناس يوم 2/5/2013 أن هناك مؤامرة في موضوع التسمم، وأنه من فعل طلاب الإخوان المسلمين، وأنهم سعوا للهتاف ضد شيخ الأزهر تمهيدا لخلعه وتعيين الشيخ القرضاوي مكانه(138)

 

المراجع

(136)   الشروق https://2u.pw/z4OBrueL، (136)  رابط جريدة الدستور https://www.dostor.org/4065235

 

(137) العبد: الإخوان كانوا وراء تسمم طلاب الأزهر لإقالتي من رئاسة - الوطن الرابط: https://www.elwatannews.com/news/details/2060338

(138) حلقة عن أخونة الأزهر - الجزء الأول في أجرأ الكلام مع طوني خليفة https://2u.pw/EGSqIq0M

أ) إن حادثة التسمم حقيقية، وليست فيلمًا أو اختلاقًا من قبل الدكتور البلتاجي، وتكفي هنا شهادة شيخ الأزهر نفسه، حيث صرح يوم الأحد 28/04/2013م في حديثه إلى برنامج «لقاء خاص»، على قناة «سكاي نيوز عربية»، بأنه ليس لديه دليل على «تورط» الإخوان في التظاهرات المضادة له، مضيفا: «لا أظن أن هناك تربصًا من جماعة الإخوان المسلمين بالأزهر، وأنا أُرجع الأمر كله إلى حماس وفورة الطلاب». واعتبر أن نداءاتهم بسقوطه ومطالبهم برحيله هي «هتافات معتادة يتم ترديدها في كل التظاهرات، وأتوقع أنني سأسمعها مرات ومرات، ولم أتوقع خروج كل تلك المظاهرات التي دعمت الأزهر من مختلف المحافظات» مؤكدا تدارك الأزهر للأزمة وذلك بتحويل المسؤولين عما حدث في النيابة(139).

ب) تكررت حادثة تسمم طلاب الأزهر مرتين خلال شهر واحد، فقد حدثت الأولى في 1/4/2013، ونشرت الصحف خبر زيارة الرئيس مرسي رئيس الجمهورية وتفقده أحوال الطلاب المصابين في مستشفى التأمين الصحي في اليوم التالي للواقعة(140).  كما أمر النائب العام المستشار طلعت عبد الله بتشكيل فريق خاص من النيابة العامة للتحقيق، وأعلن رئيس الإدارة المركزية للرعاية الحرجة والعاجلة بوزارة الصحة والسكان ارتفاع عدد حالات الإصابة بين طلاب المدينة الجامعية بجامعة الأزهر إلى 583 حالة، وأقال شيخ الأزهر وقتها رئيس المدينة الجامعية ومدير التغذية بالمدينة الجامعية، وقد قام رئيس الجامعة بعد قرار إيقاف المسؤولين عن العمل بتحويل الموضوع إلى النيابة للتحقيق فيه(141).

ونسأل هنا هل كان موضوع التسمم الذي أُقصي بسببه المسؤولون عن المدينة الجامعة وتغذية الطلاب، وأحال رئيس الجامعة -أسامة العبد نفسه - الموضوع إلى النيابة للتحقيق فيه؛ من صنع الإخوان أيضًا؟ أم نتيجة إهمال هدد حياة أكثر من 583 طالبًا، وأدى لفتح تحقيقات النيابة فيها؟ وكيف أوتي الجرأة - وهو رئيس اللجنة الدينية ببرلمان الانقلاب – ليقول: "لم يكن هناك طالب واحد أو طالبة تعرض للتسمم في عهدي"؟(142) ألم يكن اللائق برئيس الجامعة نفسه أن يستقيل نتيجة مسؤوليته الأدبية والمادية عن الواقعة؟

والعجيب أنه وقتها أيضًا هاجم الإعلام رئيس الجمهورية والإخوان المسلمين، واتهمهم بإحراج شيخ الأزهر تمهيدًا لإقالته وتعيين أحدهم مكانه!

ثم نتساءل: إذا كانت نية الإخوان إقالة رئيس الجامعة - كما زعم مرارًا - فلماذا لم يدبروا إقالته في هاتين الوقعتين اللتين لم يفصل بينهما شهر واحد؟ بل إنه مما أورده الشهود على تلك الوقائع أنه كان يتم الدفع باتجاه اتخاذ الرئيس قرارًا بإقالة رئيس الجامعة مباشرة، فيتم التشنيع عليه بأنه يتخذ قرارات لا تحق له؛ وفقًا للوائح التي تجعل إقالة رئيس الجامعة من صلاحيات المجلس الأعلى للأزهر، ويكون التصديق عليها من سلطة الرئيس.

بل إن المجلس الأعلى للأزهر قرر بالفعل إقالة رئيس الجامعة، وتشكيل لجنة لاختيار خلف له في 3 أبريل، أي بعد حادثة التسمم الأولى بيومين(143)، حسبما قالت وكالة الأنباء المصرية الرسمية(144)، ولم يكن يتبقى سوى تصديق الرئيس، وهو ما لم يتم لأسباب غير واضحة. واستمر أسامة العبد في منصبه.

ج) إن الأرقام التي ذكرها د. أسامة العبد جراء حالات التسمم -وهي ثلاثة طلاب كانوا من الإخوان يتصنعون المرض- تردها الأرقام التي ذكرها نائبه الدكتور أحمد حسني أن عدد المصابين بلغ 180، وأن الجامعة ستحاسب أي مقصر(145). وأشار د. الهدهد إلى أنه قام بزيارة للطلاب المصابين بمستشفى الزهراء الجامعي لمتابعة حالتهم الصحية والاطمئنان عليهم وطالب المسؤولين بالمستشفى بتوفير الرعاية الطبية اللازمة لهم(146).. وأوضح الدكتور توفيق نور الدين نائب رئيس الجامعة الأزهر للدراسات العليا أنه سيقوم بعد قليل بزيارة الطلاب المصابين بمستشفى الحسين الجامعي لمتابعة حالتهم الصحية والتأكد من تقديم الرعاية لهم. (147).

د) إن تصريحات د. أسامة العبد بشأن كذب الحادثة، وأن الإخوان لفقوها؛ جاءت متسرعة على نحو لا يليق، وتدل على رغبة في تشويه الإخوان بغير دليل، وهو ما تداركته تصريحات د. إبراهيم الهدهد ود. توفيق نور الدين - نائبي رئيس الجامعة- حيث أكدا أن أسباب الإصابات ستتحدد بناء على نتائج الفحوصات والتحاليل الطبية (148). كما كانت نيابة شرق القاهرة قد شرعت في إجراء التحقيق حول الواقعة(149). وكلف رئيس الوزراء د. هشام قنديل لجنة خاصة بالتحقيق أيضًا وعرض نتائجها عليه في خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدور القرار في 1/5/2013 (150). كما تقرر أن يبحث مجلس جامعة الأزهر في اجتماع عاجل له في نفس التاريخ 1/5/2013 أسباب تكرر الإصابة الطلاب بالمدينة الجامعية بمدينة نصر في ضوء القرارات والإجراءات التي اتخذها المجلس الأعلى للأزهر قبل نحو اسبوعين بتطوير الخدمات الصحية والغذائية والرقابة الصحية على كافة المدن الجامعية بالأزهر(151).

بينما ذكر د. أحمد حسني نائب رئيس الجامعة أن سبب حادثة التسمم يعود إلى تلوث الأواني وأدوات المائدة، وليس فساد الأطعمة، وهو ما أشار إليه أحمد البقري رئيس اتحاد طلاب الأزهر، وهو ما يفسر تكرار حادثة التسمم بعد أقل من شهر من إصابة المئات من زملائهم في حادث مماثل(152).

 

المراجع

(139)   المصري اليوم https://2u.pw/F3RkqaPx

(140)  الشروق "الرئيس مرسي يزور طلاب جامعة الأزهر بمستشفى التأمين الصحي" https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=02042013&id=7dd840e9-d0dc-4ae5-b179-5f1155610214

(141) موقع العربية: النائب العام يشكل فريقاً خاصاً للتحقيق بتسمم طلاب الأزهر

(142)  موقع برلماني: كشف المستور فى فيلم "تسمم طلاب الأزهر"

(143) الحرة MBN "إقالة رئيس جامعة الأزهر إثر فضيحة تسمم مئات الطلاب، تقرير موقع الحرة،

(144)   عربي نيوز https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2013/04/130403_azhar_storming

(145)  المصري اليوم الخميس 02-05-2013 15:53  https://2u.pw/flM6GnmX

(146)  نافذة مصر https://2u.pw/kVdEdAmq

(147)   فيديو https://2u.pw/bGawK6SR

(148)   فيديو https://2u.pw/bGawK6SR

(149) المصري اليوم: النيابة تستدعي مديري المدن الجامعية والتغذية بالأزهر للتحقيق في «تسمم الطلاب» https://www.almasryalyoum.com/news/details/310895

(150) المصري اليوم: «قنديل» يشكل لجنة لبحث أسباب حالات التسمم بجامعة الأزهر الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/310949

(151)  نافذة مصر https://2u.pw/kVdEdAmq

(152) المصري اليوم: نائب رئيس جامعة الأزهر: تلوث أواني الطهي سبب التسمم وليس فساد الطعام

خلف الدكتور عبد الحي عزب عبد العال سلفه د. أسامة العبد، رئيسا لجامعة الأزهر بتاريخ أول أكتوبر 2014م(153). أي في أوج الاضطرابات والثورة التي أعقبت انقلاب 3/7/2013، وكان لطلاب الأزهر وأساتذته النصيب الأكبر في مواجهته، والحراك ضده.

وفي تصريحات خاصة عقب توليه مسؤولية رئاسة جامعة الأزهر قال لصحيفة «الشرق الأوسط»: «سنواجه العنف بكل قوة وصرامة، ولا مكان في للجامعة للمخربين». وعلق على تعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات- الذي أتاح لرئيس الجامعة عزل كل عضو من أعضاء هيئة تدريس يشارك في مظاهرات تؤدي لعرقلة العملية التعليمية، أو يحرض الطلاب على العنف وممارسة أعمال الشغب- بقوله إن التعديلات الأخيرة "كفيلة بضبط العملية التعليمية داخل الجامعة والجامعات"(154).

وتوعد الطلاب المتظاهرين في تصريحات فجّة غريبة عن منطق أساتذة الجامعات مرات عديدة، منها قوله: "همسك رقبة الطالب، وأفصل راسه عن جسمه، وأحرق كبده"(155). وأن الطلاب الذين جرى فصلهم من الجامعة بسبب أنشطتهم المعارضة للانقلاب قد تم إبلاغ الأمن عنه ليتم تكليفه بأداء الخدمة العسكرية، حيث لم يعد طالبًا بالجامعة، يستحق التأجيل لداعي استكمال الدراسة"(156).

لقد بلغت أعداد هؤلاء الطلاب المفصولين العشرات اتهموا بأعمال شغب والمشاركة في مسيرات طلابية(157). فضلاً عن عشرات آخرين جرى تحويلهم لمجالس التحقيق(158)، وتصاعدت الثورة عليه حتى فر من أمام الطلاب المتظاهرين المطالبين بإقالته هو وشيخ الأزهر، وقامت قوات أمن الانقلاب بإغلاق أبواب المقر الإداري، للجامعة، وقام حرس الجامعة بغلق الأبواب والوقوف خلفها(159).

استمر د. عبد الحي عزب في ترديد الاتهام للإخوان المسلمين بالتسبب في تسميم طالبات الجامعة في فرع أسيوط، تمامًا مثلما فعل سلفه أسامة العبد(160). وتهربًا من المسؤولية المادية والأدبية عن الواقعة.

حتى لاحقته الاتهامات بالفساد الإداري، بعد تعيين أربعة مستشارين له، بينهم زوجته د. مهجة غالب التي عينها مستشارا لرئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وذلك في مخالفة واضحة إذ كانت قد بلغت سن التقاعد (161). بل إنه هو نفسه قد صدر ضده حكم قضائي بعد ثبوت تزويره بعض شهاداته، حتى يخرج إلى التقاعد في الخامسة والستين، بدل أن يتقاعد في سن الستين، فاضطر إلى علاج هذه السوأة الأخلاقية بالاستقالة من وظيفته، تلك الاستقالة التي قبلها شيخ الأزهر في 15/12/2015، أي بعد 14 شهرًا من توليه منصبه.. وقال شيخ الأزهر في بيانه: «بناءً على هذا الحكم القضائي لم يعد بقاء رئيس جامعة الأزهر في منصبه قائماً على أساس من القانون». (162).

 

المراجع

(153) الشرق الأوسط  https://aawsat.com/home/article/193761

(154)  الشرق الأوسط https://aawsat.com/home/article/193761

(155)  نافذة مصر   https://2u.pw/2hEKPeaq 

(156)  رابط الفيديو مع أحمد موسى  https://www.youtube.com/watch?v=dget4BukiQY&t=1585s

(157)  نافذة مصر  https://2u.pw/RKUIGS35

(158)   اليوم السابع  https://2u.pw/3iwBeXk2

(159)  نافذة مصر     https://www.egyptwindow.net/article/136291

(160)  مصراوي https://2u.pw/yHTEst7o

(161)   اليوم السابع https://2u.pw/y9wF5abK

(162)  الثلاثاء 15-12-2015م المصري اليوم  https://www.almasryalyoum.com/news/details/859184

    أصدر شيخ الأزهر في 27 فبراير 2017 قرارا بتكليف الدكتور أحمد حسني نائب رئيس جامعة الأزهر لفرع البنات بتسيير أعمال رئيس جامعة الأزهر باعتباره أقدم النواب خلفا لفضيلة الدكتور ابراهيم الهدهد الذي انتهت مدته القانونية.  وهو لم يعين رئيسًا للجامعة لأنه كان قد بلغ سن التقاعد في 4 فبراير، أي قبل قرار تعيينه ب23 يومًا، ولم يطل به المقام في منصبه، إذا أقاله شيخ الأزهر في 6 مايو من نفس العام -أي بعد أقل من 3 أشهر على تكليفه، - بسبب الحملة الإعلامية التي تعرض لها الدكتور أحمد حسني بعدما وصف إسلام البحيري -أحد الكتاب العلمانيين- بالردة، حيث قال حسني في برنامج "المصري أفندي 360" عبر قناة "القاهرة والناس" إن "بحيري قام بالهجوم على المذاهب الإسلامية الأربعة، من هو من هؤلاء الذين وضعوا قواعد الفقه الإسلامي؟". يضاف إلى ذلك أنه "ينكر ما هو معلوم من الدين، وبالتالي فإن ذلك يعدّ خروجًا عن الملة" (163). وجاء قرار إقالته بعد يوم واحد من تصريحه، وبالرغم من اعتذاره علنًا في بيان مكتوب، بعنوان "اعتذار وتوضيح"، وقال "إن منهج الأزهر لا يكفر أحداً ولا يخرجه من الملة ولا يحكم عليه بالردة، وإنما هو أمر يرد إلى القضاء"(164).

ويعيدنا هذا الموقف إلى تذكر صمت شيخ الأزهر ووكيله ونوابه عن الفتوى التي أصدرها مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية ردًا على سؤال بشأن حكم الانضمام إلى جماعة الإخوان، حيث وصم "هذه الجماعات" بالإرهاب والتطرف، وحرم الانضمام إليها، وقد سبقت الإشارة إليه!يستفزنا ذلك الموقف فنيسوق إلى الذاكرة فتوى مركز الأزهر للفتاوى الإلكترونية الذي اتهم "الجماعات المتطرفة" بالإرهاب والكفر، في معرض سؤال ورد إليه عن حكم الانض

 

ويحسن هنا أن نتذكر ممارسات د. أحمد حسني وقتما كان نائبًا لرئيس الجامعة في الفترة التي تلت الانقلاب على الرئيس مرسي.

فقد قال إن “إدارة الجامعة اشترطت على الطلاب الذين يحق لهم الإقامة في المدن السكنية التابعة للجامعة خلال الفصل الدراسي الثاني (يناير -يونية 2014) الموافقة على إقرار يتضمن التعهد بعدم ممارسة أعمال سياسية، أو الدعوة لمظاهرات". وإنه في حال مخالفه تلك الضوابط  يتم فصل الطالب على الفور(165)

طالب الدكتور أحمد حسني بضرورة تواجد قوات الشرطة داخل الحرم الجامعي من بداية الفصل الدراسي 2014-2015.. ويذكر أن حراك جامعة الأزهر كان الأشد وطأة على الانقلابيين خلال العام الدراسي السابق، حيث اقتحمت مليشيات الانقلاب الجامعة والمدينة الجامعية، وقامت بقتل الطلاب داخلها، واعتقال المئات(166). وذكر د. أحمد حسني أنه تم تحويل 10 من أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم إلى التحقيق في ديسمبر 2013(167). وأكد أنه تم فصل 450 طالبًا وطالبة خلال العام الدراسي 2014-2015 ، من بينهم 80 طالبة(168)، بينما ذكر "مرصد طلاب الحرية" أنه قد وثق قرابة 708 حالات فصل لطلاب الجامعات على مدى العامين الماضيين(169).

 

المراجع

(163) https://elaph.com/Web/News/2017/5/1146839.html

(164) موقع صوت الأزهر بتاريخ 12 مايو 2017، اضغط هنا للوصول للمصدر  

(165)  نون بوست  https://www.noonpost.com/2142/

(166)  نافذة مصر الأحد 31 أغسطس 2014 12:08 م https://2u.pw/NFefYEdV

(167)   اليوم السابع https://2u.pw/XiTAdLSR

(168)   نافذة مصر  https://2u.pw/LpuEUViZ

(169)  نافذة مصر الثلاثاء 9 يونيو 2015 12:06https://2u.pw/ThHhbIwq

انقسم أساتذة جامعة الأزهر بين معارض للانقلاب، ومدافع عنه، وساكت لا يبدي رأيًا، ولا ريب في التباس الأمر في بدايته على كثير من أساتذة الأزهر بحكم ابتعادهم عن العمل العام، والحراك السياسي، واعتيادهم ممالأة السلطة الحاكمة بحكم الواقع منذ ثورة يوليو 1952، وقد تكون كثير من الأمور اتضحت لهؤلاء بمضي الزمن، وازدياد الأوضاع سوءًا، وتبخر وعود الانقلاب الخلابة بغد من الرخاء، والسلام الداخلي..

أما المعارضون للانقلاب منذ إرهاصاته الأولى فهم كثيرون داخل الأزهر، بحكم انحيازهم الديني، وتوجهاتهم الإسلامية، ومعرفتهم بالإخوان معرفة قرب ومعايشة، وامتلائهم بالآمال التي أمَّلها الشعب المصري مع نشوب ثورة يناير 2011

وكانت حكومة الانقلاب قد حلت جبهة علماء الأزهر المشهرة برقم 565 لسنة 1967م لانحيازها لشرعية الدكتور مرسي، ووقوفها ضد الانقلاب الغاشم، يوم الاثنين 22 يوليو 2013م، وادعى مجمع البحوث الإسلامية أن الجبهة بانحيازها للشرعية خالفت مقصد إنشائها الذي هو إعزاز الإسلام والمسلمين، ورفع شأن الأزهر والأزهريين، وانحرفت عن الجادة. وقرر الانقلابيون تعيين مجلس مؤقت للجمعية وتغيير اسم هذه الجمعية من "جبهة علماء الأزهر" إلى "الجمعية الخيرية للعاملين في هيئات الأزهر(170)

 

المراجع

(170)   نافذة مصر https://2u.pw/4quF4aYu

 ثم نشأت جبهة علماء ضد الانقلاب في 22/7/2013 وريثة لجبهة علماء الأزهر، فضمت نخبة من كبار علماء الأزهر الشريف، وهم أكثر من 2000 أستاذ من جامعة الأزهر، وبعض أئمة الأوقاف، ووعاظ الأزهر الشريف، وعلماء مستقلين، الذين أعلنوا براءتهم من الانقلاب وجرائمه من منطلق شرعي، ورفضوا استخدام بعض المنتسبين للأزهر للدين في خدمة القمع والقتل واغتيال إرادة المصريين.

وتأسست الجبهة عقب الانقلاب العسكري مباشرة داخل الجامع الأزهر، وضمت في عضويتها أعضاء من هيئات وائتلافات أخرى منها: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وجبهة علماء الأزهر، ورابطة علماء أهل السنة، والاتحاد العالمي لعلماء الأزهر، ونقابة الأئمة والدعاة المستقلة، وغيرها(171).

وجاء في بيان التأسيسي أن الجبهة تتبنى كلَّ ما أعلنته الهيئاتُ والاتحادات والتحالفات الشرعية والشخصيات الشرعية المعتبرة من بيانات ومطالب مبنية على أدلة شرعية قوية.

وطالبت الجبهةُ الانقلابيين في مصر بالكشف الفوري عن مكان الرئيس الشرعي المنتخب الأستاذ الدكتور محمد مرسي، والسماح بزيارته، وأن يمارس حياته بشكل طبيعي، وعودتِه لمنصبه الشرعي، وتحذر من أن يمسه أيُّ سوء، وترى الجبهة حرمة الوضع الذي يعيش فيه الرئيس المنتخب الآن، شرعًا وقانونًا، ومروءة ورجولة.

 ودعت شيخ الأزهر أن يرجع للحق، أو يقدم استقالته بعد أن تورط في تأييد الانقلاب وما تبعه من أهوال دون استشارة أحد من هيئة كبار العلماء، أو مجمع البحوث الإسلامية؛ قبل تسويغ الانقلاب، وهو ما يعتبر جريمة في الدنيا وإثما في الآخرة.(172)

وأصدرت الجبهة بيانات متتابعة تتضمن آراءها في الأوضاع التي آلت إليها البلاد بعد الانقلاب، والحكم الشرعي في أخطاء العلماء الذين سوغوا الانقلاب للسيسي(173). وردت بالأدلة الشرعية على فتاوى من أيدوا الانقلاب(174)، ودافعت عن طلاب الأزهر وطالباته إزاء ما تعرضوا له من عسف وعدوان(175) ومن اقتحام للجامعة واعتقال الطلاب من داخلها، وبخاصة ما لحق الطالبات من قهر هو عار على فاعليه والراضين به(176) ثم ما جرى بحقهن من أحكام قضائية جائرة(177)، ودعت إلى وحدة صف الثوار واستمرا ثورتهم، ووجوب تأييدها.(178) ، وأعلنت الجبهة القائمة السوداء للعلماء الذين أيدوا الانقلاب بتاريخ 10-2-2014م(179)، وأدانت أحكام الإعدام على العلماء والدعاة في 8-6-2014م(180) كما أدانت تصديق المفتي على أحكام الإعدام الجائرة في 17-7-2014م(181)

 

المراجع

 

(171)   رابط الفيديو https://www.youtube.com/watch?v=A7wVXfObfM0

(172)   بصائر https://basaer-online.com/2013/07/2013-07-24-09-50-10/

(173)    بصائر https://basaer-online.com/2013/07/2013-07-24-09-50-10/

(174)   أخبار الصباح الاثنين، 25 أغسطس 2013م https://www.akhbaralsabah.com/article3532.htm

(175)   موقع أدباء الشام https://2u.pw/lBLY44mi

(176)   ويكي إخوان https://2u.pw/MxmZ1Gw2

(177)   أكبر صفحة للتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم https://2u.pw/Ep4ZmSsu

(178)   بوابة الحرية والعدالة https://2u.pw/Aa0I1Oo8  نافذة مصر  https://2u.pw/8KgYt53H

(179)   سبرباي ضد الانقلاب العسكري  https://2u.pw/Nvt58RoF

(180)  10 رسائل ببيان “علماء ضد الانقلاب” بشأن أحكام الإعدام على العلماء - بوابة الحرية والعدالة https://2u.pw/BkTyqcLd

 

(181)  “علماء ضد الانقلاب”: تصديق المفتي على قرار إعدام العلماء “غير شرعي” - بوابة الحرية والعدالة

وفي 21 ديسمبر 2014 عقد نادي هيئة التدريس بجامعة الأزهر اجتماعًا برئاسة د. حسين عويضة شن فيه حملة ضارية على ما أسماه أخونة الجامعة، وتغلغل أعضاء من الإخوان في هيئات التدريس وفي مكتب شيخ الأزهر نفسه، وكانت فرصة اغتنمها أنصار الانقلاب وخصوم الإخوان للمزايدة، وإظهار الولاء للانقلاب والجيش والشرطة، في مظهر أسيف امتد إلى حد إصدار بيان يطالب بإبعاد، محمد محمود عبد السلام عضو الهيئة القضائية بمجلس الدولة ومستشار شيخ الأزهر القانوني بالانتداب، والدكتور محمد السليماني -جزائري الجنسية- وأحد مساعدي شيخ الأزهر، والدكتور محمد عمارة رئيس تحرير مجلة الأزهر، عن العمل بمشيخة الأزهر، وهدد نادى أعضاء هيئة تدريس جامعة الأزهر، الثلاثة المطالبين بالرحيل وإلا الثورة عليهم، وأضاف د. حسين عويضة رئيس نادى أعضاء هيئة تدريس الأزهر، في تصريحات خاصة لــ "اليوم السابع"، أنهم سيدعون لجمعية عمومية طارئة لأعضاء النادي خلال 10 أيام لتطهير المشيخة والجامعة من الإخوان (182).

بلغ الأمر غاية إذ زعم  د. عويضة أن عدد "أساتذة الإخوان" في الجامعة يفوق 2% من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، أي ما يتجاوز 250 أستاذًا، بعد أن دفعت الجماعة بآلاف المعيدين إلى الجامعة خلال حكم محمد مرسى بالمخالفة للقانون، حيث جرى تعيينهم بلا مسابقات، وبأمر مباشر من هشام قنديل، رئيس الوزراء خلال حكم مرسى، مطالبًا بفصلهم جميعًا حتى يستقر حال الجامعة مهما كانت النتائج.

وهو الاتهام الزائف الذي ردته قيادات من الأزهر نفسه كما أوضحنا سابقًا.

ومن ضمن الأسماء التي شملتها قائمة أعضاء هيئة التدريس التابعين لجماعة الإخوان أو المتعاطفين معهم، 61 اسمًا بكلية طب بنين، و9 بكلية الهندسة، و5 بكلية الدعوة، و5 بكلية اللغة العربية، و25 بمستشفى باب الشعرية، التابع لكلية طب بنين، و22 بكلية الزراعة، و22 بكلية طب بنات، و24 بكلية تربية بنين(183).

تسبب بيان النادي وتصريحات رئيسه في حالة من الغضب الشديد داخل إدارة الأزهر ومجتمع أعضاء هيئات الدريس بالجامعة، فسارع نادي هيئة التدريس بأسيوط إلى نفي ما ورد بالبيان، وأعلن رفضه له(184)، كما اضطر عويضة نفسه للاعتذار عن أقواله في 4 سبتمبر 2014، واعترف بأنه أخطأ في وصفه عددًا من أعضاء التدريس بالجامعة بأنهم من الإخوان، وقال: إنه في إطار مواجهته لعناصر الإخوان والمتعاطفين معهم من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، ذكر بعض الأسماء عن طريق الخطأ، ويقدم اعتذاره لهم، معربًا عن كامل احترامه لكل أعضاء هيئة التدريس. وأضاف أنه لن يتوانى عن مواجهته لهذا التنظيم في جامعة الوسطية والاعتدال(185)، ثم قرر مجلس جامعة الأزهر في اجتماعه يوم 10 سبتمبر 2014 قبوله اعتذاره(186) لتنتهي بذلك تلك الضجة التي أحدثتها محاولة بعض أنصار الانقلاب المزايدة على بعض!

 

المراجع

(182)   اليوم السابع https://2u.pw/nBtd6gyE

(183) اليوم السابع https://2u.pw/nBtd6gyE

(184) موقع البوابة: نادي تدريس الأزهر بأسيوط ينتقد هجوم عويضة على مستشاري الطيب الرابط: https://www.albawabhnews.com/981222

(185) رئيس "تدريس الأزهر" يعتذر عن وصفه لبعض أعضاء النادي بأنهم "إخوان" – الوطن الرابط: https://www.elwatannews.com/news/details/552302

(186) موقع صدي البلد: جامعة الأزهر تقبل اعتذار "عويضة" بعد اتهامه لزملائه بالانتماء لجماعة الإخوان الرابط: https://www.elbalad.news/1142255#google_vignette

شهد المجتمع الأكاديمي الأزهري وغيره على مدار السنوات الماضية من عمر الانقلاب الدموي ممارسات انتقامية غير مسبوقة ضد أعضاء هيئة التدريس المناهضين للانقلاب ، تنوعت بين التحريض والتحويل للتحقيق والإيقاف والفصل والاعتقال والقتل والمطاردة.

أما نماذج التحويل للتحقيق والإيقاف والفصل من الجامعة فتندّ عن الحصر، ومن ذلك فصل الدكتور عبد الرحمن البر عميد كلية أصول الدين بالمنصورة، والدكتور محمد البلتاجي، والدكتور أشرف التابعي عميد كلية الطب فرع دمياط، وعشرات غيرهم. وذلك بدعوى أنهم تغيبوا عن أعمالهم، مع أن الجميع يعلمون أن سبب تغيبهم عن العمل هو اعتقالهم، أو اختفاؤهم حذرًا من الاعتقال، بل إن الدكتور توفيق نور الدين نائب رئيس جامعة الأزهر صرح بأن الدكتور عبد الرحمن البر تقدم بطلب للحصول على إجازة من العمل، لكن إدارة الجامعة رفضت الطلب بدعوى تغيبه عن العمل لأكثر من شهر(187)!??  كما تمت إحالة عشرات من الأساتذة إلى التحقيق بتهم شتى(188)، بعضها يتصل بكتابات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك(189)، وفصل أكثر من ثلاثين عضوا بهيئة التدريس في العام الجامعي 2013- 2014 لتورطهم في أعمال شغب داخل الجامعة على حد قوله د. أحمد حسني نائب رئيس الجامعة(190)

وفي مارس 2015 أصدر الدكتور عبد الحي عزب، رئيس جامعة الأزهر، قرارًا بإيقاف معيدة بكلية العلوم جامعة الأزهر عن العمل بزعم حيازاتها قنابل وشماريخ، وإحالتها للتحقيق. وزعم د. "عزب" أن قوات الأمن الإداري "فالكون" ضبطت داخل سيارة المعيدة "فاطمة" قنابل موقوتة.. بدائية الصنع وشماريخ، أمام البوابة الرئيسية للجامعة؛ حيث كانت برفقة زوجها(191).

وبعد أكثر من عامين على الانقلاب في مارس 2016م، أصدر مجلس التأديب بجامعة الأزهر، قرارًا بفصل 4 أساتذة نهائيًا، بدعوى تحريضهم على التظاهرات(192).

 

المراجع

(187)  مصراوي – موقع رأي اليوم https://2u.pw/87x6fV5d

(188) موقع أخبار العالم والجزائر https://benkhlifa.blogspot.com/2013/07/blog-post_2023.html#google_vignette

(189)  السبورة  https://www.alsbbora.info/38184 ، نافذة مصر السبت 22 نوفمبر 2014م  https://2u.pw/4FbcCBjV

(190)  نافذة مصر الأحد 31 أغسطس 2014 م https://2u.pw/NFefYEdV

(191)  نافذة مصر الأربعاء 11 مارس 2015م  https://2u.pw/kiHVzioe

(192)  نون بوست التطهير الأكاديمي.. كيف تُنكل السلطة المصرية بمعارضيها؟

 https://www.noonpost.com/21312/

وتعرض بعض أساتذة جامعة الأزهر إلى القتل في الميادين، منهم الدكتور ياسر طه مدرس الكيمياء الحيوية بكلية الطب جامعة الأزهر بالقاهرة، شهيد الحرس الجمهوري، (193)، والدكتور عبد الرحمن محمد علي عويس أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين، لقي الله إثر رصاصة قناص بالصدر في يوم مذبحة رابعة العدوية يوم 14 من أغسطس/آب 2013م(194)، كما استشهد عدد من أبناء أساتذة الأزهر ، من بينهم عمر ابن الدكتور الدسوقي عزب الأستاذ بزراعة الأزهر، و د. خالد فرناس ابن الدكتورة هالة البنا أستاذة طب الأطفال بالجامعة، وغيرهم.

وبوجه عام كان أئمة وعلماء الأزهر ممن يصدقون القول بالعمل، فلم تكن نداءاتهم بحماية الشرعية والثورة مجرد حماسة وقت، بل دعوى صدقتها التضحية، وكتبتها دماء الشهادة، ففي مجزرة الحرس الجمهوري -أول المجازر بعد الانقلاب العسكري- استشهد 13 عالما وإماما من علماء الأزهر. وفي مذبحة فض رابعة استشهد 33 عالما وإماما أزهريا، وفي مجزرة المنصة استشهد 6 من أساتذة جامعة الأزهر فرع أسيوط، كما تفرقت دماء أساتذة وعلماء الأزهر في المجازر الأخرى في رمسيس وأحداث مسجد الفتح وغيرهما من مجازر الانقلاب الدموية. كما بلغ عدد المعتقلين ممن ينتمون إلى مؤسسة الأزهر 5700 معتقل، هذا بجانب الإجراءات التعسفية غير المسبوقة التي اتخذت ضد أساتذة جامعة الأزهر والتي تنوعت بين الفصل والإيقاف عن العمل، حيث بلغ عدد أساتذة جامعة الأزهر المفصولين 16 أستاذا(195).

 

المراجع

(193)   راجع فيديو للتعريف به رابط الفيديو https://www.youtube.com/watch?v=MGMk8wGvAsY&t=28s، وراجع تقرير المصري اليوم عنه https://2u.pw/wQErRnJp

(194)  موقع قتل في مصر https://2u.pw/8EN0n

(195)  نافذة مصر https://2u.pw/88WbdNC6

تعرض طلاب الأزهر الشريف لعنف ممنهج، امتد ليشمل التحقيقات والفصل والخطف والاعتقال، بل القتل في الشوارع والاغتصاب!!

 وهذا يدل على قوة الحراك واتساعه، وما مثّله من حرج وضغوط على سلطات الانقلاب، وما نتعرض اذكره الآن لا يعدو إلا أن يكون بعض لمحات من حراكهم، وشذرات من جهادهم.

اتسم الحراك الأزهري المقاوم للانقلاب بالانتشار في جميع أنحاء مصر، حيث تمتد فروع جامعة الأزهر ومعاهده إلى كل المحافظات، فقد كان ممتدًا صباحًا ومساءً، ليس داخل الجامعة وحدها، بل في جميع المدن الجامعية، وفروع الجامعة، وقلبها في مدينة نصر، وتواصل خارج أسوارها، في أكبر شوارع القاهرة صلاح سالم، ومعظم أحيائها من الحي السادس الذي فيه الجامعة؛ إلى أحياء السابع والثامن والعاشر؛ التي يكثر سكن الطلاب فيها، واتسم مع غيره بالصمود والثبات والإبداع، وعمت تضحياته البنين والبنات.

بل امتد فشمل طالبات وطلبة المرحلة الثانوية والإعدادية الأزهرية، وكان من بين شهداء رابعة وغيرها عدد من طلبة وطالبات الثانوي الأزهري.

 وصف الدكتور الدسوقي عزب- أحد أساتذة جامعة الأزهر، وأحد المشرفين على تربية  طلاب الأزهر- طلاب الأزهر بأنهم شباب متدين، ذو همة، على درجة كبيرة من الانضباط، وبأنهم شاركوا في أول ثورة يناير مع الدكتور محمد البلتاجي أحد أبرز قادة الثورة منذ بدئها، كما كان لهم دور كبير في تأمين الثورة في ميدان التحرير، وشاركوا في اعتصام رابعة العدوية، بموقعها القريب من جامعة الأزهر، وقد كان نحو ألفي طالب منهم على أهبة الاستعداد لتلبية ما يُطلب منهم، يدفعهم إلى ذلك  زادهم من العلم الشرعي، ورصيدهم من الالتزام الديني والقيمي.. حتى أطلق على جامعة الأزهر أنها جامعة الشهداء(196).

لم يكن جميع المشاركين في هذا الحراك من طلاب الإخوان المسلمين الذين تربوا على آيات الجهاد والمرابطة والصبر، وفرضية مواجهة المنكر، والسعي لإقامة شريعة الله في أرضه، وقصص المجاهدين والصابرين، لكن السمت العام الذي تربى عليه طالب الأزهر، كان يرسخ تلك المقاربة الشعورية بينه وبين طلاب الإخوان، وبينه وبين الملتزمين دينيًا من طلاب الجامعات الأخرى، مع ما يجمع عامتهم من سمات الشباب وفتوتهم، وتطلعهم إلى تحقيق فد أفضل لهم ولوطنهم. 

 

المراجع

(196)  من شهادة الشاهد {137} عضو هيئة التدريس جامعة الأزهر.

ومما يؤكد ضراوة الحراك الطلابي الأزهري وما بذلته إدارة الأزهر والجامعة في مواجهته، حتى لجأت إلى استعداء الأجهزة الأمنية والعسكرية، انعقاد مجلس جامعة الأزهر في 20-11-2013م؛ أي بعد الانقلاب بنحو أربعة أشهر، ليقرر حظر المظاهرات داخل الحرم الجامعي بكافة الكليات، كما طالب المجلس وزارة الداخلية بحماية وحراسة المنشآت، في ظل المظاهرات اليومية التي شهدتها الجامعة منذ بدء الدراسة في 19 أكتوبر، بعد عدة تأجيلات امتدت قرابة شهر.

كما قرر المجلس، تعليق أنشطة الاتحادات الطلابية بكافة الكليات، وتحويل المخالفين منهم إلى مجالس تأديب عاجلة، وكلف عمداء الكليات بطلب تدخل الشرطة حال "توقع" حدوث اعتداء على الأرواح والمنشآت، وتعكير صفو العملية التعليمية، على حد قوله(197).

يعني إن حدث توقع لاعتداء على الأرواح والمنشآت فإن جلب الشرطة بغشمها واجب لتحقيق اعتداء واقعي على الأرواح والمنشآت للطلاب والجامعة!

 

المراجع

(197)   نافذة مصر https://2u.pw/P0swKn07

خصصت الإضراب الذي دعا إليه اتحاد طلاب الأزهر وأيدته حركة طلاب ضد الانقلاب بكلام مستقل عن الوقفات والمسيرات والمظاهرات، لما للإضراب من تأثير أكبر وأوقع في رفع معنويات الطلاب، وفيه إحراج إدارة الجامعة التي شاهدت الضرب والقتل بأم عينها ولم تحرك ساكنا، بل عاونت الانقلابين ضد أبنائهم الطلاب والطالبات.

ودعا اتحاد طلاب جامعة الأزهر عموم طلاب وطالبات الجامعة للإضــــــــــــراب الـــــعـــــام عن الدراسة طوال أيام الأسبوع بدءًا من 22 نوفمبر 2013م احتجاجاً على اقتحام المدينة الجامعية الأربعاء الماضي ومهاجمتها (198).

وأعلنت حركة طلاب ضد الانقلاب جامعة الأزهر عن بدء إضراب كامل في 30 كلية بجامعتي البنين والبنات بالقاهرة يوم 21-11- 2013م احتجاجاً على مقتل زميل لهم، والقبض على آخرين في اشتباكات بين الشرطة وطلاب في المدينة الجامعية، وأمام مشيخة الأزهر القريبة منها، في ظل صمت من شيخ الأزهر ورئيس الجامعة ونوابه(199).

 

المراجع

(198)  نافذة مصر   https://2u.pw/z8Z87TSY

(199)   رأي اليوم صحيفة عربية مستقلة https://2u.pw/Qi2Zan8m، سلميتنا أقوى من الرصاص https://www.youtube.com/watch?v=suKj-ib573c ، وموقع السبورة https://www.alsbbora.info/11063، وراجع فيديو رصدت فيه بوابة الأخبار أثر الإضراب الذي تجاوب معه الطلبة على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=suKj-ib573c  "بوابة أخبار اليوم" ترصد فعاليات إضراب طلاب جامعة الأزهر عن الدراسة

هذا الحراك أقلق الانقلابين وأرعبهم، حتى قال د. حسام عيسى أول وزير تعليم في حكومة الانقلاب، وأحد رموز اليسار سابقًا وأستاذ القانون الدولي إن المظاهرات في الجامعات دعوة لإسقاط الوطن(200).

 وطالب د. يوسف زيدان - الكاتب العلماني المعروف بعدائه للتيار الإسلامي- سلطات الانقلاب بإغلاق جامعة الأزهر، وتعليق الدراسة في بعض كلياتها لمدة عامين، عقب بعض الاشتباكات التي حدثت بين طلاب رافضين للانقلاب وأفراد أمن "شركة فالكون"، التي أوكلت إليها مهمة الحرس الجامعي. إذ قال زيدان في تغريدة عبر صفحته على منصة "تويتر" X: "إذا لم يصدر غدا قرار بإغلاق جامعة الأزهر وتعليق الدراسة في بعض كلياتها لمدة عامين فسوف نندم ندما فادحا"، وتابع فقال: إن ما جرى بالأمس في جامعة الأزهر من مناوشات، أمر لا يبشر بالخير(201).

وشن د. حسين عويضة رئيس نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر حملة ضارية على طلاب الجامعة المعارضين للانقلاب، ووصف المدن الجامعية بأنها أوكار للإرهاب، وأنها مأوى للمسلحين يأتون إليها من خارجها، وطالب بالعنف البالغ في مواجهة الطلاب، وإدخال الشرطة إلى داخل الجامعة بشكل دائم، بل إنه تحدث -في هياج واضح- عن تعاطف بعض الوزراء والمسؤولين في الحكومة مع هؤلاء الطلاب، بل القريبين من السيسي نفسه! (202)، ثم إنه زاد على ذلك فقال إن التحقيق معهم، وتوقيع العقوبة عليهم؛ وإن كانت الفصل من الدراسة غير كافٍ، وأنه كان يطالب من قبل بتجنيدهم في الجيش، ولكنه الآن يرى خطأ ذلك، لأنهم سيتعرفون على أسرار القوات المسلحة، وتفتق ذهنه عن الحل الذي يراه ناجعًا وهو أن يتم تحميلهم في سيارات الجيش إلى الصحراء ليزرعوها، وبذلك تنتهي علاقتهم بالعلم والجامعة(203)

ومن أبرز تصريحاته قوله يوم الثلاثاء، 1 أبريل 2014م، إن المدن الجامعية للأزهر مركز إيواء إرهابيي الإخوان  مشدداً على ضرورة وجود قوات أمن مجهزة داخل الجامعات للقضاء على الإرهاب.. وقال إن الأساتذة يرون غلق المدن الجامعية بتصويت 100% (204)

 

المراجع

(200) لقاء حسام عيسى مع خيري رمضان في برنامج "ممكن" على فضائيةCBC Egypt ،  بتاريخ 4/12/2013على الرابط: t.ly/0UGuR

(201)   المصري اليوم    https://2u.pw/nyqcMkZX

 بوابة الشروق   https://2u.pw/Lrg7OzzI

(202) نادى تدريس "الأزهر": يجب إغلاق المدن الجامعية لأنها وكر للإرهاب - اليوم السابع، وراجع لقاء د. عويضة مع إبراهيم حجازي، برنامج في دائرة الضوء، قناة النهار، بتاريخ 23/3/2014، على الرابط:  https://www.youtube.com/watch?v=KvawU3IoNDM

(203) https://www.youtube.com/watch?v=QYBsc4QX9vk

(204)  اليوم السابع  https://2u.pw/YA5NkxiL

 واعترف في مداخلة هاتفية له مع الإعلامي محمود سعد، في برنامج "آخر النهار" الذي عُرض على فضائية "النهار" المصرية مساء الاثنين 13 أكتوبر 2014م بتجنيده مجموعة من طلبة الجامعة للتجسس على زملائهم، حيث زعم وجود "مركز لتدريب طلاب الإخوان على الأعمال الإرهابية بمنطقة "كرداسة". وأنه أعلن عن هذه "المعلومة" منذ العام الماضي، إلا أن جهاز الشرطة لم يتواصل معه، أو يطلب منه أي معلومات. وعند سؤاله عن مصدر معلوماته قال إنه حصل عليها من طلاب أقارب له يتخذهم جواسيس على زملائهم! وحين سأله المذيع: "أنت مشغل جواسيس يا دكتور"، رد عويضة: "آه طبعا مشغل جواسيس بلدياتي في وسط الطلبة"، وأنهم يرسلون إليه المعلومات طازجة "في حينها"، وحين نبهه محمود سعد إلى حرمة ذلك قال: "الضرورات تبيح المحظورات".. فأصر محمود سعد على حرمة ذلك، وبخاصة من أستاذ بالأزهر الشريف، وأن هذا من اختصاص الأمن؛ لا الأساتذة (205).

أما د. أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر فقد عبر عن مأزق النظام في التعامل مع هؤلاء الطلاب، فقال:" نحن نتعامل مع ثيران هائجة تسعى فسادًا في الأرض»، بأنهم "ثيران هائجة تسعى فسادا في الأرض "، وأنه يجب تجريم ممارسة العمل السياسي داخل أروقة الأزهر، ومن يهوى ممارسة السياسية فعليه أن يولي وجهه شطر الجامعات الأخرى. وأن طلاب الإخوان "لا يمثلون كتلة طلابية كبيرة داخل حرم الأزهر، لكنهم ينفقون على الطلبة الفقراء القادمين من النجوع والقرى، ويغدقون عليهم المال أثناء دراستهم، وبعدها يتم تجنيدهم لارتكاب أعمال إرهابية، وهذه قضية يجب أن يفطن إليها الجميع". وأن أموال الإخوان مصدرها الزكاة منذ الأزل، وعلى أولياء أمور الطلاب المخربين إصلاح التلفيات التي حدثت بالجامعة، مؤكدًا أنه «لو كان في مكان رئيس جامعة الأزهر لن يتراجع قيد أنملة عن فصل طلاب الإخوان وإلقاء أوراقهم خارج الجامعة»(206).

 

المراجع

(205)  نافذة مصر  https://2u.pw/Jaqof7yW

(206)   المصري اليوم https://2u.pw/lvv3VfPR

أسلوب آخر للضغط على الطلاب بعد التحريض عليهم بكل الوسائل الإعلامية، وهو حرمان الطالب المعارض للانقلاب من دراسته الجامعة، وذلك بالفصل الجزئي والكلي، أو الحرمان من الاختبارات النهائية، ولم يكتف الدكتور عبد الحي عزب بمجرد الطرد من الجامعة، بل صرح أكثر من مرة على القنوات الفضائية، أن الطالب الذي سيفصل من الجامعة، تبلغ الجامعة عنه إدارة التجنيد، حتى يؤدي الواجب العسكري، كما مر بنا

ولا نستطيع حصر عدد الطلبة والطالبات الذين فصلوا جزئيًا أو كليًا، أو من حرم منهم من أداء الامتحان، لكن الثابت أن بعض هذه القرارات بلغت حدًا من الشطط دالّاً على عمق أزمة النظام والجامعة التابعة له، ولا شك أن تلك كانت هي السياسة المتبعة مع بقية الجامعات(207)، وفصل 185 طالباً بصورة نهائية في 4 مايو 2014، وفصل 176 طالب و 138 طالبة بتاريخ 29/9/2014م(208). وحرمان الطلاب المعتقلين من أداء امتحاناتهم في 20/5/2014، بالرغم من قرار المحامي العام والنيابة العامة بتمكينهم من ذلك(209)،

 

المراجع

(207)  مرصد أزهري للحقوق والحريات https://www.youtube.com/watch?v=GzUC1FAXfLc&list=PLQjqLBFgCD3cHX_S8_eFozWIhmM-PyCNh&index=1

(208)  يوثق هذا الفيديو - الذي بثه مرصد أزهري للحريات- عدد الطلاب والطالبات الذين فصلوا من الجامعة، وعدد من تم اعتقاله وتعذيبه واغتصابه من البنات مرصد ازهري للحرية : تم فصل 176 طالب و 138 طالبة https://2u.pw/HGMQOvrF

(209) جامعة الأزهر تحرم الطلاب المعتقلين من الامتحانات

منذ بدايات الانقلاب عام 2013 اشتدت معارضة طلاب الأزهر، وتصاعدت احتجاجاتهم، فواجهتها قوات الانقلاب بالعنف البالغ، واقتحمت بمدرعاتها المدينة الطلابية لجامعة الأزهر، وتم الاعتداء على الطالبات أثناء مسيرتهن السلمية إلى مشيخة الأزهر، واعتقال عدد منهن، وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع عليهن لتفريقهن. وتحولت ساحة الجامعة إلى ثكنات عسكرية وساحات حرب بما لا يمكن أن يقوم به احتلال غاشم(210).

وتعددت حالات الاعتقال العشوائي والإخفاء القسري، وليس الغرض هنا حصرها أو الإسهاب في تناولها، فقد تتبعها "مرصد أزهري للحقوق والحريات" على الفيسبوك ومنصة X واليوتيوب.

 

المراجع

(210)https://ikhwaniy.blogspot.com/2013/11/blog-post_5817.html مدونة اخواني ولي الشرف

لكننا نقف وقفة واجبة عند اعتقال الطالبات والتنكيل بهن، وما تداولته الأخبار عن تحرش واغتصاب، مما يندى له الجبين، ويعد نقطة سوداء في تاريخ تلك الحقبة من تاريخ بلادنا، وتاريخ (رجالها) من أمر منهم بذلك، ومن سكت عنه!

لقد تكرر اقتحام فرع الطالبات بجامعة الأزهر، كما تكرر الاعتداء على حرائر الأزهر بتفهنا الأشراف، مثلما حدث في 29 أكتوبر 2014م(211)

وسلَّم عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالمنصورة 6 طالبات إلى شرطة الانقلاب خلال دخولهن إلى الجامعة لأداء الامتحانات في يناير 2015، وتصدر هاشتاج "#بنات_المنصورة" تدوينات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي يوم 7 يناير بعد أن قررت نيابة الانقلاب حبس الطالبات الست 15 يومًا في اتهامات ملفقة(212) . وسرت أنباء عن تعذيب الطالبات المعتقلات في مارس 2015(213)، وعن "حصار البنات الطاهرات داخل غرف مغلقة والتحرش بهن علي مسمع ومرأى من الجميع دون نخوة من إدارة الجامعة"، بحسب تعبير اتحاد طلاب الأزهر في 24 ديسمبر 2013م(214).

ثم كانت الفاجعة حين عرضت قناة الجزيرة في برنامج "مصر الليلة" مساء يوم 3/7/2014 شهادة مفزعة للطالبة ندى أشرف حكت فيها بالتفصيل واقعة التعدي عليها من قبل ضابط الشرطة، في واقعة اغتصاب كاملة داخل مدرعة الشرطة، وهو ما زالت تعاني نتيجته من تداعيات نفسية أصابتها هي وأسرتها(215).

وقد وثقت تقارير حقوقية مصرية ودولية وقوع حالات اغتصاب في السجون والمعتقلات المصرية، ورد بعضها على لسان الضحايا أنفسهن. لكن السلطات المصرية نفت ذلك بشدة.

وقد تحدث تحالف دعم الشرعية المناوئ لانقلاب الثالث من يوليو عن تعرض خمس وأربعين فتاة للاغتصاب، عدا التعذيب البدني والنفسي والحبس في ظروف بالغة السوء. وذكرت المصادر أن من بين المغتصبات داخل مقار الاحتجاز فتيات حملن نتيجة ذلك، وقد تعرض بعضهن للإجهاض، في حين لم يسمح الوضع الصحي لبعضهن بذلك، وهن الآن بالشهر السابع أو الثامن. وكشفت المصادر أن هناك حالة تعرضت فيها للاغتصاب 14 مرة في يوم واحد، داخل معسكر للأمن المركزي، وحالة أخرى عانت من الاغتصاب يوميًا لمدة أسبوع داخل أحد مراكز الشرطة". إلا أنها رفضت الكشف عن هوية هذه الحالات أو أماكن الاغتصاب.

وكان تحالف دعم الشرعية قد عقد خلال فبراير ومارس 2014 لجان استماع للفتيات المفرج عنهن، وأسر المحبوسات من معارضات السلطة، للتعرف على ما مررن به داخل السجون وأقسام الشرطة، واتخاذ موقف إزاء ما يشاع حول تعرضهن لعمليات تحرش واغتصاب داخل محبسهن. وتكونت لجنة الاستماع من ممثلين عن حركة نساء ضد الانقلاب، ومنظمات حقوقية مستقلة. وأشارت المتحدثة باسم "نساء ضد الانقلاب" آية الله علاء أمس إلى أن الحركة قدمت لعدد من الجهات الحقوقية والسياسية المعنية ملفا مفصلا بحالات الاغتصاب والانتهاكات الجسدية الخطيرة التي وصلتها، وتتعدى عشرين حالة موثقة بأقسام شرطة وسجون ومقرات احتجاز غير رسمية(216).

 

المراجع

(211)  نافذة مصر الأربعاء 29 أكتوبر 2014م https://2u.pw/H55qAl7x

 

(212) " بنات المنصورة " هاشتاج يتصدر مواقع التواصل تضامناً مع حرائر الأزهر - نافذة مصر

(213)   - مرصد "طلاب حرية" https://2u.pw/aFh67R0U

(214)  بيان الاتحاد العام لجامعة الأزهر يدعو لــ "عصيان عام" https://2u.pw/sFQtBEn3

(215)  ندى أشرف.. شهادة مفزعة لاغتصابها داخل مدرعة شرطة (youtube.com)

(216)  نقرير الجزيرة نت  في 3/8/204 بعنوان "تقارير توثق شيوع اغتصاب المعتقلات بمصر"، على الرابط: https://2u.pw/71RvlALB

تشكلت عقب الانقلاب محاكم استثنائية من قضاة مخصوصين لمحاكمة أنصار الشرعية وخصوم الانقلاب، وكانت أحكامها مثارًا للعجب في الأوساط الحقوقية الدولية، وصلت أحيانًا إلى الحكم بإعدام المئات من المعارضين دون سماع دفاعهم، واشتهر بعضهم بقضاة الإعدام، وقد حصل موقع (عربي 21) على وثيقة تضم أسماء 19 قاضيًا أصدروا خلال خمس سنوات 2014-2019 (1056 حكمًا) بالإعدام على معارضين، في محاكمات غير عادلة، من إجمالي 1320 حكمًا بالإعدام. هذا بخلاف صدور أحكام من القضاء العسكري الاستثنائي غير المعترف به دوليًا، والتي بلغت 200 حكمٍ في حق مدنيين تمت محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية، وتضم قائمة هؤلاء محمد نادي شحاتة الذي أصدر وحده 263 حكمًا بالإعدام، وسعيد صبري، الذي أصدر 220 حكمًا بالإعدام، وهو صاحب أكبر رقم إحالة للمفتي في تاريخ مصر، حيث أحال لمفتي الجمهورية أوراق 683 متهمًا في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث مركز العدوة بمحافظة المنيا - جنوب مصر"، ثم قضى بإعدام 183 مُتهمًا بعد إحداث ضجة كبيرة في مصر والعالم(217).

فلا عجب إذن أن ترد الأخبار بأن محكمة جنح الجمالية قضت في 13 نوفمبر 2013 بمعاقبة 12 طالبًا أزهريا بالحبس 17 سنة وغرامة 64 ألف جنيه لكل منهم، لاتهامهم بمحاولة اقتحام مبنى مشيخة الأزهر، وإثارة الشغب، والتعدي على موظفي وأمن المشيخة(218). أو أن محكمة جنايات القاهرة قد قضت في 21 يونيو 2014م بمعاقبة 14 طالباً بالاشتراك في أحداث جامعة الأزهر، بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات. وبالسجن 3 سنوات لثمانية طلاب قاصرين(219)، كما قضت المحكمة العسكرية بالمنصورة في 15 يوليو 2015 بالسجن عامين على 5 من طلاب جامعة الأزهر فرع تفهنا الأشراف بميت غمر- يوليو- 2015م(220)

 

المراجع

(217) بالأسماء.. 19 قاضيا بمصر أصدروا 1056 حكم إعدام في 5 سنوات ...

(218)   نافذة مصر https://2u.pw/wPEnHBR8 ، المصري اليوم https://www.almasryalyoum.com/news/details/340235 ، بوابة الأهرام https://gate.ahram.org.eg/News/417893.aspx

(219)   نافذة مصر https://2u.pw/hhE0MUdk

(220)   بوابة الحرية والعدالة  https://2u.pw/H98a1T7a

أعلن طلاب جامعة الأزهر عن سقوط أول شهيد من طلاب الجامعة يوم الاثنين 28 أكتوبر 2013م بطلق ناري في الرأس أثناء قيام شرطة الانقلاب بالاعتداء على تظاهرات الطلاب، داخل الحرم الجامعي، فيما أصيب عشرات آخرون بالرصاص الحي داخل الجامعة(221)، واستشهد طالب بكلية التجارة في يوم الاثنين 9/12/2013(222). وأعلن اتحاد طلاب جامعة الأزهر مقتل 4 طلاب من كليات مختلفة بالجامعة في ذكرى الثورة يوم 25 يناير 2014(223). وعن مقتل طالبين يوم 28-12-2013م(224).

وأصدر "مرصد طلاب حرية" إحصائية في 5 سبتمبر 2014م لحالات الاعتداء على طلاب الجامعات المصرية منذ انقلاب 3 يوليو، أوضح فيه أن عدد الطلاب الذين تم قتلهم خارج إطار القانون بلغ 208 قتيلا، إضافة إلى من تم اعتقالهم ووصل عددهم إلى 1851 طالب معتقل، وأن جامعة الأزهر احتلت المرتبة الأولى من حيث عدد القتلى والمعتقلين، حيث وصل عدد الشهداء فيها إلى 76 شهيدا، و800 معتقل(225).

 

المراجع

(221)  المصري اليوم  https://www.almasryalyoum.com/news/details/344840

(222)   نافذة مصر https://2u.pw/X8AqWgWb

(223)  السبورة https://www.alsbbora.info/13988#google_vignette

(224)    رابط الفيديو https://www.youtube.com/watch?v=pDbUPAxysIw

(225)   نافذة مصر https://2u.pw/UzEW64o7

أدى صمود طلاب الأزهر، ومطاولتهم قوة الانقلاب، وصمودهم أمام عدوانه؛ إلى أصداء واسعة في داخل البلاد وخارجها، فقد تعاطفت أعداد كبيرة من الشخصيات العامة والقيادات المستقلة، والاتحادات الطلابية المستقلة في الجامعات المختلفة، والقوى السياسية المعارضة للانقلاب، مع الطلاب في عدالة قضيتهم، وإدانة العدوان الممنهج ضدهم، وبخاصة أنهم كانوا معبرين في حراكهم عن آراء وأفكار وقضايا سياسية، وأنهم تعرضوا لحملة تشوية منظمة لوصمهم بالعنف والإرهاب. وظهرت عبارات التعاطف والتأييد لحراك الطلاب، وإدانة طرق الانقلاب في قمعهم من خلال عدة منصات فضائية، ومواقع إخبارية في ذلك الوقت.

وحمَّلت حركة "استقلال القضاء" هشام بركات النائب العام وشيخ الأزهر ورئيس الجامعة مسؤولية الدماء التي سالت في اقتحام المدينة الجامعية بالأزهر يوم الخميس21 نوفمبر 2013م، وذكرت أن النيابة العامة امتنعت عن التحقيق في مخالفة القانون من قبل الداخلية، واقتحام المدينة الجامعية، وقتل واعتقال الطلاب دون سند قانوني (226).

وأدانت حركة "صحفيون من أجل الاصلاح" يوم 10 ديسمبر 2013م التعتيم الإعلامي على جرائم الانقلاب في مواجهة طلاب الأزهر، واتهمت مجلس نقابة الصحفيين ونقيب الصحفيين بالمسؤولية عن ذلك التعتيم، والمشاركة في اغتيال الحقيقة(227).

ونظم مؤتمر في تركيا حضره ممثلون لمؤسسة "إنسانية" المعنيّة بحقوق الإنسان، ومنظمة "هيومان رايتس مونيتور" بالتنسيق مع طلاب ضد الانقلاب مؤتمرًا صحفيًا بتركيا في 4 مايو 2017 حول الانتهاكات التي تمت بحق طلاب وطالبات الأزهر. وتحدثت الحقوقية سلمى أشرف – من منظمة هيومان رايتس مونيتور – اقتحام الحرم الجامعي بالمدرعات والدبابات، واستخدام قوات الامن للذخيرة الحية والاسلحة المحرمة دوليًا ضد الطلاب المتظاهرين، وقتل 104 طالب بينهم ثلاث طالبات ، وإصابة اكثر من 800 آخرين بالخرطوش من قبل قوات الأمن داخل الحرم الجامعي وأمامه. موضحة أن مجموع المعتقلين من الطلاب بلغ ،512 بينهم 94 طالبة، جرى اعتقالهم من داخل أسوار الجامعة، بالإضافة الى 140معتقلاً ومعتقلة من تظاهرات خارج الجامعة.(228)

وتعدى الاهتمام بالحراك الجامعي والأزهري خاصةً الصحف والمواقع والقنوات المحلية والإقليمية،  إلى الصحف العالمية، فقالت شبكة ميدل إيست مونيتور المتخصصة في رصد شئون الشرق الأوسط في 20 سبتمبر 2014م إن حرم جامعة الأزهر يشهد حملة صارمة على الطلاب من قبل سلطات الانقلاب العسكري، مشيرة إلى مقتل عشرات الطلاب على يد الشرطة، وأن حرم الأزهر برز باعتباره نقطة ساخنة للاحتجاجات المناهضة للانقلاب العسكري منذ يوليو 2013 وخاصة عقب مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية حيث استشهد أكثر من مائة طالب أزهري برصاص شرطة الانقلاب. واستطردت الشبكة أن إدارة الجامعة الموالية للانقلاب العسكري سمحت للشرطة مرارا لاقتحام الجامعة وإطلاق النار والغاز المسيل للدموع على الطلاب المحتجين مما يؤدي إلى مزيد من الاحتجاجات(229).

وتحدث موقع "وورلد نيوز" يوم الاثنين 24 نوفمبر 2014م عن أن "قرارات العسكر بإغلاق المدن الجامعية تزيد معاناة طلاب الأزهر"(230).

وكتبت الجارديان البريطانية تقريرا عن الطالبة المعتقلة الأزهرية "أسماء حمدي" يوم الجمعة 26 ديسمبر 2014م، جاء فيه: "أسماء حمدي.. الطالبة بالفرقة الثانية بكلية طب الأسنان جامعة الأزهر والمعروفة إعلاميا باسم "أسماء مصر" من ناشطات الجمعية المصرية للتغيير بمحافظة الشرقية، لم تكن تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وقت اعتقالها ضمن طالبات الأزهر، دخلت من باب الجامعة لتؤدي امتحاناً عملياً يوم 24 ديسمبر 2013، فتم اعتقالها من بين الطالبات عشوائيا، ولم تشفع لها توسلاتها لضابط الشرطة بأن يرسل معها أحد الأفراد للتأكد من أن لديها امتحانا عملياً، وأنه ليس لها علاقة بالتظاهرات، فقام بضربها بظهر مسدسه على رأسها وقدميها هي وخمس طالبات من داخل الحرم الجامعي وتم اصطحابهن إلى قسم شرطة ثان مدينة نصر(231)".

 

المراجع

(226)   نافذة مصر https://2u.pw/BAFAWCkM

(227)   نافذة مصر https://2u.pw/lHthvDE4

(228)   بوابة الحرية والع دالة https://2u.pw/mTWQkxCS

(229) نافذة مصر https://2u.pw/9XgscjIX

(230)  نافذة مصر https://2u.pw/J1BC2kKU

(231) نافذة مصر https://2u.pw/TEghJXVn

الفصل الختامي

خاتمة الكتاب

 

غرض الكتاب: التوثيق لصفحة من صفحات مصر في ثورتها المجيدة التي قامت في 25 يناير 2011م ضد حكم العسكر المتمثل في حسني المبارك، الذي طال حكمه وساد ظلمه وطغيانه، وخص الكتاب من جملة صفحات الثورة، صفحة الأزهر الشريف، فهو أكبر مؤسسة دينية معبرة عن حالة الإسلام والمسلمين، فلا شك أن له تأثيره المحلي والإقليمي والعالمي، والكتاب مهد للدخول في موضوعه بالجانب السياسي المقاوم للظلم والاستبداد التي تعبد به شيوخ الأزهر السابقين، فأظهر دورهم في مقاومته، والوقوف يدا بيد مع الشعب المصري ضد كل طاغية جبار، فضلا عن دفاع شيوخه عن قضايا العالم الإسلامي، وفي مقدمتها قضية فلسطين، وكان البيان الأوفى فيه لموقف مؤسسة الأزهر، من الثورة بداءة، ثم من الانقلاب على رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، الذي أفرزته غالب قوى يناير 2011م، وما بينهما في فترة المجلس العسكري للبلاد، وهي الفترة التي نال فيها الأزهر بعضا من استقلاله، وبعدت نسبيا هيمنة السلطة التنفيذية عليه، فقام بمهام عظيمة جليلة، التي تحتمها وظيفته الكبرى، من الحماية الفكرية والعقدية الأخلاقية وصون أصول العبادات والمعاملات من أي انحراف أو خلل يمس أساسها وبنيانها، فأنتج الأزهر في عهد المجلس العسكري عدة وثائق مهمة، تعد بمثابة المرجعية الفكرية والعقدية في الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، جمعها الكتاب، ووثق تاريخ كتابتها ووقت صدورها، وبين أهم ملامحها، وأكثر من شاركوا في إعداداها وصدورها، كما وثق الكتاب لموقف علمائه وطلابه من الثورة أولا، ومن الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب ثانيا، فوثق موقف شيخ الأزهر من الثورة على مبارك بداءة، وأهم مواقفه من الانقلاب وأثره على الثورة المصرية، وعلى رئاسة الدكتور محمد مرسي، فوثق البيانات والتصريحات التي أدلى بها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وأظهر مواقفه الإيجابية والسلبية التي أثرت على الخط الثوري المصري، ثم رصد الكتاب بعض الحركات العلمائية التي تكونت ضد الانقلاب، وفي مقدمتها "جبهة علماء الأزهر" والتي كان شيوخها في ميدان الثورة نهارا مع الثوار، وليلا في رصد ما هو مطلوب التعبير عنه بالحكم الشرعي والفتوى الآنية في صورة تصريح أو بيان أو دراسة لبعض المسائل الشرعية المتعلقة بانحرافات الانقلابيين، أو تثبيت الثوار في أرض الميدان، وأشاح الكتاب اللثام عن بعض علماء الأزهر الذين أيدوا الانقلاب ودافعوا عنه، وبالأخص منهم ما تعلق بإدارة جامعة الأزهر من رؤسائها ونوابهم وبعض عمداء الكليات، وفي مقدمتهم الدكتور أسامة العبد وعبد الحي عزب وأحمد حسني ورئيس نادي أعضاء هيئة التدريس الدكتور حسين عويضة، وثق الكتاب مواقفهم التحريضية ضد أعضاء هيئة التدريس وطلبة الجامعة، وختم الكتاب بدرة من درر المشهد الثوري المصري، وخاصة بعد الانقلاب على شرعية الرئيس المنتخب، إذ وثق ما قام به طلبة وطالبات الأزهر الشريف، الذين سطروا ملاحم الصمود والثبات بما لا نظير له على مستوى جامعات مصر كلها، فحاول الكتاب أن يظهر صفحة من صفحات مسيرتهم الثورية التي أبهرت العالم كله، ويبين ما حصل لهم من فجور وإجرام من قبل العسكر من تعذيب واعتقال وقتل في ساحة الجامعة وغيرها، ووثق تحرش واغتصاب العسكر والشرطة لأطهر بنات الجامعة، كل ذلك حاول الكتاب رصده وفحصه ثم جمعه وتوثيقه، حتى يكون عبرة وعظة للأجيال القادمة.

 

 

وفي هذه الدراسة ظهرت العلاقة الوثيقة بين الأزهر كمؤسسة رسمية وبين الإخوان المسلمين، فقد ظهر جليا من خلالها أن علاقة الأزهر الرسمي بالإخوان تحدده علاقة السلطة التنفيذية من العسكر أو غيرها بالإخوان، فعلى قسوة العلاقة وحدتها بين الإخوان والسلطة التنفيذية تكون قسوة العلاقة بين الأزهر والإخوان، فتظهر البيانات شديدة اللهجة من مشايخ الأزهر والإخوان، والكتاب بين لنا هذه الصورة بكل وضوح، إذ لما نال الأزهر بعض استقلاله كثمرة من ثمرات ثورة يناير 2011م اجتمعت القوتان وتقاربت، قوة الأزهر الفكرية والعلمية وقوة الإخوان الحركية التنظيمية، فاجتمع شيخ الأزهر مع المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع في مشيخة الأزهر، وتعاطف عموم الشعب المصري بهذا التقارب، وانتظر منه الثمار الكبيرة، لكن سرعان ما انقلب العسكر على الإخوان ورجعت العلاقة على ما كانت عليه قبل ثورة يناير 2011م.

 

 

التوصيات

 

أولا: دراسة السيرة العطرة لأولئك العلماء الذين جعلوا من حياتهم وقفا لله، ودفاعا عن دينه وشريعته بالبيان وعدم الكتمان، وسطروا بمواقفهم الشجاعة عزة العالم وكرامته، من شيوخ الأزهر الذين قاوموا المستبدين، وثاروا على الطغاة الفاسدين من الحكام المجرمين، إذ جمع هذه السيرة لأولئك المشايخ المجاهدين واجب، وتربية شباب ونساء الأمة على نمطها فريضة، حتى تعز الأمة وتنهض من كبوتها، وتضطلع بدورها، وتصون نفسها من ذلة القريب وخسة وكره البعيد.

 

 

ثانيا: الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فليس كل شيوخ وعلماء الأزهر مطبعين أو منبطحين تحت أقدام الظلمة المستبدين، إنما لا شك هذه صورة من الصور التي ظهرت وأيدت وساندت الانقلابين القتلة، لكن دراسة اكتمال الصورة تأتي بالحكم الوافي السليم، فالبعض يرى أن مشايخ الأزهر دورهم في الثورات غالبه سلبي، وأن الأزهر الثوري مات وصلى عليه، إذ بنا نرى بأم أعيننا نماذج هي الأكثر والأغلب من مشايخ وعلماء الأزهر الرسمين وغير الرسمين ضد الظلم والطغيان، فكان هذا الكتاب متوازنا بين الصورة السلبية المنبطحة والصورة الإيجابية التي عبرت بوضوح عن شموخ غالب علماء الأزهر، وحسن أدائهم الثوري، فلا يصح الحكم على الكتاب من مجرد الغلاف أو الادعاء، إنما يصح الحكم بعد التعمق والنظر.

 

 

ثالثا: الحكم على الشخص الواحد لا يكون من خلال بعض مواقفه السلبية التي ساندت وأيدت الظلم والظالمين، إنما يصح الحكم بجمع ما له وعليه من مواقف، فقد تكون له بعض المواقف السلبية المغمورة في جانب المساندة للحق والوقوف بجانبه، وقد يكون العكس، له مواقف إيجابية مغمورة في جانب سلبياته المؤثرة على الجانب الثوري، ومن المعلوم أن الجانب الرسمي العلمائي غالب مواقفه سلبية مؤثرة، لكن أيضا لا ننسى الإيجابي وإن قل تأثيره عن الجانب السلبي، والكتاب جاء نظرة عادل بين المواقف السلبية والإيجابية لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذي مدح الثورة بعد أن قدحها، ومال نحو العسكر في مشهد الانقلاب المؤثر في الحالة الثورية، لكنه لم ينس شجاعته ومواقفه الجسورة أمام نفس الطغمة التي مال إليها وساندها.

 

 

رابعا: الدين أثره كبير في محاربة الظلم والاستبداد، وظهر ذلك جليا في التنشئة الدينية الأزهرية التي أثمرت هذا الصمود الأسطوري لطلبة وطالبات الأزهر ضد الانقلابيين، رغم الفصل والقتل والتعذيب والاعتقال والاغتصاب، إلا أن الوازع الديني الكبير نتيجة الدراسة العميقة للإسلام هو الذي ميز طلبة وطالبات جامعة الأزهر في هذه المواجهة وتلك المقاومة، وهذه الدراسة توصي بتعميق الجانب الإيماني والعقدي والأخلاقي بصورة علمية دقيقة بعيدا عن التعليم القشري الظاهري الذي لا تأثير له لا في الثورات ولا في بناء الأمم وقيامها.

 

 

خامسا: التحذير من مكر وخبث وخداع العسكر، فلا عهد لهم ولا ميثاق، إنما شأنهم الحرص الشديد على ألا تخرج السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية والإعلامية من تحت أرجلهم، ومن ينافسهم فيها أو يقترب القرب المؤثر على مصالحهم فالقتل والتشريد وسوء الوعيد، رغم أن بعضهم قد يظهر أمام الشعب كأنه في حالة تدين، ويقرأ بعض آيات القرآن أو يرتاد المسجد في أيام المناسبات، إلا أن التربية العسكرية بروحها العفنة التي أشربها مسيطرة عليه، فلم يتعلم في التربية العسكرية ما يتعلمه أصحاب الدعوات من التضحية والبذل ومقدمة الصفوف، وهذا المعنى ظهر جليا مع عبد الناصر الذي وثقت بيعته للإمام البنا رحمه الله بالحكم بكتاب الله وسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، إلا أنه نكث العهد وخان الميثاق، وظهر بصورة أجلى وأظهر مع السيسي الذي فاق الكل في الغدر والخيانة والخسة والنذالة.

 

 

 

    وعلى خلفية مبادرة شيخ الأزهر، كان حزب الحرية والعدالة- باعتباره الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين - قد قَدَّمَ رؤيته لإصلاح الأزهر، وقد تضمنت تلك الرؤية مبادرة إيجابية مفادها: إن الأزهر الشريف مؤسسة فريدة في العالم، حبا الله تعالى بها مصر، ولقد قامت على دراسة وحماية ونشر علوم القرآن والشريعة واللغة العربية في مصر، وتخرج فيها علماء من كل بلاد الإسلام، فكانوا خير رسل من مصر لشعوبهم، بالإضافة إلى دور الأزهر التاريخي المجيد في حمل راية الجهاد وقيادة المجاهدين أمام كل غزوات الاحتلال الأجنبي على مصر، فضلا عن صدعه بالحق في وجوه الحكام الظالمين، ووقوفه بجانب المستضعفين المظلومين.

    كل ذلك جعله قبلة لطلاب العلم من كل أنحاء العالم الإسلامي، وجعله محل احترام بل تقديس المسلمين من إندونيسيا وحتى المغرب العربي، الأمر الذي يفرض على كل من يحب مصر والإسلام ويسعى لرفع شأنهما أن يقوي الأزهر ويدعمه، وأن يتيح له حرية الفكر والحركة والدعوة، وأن يمده بالمال والرجال الذين يحملون أمانته ويؤدون رسالته.

    ومن هذا المنطلق فإنَّ حزب الحرية والعدالة يسعى لتحقيق الآتي:

    •  التوسع في إنشاء الكتاتيب والحضانات مع التركيز على حفظ القرآن الكريم وجزء من السنة النبوية الشريفة وتعلم الأخلاق الفاضلة.

    •  دعم المعاهد الأزهرية بالمعلمين الأمناء الأكفاء، ووضع المناهج التي تناسب ظروف العصر.

    •  دعم الكليات الشرعية بما يؤهل المتخرجين منها للدعوة والتدريس والفتيا والاجتهاد في علوم الشريعة.

    •  الاهتمام بالكليات الأزهرية المدنية حتى تخرج الطبيب والمهندس والمحاسب.. إلخ الداعية الذي يدعو إلى المعروف بلسانه وكيانه وسلوكه كما كان مستهدفا منها.

    •  إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء بالانتخاب من العلماء.

    •  اختيار شيخ الأزهر يكون بالانتخاب من هيئة كبار العلماء ويقتصر القرار الجمهوري على تسمية من ينتخبه العلماء.

    •  إعادة أوقاف المسلمين إلى هيئة أوقاف مستقلة عن ميزانية الدولة، وصرف عوائدها فيما أوقفت عليه، وبالذات مخصصات الأزهر ومرتبات شيخه وعلمائه وطلبة العلم فيه.

    •  إطلاق حرية الدعاة والأئمة والوعاظ في شرح مبادئ الإسلام وشريعته وقيمه وأخلاقه وتنظيمه لشؤون الحياة وحله لمشكلاتها دون تدخل من السلطة الإدارية إلا بما يقتضيه العلم والخلق الإسلامي.

1-الأزهر في قرن د ماجدة علي صالح - المؤلف: ماجدة علي صالح - الناشر: مركز الحضارة للدراسات السياسية - القاهرة، مصر -تاريخ النشر: 2002م

2-الأزهر وثورة 25 يناير رصد توثيقي وقراءة موضوعية معهد العربية للدراسات  نشر في 15 أكتوبر  2012م

3-الأزهر وحكام مصر بين الشموخ ومحاولات التطويع السياسي – الشارع السياسي - مصر - 11ديسمبر   2018م https://politicalstreet.org/835/

4-الأزهر يخطو نحو الاستقلالية والنفوذ في مصر - أحمد مرسي و ناثان ج. براون نشر في 13 نوفمبر 2013م رابط:  https://manshurat.org/node/4302

5-الإصلاح السياسي في محراب الأزهر والإخوان المسلمين - د عمار علي حسن – الناشر: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان – جاردن سيتي – القاهرة.

6-ثورة مصر د عزمي بشارة ط المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

7-دور الأزهر الشريف في ظل الثورات العربية - مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند، محرم – صفر 1433 هـ = ديسمبر 2011م ، يناير 2012م ، العدد : 1-2 ، السنة : 36 رابط

https://darululoom-deoband.com/arabicarticles/archives/2384

8-دور الأزهر في السياسة المصرية د سعيد إسماعيل علي – ط: دار الهلال بمصر

9-دستور ثورة مصر 2012م  الجريدة الرسمية – العدد 51 مكرر (ب) في 25 ديسمبر 2012م  - رابط:  https://manshurat.org/node/3573

وهذا الرابط: https://2u.pw/fUjfrlft

10-دستور مصر 2014م  الجريدة الرسمية – العدد 3 مكرر (أ)  في 18 يناير 2014م رابط: https://manshurat.org/node/%20%204256 وهذا الرابط: https://www.constituteproject.org/constitution/Egypt_2019?lang=ar

11-رسالة المنهج للإمام البنا  https://2u.pw/5r6MB3A8

12-رسالة المؤتمر الخامس 1938م - مجموعة رسائل الإمام البنا - ط الشهاب.

13-استقلال الأزهر: الرسالة  والوظيفة  د مجدي شلش، بحث قدم في مؤتمر "استهداف الأزهر الشريف دعم للإرهاب وحرب على الإسلام" – برعاية المعهد المصري للدراسات – رابط المؤتمر: t.ly/_kyMH

https://www.youtube.com/watch?v=zgSojNdfxL8

14-الغطاء الديني لجريمة الانقلاب ...دور مشيخة الأزهر – بحث نشر على موقع الشارع السياسي – مصر – دون اسم الباحث –  بتاريخ 26- يوليو – 2022م رابط: https://politicalstreet.org/5305/#_ftn3

15-فتاوى علماء الأزهر الشريف حول تحرير فلسطين والقدس الشريف - ط دار اليسر – 20 شارع عبد العزيز عيسى – الحي الثامن – القاهرة – مصر.

احتجاجات الطلاب في جامعة الأزهر بمصر تتحدى الجيش نقلا عن رويترز بتاريخ 21 أكتوبر 2013م رابط:   

https://www.akhbaar24.com/article/detail/152029

اعتقال الأمين السابق لجبهة علماء الأزهر د. يحيى إسماعيل

https://www.akhbaralsabah.com/article6418.htm

علماء ضد الانقلاب ترفض فتاوى شيوخ العسكر

https://www.akhbaralsabah.com/article3532.htm

بيان جبهة علماء ضد الانقلاب بشأن مظاهرات 6 أكتوبر

https://www.akhbaralsabah.com/article3753.htm

"علماء ضد الانقلاب" تدعو للاحتشاد الجمعة 30 يناير

https://www.akhbaralsabah.com/article6091.htm

اعتداء الأمن على طلاب جامعة الأزهر 

http://www.odabasham.net/%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7/14104-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D8%A7-14104   

الأزهر جامع المسلمين وإمامه شيخ الإسلام مقال للدكتور عبد الرحمن البر على موقع رابطة أدباء الشام، https://2u.pw/g5SsNj3p

 حزب "تحالف القوى الوطنية" يعلن تأييده لوثيقة الأزهر للحريات السبت 14 يناير 2012م   كتبه: عماد توماس

  https://mail.copts-united.com/Article.php?I=1069&A=50455

الإمام أحمد الطيب| وثيقة الأزهر لدعم إرادة الشعوب العربية (alimamaltayeb.com)

 

وثيقة منظومة الحريات الأساسية

الإمام أحمد الطيب|   (alimamaltayeb.com)

 

الإمام أحمد الطيب وثيقة الأزهر عن القدس الشريف (alimamaltayeb.com)

 

الإمام أحمد الطيب وثيقة الأزهر لنبذ العنف (alimamaltayeb.com)

في ذكرى ثورة 30 يونيو.. أين وقف الأزهر من الدولة وما سر بيان الوصايا العشر؟ - بوابة الأهرام (ahram.org.eg)

https://gate.ahram.org.eg/News/3586967.aspx

الطيب في لقائه برؤساء تحرير الصحف: الأزهر بفكره الوسطي عصي على الاختراق من أي تيار - بوابة الأهرام (ahram.org.eg)

https://gate.ahram.org.eg/News/579360.aspx

ننشر حيثيات حكم حبس 12 من طلاب الإخوان 17 سنة وتغريم كل منهم 64 ألف جنيه لمحاولتهم اقتحام مشيخة الأزهر

https://gate.ahram.org.eg/News/417893.aspx

بين علماء الانقلاب وعلماء ضد الانقلاب

https://basaer-online.com/2013/07/2013-07-24-09-50-10

 بيان هام من... - Alhabib Ali Al Jifri الحبيب علي الجفري | Facebook https://www.facebook.com/alhabibali/posts/586301144743203/

أسامة العبد لـ«الدستور»: «تسمم طلاب الأزهر سيناريو إخواني للسيطرة على الجامعة»

https://www.dostor.org/4065235

تقرير ميداني حول مظاهرات الأزهر و اعتداء الطلبة على مراسلين القنوات الفضائية

https://www.dailymotion.com/video/x6zx0db

 

صدور وثيقة الأزهر للحريات في توقيتها - video Dailymotion

https://www.dailymotion.com/video/x5s32yn

بيان من علماء الأمة بشأن جرائم الانقلاب في مصر والواجب نحوه | شبهات وقضايا | رابطة علماء أهل السنة (rabtasunna.com)

https://www.rabtasunna.com/193

 

نداء الكنانة 2 الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

https://www.rabtasunna.com/194

"جبهة علماء ضد الانقلاب" تعلن للأمة قائمة سوداء أولية لعلماء الانقلاب ودعاته

https://www.facebook.com/seprpay/posts/649677818422623 /

وقف ثلاثة أساتذة بجامعة الأزهر وإحالتهم للتحقيق بسبب " الفيس بوك "

https://www.alsbbora.info/38184

 

اضراب طلاب ضد الانقلاب عن الدراسة ببعض كليات جامعة الازهر.. وهتافات معادية للطالبات من نوافذ المدينة

https://www.alsbbora.info/11063

 

اتحاد جامعة الازهر يعلن وفاة 4 طلاب اثناء مظاهرات ذكري الثورة

https://www.alsbbora.info/13988

عبد الرحمن البر.. عالم الحديث الذي رفض انقلاب السيسي فعاقبه بالإعدام

https://www.alestiklal.net/ar/article/dep-news-1624388672

 شيخ الأزهر: التظاهر ضد الحاكم جائز | سكاي نيوز عربية (skynewsarabia.com) الرابط: t.ly/fI682 .

"نداء الكنانة".. من يقف وراءه؟.. وكيف استقبلته جماعة الإخوان والحكومة في مصر؟ - CNN Arabic

https://arabic.cnn.com/middleeast/2015/05/29/egypt-kenana-ikhwan

 

عبد الحي عزب.. مواقف وتصريحات أثارت الأزمات

https://shbabbek.com/show/28736#goog_rewarded

رئيس جامعة الأزهر الجديد لـ («الشرق الأوسط»): سنواجه العنف بقوة.. ولا مكان للمخربين

https://aawsat.com/home/article/193761

مطلوب تحقيق - فهمي هويدي - بوابة الشروق (shorouknews.com)

 

أسامة العبد: شربت من الإخوان ما لم يشربه أحد على الإطلاق

https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=16062021&id=224c5de7-ec34-4f4d-86cb-a65b1130426d

 

يوسف زيدان يطالب بإغلاق الجامعات لمدة عامين.. ويؤكد: لم تقدم سوى «وجع القلب»

https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=13102014&id=719c0fe5-e577-412d-853d-e5e6dde289db

محامون من أجل العدالة تتضامن مع طلبة جامعة الأزهر وتؤكد مباشرتها للتحقيقات في الواقعة

https://www.elbalad.news/447825#google_vignette

 "جامعة مستقلة": 218 مسجونا من 26 جامعة مصرية.. إقالة رئيس جامعة منتخب.. وفصل 15 أستاذا جامعيا في 9 أشهر

https://www.elbalad.news/870451

إقالة رئيس جامعة الأزهر اثر احتجاجات على تسمم مئات الطلاب

https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2013/04/130403_azhar_storming

وقفات مع شيخ الأزهر وقضية الانقلاب على الشرعية (5/4)  موقع الشيخ يوسف القرضاوي (al-qaradawi.net)

https://www.al-qaradawi.net/node/2845

فضيحة بالفيديو.. رئيس "تدريس الأزهر" يعترف: شغلت جواسيس بين الطلبة

https://www.almasryalyoum.com/news/details/542088

 

 وثيقة «الأزهر» للحريات العامة: عدم التعرض للفن ما لم يمس المشاعر الدينية أو الأخلاقية | المصري اليوم (almasryalyoum.com)

https://www.almasryalyoum.com/news/details/142666

 

«حمزاوي»: الأزهر يتطور بشكل مبهر.. ووثيقته للحريات رسالة تطمين للمصريين (almasryalyoum.com)

https://www.almasryalyoum.com/news/details/143448

 

الكنائس ترحب بوثيقة الأزهر.. و«شباب ماسبيرو»: كان يجب أن تصدرها الدولة (almasryalyoum.com)

https://www.almasryalyoum.com/news/details/143486

 

السلفيون يهاجمون «صكوك الإخوان»: المشروع يهدد أصول وممتلكات الدولة | المصري اليوم (almasryalyoum.com)

https://www.almasryalyoum.com/news/details/294809

 

رئيس «المصرف المتحد» يشيد بالصكوك الإسلامية.. ويؤكد: القطاع المصرفي متماسك (almasryalyoum.com)

https://www.almasryalyoum.com/news/details/293576

 

«الطيب»: «الأزهر» نفّذ خطوات كبيرة نحو إطلاق وثيقة حقوق المرأة | المصري اليوم (almasryalyoum.com)

https://www.almasryalyoum.com/news/details/203935

 

«كبار العلماء» تقر وثيقة الأزهر لحقوق المرأة.. و«الطيب»: تصون كرامتها | المصري اليوم (almasryalyoum.com)

https://www.almasryalyoum.com/news/details/219754

 

نص وثيقة «كبار العلماء» لـ«حقوق المرأة»: ينبغي تيسير قواعد العمل للنساء | المصري اليوم (almasryalyoum.com)

https://www.almasryalyoum.com/news/details/220455

 

شيخ الأزهر يُحذّر من «تكفير» المعارضة: «الخروج المسلح» على الحاكم معصية وليس كفرًا | المصري اليوم (almasryalyoum.com)

https://www.almasryalyoum.com/news/details/223291

 

تفاصيل مبادرة الأزهر لتحقيق المصالحة: مناقشة مقترح «العوا وأب والفتوح والبشري» | المصري اليوم (almasryalyoum.com) https://www.almasryalyoum.com/news/details/247731#google_vignette

 

قيادات بـ«تحالف دعم الشرعية»: نرفض انتخابات مبكرة وأي حوار تحت رعاية شيخ الأزهر | المصري اليوم (almasryalyoum.com)

https://www.almasryalyoum.com/news/details/247313

 

-«الدعوة السلفية» تثمن بيان الأزهر للرد على «نداء الكنانة» الخميس 13-08-2015م   

https://www.almasryalyoum.com/news/details/791731#google_vignette

 

- الأزهر يتبرأ من «نداء الكنانة» ويرد بـ«مصر المحروسة» الثلاثاء 11-08-2015م   

https://www.almasryalyoum.com/news/details/790607#google_vignette

 

- المجلس الأعلى للطرق الصوفية يؤيد بيان «المحروسة» السبت 15-08-2015م   

https://www.almasryalyoum.com/news/details/792992

- نقابة الأشراف تؤيد بيان «المحروسة» وجهوده للتصدي للفكر المتطرف الثلاثاء 18-08-2015م   

https://www.almasryalyoum.com/news/details/794836

-«ميليشيات إخوانية» تستعرض مهارات القتال داخل جامعة الأزهر الإثنين 11-12-2006م 

https://www.almasryalyoum.com/news/details/2155294

 

تعديل قانون الأزهر: عزل أعضاء هيئة التدريس المتظاهرين في الجامعة

https://www.almasryalyoum.com/news/details/1682593

 

نائب رئيس جامعة الأزهر: تلوث أواني الطهي سبب التسمم وليس فساد الطعام

https://www.almasryalyoum.com/news/details/311352

 

«استقلال الأزهر»: لن نشارك في مسيرات دعم «الطيب».. وحادث التسمم غير مدبر

https://www.almasryalyoum.com/news/details/311732

 

نائب رئيس جامعة الأزهر: تلوث أواني الطهي سبب التسمم وليس فساد الطعام

https://www.almasryalyoum.com/news/details/310740

 

شيخ الأزهر https://www.almasryalyoum.com/news/details/310740   

 

«الطيب»: لا دليل على تربص «الإخوان» بالأزهر.. ولم نقدم تنازلات حول «الصكوك»

https://www.almasryalyoum.com/news/details/309776

 

أسرار قبول استقالة رئيس جامعة الأزهر: شهاداته مزوَّرة

https://www.almasryalyoum.com/news/details/859184

 

ابنة «شهيد إخواني»: بابا استشهد فداءً للشرعية.. وهكمل المشوار اللى بدأه

https://www.almasryalyoum.com/news/details/321952

 

 يوسف زيدان يدعو لإغلاق جامعة الأزهر عامين

https://www.almasryalyoum.com/news/details/542967

 

أحمد كريمة: «الأزهر» يتعامل مع طلاب كـ«الثيران الهائجة» تسعى في الأرض فسادًا

https://www.almasryalyoum.com/news/details/344847

 

«مصر القوية»: حكم سجن «طلاب الأزهر» 17 سنة «في غاية القسوة»

https://www.almasryalyoum.com/news/details/340235

 

رئيس اتحاد طلاب مصر يطالب بمحاسبة المسؤولين عن مقتل طالب مدينة الأزهر الجامعية

https://www.almasryalyoum.com/news/details/344840

عبدالغفور : نقبل بمبادرات الأزهر ولا نقبل بشيخه ! - نافذة مصر (egyptwindow.net)

https://www.egyptwindow.net/article/732967

 

  الأزهر" يقر مبدأ اختيار رئيس الجامعة بالانتخاب

https://egyptwindow.net/storage/app/uploads/public/pdf/728079.pdf

 

وكيل الأزهر: موافقة أمن الدولة شرط لتعيين القيادات

 

نائب رئيس جامعة الأزهر: سبب الإصابات بين الطلاب سيتحدد بعد انتهاء الفحوص الطبية لهم

 

اتحاد طلاب جامعة الأزهر ينعي فقيد الجامعة ويُحمل الإدارة مسئولية الإهمال

 

رئيس جامعة الأزهر برتبة بلطجي " هجيب الطالب وهطلع دماغه من جسمه واحرق كبده"

 

رئيس جامعة الأزهر الانقلابي يعترف بفصل 70 طالبًا

 

الفاشل رئيس جامعة الأزهر: الإخوان وراء تسمم الطالبات 

هروب رئيس جامعة الأزهر والأمن يغلق مكتبه بالجنازير

https://www.egyptwindow.net/article/136291

 

مفاجأة.. استقالة رئيس جامعة الأزهر بسبب تزويره أوراق اعتماده

 

نائب رئيس جامعة الأزهر "الانقلابي" أحمد حسني: يطالب بتواجد الشرطة داخل الحرم الجامعي

 

جامعة الأزهر ترفض دخول 80 طالبة الامتحانات لمشاركتهن في الحراك الثوري

 

جامعة الأزهر تعترف بفصل 450 طالبًا وطالبة ومرصد طلاب الحرية يوثق قرابة 708

 

عميد تربية الأزهر يحتجز 5 طلاب داخل المدرج لتسليمهم لقوات الأمن

 

إيقاف معيدة بجامعة الأزهر عن العمل بزعم حيازاتها قنابل وشماريخ

 

إحالة 3 أعضاء من تدريس الأزهر للتحقيق بزعم إهانة قائد الانقلاب

 

عصابات الداخلية تختطف معيد كفيف بجامعة الأزهر بالمنصورة

 

الدكتور محمود شعبان يناشد الأزهر الضغط للسماح بعلاجه

https://egwin.net/storage/app/uploads/public/pdf/1180172.pdf

 

علماء وأئمة الأزهر على رأس قوائم شهداء مجازر الانقلاب

 

حكومة الانقلاب تحل "جبهة علماء الأزهر" لدعمها للشرعية

https://egyptwindow.net/storage/app/uploads/public/pdf/731449.pdf

 

علماء الأزهر ينتفضون ضد الانقلاب في أسيوط

 

جامعة الأزهر تقرر حظر المظاهرات وتجميد الاتحادات الطلابية

 

تظاهرات حاشدة أمام مشيخة الأزهر رفضا للانقلاب

 

استمرار انتفاضة طلاب جامعة الأزهر رفضا للانقلاب

https://www.egyptwindow.net/article/736350

 

مظاهرات الأزهر منتفضة في المحافظات رفضا للانقلاب

 

الألاف من طلاب الأزهر بالقاهرة ينتفضون ضد الانقلاب العسكري

 

رغم مياه صرف الادارة ... طالبات الأزهر يصررن على التظاهر

 

مسيرة ليلية حاشدة بالسيارات بمدينة الشيخ زايد ضد الانقلاب وتنديدا بمذبحة الأزهر

 

اتحاد طلاب جامعة الأزهر يعلن الاضراب عن الدراسة غضبة للشهداء والمعتقلين

 

طلاب ضد الانقلاب تعلن الإضراب عن الدراسة في جامعة الأزهر غدا

 

قوات الأمن تعتقل 3 طلاب من داخل جامعة الأزهر

 

ننشر أسماء الطلاب المعتقلين جامعة الأزهر

 

بيان الاتحاد العام لجامعة الأزهر يدعو لــ "عصيان عام"

 

مرصد طلاب حرية: 4 شهداء واعتقال 71 طالب وطالبة حصيلة اقتحام الأزهر في 28 ديسمبر 2013

 

إحالة 3 طلاب بجامعة الأزهر للقضاء العسكري

 

" بنات المنصورة " هاشتاج يتصدر مواقع التواصل تضامناً مع حرائر الأزهر

 

ميليشيات الانقلاب تخطف طالبة أزهرية من أمام جامعة الأزهر

 

"طلاب حرية" يحمّل الانقلاب مسئولية تعذيب طالبات الأزهر المعتقلات

 

فُجر الانقلاب .. 17 سنة سجن لطلاب الأزهر !

 

قضاء العسكر : السجن المشدد 7 سنوات لـ14 طالباً بـ«أحداث جامعة الأزهر»

 

ارتقاء الشهيد الثاني بجامعة الأزهر الطالب أحمد ممدوح

 

الأزهري: ملحمة صمود يسطرها طلاب الأزهر .. ويقيننا أن النصر قادم

 

ميدل إيست مونيتور: الانقلاب يتحرك لقمع احتجاجات جامعة الأزهر

 

"وورلد نيوز": قرارات العسكر بإغلاق المدن الجامعية تزيد معاناة طلاب الأزهر

 

"أسماء مصر" طالبة الأزهر تتحدى أسوار الانقلاب بـ"صنع في السجن"

جامعة الأزهر تعود للنشاط، و “هجر السياسة” شرط للقبول في السكن

https://www.noonpost.com/2142 /

 

التطهير الأكاديمي.. كيف تُنكل السلطة المصرية بمعارضيها؟

https://www.noonpost.com/21312 /

 

شرارة أولى لانتفاضة طلاب الأزهر

https://www.noonpost.com/758 /

 

 جامعات مصر محاصرة بين منهج السيسي أو لا تعليم https://www.noonpost.com/8094/

 "الأزهر" يصدر بيانا للرد على مؤتمر الإخوان في تركيا   الثلاثاء 11 أغسطس 2015م  https://www.elwatannews.com/news/details/784746

 

 مفتي الجمهورية عن بيان "المحروسة": تفنيد صريح ورد رصين على "الإخوان" الأربعاء 12 أغسطس 2015م 

https://www.elwatannews.com/news/details/785256

 

لأول مرة.. «الأزهر» يفتي بحرمة الانضمام للإخوان: مفسدون يغرسون الفتنة  السبت 19 ديسمبر 2020م

https://www.elwatannews.com/news/details/5149663#goog_rewarded

 

جدل بين أساتذة "الأزهر" حول ضوابط الترشح لمنصب رئيس الجامعة

https://www.elwatannews.com/news/details/168268

 

أسامة العبد.. "ابن العمدة" الأزهري الذي صار وزيرا للأوقاف

https://www.elwatannews.com/news/details/33172

  حلقة عن أخونة الأزهر - الجزء الأول في أجرأ الكلام مع طوني خليفة

https://www.youtube.com/watch?v=G_Jj4vPv17s

شاهد شيخ الأزهر قبل وبعد ثورة 25 يناير (youtube.com)

https://www.youtube.com/watch?v=yxNNi1IEUyU

 

-كلمه شيخ الازهر للشعب المصري 3-7-2013 (youtube.com)

https://www.youtube.com/watch?v=dyolDqBaIeQ

 

بيان شيخ الازهر عن احداث الحرس الجمهوري  - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=hMKpwTo86F8

 

بيان شيخ الأزهر د. أحمد الطيب للأمة حول فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=sKEAxbZKLug

علماء موقعون على "نداء الكنانة" يردون على وزير الأوقاف المصري30 May 2015

https://www.youtube.com/watch?v=WdWdb3vZmZk

 

أمن الدولة المصري يطلب من شيخ #الأزهر تسليم الشيخ #القرضاوي لكنه يرفض بشدة (youtube.com)

https://www.youtube.com/shorts/ILWnO-1Fo6Y

 

 رأي شيخ الازهر في الاخوان المسلمون - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=GOVeWzLJMB4

 

كلمة أ.د/ حسن الشافعي نيابة عن شيخ الأزهر في احتفالية الإخوان المسلمين بالثورة وتحرر الوطن وثواره - إخوان تيوب (ikhwantube.org)

 

 شيخ الأزهر يلتقى بوفد جماعة الإخوان فى مشيخة الأزهر - إخوان تيوب (ikhwantube.com)1

 

 اجتماع شيخ الازهر برؤساء تحرير الصحف القومية بمشيخة الازهر

https://www.youtube.com/watch?v=-dG7VpBxeQw

 

على مسئوليتي مع احمد موسى | الجزء الاول

https://www.youtube.com/watch?v=dget4BukiQY&t=1585s

 

  لقاء مع أسرة الشهيد ياسر طه بأحداث الحرس الجمهوري

https://www.youtube.com/watch?v=MGMk8wGvAsY

 

بيان جبهة علماء ضد الانقلاب و تعريف بالجبهة من قبل د. منير جمعة

https://www.youtube.com/watch?v=A7wVXfObfM0

 

شاهد هتاف حرائر الأزهر عقب خروجهن من المعتقل

https://www.youtube.com/watch?v=GW7kBq1D6Oo&t=23s

 

" كان دايما فاشل " بشكل جديد من الازهر

https://www.youtube.com/watch?v=XsGGieze8xM&t=22s

 

 مرصد ازهري للحرية : تم فصل 176 طالب و 138 طالبة

https://www.youtube.com/watch?v=QEjWKQBCVzk

 

المشهد المصري 29/10/2013م الجزيرة

https://www.youtube.com/watch?v=s1PrNl1qcUY

 

"بوابة أخبار اليوم" ترصد فعاليات ا?ضراب طلاب جامعة الأزهر عن الدراسة

https://www.youtube.com/watch?v=suKj-ib573c

 

ندى أشرف.. شهادة مفزعة لاغتصابها داخل مدرعة شرطة (youtube.com)

https://www.youtube.com/watch?v=nSbvQ1RQYyg

 

 مظاهرة طلاب الازهر لرفض سجن 12 من زملائهم 17 سنة

https://www.youtube.com/watch?v=o50FHfOAGgo

 

 عرض تقرير و إحصائية عن الطلاب المحالين للمحاكمات العسكرية خلال العام الدراسي الحالي

https://www.youtube.com/watch?v=2260l9j5w-A

 

المشهد المصري الجزيرة

https://www.youtube.com/watch?v=pDbUPAxysIw

نص "وثيقة المرأة" بموافقة هيئة كبار العلماء.. للمرأة حقوق سياسية واقتصادية مساوية للرجل وعلى رأسها تولى الوظائف العامة.. وحق شرعي غير منازع في الميراث.. وتؤكد: كشف الوجه والكفين أجازته الشريعة: اليوم السابع (وثيقة المرأة)  13-يونية-2013

 

شيخ الأزهر في مؤتمر صحفي: موقفنا من ثورة 25 يناير واضح لا لبس فيه ونرفض المزايدة عليه ولم ولن نتملق أي نظام حاكم ونطالب بقوانين صارمة تجرم التعذيب - اليوم السابع (youm7.com)

 

الاتحاد العام لنقابات عمال مصر الحر يعلن تأييده لوثيقة الأزهر - اليوم السابع (youm7.com)

 

سياسيون يرحبون بوثيقة حريات "الأزهر"..ويصفون الاجتماع بأنه محاولة لـ"لم الشمل" بين القوى والأحزاب.. ويؤكدون: توقيعهم عليها لا يعنى اتفاقهم على "الدستور"..محسوب: الوثيقة "بلاغية" وتحتاج لتفصيلات حقيقية. - اليوم السابع (youm7.com)

 

مرسى يتعهد للطيب والمفتي ببذل ما في وسعه لتحقيق استقلال الأزهر - اليوم السابع (youm7.com)

 

تعرف على دور مؤسسة الأزهر في ثورة 30 يونيو - اليوم السابع (youm7.com)

 

"-الطيب: "يؤكد عدم اختراق الأزهر من الإخوان.. وقبوله النقد البناء 

 

السيسي يصدر قرارا بتعديل قانون الأزهر

 

أسامة العبد: وقوفنا بجوار القوات المسلحة أمر واجب.. والقضاء العسكري نزيه

 

قنديل يستبعد "يسرى" ويختار أسامة العبد وزيراً للأوقاف

 

رئيس جامعة الأزهر يعين 4 مستشارين بينهم زوجته بعد بلوغها سن المعاش

 

جامعة الأزهر تحيل 29 طالبًا وطالبة للتحقيق لاشتراكهم في أعمال عنف

 

ننشر أسماء أساتذة الأزهر المحالين للتحقيق لتورطهم بالتحريض على العنف

 

رئيس هيئة التدريس: المدن الجامعية للأزهر مركز إيواء إرهابيي الإخوان

 

نادى أعضاء هيئة تدريس الأزهر يشن حربًا ضد الأخونة في مكتب أحمد الطيب.. اتهام رجال الإمام الأكبر بالسيطرة على المشيخة

 

إحالة 10 طلاب جدد للتأديب بجامعة الأزهر لتورطهم في أعمال عنف